بعد اندلاع الحرب في السودان ولجوء عدد كبير من السودانيين إلى الجارة “مصر” بحسبانها أقرب الدول ولتسهيلات السفر آنذاك، لم تكن التوقعات كما الأحلام، وكأنما لم تكن “أم الدنيا” ترغب في أبناء جُدد، فما القصة؟

القصة ترويها “منى محمود” محررة “النيلين” من خلال التقرير التالي:

على الرغم من التصريحات الإعلامية وبوادر الاستقبال الجيد للسودانيين بعد عبورهم للحدود السودانية المصرية، في بداية أزمة الحرب، إلا أن هذه المعاملة الكريمة بدأت تضعف وتقل رويداً رويداً، وقد كانت البداية بتشديد إجراءات الدخول وإلغاء كل التسهيلات الموجودة في التنقل بين البلدين، ما سبب معاناة رهيبة للعالقين في المعابر مازالت آثارها ممتدة حتى الآن.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فبعد وصول السودانيين إلى مصر تم تعميم الفاظ “نازح” و “لاجئ”، عليهم دون التفريق بين هذه الكلمات وطريقة وصولهم ودخولهم، مع العلم بأنه لم يدخل مصر سوداني واحد على أرجله أو لم يدفع قيمة سفره براً وبحراً إلى مصر، ولم نسمع بمعسكر لإيواء النازحين السودانيين في الحدود المصرية أو في القاهرة أو الإسكندرية، لماذا؟ لأن معظم الذين وصلوا إلى مصر هم مقتدرين مالياً بدرجات متفاوتة، ولكن كيف كان الاستقبال؟ ارتفاع كبير في الإيجارات، استغلال وطمع من التجار في الأسواق والمواصلات، حتى في أسعار العلاج لم يأمن السودانيون من الاستغلال السيء في العديد من المشافي الخاصة والعيادات. ولا يلغي هذا الإشراقات الجميلة من أبناء الشعب المصري الأصيل.

معاناة السودانيين لم تتوقف عند هذا الحد، فقد بدأت بعض المضايقات من الجهة المسؤولة عن الإقامة والهجرة والجوازات، وكانت الطلقة الأولى عند تحديد ختم الدخول للدولة بثلاثة أشهر بعد أن كان ستة أشهر، ثم إلغاء تجديد ختم الوصول واستبداله بإقامة لفترة محدودة يتم دفع مبلغ من المال في مقابلها، لتكون الطامة الكبرى حتى هذه الإقامة تم تقليص فترتها لشهرين كما وردت التأكيدات من المتعاملين بذلك.

ولكن هل يعلم المصريون من هم السودانيين الذين حضروا إليهم بعد الحرب؟ مع العلم بأن عددهم في حدود الـ 250 ألف شخص بحسب التقارير المصرية نفسها، مقارنة بعدد السودانيين الكلي الموجود أصلاً في مصر؟

لقد حضر إلى مصر مدراء البنوك وموظفيهم، وكبار موظفي الدولة والقطاع الخاص وأساتذة الجامعات، وعائلاتهم، وكبار التجار وأسر المغتربين في دول الخليج وأوروبا وأمريكا، ومهنيين على مستوى عال في الطب والهندسة والعلوم والقانون. وهل يعلم المصريون بأن هؤلاء والذين يظهرون بكل تواضع في المجتمع المصري الآن قد حضروا بأموالهم وذهبهم وممتلكاتهم الثمينة؟ هذا غير التحويلات الدولارية التي تصلهم من الخارج؟ وهل يعلم المصريون بأنه عندما تضايق هؤلاء الأكارم من التقييد في شرائح الاتصال وربطها بتواريخ الدخول والإقامة لدى شركات الاتصالات المصرية قاموا باستخدام شرائح الاتصال الدولية باهظة الثمن التي بحوزتهم أو أرسلت لهم من أقاربهم، ولم يهمهم؟

نعم حضر قليل من الطبقات الأقل مستوى من السودان، ورغم ذلك لم تجدهم في الشوارع يسألون الناس، أو يضايقونهم، وكل دول العالم بها نسبة من الوافدين تظهر عليها بعض المظاهر التي قد لا تعجب سكان الدولة، ولا يكون هذا مبرراً ابداً لتعميم التعامل مع جميع مواطني الدول الوافدة.

