منتدى الشرق الاقتصادي يشهد أول حفلة سيمفونية بمشاركة "الذكاء الاصطناعي"
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
أقيمت في منتدى الشرق الاقتصادي حفلة موسيقية بمشاركة الذكاء الاصطناعي وذلك في إطار البرنامج الثقافي للمنتدى.
وأفادت وكالة "تاس" الروسية، بأن أداء السيمفونية "رقم 1" التي ألّفها الموسيقي والملحّن "بيوتر درانغا" بعنوان " الكون" بواسطة الشبكة العصبية، من تصنيع شركة "سبير" الروسية بالتعاون مع الأوركسترا السيمفونية الكبيرة على خشبة "بريمورسكي" التابعة لمسرح "ماريانسكي" من بطرسبورغ.
وقال المؤلف الموسيقي "درانغا " في تصريحه للصحفيين بعد انتهاء الحفلة الموسيقية: "أعتقد أن بعض الأمور، وعلى سبيل المثال، تعاوننا مع الذكاء الاصطناعي، لا يمكننا تجاهلها، لأن هذا ما ينتظرنا جميعا في المستقبل. لذلك خطرت ببالي فكرة تأليف سيمفونية "الكون" مع دمج الذكاء الاصطناعي. وهذه ليست بأي حال من الأحوال منافسة وليس صداما، بل تعاون ترادفي".
إقرأ المزيديذكر، أن السيمفونية مؤلفة من بنية كلاسيكية، وتتكون من أربع أقسام، وقد تضمنت أجزاء تتحكم فيها الشبكة العصبية "SymFormer" الخاصة بشركة "Sber" في تعبير الأداء باستخدام مركّب افتراضي. وفي الجزئيْن الثالث والرابع، استمع الجمهور ارتجالا من الشبكة العصبية في الوقت الفعلي.
وأوضح "أليكسي مينين"، كبير الخبراء في تكنولوجيا التحكم، في أنظمة التعلم الآلي التجريبية في مصرف"سبيربنك" الروسي: "إن ما يميز هذا الحدث، هو أن الشبكة العصبية ارتجلت في الوقت الفعلي، بناء على المعلومات التي تلقتها من دفتر نوتات، قدّمها المؤلف الموسيقي".
وكما شرحَ منظمو الحفلة، فإن الشبكة العصبية تتلقى أولا معلومات حول الأسلوب، وتولد عدة خيارات لهيكل التكوين المستقبلي. وفي المرحلة الثانية، يتم إنشاء العديد من خيارات العمل الموسيقي التي تتوافق مع النمط المحدد. ثم تحدد الشبكة العصبية أي من الخيارات هو الأكثر نجاحا، والأكثر تطابقا مع وصف أسلوب، وبنية التكوين. وأضاف مينين: إن الذكاء الاصطناعي هو الذي يولد نصا موسيقيا، وبعد ذلك، قمنا باستخدام مركّب مصمم خصيصا لنا، و بالتعبير عن النغمات التي ولدتها الشبكة العصبية في الوقت الفعلي".
وقال المؤلف الموسيقي:"نحن دائما نلتقط الأفكار الأكثر ابتكارا والأكثر إثارة للاهتمام. لذلك، عندما اتصل بنا المبادرون للحفل، قدمنا بكل سرور لهم فرصة ليصبح الحفل الأكثر لفتا للانتباه، في البرنامج الثقافي لمهرجان الشرق الاقتصادي "مواسم فلاديفوستوك".
يذكر، أن منتدى الشرق الاقتصادي الثامن، يعقد في مدينة فلاديفوستوك بأقصى شرق روسيا في الفترة من 10 إلى 13 سبتمبر عام 2023. وشعاره هو "على الطريق نحو التعاون والسلام والازدهار". وتم تنظيم هذه الفعالية من قبل مؤسسة"روس كونغريس" بمشاركة وكالة "تاس" الروسية.
المصدر: نوفوستي
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا روبوت منتدى الشرق الاقتصادي الذکاء الاصطناعی الشرق الاقتصادی
إقرأ أيضاً:
مخاطر الذكاء الاصطناعي على التعليم والبحث العلمي
يحظى موضوع الذكاء الاصطناعي باهتمام واسع عبر العالم في المناقشات والمنتديات والمجادلات حول الموضوع. ولقد سبق أن تناولت هذا الموضوع في مقالين بهذه الجريدة الرصينة: أحدهما عن الذكاء الاصطناعي والإبداع، والآخر عن الذكاء الاصطناعي والترجمة. ولكن هذا الموضوع يحتمل المزيد من التأملات دائمًا، إذ إن له أبعادًا كثيرةً لا حصر لها؛ ولذلك فإنني أريد في هذا المقال التنويه إلى تأثير الذكاء الاصطناعي على العملية التعليمية والبحث العلمي.
