هذا ما ينتظرُ عين الحلوة بعد الإشتباك.. هل إنتهت الحرب؟
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
يمكن القولُ إنَّ نتائج الإجتماع الذي عُقد لدى المُديريّة العامة للأمن العام يوم الإثنين الماضي للفصائل الفلسطينيّة والذي أسّس لوقف إطلاق النار في عين الحلوة، قد مهّد الطريق حقاً لتطويق الإشتباكات المُسلحة داخل المخيم بشكلٍ واضح رغم بعض الخروقات المتفرّقة. الآن، أصبحت كل الجهات المسؤولة عن التوتر مُجبرة على إنهاء الإقتتال المُتفاقم بأيّ طريقة وذلك لأنّ الدولة أعطت كلمتها الحاسمة: "لن نسمحَ بتاتاً بأن تتجه الأمور نحو السلبية، وصبرنا بدأ ينفد".
ميدانياً، كانت الأجواءُ هادئة نوعاً ما داخل المُخيم، أمس الثلاثاء، إلا أنَّ الخرق الأساس كان في هجومٍ مُباغت نفذتهُ مجموعة تابعة للقيادي في "كتائب عبدالله عزّام" محمد جمعة (أبو جنى) في حي المنشية باتجاه الطيري. بحسب معلومات "لبنان24"، فإنَّ هجوم مجموعة "أبو جنى" حصلَ بطريقةٍ غريبة إذ حملَ المُسلحون شاراتٍ "فتح" على رؤوسهم وساروا باتجاه الطيري على أساسِ أنهم معها. هنا، تقولُ المصادر إنَّ عناصر الحركة تنبّهوا لهذه المجموعة ووجدوا أنَّ بعض عناصرها ليسوا من عديد "فتح"، كاشفةً أنّ "أبو جنى" كانَ ضمنَ المهاجمين وقد تمّ التعرف عليه فوراً، وعندها وقع الإشتباك وجرى صدُّ الهجوم.
مع هذا، تحدثت مصادر فلسطينية يوم أمس عن ضبطِ مخابرات الجيش لـ"رابيد رمادي اللون" عند مدخل المخيم لجهة منطقة الحسبة، مشيرة إلى أنّ محتويات تلك السيارة كانت مشبوهة. بدورها، لم تجزُم المصادر الأمنية أو تنفي حدوث هذا الأمر، لكنّ بعض الجهات المسؤولة في "فتح" تقول وبحسب معلوماتها إنّ تلك السيارة قد تحتوي على أسلحة والأكيد أنها عائدة لجماعات مسلحة داخل عين الحلوة.
إذاً، المناوشات التي حصلت تعتبرُ مؤشراً لإمكانية تفاقم الأحداث مُجدداً رغم حركة المُشرف على السّاحة اللبنانية في "فتح" عزام الأحمد الذي يواصل منذ الأمس جولته على مختلف القيادات السياسيّة لإبلاغها بموقف الحركة مما يجري من تطورات. الأحمدُ كان واضحاً بالقول إنّ "ما حصلَ في عين الحلوة ليس من صنع محلي في لبنان"، وأنَّ "فتح" ستبقى بالمرصاد وتعزّز الأمن والاستقرار في المُخيّم.
ماذا عن علاقة "فتح" و "حماس"؟
ووسط كل ما يجري، كان لافتاً الإجتماع الذي عُقِد يوم أمس بين حركتي "فتح" و "حماس" بشأن تطورات عين الحلوة. بحسب المعلومات، كان الإجتماعُ صاخباً تخلله تبادلٌ للإتهامات بإشعال فتيلِ التوتر، وتقولُ مصادر فلسطينية لـ"لبنان24" إنه "رغم الإعلان عن نقاط مشتركة تهدف لحفظ أمن المخيم، إلا أنَّه لا ثقة بين الطرفين حالياً"، معتبرة أنَّ "التقارب الصّوري" بين الحركتين قد لا يُترجم على أرض الواقع ميدانياً.
