يمكن القولُ إنَّ نتائج الإجتماع الذي عُقد لدى المُديريّة العامة للأمن العام يوم الإثنين الماضي للفصائل الفلسطينيّة والذي أسّس لوقف إطلاق النار في عين الحلوة، قد مهّد الطريق حقاً لتطويق الإشتباكات المُسلحة داخل المخيم بشكلٍ واضح رغم بعض الخروقات المتفرّقة. الآن، أصبحت كل الجهات المسؤولة عن التوتر مُجبرة على إنهاء الإقتتال المُتفاقم بأيّ طريقة وذلك لأنّ الدولة أعطت كلمتها الحاسمة: "لن نسمحَ بتاتاً بأن تتجه الأمور نحو السلبية، وصبرنا بدأ ينفد".

 
ميدانياً، كانت الأجواءُ هادئة نوعاً ما داخل المُخيم، أمس الثلاثاء، إلا أنَّ الخرق الأساس كان في هجومٍ مُباغت نفذتهُ مجموعة تابعة للقيادي في "كتائب عبدالله عزّام" محمد جمعة (أبو جنى) في حي المنشية باتجاه الطيري. بحسب معلومات "لبنان24"، فإنَّ هجوم مجموعة "أبو جنى" حصلَ بطريقةٍ غريبة إذ حملَ المُسلحون شاراتٍ "فتح" على رؤوسهم وساروا باتجاه الطيري على أساسِ أنهم معها. هنا، تقولُ المصادر إنَّ عناصر الحركة تنبّهوا لهذه المجموعة ووجدوا أنَّ بعض عناصرها ليسوا من عديد "فتح"، كاشفةً أنّ "أبو جنى" كانَ ضمنَ المهاجمين وقد تمّ التعرف عليه فوراً، وعندها وقع الإشتباك وجرى صدُّ الهجوم.  
مع هذا، تحدثت مصادر فلسطينية يوم أمس عن ضبطِ مخابرات الجيش لـ"رابيد رمادي اللون" عند مدخل المخيم لجهة منطقة الحسبة، مشيرة إلى أنّ محتويات تلك السيارة كانت مشبوهة. بدورها، لم تجزُم المصادر الأمنية أو تنفي حدوث هذا الأمر، لكنّ بعض الجهات المسؤولة في "فتح" تقول وبحسب معلوماتها إنّ تلك السيارة قد تحتوي على أسلحة والأكيد أنها عائدة لجماعات مسلحة داخل عين الحلوة.   
إذاً، المناوشات التي حصلت تعتبرُ مؤشراً لإمكانية تفاقم الأحداث مُجدداً رغم حركة  المُشرف على السّاحة اللبنانية في "فتح" عزام الأحمد الذي يواصل منذ الأمس جولته على مختلف القيادات السياسيّة لإبلاغها بموقف الحركة مما يجري من تطورات. الأحمدُ كان واضحاً بالقول إنّ "ما حصلَ في عين الحلوة ليس من صنع محلي في لبنان"، وأنَّ "فتح" ستبقى بالمرصاد وتعزّز الأمن والاستقرار في المُخيّم. 
ماذا عن علاقة "فتح" و "حماس"؟ 
ووسط كل ما يجري، كان لافتاً الإجتماع الذي عُقِد يوم أمس بين حركتي "فتح" و "حماس" بشأن تطورات عين الحلوة. بحسب المعلومات، كان الإجتماعُ صاخباً تخلله تبادلٌ للإتهامات بإشعال فتيلِ التوتر، وتقولُ مصادر فلسطينية لـ"لبنان24" إنه "رغم الإعلان عن نقاط مشتركة تهدف لحفظ أمن المخيم، إلا أنَّه لا ثقة بين الطرفين حالياً"، معتبرة أنَّ "التقارب الصّوري" بين الحركتين قد لا يُترجم على أرض الواقع ميدانياً. 
في السياق، يقولُ قائد الأمن الوطني الفلسطيني في صيدا أبو إياد الشعلان لـ"لبنان24" إنَّ "حماس" مسؤولة بشكلٍ أو بآخر عن توفير الدعم للمجموعات المسلحة داخل المخيم، معتبراً أن تلك الجماعات حصلت على الإمدادات من أحياء عديدة ولا يُمكن لأي جهة أن تساهم في ذلك بإستثناء "حماس"، ويضيف: "بكل بساطة، فإنَّه لا قدرة لعصبة الأنصار على التحرّك بين المخيم والخارج، والأمرُ نفسه بالنسبة للحركة الإسلامية المُجاهدة. فمن الذي لديه القدرة على التحرّك بشكلٍ سهل غير حماس؟".  
