بعد تقاعس دولي في المساعدة.. هل تحولت سيول ليبيا إلى ورقة سياسية؟
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
أثار بيان منظمات المجتمع المدني في ليبيا الذي هاجم المؤسسات الدولية والدول الكبرى واتهمها بالتقاعس بعض التساؤلات عن سبب هذا التقاعس في نجدة وإنقاذ مدن الشرق الليبي التي تعرضت لأزمة فيضانات خلفت آلاف القتلى.
وأكد البيان أن "هناك تقاعس من قبل المنظمات الدولية وبعض الدول الكبرى تجاه أزمة السيول في مدن الشرق الليبي، وأنها منظمات تكيل بمكيالين في الأزمات وتخض لأهواء سياسية.
وترددت نفس الشكوى من قبل عمداء بلديات وناشطين في الشرق الليبي بأنه رغم كارثة مدينة درنة وسقوط آلاف القتلى وأضعافهم من المفقودين والمصابين إلا أنه لم تصل إلى المدينة فرق إنقاذ ذات إمكانيات كبرى حتى كتابة التقرير.
"تنافس تركي مصري"
ولوحظ في الأزمة تنافس تركي- مصري في أسبقية التواجد، فرغم الخلافات السياسية بين تركيا والشرق الليبي إلا أنها كانت أول دولة تصل هناك ومعها المئات من أطقم الإنقاذ وأدوات الدعم والمساعدة الطبية واللوجستية، وهو ما دفع الرئيس المصري إلى إرسال رئيس أركان الجيش، أسامة عسكر للشرق الليبي ولقاء حفتر.
ورأى مراقبون أنه "رغم ما حدث في مدن الشرق الليبي من أزمة إنسانية عجزت عن تحملها السلطات والأهالي إلا أن الأمر خضع لبعض الابتزاز السياسي من قبل بعض الدول أو تحويلها لورقة سياسية.
"انقسام الحكومات"
من جهته، قال عضو مجلس النواب الليبي، بالخير الشعاب إن "الشكوى كانت تقصد أزمة التنسيق فقط، وحكومات مثل تركيا وفرنسا وإيطاليا على سبيل المثال تقوم بالتنسيق مع حكومة الوحدة الوطنية كونها المعترف بها دوليا، في حين دول مثل مصر والإمارات وغيرها تتعامل مباشرة مع الحكومة الليبية في الشرق".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21" أن "معظم المساعدات من الدول وصلت إلى شرق البلاد رغم صعوبة التنسيق من حيث تصاريح الدخول والموافقات وأذونات الهبوط والإقلاع وما زالت الجسور الجوية من وإلى المطارات الليبية مستمرة والمؤسسات غرب البلاد وشرقها تعمل في اتجاه واحد لصالح إغاثة المناطق المتضررة"، وفق قوله.
"تحسين الصورة الذهنية"
في حين رأى المتحدث السابق باسم المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، إسماعيل الشريف السنوسي أن "الكارثة في مدن الشرق الليبي ودرنة خصوصا كبيرة جدا ولا أعتقد أنه يمكن توظيفها سياسيا في الوقت الحالي، لذا الغالبية سارعوا في تقديم المساعدات".
واكد في تصريحه لـ"عربي21" أنه "رغم ذلك يمكن لأي دولة تساعد الليبيين أن تستفيد مستقبلا من خلال تحسين صورتها الذهنية في الشارع الليبي كدولة صديقة وقفت مع ليبيا في عز أزمتها وهذا مكسب سياسي وليس ورقة سياسية"، حسب كلامه.
"ورقة للتقارب"
الناشطة الحقوقية الليبية المقيمة في تركيا، نادين الفارسي قالت من جهتها، إن "الأزمة لم تخضع حتى الآن لتوجهات سياسية، بل تضامن الجميع وشارك في دعم مدينة درنة المنكوبة والمدن المتضررة بجميع تياراتهم وتوجهاتهم وجاء الدعم من مدن الجنوب والغرب وحتى الكتائب العسكرية ساعدت".
لكنها أشارت إلى أن "هناك دول سوف ترى في هذه الأزمة فرصة وورقة سياسية للتقارب مع الشرق الليبي والساسة هناك، مثل دولة تركيا التي لم تكن حليفة مع الشرق وبينهم خلافات لكنها سارعت في التواجد لتكون ورقة للتقارب وإنهاء هذه الخلافات عبر بوابة المساعدات"، وفق تصريحها لـ"عربي21".
"مزايدات أكثر منها مساعدات"
لكن الصحفي من الشرق الليبي، عاطف الأطرش رأى أن "التخبط والفوضى كانا سيد الموقف، وكل طرف حاول بشكل مبطن استثمار الوضع لصالحه عبر أبواقه الإعلامية لتلميع نفسه أمام الجماهير المكلومة، أما بخصوص وصول فرق الإغاثة التركية قبيل المصرية فهذا جاء بناء على طلب رسمي من حكومة "الدبيبة" للحكومة التركية ومن ثم تلاها بقية الحكومات الأخرى".