لكن الصدمة كانت عندما لم يجد هؤلاء الذين حضروا بكرامتهم أولاً قبل أموالهم “حسن الظن” فيهم على الأقل، وذلك بوصفهم بالنازحين والهاربين كأنما ارتكبوا جريمة، نعم نزحوا لأم الدنيا ليكونوا تحت حمايتها وليس لإذلالهم فيها، نعم هاربين، لكن كانوا يأملون الهروب لحياة أفضل، فهم يحملون ما يحملون من كنوز مالية ومعرفية، تقديراتها لا تقل عن ملايين الدولارات، كانت كافية لإنعاش الحياة الاقتصادية المصرية المتدهورة لو وجدت البيئة الصالحة والاستغلال والإرشاد الجيد.

وتتحدث التقارير الاقتصادية في مصر هذه الأيام عن حجم التبادل الضخم مع السودان وزيادته حتى في وقت الحرب، ما يعني أن الفائدة متبادلة بين البلدين، ولم تتحدث عن كيف أثرى السودانيون الوافدون إلى مصر الاقتصاد المصري، كيف وقد أنعشوا أسواقاً كادت أن تغلق ومحال تجارية ظل أصحابها ينتظرون مبيعات مائة أو خمسين جنيه في اليوم وأصبحت بالآلاف، كيف وانتعشت تطبيقات التجارة الإلكترونية وتوصيل الأشخاص والطعام والأجهزة الإلكترونية، كيف وقد سُكنت مناطق مهجورة وبنايات لأول مرة يسكنها إنسان ودفع مقابلها إيجارات لم يكن يحلم أصحابها بالحصول عليها في يوم من الأيام.

وعن سفارة السودان بالقاهرة فكأنما يتحاشى السفير وموظفيه من التحدث مع السلطات المصرية فيما يخص أحوال مواطنيها، هنالك مجهودات مقدرة في إصدار وتوثيق المستندات السودانية، لكن أي تعامل يكون فيه الطرف المصري تجد التردد والتخوف والحرج كأنما يطلبون شيئاً غير مستحق أو يخجلون من شيء ما، هذه السفارة لخدمة السودانيين في مصر وتطوير العلاقات بين الشعبين، هل خاطبت السفارة السلطات المصرية في أمر ولم يردوا عليهم؟ إنهم ينتظرونكم، وكم يشتكي متعاملون سودانيون عندما يطلبون خدمة من مؤسسة مصرية ليصدموا بأن يقال لهم سفارتكم لم تخاطبنا، ولو خاطبتنا “على العين والراس”. فلما الخوف والتردد والاستحياء؟

ويبقى السؤال.. ماذا يريد السودانيون في مصر؟ لم يقصر الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي” بتجديد إعفاء المخالفين لقوانين الإقامة، ولكن هذا القرار استفاد منه المتواجدون في مصر ما قبل الحرب، ونحن نتحدث عن الذين وصلوا ما بعد الحرب، فهؤلاء لم يتموا الستة أشهر أصلاً حتى يخالفوا، لذا يأملون من القيادة المصرية النظر إلى أحوالهم ومكانتهم بعين الاعتبار، وتطويع القوانين لصالحهم ولصالح العلاقة الطيبة بين الشعبين، فهؤلاء صفوة المجتمع السوداني، افتحوا لهم بيوت المحبة والإلفة، لا تضايقوهم في إجراءات إقاماتهم وإصدارها، امنحوهم سنة على الأقل هل كثيرة عليهم؟ عاملوهم برفق في مؤسساتكم وفي ترحالهم وعلاجهم، افتحوا لهم أبواب الاستثمار والتمليك دون قيود وتشبيك، والتاريخ يحكي لم يجد المصريون من السودانيين القادمين على مر العصور إلا كل الخير، وتبقى المحبة هي القصة التي تروى بين الشعبين.

تقرير: منى محمود – “النيلين”

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: من السودان إلى مصر فی مصر

إقرأ أيضاً:

مدير مستشفى سرطان الثدي: 60% من المرضى يحملون أفكارًا خاطئة عن السرطان

كتب - أحمد جمعة:

قال الدكتور عماد شاش، مدير مستشفى سرطان الثدي بالمعهد القومي للأورام، إن تشخيص الإصابة بالسرطان غالبًا ما يسبب صدمة نفسية للمريض، مشيرًا إلى وجود أفكار شائعة خاطئة مرتبطة بالمرض، أبرزها أنه يؤدي حتمًا إلى الوفاة.