بالنسبة للشعلان، فإنَّ الهدوء الذي يُخيّم الآن على عين الحلوة قد يتخذُ لاحقاً منحى تصعيدياً جديداً، معتبراً أنَّ كل المحاولات لتمييع مطلب تسليم المطلوبين بجريمة اغتيال المسؤول في "فتح" اللواء أبو أشرف العرموشي مرفوضة تماماً، وقال: "نحنُ متيقظون لكلّ شيء، وما يجري في عين الحلوة هو مُخطّط يهدف لضرب حركة فتح تماماً وإبعادها عن الصورة والمستفيد الأول هو حماس".  
في غضون ذلك، تقولُ مصادر ميدانية في عين الحلوة لـ"لبنان24" إنَّ "حماس" هي التي تنسق الإتصالات مع مختلف القوى الإسلامية داخل المُخيم، معتبرة أنَّه من خلالها ومن ضمن عملياتها هناك، يمكن الضغطُ على الجماعات المُسلّحة بطريقةٍ ما أو بأخرى، وتضيف: "ما الذي تحقّق اليوم من جولات الإقتتال؟ لا شيء.. ما يجري كان كفيلاً بكشف كل الأوراق والصراع الذي حصلَ يؤكد أنَّ المخيم بات مُهدداً بمجموعات مُسلحة منتشرة في مختلف أحيائه، وهذا الأمرُ يجبّ حله تماماً".  
بحسب المصادر، فإنَّ إنهاء حالة التوتر لا تتحقق إلا بالتالي: تطويق حركة كافة الجماعات المسلحة وتجريدها من السلاح – تسليم المطلوبين بجريمة اغتيال العرموشي وإحباط كافة المخططات التي تهدفُ إلى ضرب السلطة في المخيمات لأن هذا الأمر سيُساهم في إشعالها".  
بدورها، تردُّ مصادر حركة "حماس" عبر "لبنان24" على كل هذه الإتهامات، وتقولُ إنَّ الحركة لم تبادر يوماً إلى إشعال إقتتالٍ داخلي في لبنان، وتضيف: "نحنُ نعمل فقط ضمن الإطار السياسي ولا يهمّنا بتاتاً الجانب العسكري، لأنَّ معركتنا هي معركة مقاومة في فلسطين. نحنُ ومنذ اليوم الأول من معركة عين الحلوة، لم نوفّر أي إتصالٍ لتطويق التوتر كما أننا مُصرّون على لجم كل تصعيدٍ ونؤيّد مطلب تسليم المطلوبين بجريمة قتل العرموشي بخلافِ ما يُقال".  
"جبهة أخرى"؟ 
فعلياً، فإن جبهة المُخيم قد لا تكونُ محصورة داخله وما تبين هو أنّ هناك جبهات أخرى يمكن أن تشتعل بجانبه وبالتالي تُهدّد الجيش بالدرجة الأولى. هنا، فإنّ ما انكشف هو أنّ إمتداد الجماعات المُسلحة قد وصل إلى أحياء متاخمة للمخيم مثل سيروب، وبحسب المعلومات هناك مؤيدون كثر لتلك الجماعات ويعتبرون أنَّ حربها ضدّ "فتح" في عين الحلوة، "مشروعة ويجب أن تستمر". 
إزاء هذا الأمر، أبدت مصادر فلسطينية مخاوفها من أن يكونَ الأشخاصُ الموجودون في محيط عين الحلوة والمؤيدين للجماعات المسلحة، بمثابة "خلايا نائمة" قد يجري إستخدامها لتوسيع المعركة خارج حدود المخيم، وبالتالي تهديد الجيش بشكلٍ خاص عند مداخله وحواجزه. أما الأمر الأهم، فهو أنَّ "الفكر" الذي تحمله تلك الأطراف يمكن أن تؤثر سلباً على السكان اللبنانيين في سيروب والمناطق الأخرى وتحديداً المية ومية التي تعتبرُ من المناطق المسيحية المحاذية لعين الحلوة والتي يجدُ سكانها في ما يجري خطراً كبيراً يحدّق بمدينة صيدا وأطرافها والجوار.         المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی عین الحلوة هذا الأمر داخل الم ما یجری

