محمد جلال هاشم على طريقة القذافي أم عمسيب؟

رشا عوض

أحزنتني جداً مداخلة للأخ العزيز الدكتور محمد جلال هاشم على خلفية مقالتي “سقوط فرضية مناصرة الجيش حفاظا على الدولة” المنشورة بصحيفة التغيير الالكترونية الاثنين 11 سبتمبر، ففي مداخلته اتهمني بالعجز عن فهم موقفه هو وموقف د. قصي همرور من الحرب، وقال إنني نسبت لهما موقفاً من نسج خيالي وهو “المطالبة بالاصطفاف خلف الجيش” وقال إنني لم أدلل على موقفهما هذا بذكر اقتباسات من مقالاتهما تثبت ما ذهبت إليه.

وبعد قراءة المداخلة لم تعد لي حاجة باستعراض أي اقتباسات من كتابات محمد جلال للتدليل على موقفه المساند للجيش والمطالب بالاصطفاف خلفه لأن المداخلة نفسها هي أبلغ نص يدلل على ما ذهبت إليه!! كيف؟ يقول في مداخلته بالنص “… لا يملك المرء إلا أن يتساءل عما إذا كانت هي عاجزة عن فهم موقفنا لمجرد أن فهمها لطبيعة هذه الحرب أنها تدور بين الجنجويد والجيش. وهذا يختلف تماماً عن فهمنا لطبيعة هذه الحرب، إذ نرى أنها حرب شنتها مليشيات الجنجويد ضد الشعب وضد كيان دولته، وأن الجيش لأول مرة في تاريخه ينحاز لموقف الشعب. فأنت (وأي إنسان موضوعي) إذا فهمت الأمور بهذه الطريقة، فإنك لا يمكن أن تستخدم جملة “اصطفاف خلف الجيش”!!!

هنا لا يطالب محمد جلال باصطفاف عادي خلف الجيش بل يمضي فراسخ في الضلال عبر التماهي تماماً مع الجيش! والتطفيف البائن في توصيف طبيعة الحرب! فالجيش الذي فشل تماماً في حماية المواطنين من القتل والاغتصاب والطرد من البيوت ونهب الممتلكات، بل فشل في صد هجوم “الدعم السريع” على مواقعه العسكرية الاسترايجية من سلاح مدرعات وسلاح زخيرة وتصنيع حربي ومقار أجهزة الأمن والاستخبارات والقصر الجمهوري والإذاعة والتلفزيون، وترك عاصمة البلاد ومركز ثقلها السياسي والإداري والتعليمي والثقافي والاقتصادي والصناعي تقع تحت سيطرة الجنجويد بشكل شبه كامل لدرجة فرار قائد الجيش إلى بورتسودان وترك بقية قيادة الجيش قابعة في بدروم ومحاصرة في القيادة العامة! هذا الجيش يخرجه محمد جلال من المسؤولية (زي الشعرة من العجين) ويمنحه براءة مجانية من هذه الهزيمة التاريخية!! فالحرب أساساً ليست ضده بل ضد الشعب بأكمله! ومسؤولية هزيمة الجنجويد في المقام الأول ليست مسؤولية الجيش استناداً الى بداهة أن الجيش هو المؤسسة المنوط بها الدفاع عن الشعب وعن ارضه وعرضه متى ما تعرض لعدوان مسلح!! ولكن المسؤول الأول هو الشعب!! أما الجيش فكما قال محمد جلال بالنص “الجيش لأول مرة في تاريخه ينحاز للشعب”!! فالجيش حسب نظرية محمد جلال هو مجرد جندي مخلص في جيش آخر كبير وعملاق اسمه الشعب!! يا صلاة النبي احسن!!

ولم يشرح لنا محمد جلال أي سبب معقول جعل الجيش ينحاز للشعب فجأة وبدون مقدمات!!

مقولة إن الحرب ليست بين الجيش والجنجويد بل هي بين الجنجويد والشعب ليست سوى التماس براءة مجانية لمؤسسات بعينها وشخصيات بشحمها ولحمها مسؤولة تاريخياً عن إشعال حرب مدمرة يدفع ثمنها هذا الشعب المفترى عليه. هذه الحرب جريمة ضد الشعب السوداني ولن يسمح أصحاب الضمائر الحية بتبرئة أي طرف ضالع فيها، فهذه الحرب أطرافها هم:

الطرف الأول: المركز الأمني العسكري للكيزان الذي يشمل عناصر الكيزان في المواقع المفصلية في الجيش والعناصر الأمنية والاستخبارية الكيزانية وكتائب الظل وقيادات الدفاع الشعبي والأمن الشعبي، وهو مركز اخطبوطي متشابك مع مصالح اقتصادية ضخمة في الداخل والخارج.

