تقرير.. الصفقات الظرفية والتوترات المالية بين بغداد واربيل تهدد استقرار العراق
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
سبتمبر 13, 2023آخر تحديث: سبتمبر 13, 2023
المستقلة/- يُرجع متابعون للشأن العراقي تجدّد أزمات إقليم كردستان في علاقته بالحكومة المركزية في بغداد، إلى افتقار تلك العلاقة للقواعد المؤسسية القائمة على ضوابط قانونية ودستورية واضحة، ما يجعل الطرفين يلجآن عادة إلى عقد الصفقات الظرفية القابلة للنقض في أي لحظة تبعا للمستجدّات والظروف الطارئة.
وضمن هذا السياق يصنّف المراقبون الأزمة القائمة حاليا بشأن حصّة الإقليم من الموازنة الاتّحادية وما تمثّله من ضغوط شديدة على حكومة أربيل، التي تخشى أن يتسبّب شحّ الموارد المالية في أزمة اجتماعية تقود إلى انفجار موجة غضب شعبي على غرار ما حدث في سنوات قليلة سابقة.
ويشير المراقبون إلى أنّ قيادة الإقليم كانت تعوّل في حل مشاكلها المالية على صفقة سابقة كانت عقدتها مع مكونات الإطار التنسيقي لتسهيل تنصيب حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لكن ما حدث هو أن مكونات من الإطار ذاته باتت تضغط باتجاه التضييق ماليا على الإقليم وتعرقل حصوله على مستحقاته المالية لدى بغداد.
ولم تفض الاتصالات المكثفة التي أجراها مسؤولون وقادة من الإقليم مع نظراء لهم بالحكومة المركزية الضاغطة على أعصاب القيادات الكردية، إلى حلحلة المشكلة.
وحيال انسداد الوضع تحاول أربيل استدراج وساطات دولية لأطراف ذات نفوذ في العراق على غرار الولايات المتحدة الأميركية.
وطرح رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني أمام السفيرة الأميركية لدى العراق ألينا رومانوسكي الخلافات بين أربيل وبغداد بشأن الموازنة ورواتب الموظّفين، مطالبا بأن تتعامل الحكومة العراقية مع إقليم كردستان كإقليم اتحادي.
وأكّد الطرفان “أهمية وجود حوار بنّاء من أجل التوصل إلى تفاهم مشترك وحل للمشاكل العالقة بما يضمن الحقوق الدستورية للجميع ويحفظ الأمن والاستقرار السياسي للبلد”.
وسبق أن طلبت حكومة إقليم كردستان العراق دعم المجتمع الدولي “للحصول على حقوق الإقليم الدستورية”، ودفع المستحقات المالية، وتنفيذ الاتفاقيات وعدم انتهاك حقوق شعبه.
وجاء ذلك في بيان حكومي صدر قبل أيام متضمنا الإشارة إلى أنّ رواتب الموظفين الحكوميين في الإقليم لم تدفع منذ شهرين لأن بغداد لم ترسل الموازنة.
وأشار البيان إلى أن إدارة أربيل أدت كافة مسؤولياتها تجاه حكومة بغداد وأن مبلغ الـ16 تريليونا و398 مليار دينار عراقي (حوالي 12.5 مليار دولار) المحدد كحصة الإقليم في موازنة 2023 يجب أن يتم إرساله إلى حكومة الإقليم، بواقع 1 تريليون و375 مليار دينار شهريا.
وبحسب البيان، فإن الحكومة العراقية قررت بداية الشهر الجاري إرسال 500 مليار دينار شهريا، غير أنه لم يتم إرسال أي مبلغ لرواتب شهري يوليو وأغسطس الماضيين.
وقال مسرور بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان، لدى استقباله السفيرة الأميركية في أربيل إن أطرافا تسعى إلى التعامل مع الإقليم خارج أحكام قانون الموازنة العامة.
وأعرب عن أسفه لتعامل تلك الأطراف مع الإقليم بشكل غير عادل، قائلا إن وفد حكومته “قدم للجهات المعنية في الحكومة الاتحادية بيانات ومعلومات دقيقة مستندة إلى وثائق قانونية ودستورية”.
ولا تتوقف الخلافات بين أربيل وبغداد في حدود النخبة السياسية لكنّها بدأت تتحوّل إلى مزاج شعبي كردي مضاد لسياسات بغداد تجاه الإقليم.
وعبر عن ذلك المزاج الآلاف من الأكراد الذين تظاهروا في وقت سابق في مدينة دهوك احتجاجا على التأخير في دفع رواتب موظفي الإقليم الحكوميين، محملين الحكومة المركزية في بغداد المسؤولية.