في السياق، يقولُ قائد الأمن الوطني الفلسطيني في صيدا أبو إياد الشعلان لـ"لبنان24" إنَّ "حماس" مسؤولة بشكلٍ أو بآخر عن توفير الدعم للمجموعات المسلحة داخل المخيم، معتبراً أن تلك الجماعات حصلت على الإمدادات من أحياء عديدة ولا يُمكن لأي جهة أن تساهم في ذلك بإستثناء "حماس"، ويضيف: "بكل بساطة، فإنَّه لا قدرة لعصبة الأنصار على التحرّك بين المخيم والخارج، والأمرُ نفسه بالنسبة للحركة الإسلامية المُجاهدة. فمن الذي لديه القدرة على التحرّك بشكلٍ سهل غير حماس؟".
بالنسبة للشعلان، فإنَّ الهدوء الذي يُخيّم الآن على عين الحلوة قد يتخذُ لاحقاً منحى تصعيدياً جديداً، معتبراً أنَّ كل المحاولات لتمييع مطلب تسليم المطلوبين بجريمة اغتيال المسؤول في "فتح" اللواء أبو أشرف العرموشي مرفوضة تماماً، وقال: "نحنُ متيقظون لكلّ شيء، وما يجري في عين الحلوة هو مُخطّط يهدف لضرب حركة فتح تماماً وإبعادها عن الصورة والمستفيد الأول هو حماس".
في غضون ذلك، تقولُ مصادر ميدانية في عين الحلوة لـ"لبنان24" إنَّ "حماس" هي التي تنسق الإتصالات مع مختلف القوى الإسلامية داخل المُخيم، معتبرة أنَّه من خلالها ومن ضمن عملياتها هناك، يمكن الضغطُ على الجماعات المُسلّحة بطريقةٍ ما أو بأخرى، وتضيف: "ما الذي تحقّق اليوم من جولات الإقتتال؟ لا شيء.. ما يجري كان كفيلاً بكشف كل الأوراق والصراع الذي حصلَ يؤكد أنَّ المخيم بات مُهدداً بمجموعات مُسلحة منتشرة في مختلف أحيائه، وهذا الأمرُ يجبّ حله تماماً".
بحسب المصادر، فإنَّ إنهاء حالة التوتر لا تتحقق إلا بالتالي: تطويق حركة كافة الجماعات المسلحة وتجريدها من السلاح – تسليم المطلوبين بجريمة اغتيال العرموشي وإحباط كافة المخططات التي تهدفُ إلى ضرب السلطة في المخيمات لأن هذا الأمر سيُساهم في إشعالها".
بدورها، تردُّ مصادر حركة "حماس" عبر "لبنان24" على كل هذه الإتهامات، وتقولُ إنَّ الحركة لم تبادر يوماً إلى إشعال إقتتالٍ داخلي في لبنان، وتضيف: "نحنُ نعمل فقط ضمن الإطار السياسي ولا يهمّنا بتاتاً الجانب العسكري، لأنَّ معركتنا هي معركة مقاومة في فلسطين. نحنُ ومنذ اليوم الأول من معركة عين الحلوة، لم نوفّر أي إتصالٍ لتطويق التوتر كما أننا مُصرّون على لجم كل تصعيدٍ ونؤيّد مطلب تسليم المطلوبين بجريمة قتل العرموشي بخلافِ ما يُقال".
"جبهة أخرى"؟
فعلياً، فإن جبهة المُخيم قد لا تكونُ محصورة داخله وما تبين هو أنّ هناك جبهات أخرى يمكن أن تشتعل بجانبه وبالتالي تُهدّد الجيش بالدرجة الأولى. هنا، فإنّ ما انكشف هو أنّ إمتداد الجماعات المُسلحة قد وصل إلى أحياء متاخمة للمخيم مثل سيروب، وبحسب المعلومات هناك مؤيدون كثر لتلك الجماعات ويعتبرون أنَّ حربها ضدّ "فتح" في عين الحلوة، "مشروعة ويجب أن تستمر".