الطرف الثاني: هو “الدعم السريع” صنيعة الطرف الأول، وقد انقلب عليه انقلاباً كاملاً، واستقل بأطماعه السياسية والاقتصادية الخاصة في الدولة السودانية والعابرة للحدود الأمر الذي جعله عقبة من العيار الثقيل أمام أطماع الطرف الأول.

الطرف الثالث: هو البرهان الذي ما زال يلعب لعبة البشير ويطمع في حكم السودان بدكتاتورية عسكرية تقليدية في منطقة توازن الرعب بين الطرفين الأول والثاني، وطبعاً الحرب قلبت حسابات البرهان وجعلته في حالة التخبط التي هو فيها الآن بين مطرقة الدعم السريع وسندان الكيزان.

الحرب فعل منظم تخوضه كيانات منظمة معلومة، على رأسها قيادات معلومة، وبالفعل أنا عاجزة تماماً عن استيعاب عبارة فارغة المضمون مثل عبارة أن هذه حرب بين الجنجويد والشعب السوداني! فهي تشبه تماماً عبارة الرئيس الليبي المرحوم معمر القذافي عندما طالبه الثوار بالتنحي ونصحه بعض المقربين منه بالاستقالة رد القذافي بسخرية واثقة: “استقيل من ماذا؟ أنا لست رئيساً! أنا قائد ثورة! والذي يحكم ليبيا هو الشعب الليبي!”

مثل هذه العبارات الشعبوية الهدف منها في الغالب تمييع الحقائق وتعويم المسؤوليات المباشرة وتضليل الشعوب!

ومن المؤسف جداً أن يتورط الدكتور محمد جلال في أن يبهت الشعب السوداني بأكثر مما بهت به القذافي الشعب الليبي!

المعلوم بالضرورة من كارثة هذه الحرب هو أن الجيش يخوضها مدفوعاً من الكيزان المسيطرين على مفاصل قيادته لأسباب لا علاقة لها بالشعب ولا بموقف مبدئي ضد المليشيا انتصاراً للدولة الوطنية، بل الهدف هو دحر المليشيا من طريق عودة الكيزان إلى السلطة بالقوة العسكرية ممثلة في الجيش وكتائب الظل التي بدأت هذه الحرب.

فشلت الخطة أ للكيزان وتحديداً مركزهم الأمني والعسكري، ممثلة في سحق “الدعم السريع” في سويعات، فانتقلوا الآن إلى الخطة ب وهي تغيير طبيعة الحرب نفسها من صراع سياسي على السلطة والثروة إلى حرب أهلية يحمل فيها أكبر عدد من المواطنين السلاح انطلاقاً من الأفكار الشعبوية التهييجية، وانتشار السلاح في دولة تعاني من هشاشة المؤسسات العسكرية والأمنية وتعاني من الاستقطابات الإثنية والقبلية والجهوية مع حرب شرسة مشتعلة حتماً سيقود إلى تمزيق البلاد.

وللمفارقة العجيبة يتردد كثيراً في عبارات دعاة دولة النهر والبحر أمثال عمسيب مقولات إن الحرب ليست حرب الجيش بل حرب الشعب! وكلما زادت هزائم الجيش كلما تعالت أصوات رؤوس الفتنة والتقسيم بضرورة تجاوز الجيش والاعتماد على المقاومة الشعبية!

وفي سبيل التحريض على حمل السلاح عشوائياً يتم تكثيف الخطاب الغوغائي عن قضية الانتهاكات التي تمارسها قوات الدعم السريع، وبالفعل هناك انتهاكات فظيعة حدثت ضد المواطنين وهي مدانة ومستنكرة ويجب أن يحاسب مرتكبوها، ولكن السبب الأساسي الذي جعل المواطنين عرضة لها هو واقع الحرب التي أدت إلى انهيار المنظومة الأمنية، وبالتالي فإن أفضل وسيلة لحماية المواطنين من الانتهاكات هي استئصال الحرب وليس التوسع فيها حتى يتم شنق آخر قحاتي بأمعاء آخر جنجويدي!

قوات الدعم السريع كانت موجودة في الخرطوم منذ أن أدخلها إليها البشير قبل عشرة أعوام، وطيلة هذه المدة لم تحتل منازل المواطنين أو تنهبهم أو تقتلهم عشوائياً، فكانت ممارساتها مثل ممارسات القوات النظامية الأخرى، نعم لها انتهاكات ولها مشاكل عويصة في الولايات ولكن من الممكن جداً التصدي لكل ذلك عبر مشاريع الإصلاح الأمني والعسكري في اتجاه إصحاح العلاقة بين المواطن وكل الأجهزة الأمنية والعسكرية.

