صحيفة أثير:
2024-09-17@07:08:28 GMT

الروائي الأردني جلال برجس يكتب عن نساء خسرهن الأدب

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

الروائي الأردني جلال برجس يكتب عن نساء خسرهن الأدب

أثير- الروائي الأردني جلال برجس

ما هو الأدب إن لم يكن الطريق إلى معرفة الذات وما يحيطها! ما هو الأدب إن لم يكن الفرار من الخسارة نحو أن يربح الآدمي نفسه، ويُحدث التوازن الذي ننشده جميًعا، في عالم يشهد على مدار الساعة أشكالًا عديدة من الدُّوار، والترنح. قلتُ الآدمي؟
حسنًا، فهو اسم جامع للجنسين، الرجل والمرأة، وبالتالي فإن ما يصدر عنهما واحد رغم ما يطفو على السطح من تصنيفات في كثير من مناحي الحياة كالأدب الذي يُفصل فيه-للأسف-ما يكتبه الرجال عما تكتبه النساء.

على الصعيد العربي أوجدت المرأة دورها في الأدب قبل العصر الجاهلي، وفي خضمه، وفي مراحل العصر الإسلامي، وما يزال هذا الدور بكل فعاليته إلى أيامنا هذه التي نشهد فيها -رغم كل طروحات التقدم-مفاهيم مغلوطة تحدُّ من ميول المرأة نحو تعزيز مكانتها، وإسهاماتها في الارتقاء بالإنسانية.

مفاهيم حُرمت المرأة جراءها من أن تعلن عن رؤيتها لنفسها، وللحياة، كتابة. أمر حدث في بعض المجتمعات العربية، لكن ثورة الاتصالات خلخلت جانبًا كبيرًا من هذه المعادلة التي تخص المرأة، فوفرت لها مساحة مهمة رغم افتراضيتها.

عرفتُ عددًا من الكاتبات اللواتي اختبأن وراء أسماء مستعارة اعترافًا بعدم قدرتهن على هدم الجدران التي ضربت حولهن، لكن من الجهة الأخرى يمارسن الكتابة إيمانًا بها كأداة تعبير قصوى، وكفعل رفض لرفض دورهن الإنساني. وقد ساعدت ثورة الاتصالات في هذا الأمر من جانبين: الأول توفير مساحة افتراضية للتعبير، وبالتالي دخول مضمار الكتابة. أما الثاني فهو توفير خصوصية عالية في تلك المساحة بحيث يمكن للمرأة أن تتوارى وراء اسم وهمي تحتمي به من المساءلة الاجتماعية.

قالت لي كاتبة، قبل عشرين سنة: لولا الكتابة لجننت. كانت تكتب-على حد قولها-لتتخلص من عادتها اليومية في التحديق بالسقف؛ عادة كان يمكن أن تؤدي بها إلى الجنون، إذ إنها كانت تفكر من دون انقطاع بجدوى الحياة وهي سجينة البيت، ممنوعة حتى من الوقوف إلى النافذة، لا تزور أحدًا، ولا يزورها أحد. لا تكلم أحدًا، إلا زوجها حين يعود من عمله، ويتحدث إليها بكلمات قليلة، وكل ذلك جراء غيرته. شاهدتْ تلك المرأة ذات مرة كاتبةً في إحدى البرامج التلفزيونية تحكي عن أسباب ولعها بالكتابة وانطلاقًا من ذلك اليوم راحت تكتب قصصًا؛ فتخلت عن عادتها في التحديق بالسقف، بل حتى وجدت أن حياتها الحقيقية هي التي تفرغها على الورق. ومع الأيام، وبعد أن كتبت عشرات القصص، صارت تفكر بأن يكون لديها كتاب يتداوله القراء، لكن طلبها قوبل برفض شديد، فأخذت تنشر في مدونة إلكترونية باسم مستعار، لكن حين اكتُشف أمرها، حُذفت تلك المدونة، واختفت؛ فخسر الأدبُ كتابةً صادقة، وخسرت الحرية أحد مناصريها.

ما حدث لتلك السيدة لا يبعث على الألم فقط، إنما يبعث أيضًا على الخوف على الحرية، حرية الفرد الطبيعية في أن يمضي بما يريد، خصوصا في المساعي التي لا تهدد حرية الآخرين، ولا تخرج عن المفهوم المتعارف عليه للأخلاق، فحين يحاول أحدهم أن يتجاوز قضبان سجنه المعنوي-وهذا أكثر السجون أذى-ويجد ألا سبيل إلى النجاح في هذا الأمر، تصبح الحياة من دون معنى، بل حتى يصبح الموت بديلًا لها.

يرى الفيلسوف الألماني (إمانويل كانط) أن “الحرية هي شرط وجود الأخلاق، إذ لا يمكن تأدية فعل أخلاقي من دون حرية الاختيار”. وجراء تراجع الحرية في الممارسة الاجتماعية، والسياسية، والفكرية في أيامنا هذه، تراجعت بطبيعة الحال الخيارات الذاتية، اختيار الفرد لما يريده، وينتمي لقناعاته فيه. من هنا مُنعَ عدد من النساء في عالمنا العربي من الذهاب إلى خياراتهن الخاصة في كثير من القطاعات الإنسانية منها الأدب.

السؤال الذي يطرح نفسه حيال هذه المسألة: هل يرى الرجل في حرية المرأة، تهديدًا لكيانه؟ أم يراها نبشًا لعش دبابير المجتمع؟ وبالتالي عدم قدرته على خوض المواجهة؟

هناك من يرى في مضي المرأة نحو تحقيق أهدافها تعاليًّا على كينونته، بل تهديدًا لها. وهناك من يقرّ في دواخله بضرورة حقها في تقرير مصيرها، لكنه لا يقوى على مواجهة بعض المنظومات الاجتماعية التي ترفض ذلك، لهذا تعطل خوض عدد من النساء مضمار الأدب بسبب رؤية المجتمع له على أنه ترف، وتعبير غير جائز لمكنونات النفس، وبالتالي خروج للمرأة عن دورها النمطي.