وتابع لـ"عربي21": "أما مسألة تحويل هذه الأزمة إلى ورقة سياسية رخيصة هي مسالة حتمية وسنشهد حفلة من المزايدات السياسية البائسة في جلسة البرلمان الطارئة التي ستنعقد بعد ثلاثة أيام من الكارثة مثل التي سبقتها في جلسة رفض "التطبيع" مع الكيان الصهيوني السابقة"، وفق تقديره.
"مصر الأقرب"
أما رئيس تجمع "فزان" والناشط الليبي، وسام عبدالكبير فأكد أن "الاستجابة الدولية مع فاجعة "درنة" تأخرت من كافة الدول، ولم يتشكل موقف دولي أو إقليمي سريع يتناسب مع الكارثة في ساعاتها الأولى وكان للدول الإقليمية حساباتها السياسية سواء كانت تركيا أو مصر".
وأضاف: "مصر هي الأقرب جغرافيا ولها دور كبير الآن في درنة ومدن الشرق الليبي، ونحن في ليبيا نعول على اللحمة الوطنية والتكاتف الذي يميز الشعب في سد كل ما تحتاجه المدن المتضررة، والمطلوب من الدول الأخرى المساندة والدعم الفني واللوجستي خاصة أن ليبيا سباقة في مساندة كافة الدول حينما تتعرض لكوارث"، بحسب قوله لـ"عربي21".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية ليبيا السيول كارثة درنة ليبيا كارثة سيول درنة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
في "البام"، مسافة "أمان" مع "الأحرار" تحولت إلى قناعة تمهيدا لانتخابات 2026
مبكرا، دشنت المنسقة الوطنية لحزب الأصالة والمعاصرة، فاطمة الزهراء المنصوري، حملة حزبها لانتخابات 2026. في مناسبتين متتاليتين في أسبوع واحد، أعلنت بوضوح، عن مطامحها في قيادة الحكومة التي ستتشكل بعد هذه الانتخابات.
في 9 يناير، عبرت المنصوري أول مرة عن هذا الطموح في لقاء مع دبلوماسيين أجانب. في الواقع، قبل ذلك، كان قادة الحزب الحاليين، يشيرون إلى مقدرته على فعل ذلك، لكن أصواتهم بالكاد كانت مسموعة في المرحلة التي تلت صعود قيادة جماعية، حيث كان الحزب يحاول تثبيت قدميه أولا تحت وطأة المشاكل التي برزت فجأة بعد فبراير 2024.
تعبير المنصوري عن طموح حزبها في لقاء مع « المؤسسة الدبلوماسية » التي تتولى إقامة لقاءات مع القادة السياسيين، ليس جديدا على هذا الحزب. لنعد إلى شتنبر 2016، حيث عبر إلياس العماري، الأمين العام للحزب وقتئذ، عن الهدف ذاته خلال لقاء مع المؤسسة نفسها.
لكن هناك اختلاف بين الحدثين؛ فإلياس العماري أعلن عن طموح حزبه في تصدر الانتخابات شهرا فقط قبل الاقتراع الذي جرى في 7 أكتوبر من ذلك العام. أما فاطمة الزهراء المنصوري، فقد وضعت الهدف أمامها قبل حوالي 20 شهرا عن الانتخابات المقرر إجراؤها في خريف العام المقبل.
بعدما خرج العماري من لقائه مع المؤسسة الدبلوماسية، كيلت إليه انتقادات حادة، فقد أوحت تلك الثقة التي عبر بها عن طموحه بالكثير من الشكوك بين خصومه السياسيين لاسيما حزب العدالة والتنمية. ولقد كان التعبير عن ذلك للدبلوماسيين الأجانب أصلا بدل الرأي العام المحلي، يثير أسئلة حول ما إن كان العماري يتحدث انطلاقا من ضمانات قدمت إليه. في نهاية المطاف، غلبت قصة تصريحاته في ذلك اللقاء عن الإسلام السياسي على باقي التفاصيل، وقد ساعدت أيضا في هزيمته خلال تلك الانتخابات التي أفضت إلى نهاية مساره السياسي.
مثل هذه الأخطاء لم ترتكبها المنصوري هذه المرة. مكتفية بتصميمها على تصدر الحزب الذي تقوده لنتائج الانتخابات المقبلة، لم تثر سوى ضجيجا أقل. لكن هذا التصميم لا يفل. لم تنتظر المنصوري سوى أسبوع واحد فقط، كي تؤكد هذه الرغبات القوية لحزبها. وهذه المرة في لقاء يوم 17 يناير، مع منتخبيها الكبار في جهة مراكش، التي تعد في الوقت الحالي، مركز الثقل الرئيسي في هذا التنظيم السياسي.
