غزة – أكرم الشافعي - صفا

مع تزايد الإشارات حول تقدم مساعي إبرام اتفاق تطبيع بين الكيان الإسرائيلي والسعودية، تبحث السلطة الفلسطينية عما تعتقد أنها "مكاسب" يمكن أن تخرج بها، حتى لو على حساب عملها "عرّابًا" لإقرار الدولة التي تحضن أكبر مكان مقدّس للمسلمين بأحقية "اليهود في أرض فلسطين".

وكشف رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي "تساحي هنيغبي" الإثنين الماضي، أن حكومة بنيامين نتنياهو بدأت خلال الأشهر الأخيرة بإجراء محادثات مع قيادة السلطة الفلسطينية حول اتفاق التطبيع المحتمل مع السعودية.

واعتبر "هنيغبي" أن قيادة السلطة هذه المرة "لن تسمح للاتفاق بأن يفلت من أيديهم"، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية تعتقد أن هناك فرصة بنسبة 50% لإبرام اتفاق التطبيع.

وأجمع كتاب ومحللين سياسيون أن قيادة السلطة تحاول "استثمار الفتات أسفل طاولة حوار التطبيع السعودي الإسرائيلي"، الذي يجري برعاية الإدارة الأمريكية.

أوسلو جسر التطبيع

الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو، قال إن توقيع قيادة السلطة على اتفاق أوسلو عام 1993 واعترافها بالكيان وأحقيته بالوجود على 78% من الأرض الفلسطينية، شكل حجة لكل "اللاهثين" نحو التطبيع العلني بحثًا عن مصالحهم.

وذكر سويرجو، خلال حديثه لوكالة "صفا"، أن "الأطراف العربية التي تسعى للتطبيع مع الكيان لم تكن لتتجرأ على اتخاذ خطوة بهذا الاتجاه لولا وجود طرف رسمي فلسطيني سبقها في الاعتراف بإسرائيل كجسم طبيعي في المنطقة".

ولفت إلى أن التطبيع السعودي الإسرائيلي يعتبر "الأعقد" في المنطقة، وقد يشكل نقلة في طبيعتها من خلال وجود "إسرائيل" كطرف نافذ بعلاقات قوية أمنية وعسكرية مع دول الإقليم إذا ما نجحت في الحصول على تطبيع كامل مع الرياض.

لكنه استدرك أن "المسألة ليست بهذه البساطة رغم كل ما يشاع من تحركات في محاولة كل طرف أن يخدم أجندته الخاصة ومصالحه".

فلسطينيًا، ذكر سويرجو أن السلطة لتوظيف التطبيع لأجل خدمة أجندتها الخاصة، ولاسيما الاقتصادية، عبر ما يعرف بالدعم المالي العربي، خاصة بعد تراجع "المبادرة العربية للسلام" التي تبنتها السعودية عام 2002، وداس عليها "أرئيل شارون" خلال عملية "السور الواقي".

وقال: "السلطة تسعى لتوظيف هذا الملف لتقوية موقعها وشرعيتها بالضفة عبر وجودها كطرف رابع في صفقة التطبيع السعودية الإسرائيلية، والاستفادة قدر الإمكان بمردود مالي قوي وتسويق بعض الأوهام كما حصل مع اتفاقيات التطبيع مع الإمارات".

وذكر الكاتب سويرجو أن "موقف السعودية سيكون متقدمًا على موقف السلطة التي سقفها السياسي لا يتجاوز وقف الاعتداءات الإسرائيلية ووقف الضم والدعم المالي".

صمت السلطة

أما الكاتب والمحلل السياسي أحمد الشقاقي، فقال لوكالة "صفا"، إن اللافت في الجهود الأمريكية للوصول لتطبيع سعودي إسرائيلي أنه يتجه نحو اختلافين، الأول أن المملكة انقلبت على نفسها بعدما كانت رفعت السقف مع الإسرائيليين بدولة فلسطينية بحدود الـ67 مقابل التطبيع العربي ضمن "مبادرة السلام العربية".

أما الاختلاف الثاني، وفق حديث الشقاقي، فيتمثل بصمت السلطة وامتناعها عن إدانة محاولة التطبيع السعودي الإسرائيلي بعدما كانت تسارع لإدانة أي محاولة أو اتفاق بهذا السياق.

وذكر أن قيادة السلطة سلّمت أن "التطبيع العربي أصبح واقعًا"، لذلك تسعى لتعزيز وجودها الاقتصادي والسياسي من خلال الحصول على عوائد اقتصادية ومالية.

وقال: "ما سمعناه من هينغبي يأتي في هذا الإطار، وليس بعيدًا عن جهد عربي بوجود قناة أردنية لتمرير عملية التطبيع مع السعودية تحت تبرير أنها مصلحة فلسطينية رغم تدني سقف مطالب السلطة".