إزاء هذا الأمر، أبدت مصادر فلسطينية مخاوفها من أن يكونَ الأشخاصُ الموجودون في محيط عين الحلوة والمؤيدين للجماعات المسلحة، بمثابة "خلايا نائمة" قد يجري إستخدامها لتوسيع المعركة خارج حدود المخيم، وبالتالي تهديد الجيش بشكلٍ خاص عند مداخله وحواجزه. أما الأمر الأهم، فهو أنَّ "الفكر" الذي تحمله تلك الأطراف يمكن أن تؤثر سلباً على السكان اللبنانيين في سيروب والمناطق الأخرى وتحديداً المية ومية التي تعتبرُ من المناطق المسيحية المحاذية لعين الحلوة والتي يجدُ سكانها في ما يجري خطراً كبيراً يحدّق بمدينة صيدا وأطرافها والجوار. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی عین الحلوة هذا الأمر داخل الم ما یجری
إقرأ أيضاً:
لهذه الأسباب الحرب في غزة لم تنتهِ بعد
في نهاية حرب غزة عام 2021، ظهر قائد حركة حماس، يحيى السنوار، جالساً في كرسي داخل منزله المدمر، في صورة تعكس الاستمرار في القتال ضد إسرائيل، وفي الحرب الأخيرة عام 2024، قُتل السنوار، بينما تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بتفكيك وتدمير حماس.
ورغم ذلك، ومع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ يوم الأحد الماضي، بعد 15 شهراً من الدمار الهائل والخسائر البشرية، لا تزال حماس - رغم جراحها العميقة - قائمة وستبقى، على الأقل في الوقت الحالي، هي القوة المسيطرة في غزة، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
عاد الآلاف من مقاتلي حماس من مخابئهم وانتشروا لإعادة فرض السيطرة. وكما قال دانييل ليفي، المفاوض الإسرائيلي السابق ورئيس مشروع الشرق الأوسط الأمريكي: "بعبارات واضحة، حماس ليست فقط باقية، لكنها ما زالت القوة الأكثر تأثيراً في غزة".
هذا الواقع يبرز هشاشة الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع نتانياهو، الذي يواجه ضغوطاً سياسية هائلة في الداخل.
يأتي ذلك أيضاً في وقت يتولى فيه دونالد ترامب منصب الرئاسة مجدداً، وسط حالة كبيرة من عدم اليقين حول كيفية تعامله مع المشهد المتغير في الشرق الأوسط منذ ولايته الأولى.
A delayed start to the cease-fire deal between Israel and Hamas on Sunday was a minor problem compared with the difficult choices and American leverage needed to really end the war. https://t.co/LTzZBcyzPN
— New York Times World (@nytimesworld) January 20, 2025 هشاشة الاتفاقالحرب لم تنتهِ بعد، كما تقول الصحيفة، فالاتفاق المكون من 3 مراحل، والذي لم يتغير كثيراً عن الخطة التي أعلنها الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن قبل 8 أشهر، هش للغاية، كما ظهر من خلال التأخير المليء بالتوتر لبدء تنفيذ وقف إطلاق النار يوم الأحد. وستكون هناك 16 يوماً قبل بدء المحادثات بشأن المرحلة الثانية، وهي المرحلة التي قد تُنهي الحرب فعلياً بانسحاب شبه كامل للقوات الإسرائيلية من غزة.
ويُعتقد أن الانتقال من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية سيكون صعباً للغاية، وربما مستحيلاً، نظراً للتنازلات المطلوبة والديناميكيات السياسية على الجانبين، بحسب الصحيفة.
وتمكن ترامب من الضغط على نتانياهو للقبول بالاتفاق، مما وفر لرئيس الوزراء الإسرائيلي الغطاء السياسي اللازم لتنفيذه. لكن يبقى السؤال حول ما إذا كان ترامب وفريقه سيخصصون الوقت والموارد للضغط من أجل المرحلة التالية والأكثر حساسية.