لقد أثْرَت المرأة -جنبًا إلى جنب مع الرجل-المكتبة العربية بكثير من الكتب في الأدب؛ فأسهمت بشكل كبير في تطور المجتمع، وفي تصحيح كثير من المسارات، وبخاصة فيما يتعلق بدور المرأة في البناء الإنساني. مع هذا هناك كثير من النساء منعن من أن يقلن كلمتهن، ليس لسبب إلا جراء بعض الأفكار الاجتماعية المغلوطة.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: کثیر من

إقرأ أيضاً:

مظاهرات في باريس دعماً لحركة "امرأة حياة حرية" في إيران

تظاهر مئات الأشخاص، الأحد، في باريس هاتفين "امرأة حياة حرية" دعماً للمجتمع المدني الإيراني، على ما أفادت مصادر صحفية، في ذكرى مرور عامين على اندلاع الاحتجاجات في الجمهورية الإيرانية إثر وفاة الشابة مهسا أميني بعد أيام من توقيفها لدى شرطة الأخلاق في طهران لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة.

وشارك 700 شخص بحسب الشرطة في المسيرة التي انطلقت من ساحة الباستيل وصولاً إلى جوار مقر بلدية العاصمة الفرنسية.

وفيما بدأت 34 سجينة، الأحد، إضراباً عن الطعام في سجن إوين في هذه الذكرى، رأت شيرين أردكاني المحامية الفرنسية الإيرانية العضو في جمعية "إيران عدالة" أن "تضحيات" الإيرانيين المعارضين للسلطة "لم تذهب سدى".

"Femme, Vie, Liberté" : des centaines de manifestants à Paris, 34 détenues en grève de la faim en Iran
➡️ https://t.co/RLyjVKgQ9K pic.twitter.com/k26jNO3G6Z

— FRANCE 24 Français (@France24_fr) September 15, 2024

وقالت: "كل شي تغير في إيران، الذهنيات، المجتمع" موضحة "انتقلنا من ثقافة أبوية تماما حيث لم يكن من الوارد إطلاقاً أن تخرج تلك النساء حاسرات في الشارع، إلى دعم مكثف لهن".

وأشارت إلى أن سجينات ينشرن كتابات من أماكن اعتقالهنّ مضيفة "رأينا حقاً أن قسم النساء في سجن إوين فرض نفسه كمعقل للمقاومة في هذا النضال من أجل الإيرانيات، من أجل الديمقراطية، من أجل الحرية".

وحصلت المسيرة التي نظمها ائتلاف يضم حوالي 20 منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان، على دعم بنجامين بريار ولوي أرنو، وهما فرنسيان أوقفا واعتقلا بصورة تعسفية في إيران قبل إطلاق سراحهما في مايو (أيار) 2023 ويوينو (حزيران) الماضي على التوالي.

وإيران متهمة بتوقيف غربيين بشكل "تعسفي" لاستخدامهم في عمليات مبادلة، وتصفهم فرنسا بأنهم "رهائن دولة".

وقال لوي أرنو متحدثاً لأول مرة علناً منذ إطلاق سراحه: "من المفارقات أن أقف هنا اليوم، أنا الذي أمضيت حوالي عامين في سجن إوين لمشاركتي المزعومة في تظاهرات سبتمبر (أيلول) 2022".

وتابع "نعم، كنت في السجن، لكنه شرف عظيم لي أن أتيح لي العيش بينكم، أنتم المقاتلون من أجل الحرية الذين شاركتموني أحزاني".

ونددت سيلفي بريغو المديرة العامة لمنظمة العفو الدولية بالقمع في إيران وقالت: "ما زالوا يستخدمون عقوبة الإعدام بصورة مكثفة كأداة لبث الخوف".

وأضافت "ما زال هناك آلاف مؤلفة من الأشخاص المعتقلين ظلماً بلا محاكمة".

وما زال 3 فرنسيين معتقلين في إيران، هم سيسيل كولر ورفيقها جاك باري اللذان أوقفا في مايو (أيار) 2022 واتهما بالتجسس، ومواطن فرنسي ثالث لم تكشف السلطات عن هويته الكاملة مشيرة فقط إلى أن اسمه أوليفييه.

وجرت مسيرة ثانية في ساحة تروكاديرو شارك فيها بحسب الشرطة 750 شخصاً دعماً للإيرانيين المعارضين.

مقالات مشابهة

  • وفاة وإصابة 12 شخص بينهم نساء بعد سقوط سيارتهم في طريق المحابشة - عبس محافظة حجة
  • لأول مرة.. دراسة ترصد التغيرات التي تطرأ على دماغ المرأة أثناء الحمل
  • طالبان تحظر على المرأة رفع صوتها أو الضحك علنا.. تعرفوا على مقبرة النساء وهن أحياء في أفغانستان
  • مظاهرات في باريس دعماً لحركة "امرأة حياة حرية" في إيران
  • نميرة نجم : تحية للمرأة العربية بمناطق النزاعات والنزوح في غياب القانون و العدالة
  • وفاة الروائي والمفكر اللبناني إلياس خوري
  • منبر ديني .. نساء غير شريفات !!
  • مع اقتراب الذكرى الثانية لوفاة مهسا أميني.. نساءٌ يتحدّين السلطة ويخرجن إلى شوارع طهران دون حجاب
  • المرأة الجديدة تناقش سياسات الحماية من العنف بين قانون العمل واتفاقية 190
  • حرية الرأي ما لها وما عليها