وأوضح شاش، في جلسة صحفية نظمتها شركة "روش للأدوية" اليوم الاثنين، أنه استنادًا إلى بحث أُجري مؤخراً، فإن 60% من الأشخاص يحملون معتقدات خاطئة حول السرطان، بغض النظر عن مستواهم التعليمي.

وأشار إلى أن معظم هذه المعلومات تأتي من الإنترنت، في حين أن 3% فقط يستقونها من متخصصي الرعاية الصحية.

وأضاف أن دعم المرضى ضروري لمنعهم من الاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للمعلومات، حيث تبين أن 20% فقط من مجموعات وصفحات هذه المنصات تقدم معلومات مؤهلة عن المرض.

وشدد شاش على أهمية التواصل المستمر مع المرضى لتقديم التوعية اللازمة وتصحيح المفاهيم الخاطئة، بما يضمن لهم الحصول على المعلومات من مصادر موثوقة ومتخصصة.

ووجه "شاش" للشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي على اهتمامه بملف السرطان، حيث دعم إطلاق مبادرة للكشف عن سرطان الثدي وقدمت التشخيص والعلاج بالمجان للمصابات.

سرطان الثدي مدير مستشفى سرطان الثدي مستشفى سرطان الثدي مرض السرطان

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة وزيرة التضامن: الاكتشاف المبكر لسرطان الثدي يساهم في الشفاء بنسبة 90% أخبار "الغزالي": مصر أول دولة تقلل معدلات الإصابة بسرطان الثدي لـ 20% أخبار "يوم التضامن ضد سرطان الثدي".. ماذا قال وزير الصحة عن الإصابات؟ أخبار بالأرقام.. وزير الصحة يكشف تحسن معدل الإصابة بسرطان الثدي في مصر أخبار أخبار مصر بدء الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تعديلات قانوني السفن البحرية منذ 24 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر "قومي الطفولة": إحباط زواج طفلة 15 عامًا قبل خروجها من الكوافير بالدقهلية منذ 26 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر "الصحة" تسلط الضوء على جهودها الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة منذ 56 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر طقس الساعات المقبلة.. "الأرصاد": أجواء غير مستقرة وأمطار بهذه المناطق منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر مصدر يكشف حقيقة زيادة أسعار الكهرباء لشركات الاتصالات منذ ساعتين قراءة المزيد أخبار مصر الأرصاد تعلن أماكن سقوط الأمطار لمدة 6 أيام منذ 4 ساعات قراءة المزيد

إعلان

إعلان

أخبار

مدير مستشفى سرطان الثدي: 60% من المرضى يحملون أفكارًا خاطئة عن السرطان

أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات

© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى

إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك كارت الـ100 لن يكون رصيده 45.. كيف ستطبق زيادة الاتصالات؟ 28

القاهرة - مصر

28 19 الرطوبة: 37% الرياح: شمال المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • إحصائيات جديدة لأعداد السودانيين العائدين من مصر
  • باديلا تتكبد خسائر هائلة بعد خيانتها ليامال
  • الرجل الاسكندنافي يذكّر البرهان وأنصار الحرب بمعاناة السودانيين !!
  • الكويت تسترد ملايين الدولارات من حسابات مصرفية لعملاء سحبت جنسيتهم
  • نقابة الصحفيين السودانيين: أكثر من «60» صحفية تحت تهديد مباشر بسبب الحرب
  • دعوة إنسانية لدعم اللاجئين السودانيين في ليبيا وسط تدهور الأوضاع مع الشتاء
  • نقابة الصحفيين السودانيين: أكثر من «60» صحفية تحت تهديد مباشر بسبب الحرب 
  • مدير مستشفى سرطان الثدي: 60% من المرضى يحملون أفكارًا خاطئة عن السرطان
  • أتمنى أن تتوقف مهزلة لقاءات الوزراء السودانيين بأحمد طه
  • "ناسا" تعرض ملايين الدولارات لحل تحدٍ غامض على القمر