تساؤلات حول مستقبل غزةوفي هذا السياق، يقول ناثان ساكس، مدير مركز سياسات الشرق الأوسط بمؤسسة بروكينغز، إن "ترامب لن يرغب في استئناف القتال خلال فترة رئاسته". لكنه أضاف أن "نتانياهو، الذي يواجه معارضة قوية داخل ائتلافه بشأن الاتفاق، لا يريد إنهاء الحرب، كما أن حماس تنوي إعادة تسليح نفسها".
ومن المرجح أن يبحث نتانياهو عن أي انتهاك من جانب حماس لشروط الهدنة، لتبرير عدم المضي قدماً في المرحلة الثانية، وفقاً لما قالته سنام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس.
وأضافت أن "إسرائيل تحتفظ بحق استئناف القتال إذا رأت أن المفاوضات بشأن المرحلة الثانية وصلت إلى طريق مسدود".
ورفض نتانياهو باستمرار مناقشة من سيحكم غزة بدلاً من حماس، مما يعني فعلياً تسليم الإقليم إلى المجموعة التي سعت إسرائيل على مدار الأشهر الـ15 الماضية إلى تدميرها. وقد أسفرت الحرب عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين والمقاتلين.
وعادت حماس للسيطرة في غزة، وستتولى الآن الإشراف على تدفق هائل من المساعدات الإنسانية. وأصبح محمد السنوار، شقيق يحيى السنوار، يقود حماس في غزة.
What can Israel expect from the Trump presidency?
'Even when Huckabee [Trump's pick for ambassador to Israel] was asked about his views, he said, "Of course, I believe in Greater Israel," but it is the president who makes the call,' @DannyAyalon tells @davidmatlin pic.twitter.com/4EJGjnL7Ng
كما يواجه ترامب خيارات صعبة بشأن مدى استثماره في الشرق الأوسط، خاصة إذا كان يريد، كما صرح سابقاً، إحياء خطط تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
وقال مصطفى البرغوثي، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، إن "اتفاق وقف إطلاق النار جيد للفلسطينيين، حيث سيوقف القتل ويؤدي إلى إطلاق سراح الأسرى وتدفق المساعدات الإنسانية". لكنه أكد أنه لا توجد ضمانات لاستمرار الاتفاق، مشيراً إلى أن الفلسطينيين بحاجة إلى عملية حقيقية تنهي الاحتلال الإسرائيلي لغزة والضفة الغربية.
كما أوضحت السعودية أنها تطالب الآن بخطوات ملموسة، نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو أمر تعهد نتانياهو مراراً بمنعه. كما أن بعض مستشاري ترامب يدعمون فكرة ضم الضفة الغربية بالكامل، مما يجعل قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة أمراً شبه مستحيل.
NEW: Iran has increased its stockpile of uranium enriched to near weapons-grade levels amid recent statements from Iranian officials about Iran’s ability to procure a nuclear weapon. (????1/5)
More from ISW and @criticalthreats ⬇️ pic.twitter.com/IpvirlDeEz
وبالإضافة إلى غزة، يواجه نتانياهو تحديات سياسية داخلية، منها تمرير الميزانية الجديدة ومشروع قانون يتعلق بتجنيد اليهود المتدينين (الحريديم).
وهذه التحديات قد تؤدي إلى أزمة سياسية، إذا قرر نتانياهو الاستمرار في الحكومة الحالية أو الدعوة إلى انتخابات جديدة. وإذا قرر ترامب الدفع نحو اتفاق مع السعودية، قد يضطر نتانياهو للاختيار بين استرضاء حلفائه في الائتلاف، أو العمل على تحقيق سلام إقليمي دائم يشمل خطوات جدية تجاه إقامة دولة فلسطينية.
ويبقى الخطر الأكبر هو إيران، التي تواصل تخصيب اليورانيوم بمعدلات مرتفعة. وبينما تنفي طهران سعيها لامتلاك قنبلة نووية، يتزايد الضغط داخل إسرائيل للتحرك عسكرياً ضدها. ومع ذلك، قد يفضل ترامب خيار التفاوض مع إيران بدلاً من الانخراط في حرب جديدة.