إقرأ أيضاً:

ماذا وراء الحديث عن نزع سلاح المقاومة كشرط لوقف الحرب في غزة؟

فجّر الاحتلال الإسرائيلي أزمة جديدة على طاولة مفاوضات وقف إطلاق النار وعقد صفقة لتبادل الأسرى، حينما نقل إلى الوسطاء مقترحا يتضمن نصا صريحا لأول مرة يتحدث عن نزع سلاح المقاومة، كشرط لإنهاء حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة.

وسارعت حركة المقاومة الإسلامية إلى إعلان رفضها المطلق لمناقشة هذه المسألة، لكنها أكدت في بيان صحفي، أن قيادتها تدرس بمسؤولية وطنية عالية، المقترح الذي تسلمته من الوسطاء، وستقدم ردها عليه في أقرب وقت، فور الانتهاء من المشاورات اللازمة بشأنه.

وجددت "حماس" تأكيدها على موقفها الثابت بضرورة أن يحقّق أيّ اتفاقٍ قادم: وقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاباً كاملاً لقوات الاحتلال من قطاع غزة، والتوصّل إلى صفقة تبادل حقيقية، وبدء مسار جاد لإعادة إعمار ما دمّره الاحتلال، ورفع الحصار الظالم عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

بدوره، قال رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس في الخارج سامي أبو زهري، إن "الاحتلال في مقترحه الجديد لا يعلن التزامه بوقف الحرب تماما، ويريد استلام الأسرى فقط".

مليون خط أحمر
وأضاف أبو زهري في تصريحات تلفزيونية عبر قناة "الجزيرة مباشر" تابعتها "عربي21"، أنّ "المقترح المقدم إلينا هو مقترح إسرائيلي، وتضمن لأول مرة نزع سلاح المقاومة ضمن مفاوضات المرحلة الثانية".

وتابع قائلا: "تسليم سلاح المقاومة هو مليون خط أحمر، وهو أمر غير خاضع للسماع فضلاً عن النقاش"، معربا عن جهوزية حركة حماس لتسليم كل الأسرى دفعة واحدة، مقابل وقف الحرب والانسحاب من قطاع غزة.



ونوه إلى أن "نتنياهو يعمل لصالح مستقبله السياسي وترامب شريكه في قتل سكان غزة"، مشددا على أنه "يجب ألا يكون مرحبا بزيارة ترامب للمنطقة ويداه ملطختان بدماء أطفاء ونساء غزة".

ولفت إلى أن "الاستسلام ليس واردا أمام حركة حماس ولن نقبل بكسر إرادة شعبنا"، مؤكدا أن "حماس" لم تستسلم ولن ترفع الراية البيضاء، وستستخدم كل أوراق الضغط ضد الاحتلال، وما يجري في غزة جنون ولا يمكن مواجهته إلا بجنون مماثل.

طرح مشبوه
من جهته، رأى الكاتب الفلسطيني إبراهيم المدهون أن أي حديث عن نزع سلاح المقاومة، هو طعن في ظهر الدماء الفلسطينية، مشيرا إلى أنه "يتردد في كواليس المفاوضات طرح مشبوه يتحدث عن نزع السلاح كشرط لوقف إطلاق النار".

وأضاف المدهون في منشور عبر صحفته بموقع "فيسبوك" أنّ "من يرتكب المجازر ليس الفلسطيني بل الطيران الإسرائيلي، ومن يهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها ليس من يحمل بندقية آلية، بل من يضغط على زر القصف من قمرة طائرة أمريكية الصنع".