وأشار إلى أن ما يجري أسوأ من "صفقة القرن"، إذ إنه وفي هذه الحالة لا يمكن للسلطة أن تهاجم العرب المطبعين "وهي التي تنسق وتتطبع يوميًا مع الاحتلال".

وحذر من أن "ذهاب السعودية برمزيتها العربية والإسلامية كأكبر وزن سياسي عربي وارتباطها بالمقدسات، لنادي المطبعين العرب والمسلمين سيسجل كانتكاسة كبيرة للنظام السعودي، وسيتسبب بخسران أنظمة عربية وإسلامية أخرى في المنطقة تربط موقفها بمواقف المملكة".

وأضاف "ما يجري سيسجله التاريخ كخطيئة سياسية كبيرة ستدفع ثمنه السعودية على مستوى موقعها وقيمتها في العالم الإسلامي، وهذا يتطلب منا كفلسطينيين كشف عورات التطبيع والمطبعين مهما كانت المبررات".

خسائر كبيرة

بدوره، اتفق الكاتب والمحلل المختص بالشأن القومي إبراهيم حبيب مع سابقيه، على أن معارضة السلطة الفلسطينية لأكثر الدول العربية الداعمة لها (السعودية) سيلحق ضررًا كبيرًا بخزينتها، خاصة أنها باتت تعلم أن معارضتها لهذا التوجه سيكون "تحصيل حاصل".

وقال حبيب: "ما يجري هو إعادة للتموضع من الإدارة الأمريكية عبر الدفع باتجاه التطبيع السعودي مع الكيان، والذي أخذ أشكالًا ثقافية ورياضية وسياحية لتدجين الفكر السعودي نحو تقبل الإسرائيلي".

وأضاف "كفلسطينيين مقبلون على مرحلة صعبة بخسران أهم قلعة عربية إسلامية سنية في العالم، وخسائرنا ستكون كبيرة، لأن الجميع سيضرب المقاومة الفلسطينية عن قوس واحدة".

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: التطبيع تطبيع السعودية الاحتلال إسرائيل السلطة الفلسطينية التطبیع السعودی الإسرائیلی قیادة السلطة

إقرأ أيضاً:

"حماس": الإفراج عن المواطنين الروسيين أولوية بالنسبة لنا في أي صفقة تبادل

أعلنت "حماس" أولوية استعدادها للإفراج عن المواطنين الإسرائيليين الأسيرين لديها ويحملان الجنسية الروسية، وربطت ذلك بضرورة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" موسى أبو مرزوق لوكالة "نوفوستي": "ليس لدينا روس رهائن، وإنما هم مواطنون إسرائيليون، إلا أن غالبيتهم مزدوجي الجنسية، مكسيكية، أمريكية، أوكرانية وغيرها".

إقرأ المزيد السفارة الروسية: مواطن روسي بين أسرى "حماس"

وأضاف: "ناقشنا مع السيد (نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل) بوغدانوف مسألة الروس، وقلنا إننا ننتظر موافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار، قلنا إنه بمجرد التوصل إلى اتفاق واتخاذ قرار بهذا الأمر، سيكون الروسيان أول المفرج عنهم".

وتابع: "ننتظر أن يهدأ القتال على الأرض وستكون هناك فرصة لإطلاق سراحهما".

يشار إلى أن "حماس" أطلقت في وقت سابق سراح مواطن روسي خارج إطار صفقة التبادل، في تعبير عن امتنانها للرئيس فلاديمير بوتين على موقفه إزاء قضية فلسطين.

المصدر: نوفوستي

مقالات مشابهة

  • كل ما تريد معرفته عن فرقة داود التي شكلها جيش الاحتلال الإسرائيلي
  • «فتح»: لا نية لدى «حماس» للمصالحة
  • مصلحة الجميع هل تلجم نيّات توسعة الحرب في لبنان؟
  • مندوبة الولايات المتحدة لدى مجلس الأمن: على السلطة الفلسطينية إصلاح نفسها في أسرع وقت ممكن
  • عباس: الحكومة الإسرائيلية تسعى لإنهاء السلطة وإعادة فرض الاحتلال
  • حماس تبحث مع موسكو سبل وقف حرب غزة
  • "حماس": الإفراج عن المواطنين الروسيين أولوية بالنسبة لنا في أي صفقة تبادل
  • لا إيرادات للدولة.. مختصون يكشفون عن تعاقدات مع شركات فاسدة لاستثمار محطات كهربائية
  • "فتح": إسرائيل تشن حرب وجود على السلطة الوطنية الفلسطينية
  • سموتريتش يطلب من نتنياهو إقرار عقوبات عاجلة ضد السلطة الفلسطينية