وتجمع الآلاف من المتظاهرين الذين ارتدى بعضهم الزي الكردي وحملوا أعلام إقليم كردستان ورفعوا لافتات كتب على إحداها “كردستان لن تتراجع بوجه الممارسات السياسية العدائية للسلطات العراقية”. وكتب على لافتة أخرى “كردستان وحدة فيدرالية دستورية لها كل الحق في حماية وجودها الدستوري”، وعلى لافتة ثالثة “نتضامن مع أهلنا في كركوك”.
وأوضح أحد المتظاهرين وهو يعمل موظفا في مستشفى حكومي في مدينة دهوك ثالث أكبر مدن الإقليم، أنه لم يتسلم راتبه منذ أكثر من شهرين، وقال “يجب أن نحصل على حقوقنا وندعو الدول إلى مساعدتنا لإنقاذنا من هؤلاء الظلام، نحن نعيش في أوضاع غير جيدة ليس فقط اقتصاديا أو ماليا وإنما أيضا سياسيا”.
وأضاف “هذه سياسة خاطئة بحق أهالي كردستان.. إنهم يريدون بمساعدة دول الجوار تصغير قوة الإقليم”، وذلك في إشارة واضحة إلى تركيا التي تعمل بمختلف الطرق لتحجيم قوة الإقليم بهدف منعه من الحصول على مقومات الدولة سواء ماليا أوسياسيا، وأيضا إلى إيران التي تستخدم نفوذها وأذرعها السياسية وأيضا شبه العسكرية في مناكفة أكراد العراق وحتى في تهديد مناطقهم عسكريا باعتبارهم محسوبين في تقديرها كحلفاء للولايات المتّحدة الأميركية.
وعلى مدى السنوات الماضية لم تكد قضية حصة إقليم كردستان من الموازنة العراقية تهدأ ظرفيا حتى تعود إلى الواجهة بسرعة، حيث تُتّهم أطراف قوية ضمن منظومة الحكم العراقي باتخاذ ذلك الملف الحسّاس وسيلة للضغط على أكراد العراق لتحجيم نزعتهم الاستقلالية التي لم يكونوا يخفونها، خصوصا في فترات قوة إقليمهم وازدهاره، وأيضا لتحصيل مكاسب سياسية منهم، لاسيما وأنهم احتفظوا دائما بتمثيل جيّد ضمن البرلمان الاتحادي العراقي.
نقلا عن صحيفة العرب اللندنية
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: إقلیم کردستان
إقرأ أيضاً:
المفتي يحذر من ظاهرة "السنجل مزر": تهدد استقرار الأسر
أعرب الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، عن قلقه من انتشار بعض العادات السلبية التي تهدد النسيج الاجتماعي، مثل ظاهرة "السنجل مزر".
وفي حديثه مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي" على قناة صدى البلد، أكد عياد أن هذه الظواهر تعكس أزمة أخلاقية كبيرة في المجتمع المصري والعربي.
المفتي: ارتفاع معدلات الطلاق يشكل تهديدًا اجتماعيًا كبيرًا نظير عياد: "الإفتاء" حريصة على حُسن التواصل وإتاحة قنوات مفتوحة مع القضاةوأشار عياد إلى أن بعض الأفراد يعتقدون بوجود تناقض بين الدين من جهة، والتقدم والحداثة من جهة أخرى، لكن هذا الاعتقاد لا يستند إلى أي أساس صحيح. وأوضح أن الانفتاح على المجتمعات الأخرى وتبادل الثقافات يعد أمرًا ضروريًا، بشرط أن نختار بعناية ما يجب أن نأخذ عنهم وما ينبغي أن نتركه.
كما أضاف المفتي أن بعض المجتمعات، نظرًا لثقافاتها الخاصة وتقاليدها المميزة، لا يمكنها تقليد كل شيء من ثقافات أخرى دون مراعاة الخصوصية الدينية والاجتماعية.
وقال المفتي: "تعتبر هذه المجتمعات مهد الرسالات السماوية، وهي محاطة بمجموعة من القيم الأخلاقية التي حافظت عليها لقرون عديدة، ولا يجوز بأي حال من الأحوال تجاوز هذه القيم."
وأضاف نظير عياد: "إذا تم تجاهل النصوص الدينية والقيم الأخلاقية تحت ذريعة تقليد المجتمعات الغربية، فلن يؤدي ذلك إلا إلى الإضرار بالأسرة المصرية والعربية والإسلامية، وتفكيك البنية الاجتماعية التي تشكل أساس استقرار هذه المجتمعات."
كما أشار مفتي الجمهورية إلى أن الأسرة تمثل "الكتلة الصلبة" التي تمنع تفكك المجتمع، وتعمل كحاجز ضد الانزلاق نحو الرذيلة والتفكك الاجتماعي، مؤكدًا أنها السبيل الوحيد للحفاظ على الهوية المجتمعية ومنع انزلاق المجتمعات إلى انقسامات أخلاقية تهدد استقرارها.