وذكر أن "سلاح الفلسطيني ليس تهديدًا للأمن، بل صرخة وجود ووسيلة دفاع في وجه ماكينة عدوان لا تعرف الرحمة"، منوها إلى أننا "لا نملك طائرات  F16، ولا دبابات ميركافا، ولا قنابل ذكية (..)، نملك إرادة لا تُكسر، ورجالًا لا يعرفون الانحناء".

وأردف بقوله: "كل من يتحدث عن نزع سلاح المقاومة، قبل نزع سلاح الاحتلال، إنما يُطالب الضحية بأن تخلع درعها وهي تنزف (..)، ويمنح الجلاد سيفًا إضافيًا ليُكمل الذبح".


وختم قائلا: "المقاومة ليست بندقية فقط، بل هي شرف هذه الأرض، وروح هذا الشعب، وسلاحها ليس للمساومة بل للكرامة".

وفي الإطار ذاته، أوضح الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة، أنه "عندما يتحدث الاحتلال عن نزع سلاح المقاومة في غزة، فهو لا يعني تجريد فصيل من معداته، بل يسعى لانتزاع حق شعب بأكمله في الدفاع عن قضيته ووجوده".

خلاصة عقود من النضال
وأكد عفيفة في قراءة اطلعت عليها "عربي21"، أن "سلاح المقاومة في غزة لم يكن يوما ترسانة كلاسيكية قابلة للجرد أو التسليم، بل هو خلاصة عقود من النضال، تراكمت عبر أجيال، ووسط ظروف قهرية من الاحتلال والحصار والاستهداف".

وبيّن أن "هذا السلاح وُلد في قلب الاحتلال، حين كانت دباباته تجوب شوارع غزة، وواصل تطوره رغم القصف والتضييق السياسي، كفعلٍ مستمر للنضال الفلسطيني منذ الستينات".

وشدد على أن "المعركة التي يسعى الاحتلال لحسمها اليوم بشروط الاستسلام ليست عسكرية فقط؛ بل معركة على الذاكرة والوعي والمعنى، لأن سلاح غزة ليس مجرد بندقية، بل هو تعبير عن إرادةٍ تقاوم، وصوت عشرات آلاف الشهداء والجرحى الذين قاتلوا دفاعًا عن الحق الفلسطيني".

ورأى أن "المطالبة بنزع هذا السلاح تعني عمليًا إنهاء المقاومة، وإجهاض الحلم الفلسطيني، وتحويل غزة إلى كيان منزوع الإرادة"، معتبرا أن "هذه ليست نهاية المعركة، بل بداية لمخطط تصفوي يتجاوز غزة نحو مشروع التصفية والتهجير".

وأشار إلى أن "قرار المقاومة لم يعد حكرا على فصيل أو جناح مسلح، بل بات قرارا شعبيا ووطنيا، متجذرا في الوعي الجمعي، ومرتبطا بمشروع تحرري لم يكتمل بعد (..)، مشروعٌ لا ينتهي إلا بزوال الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة".

مقالات مشابهة

  • اقرأ غدًا في «البوابة».. مظاهرات في غزة ضد حماس تطالب بإنهاء الحرب مع إسرائيل
  • استمع: بيان الانقلاب الذي سجلته المليشيا بصوت عماد عبد الرحيم (كادر حزب الأمة )
  • مسؤولان في حماس يعلنان رفض التفاوض على نزع سلاح الفصائل وسط مطالب بصفقة شاملة تنهي الحرب
  • الحرب في عامها الثالث.. ما الثمن الذي دفعه السودان وما سيناريوهات المستقبل؟
  • مبعوث ترامب: حرب غزة ستتوقف بهذه الحالة
  • عيدان ألكسندر.. الجندي الأمريكي الذي احترق بين نيران القسام وقذائف جيشه
  • حماس ونتنياهو يصعدان الضغوط المتبادلة وهذا ما يجري داخل إسرائيل
  • عربي21 تنشر التفاصيل الكاملة للمقترح الأخير الذي قدمته مصر لحماس (طالع)
  • ماذا وراء الحديث عن نزع سلاح المقاومة كشرط لوقف الحرب في غزة؟
  • حماس : سنرد قريبا على المقترح الذي تسلمناه من الوسطاء