وقد يبدو أن استخدام كلمة «تأثير» أفضل من استخدام كلمة «مخاطر» الواردة في عنوان هذا المقال؛ لأن هذه الكلمة الأخيرة قد لا تبدو محايدة، وإنما تنطوي على حكم مسبق يتخذ موقفًا متحيزًا ضد تقنيات الذكاء الاصطناعي. وهذا تفسير غير صحيح؛ لأن كلمة «مخاطر» تعني أن هناك طريقًا نسير عليه -أو ينبغي أن نسير فيه- ولكنه يكون محفوفًا بالمخاطر التي ينبغي أن ندركها لكي يمكن اجتنابها. فلا مراء في أن الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة كبرى في المعرفة البشرية.
هذه الثورة المعرفية تتمثل في القدرة الهائلة للآلة على توفير بيانات ضخمة في أي مجال معرفي، بل يمكن لبرامج هذه الآلة أن تؤلف نصوصًا أو موضوعات بحثية أو تصمم ابتكارات ومخترعات باستخدام هذه البيانات.
ولقد أثمرت هذه الثورة المعرفية بوجه خاص في مجال تطبيقات العلوم الدقيقة، وعلى رأسها الرياضيات البحتة التي تمتد جذورها في النهاية في المنطق الرياضي، كما لاحظ ذلك برتراند رسل بشكل مدهش في مرحلة مبكرة للغاية في كتابه أصول الرياضيات!
ولا شك أيضًا في أن الذكاء الاصطناعي له استخدامات مثمرة في مجال العملية التعليمية، إذ إنه يسهِّل على المعلم والطالب معًا بلوغ المعلومات المهمة والحديثة في مجال الدراسة، ويقدِّم المعلومات للطلبة بطريقة شيقة ويشجعهم على البحث والاستكشاف بأنفسهم.
وهنا على وجه التحديد مكمن المشكلة، فعندما نقول: «إن الذكاء الاصطناعي يشجع الطلبة على البحث والاستكشاف بأنفسهم»، فإننا ينبغي أن نأخذ هذه العبارة بمعناها الدقيق، وهو أن الذكاء الاصطناعي هو ذكاء الآلة، والآلة دائمًا هي أداة للاستخدام، وبالتالي فإنها لا يمكن أن تكون بديلًا لدور المستخدِم الذي يجب أن يقوم بنفسه بالبحث والاستكشاف. وهذا يعني أن سوء استخدام الذكاء الاصطناعي والتعويل عليه في عملية التعلم، سيؤدي إلى القضاء على روح المبادرة والاكتشاف، وسيحول دون تعلم مهارات التفكير الناقد critical thinking وتنميتها من خلال عملية التفاعل المباشر بين الطلبة والمعلم. وتلك كلها مخاطر حقيقية على التعليم.
ولا تقل عن ذلك مخاطر الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي الذي يصبح تكريسًا لسوء استخدام هذا الذكاء في مراحل التعليم المختلفة. بل إن المخاطر هنا تصبح أشد وأكثر ضررًا؛ لأنها تتعلق بتكوين باحثين وأساتذة يُرَاد لهم أو يُرجى منهم أن يكونوا علماء حقيقيين في مجالاتهم البحثية المتنوعة. ولعل أشد هذه المخاطر هو شيوع السرقات العلمية من خلال برامج الذكاء الاصطناعي التي تقوم بعملية التأليف من خلال كتابات ودراسات وبحوث منشورة؛ وهو ما قد يشجع الباحث على استخدام المادة المُقدّمة له باعتبارها من تأليفه ودون ذكر للمصادر الأصلية التي استُمدت منها هذه المادة.
حقًّا أن الذكاء الاصطناعي نفسه قد ابتكر برامج لاكتشاف السرقات العلمية (لعل أشهرها برنامج Turnitin)؛ ولكن هذا لا يمنع الباحثين الذين يفتقرون إلى أخلاقيات البحث العلمي من التحايل على مثل هذه البرامج من خلال التمويه، وذلك بتطعيم البحث بمادة موثقة من مصادرها، بحيث يبدو البحث مقبولًا في الحد الأدنى من نسبة الاقتباسات المشروعة! وهذا أمر لا ينتمي إلى البحث العلمي ولا إلى الإبداع والابتكار.
وبصرف النظر عن مسألة السرقات العلمية، فإن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي له مخاطر أخرى تتمثل في أن المادة المقتبَسة كثيرًا ما تكون مشوهة أو غير دقيقة، وهذا يتبدى -على سبيل المثال- في حالة النصوص المقتبسة المترجَمة التي تقع في أخطاء فادحة وتقدم نصًا مشوهًا لا يفهم مقاصد المؤلف الأصلي، وهذا ما فصلت القول فيه في مقال سابق. وفضلًا عن ذلك، فإن برامج الذكاء الاصطناعي لا تخلو من التحيز (بما في ذلك التحيز السياسي)؛ ببساطة لأنها مبرمَجة من خلال البشر الذين لا يخلون من التحيز في معتقداتهم، وهذا ما يُعرف باسم «الخوارزميات المتحيزة» biased algorithms.
ما يُستفاد من هذا كله هو أن الذكاء الاصطناعي ينبغي الاستعانة به في إطار الوعي بمخاطره؛ ومن ثم بما ينبغي اجتنابه، ولعل هذا ما يمكن تسميته «بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي»، وهي أخلاقيات ينبغي أن تَحكم برامج هذا الذكاء مثلما تَحكم المستخدم نفسه.