أما الحرب فهي أنجع وسيلة لتحويل الوطن مرتعاً لأبشع أنواع الانتهاكات حتى عندما تدور في دول متحضرة. فما بالك بدول متخلفة ومؤسساتها العسكرية مصممة على حماية الحاكم المستبد وقمع الشعب.

أما بالنسبة للدكتور قصي همرور الذي يعترض هو الآخر على اتهامه بالدعوة إلى الاصطفاف خلف الجيش، ألم يكتب مقالة طويلة عريضة تحت عنوان “مشروعية المرافعة عن مؤسسات الدولة، ومشروعية مساءلتها معاً: هذه الحرب نموذجاً”، ما هي المؤسسة التي يشرعن قصي المرافعة عنها عنها؟ أليست الجيش؟ هل هناك أي احتمال أن تكون المؤسسة المقصودة في العنوان هي كلية الفنون الجميلة أو نادي الأسرة مثلاً!

وعندما يقول بالنص “ينبغي أن نفهم إذن، ونوافق، أن مشكلة الجيش (القوات المسلحة) مشكلة هيكلية، بينما مشكلة ميليشيا الجنجويد (الدعم السريع) مشكلة وجودية. الجيش بحاجة لإعادة هيكلة (تحدثنا عنها منذ ما قبل انتصار الثورة) بينما الجنجويد بحاجة لأن يزول من الوجود (بحيث لا يصبح هناك شيء اسمه الدعم السريع، أو مسميات ومنظمات وارثة للدعم السريع أو مشابهة له، لا في مؤسسات الدولة ولا في قوى المجتمع المدني أوالبزنس). هذه النقطة يعرفها الثوار منذ صدحوا:

“السلطة سلطة شعب، والعسكر للثكنات، والجنجويد ينحل”

ماذا يعني هذا الكلام والحرب مشتعلة سوى الاصطفاف خلف الجيش؟ فإزالة الجنجويد من الوجود نهائياً لن تتم بهتاف الثوار أو بمجرد تمني ذلك، وفي حدود علمي لا يوجد جيش ثوري قادر عملياً على هذه المهمة، فالنهاية المنطقية للفكرة أعلاه هي الاصطفاف خلف الجيش حتى ينجح في إزالة الجنجويد ومن ثم التفرغ لمعركة صعبة مع الجيش بعد انتصاره الذي حتماً ستعقبه دكتاتورية، صحيح المقالة أسهبت في الحديث عن عيوب الجيش وحذرت من التأييد غير المشروط له ولكنها اعتبرت انتصاره هو أخف الضررين، وكاتب المقالة لديه بعض العشم في أن تكون نتيجة الحرب التخلص من الجنجويد للأبد ولكنه يدرك أن هذه النتيجة وإن تحققت ستعقبها تعقيدات وتحديات.

واختلف مع قصي هنا في افتراض إمكانية القضاء على الجنجويد للأبد عبر الحرب الحالية، إذ تقول الوقائع على الأرض إن هذه الحرب لو استمرت طويلاً فلا أفق لها سوى تقسيم البلاد إلى دويلات متحاربة وفاشلة.

الوسومالجنجويد الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان دولة النهر والبحر رشا عوض صحيفة التغيير عمسيب قصي همرور محمد جلال هاشم معمر القذافي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجنجويد الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان رشا عوض صحيفة التغيير عمسيب قصي همرور محمد جلال هاشم معمر القذافي الدعم السریع هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع

البلاد – الخرطوم
تواصل الدعم السريع هجماتها على مدينة الفاشر، فيما صدّت القوات المسلحة السودانية هجومًا واسعًا شنّته الميليشيا من أربعة محاور، في عملية استمرت لأكثر من سبع ساعات، بالتزامن تصعد الميليشيا عمليات التصفية الجسدية بحق المدنيين واستهدافها الممنهج للبنية التحتية الحيوية، في مسعى لخلط الأوراق وشحن الرأي العام ضد الجيش، عقب خسائرها المتتالية في الخرطوم مؤخرًا.
وفيما شهدت الفاشر هدوءًا حذرًا وسط استمرار التراشق المدفعي أمس الثلاثاء، أوضح قائد الفرقة السادسة مشاة، اللواء محمد أحمد الخضر، أن الهجوم الأخير للميليشيا استُخدمت فيه طائرات مسيّرة، ومدفعيات ثقيلة، وعربات مدرعة، مشيرًا إلى أن الجيش كان على أتم الجاهزية للتصدي له. وأضاف أن الهجوم انتهى بالقضاء على التقدم المعادي، مؤكدًا أن القوات المسلحة في موقع قوة، ومستعدة لحسم أي محاولة مماثلة.
وخلّف الهجوم الذي وقع الاثنين 40 قتيلًا مدنيًا، بينهم نساء وأطفال، نتيجة القصف العشوائي للميليشيا على أحياء سكنية. وقد أعلنت قوات الدعم السريع لاحقًا سيطرتها على ستة أحياء داخل الفاشر، موجّهة نداءً إلى عناصر الجيش لإلقاء السلاح ومغادرة المدينة، متعهدة بضمان سلامة من يستجيب. غير أن مصادر ميدانية أكدت تراجع المهاجمين تحت ضربات الجيش والمقاومة الشعبية، في حين أشار حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، إلى أن الهجوم قاده عبد الرحيم دقلو، وانتهى بانسحاب القوات المهاجمة بعد تصدي القوات المشتركة لها.
ويرى خبراء أن التحوّل في تكتيكات الدعم السريع، عبر استهداف منشآت البنية التحتية الحيوية، بهدف إثارة السخط الشعبي وتشتيت تركيز الجيش عن تقدّمه في دارفور. يعكس حالة يأس ميداني للميليشيا بعد خسائر بشرية كبيرة وفقدان كميات كبيرة من العتاد العسكري.
وفي هذا السياق، قصفت الميليشيا بطائرات مسيّرة مصفاة الجيلي شمال الخرطوم، ومحطة بربر التحويلية للكهرباء، ومحطة عطبرة للمرة الرابعة خلال أسبوع، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في مناطق واسعة، وزاد من معاناة المدنيين في ظل وضع إنساني متدهور.
وعلى صعيد الانتهاكات، طالب المرصد السوداني لحقوق الإنسان بفتح تحقيق دولي في مجزرة مروعة وقعت بمنطقة الصالحة جنوب أم درمان، حيث تم إعدام 31 مدنيًا ميدانيًا، بينهم أطفال. وأكد المرصد أن الضحايا كانوا مدنيين عُزّل، وأن قوات الدعم السريع نفذت الجريمة بدافع “الانتقام”. وقد اعترف بذلك قادة في الميليشيا بمقاطع مصوّرة، ما يُشكّل جريمة حرب مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي الإنساني.
وفي السياق، قال رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إن قتل ميليشيا الدعم السريع للمواطنين في منطقة صالحة جنوبي أم درمان ينم عن كراهيتهم للشعب السوداني، وأضاف في كلمة أمس الثلاثاء أن الحرب الدائرة حاليا ضد ميليشيا الدعم السريع وليست ضد قبيلة، مشيرا إلى أن المرجفين يروجون أن الحرب ضد أعراق محددة، بهدف تحشيد الناس وجرهم للقتل، وتابع بأن “حربنا ضد كل من يحمل السلاح ضد الدولة، وتمرد رئيس القبيلة لا يعني تمرد كل القبيلة، مؤكدًا أنه “لا تفاهم مع هؤلاء المرتزقة بعد كل ما فعلوه وسيذهبون في هذه المعركة حتى الانتصار”.
ويُثبِت المشهد الميداني أن الميليشيات لم تجلب للسودان والمنطقة سوى الدمار والدم، فيما يتجدد الأمل مع صمود الجيش السوداني في التأسيس لمستقبل تستقر فيه البلاد على قاعدة الدولة الوطنية والجيش الواحد.

مقالات مشابهة

  • في بيان أصدرته: “الدعم السريع” تمنح الجيش والمشتركة فرصة الخروج الآمن من الفاشر
  • هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع
  • الجيش السوداني: مقتل 41 مدنيا بقصف مدفعي للدعم السريع على الفاشر
  • طيران الجيش ينفذ ضربات جوية استهدفت مواقع قوات الدعم السريع في مدينة الدبيبات
  • الجيش السوداني: سقوط 41 مدنيا وإصابة عشرات بقصف مدفعي للدعم السريع في الفاشر
  • مليشيا الدعم السريع تدعو الجيش والقوات المشتركة الي إخلاء مدينة الفاشر
  • مع احتدام معارك الفاشر.. الدعم السريع تعرض ممرات آمنة للجيش
  • قتلى وجرحى في اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع بالفاشر
  • الفاشر.. اشتباكات عنيفة بين الجيش و”الدعم السريع” وتوقف مطابخ خيرية
  • الخارجية: الحرب التي تخوضها ميليشيا الجنجويد بالوكالة عن راعيتها الإقليمية موجهة ضد الشعب السوداني ودولته الوطنية