من المؤكد أن هذه الرغبة ستصبح خطابا موحدا في الحزب من الآن فصاعدا. لكن تداعياته غير محددة.
في لقائها بمراكش، كان الحدث كذلك العودة المنتظرة لهشام المهاجري، هذا النائب في البرلمان يملك الوجوه المتعددة التي يحتاجها « الجرار » في هذه الأوقات التي تسبق الانتخابات. فهو يعد من القوى الأساسية على الصعيد الانتخابي في جهة مراكش، وقد حاز في انتخابات عام 2021 على أكثر من 50 ألف صوت، ضعف ما حصل عليه في انتخابات 2016، وما جمع منافسه مرشح التجمع الوطني للأحرار. مثل هذه القدرات حاسمة في السعي إلى تحقيق نتائج متقدمة في الانتخابات المقبلة.
لكن للمهاجري مقدرة إضافية تجعله في موقع أفضل من باقي الأعيان المسيطرين في الانتخابات. باعتباره خطيبا مفوها، يكتسب شعبية متزايدة بين الأوساط المنتقدة للسلطات الحكومية. بالفعل، تسببت هذه المقدرة في الكثير من الأذى لمساره السياسي، وقد أجبر على التواري سنتين طويلتين جراء انتقادات حادة كالها إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش في البرلمان.
إدارة علاقات صعبة
بقدر ما تمثل هذه العودة تصحيحا لنظر الحزب بينما يقترب موعد الانتخابات، فهي أيضا تعكس نظرة الحزب إلى الطريقة التي يتعين بها إدارة الفترة المتبقية على الانتخابات.
بعد فبراير الفائت، كان واضحا أن الحزب مستمر في التخلي عن قادته البارزين الأكثر انتقادا لحزب التجمع الوطني للأحرار. مشتكيا من مضايقته، راح ضحيته أفراد كانوا يشكلون النواة الصلبة على الصعيد الانتخابي، مثل محمد الحموتي. واجه هذا الرجل محاولة إضعاف منهجية في المرحلة التي قاد فيها حكيم بنشماش هذا الحزب، وقد عبر عن ذلك علانية. بإبعاده لاحقا من مناصبه في الحزب، تعزز الشعور بوجود مقايضة بين الحزبين. سيتبين لاحقا، بأن هذه المقايضة كانت مؤقتة. الحموتي، المدير الفعلي للانتخابات على وشك العودة، مثله في ذلك مثل زميله العربي المحرشي، الذي يملك خبرة في إدارة الموارد البشرية خلال الانتخابات.
عودة هؤلاء الأفراد بهذه الطريقة، يشير إلى النتيجة المحتملة بقوة: المواجهة المقبلة ستكون بين « البام » والأحرار. لم يكن إلياس العماري بهذا الحظ في مرحلته، حيث واجه من موقعه في المعارضة، خصما حكوميا شديد الصلابة.
لكن كيف ستدار هذه المواجهة بينن حليفين حكوميين على امتداد الأشهر العشرين المتبقية على إجراء الانتخابات؟
تسعى المنصوري إلى تعزيز قدرات حزبها على الصمود بإعادة بناء الفروع، وتدشين حملة استقطاب قوية. غارقا في مشاكله، فهذه وسائل عمل ضرورية في مرحلة لم يبد فيها « البام » ضعيفا مثلما ظهر في الشهور التالية لمؤتمره الخامس، لكن ما سيحدد فعالية ذلك هو ما سيفعلونه إزاء الحليف الحكومي الساعي بثبات وشراسة أيضا، إلى تكريس سيطرته الانتخابية. لنتذكر أن التجمع الوطني للأحرار عمل على إضعاف حزب الأصالة والمعاصرة تمهيدا لانتخابات 2021، وهي أشياء لا تنسى بين قادة « الجرار » كما قالوا لنا.
لا يصدق قادة الأغلبية أنفسهم العبارات التي تتحدث عن تماسك هذا التحالف. لكن يتعين الحفاظ على المظاهر. لذلك، يجب بذل الكثير من الجهد في سبيل عدم الانجرار إلى مواجهة مبكرة.
لكن من الواضح ما سيفعلونه في الوقت الحالي: مسافة أمان ضرورية من عزيز أخنوش. في « البام »، يعتقدون أن المشاكل المتأتية من أخنوش نفسه أكثر من تلك التي تتسبب فيها الحكومة ككل.
لم يعد « البام » بحاجة إلى دعم التجمع الوطني للأحرار أو رئيسه، عزيز أخنوش، في الحكومة بعد الآن. فالمشاريع الرئيسية المصطبغة بقيم الحزب، قد أجيزت في البرلمان، والطريقة الوحيدة للعمل كما قيل لنا، أن يدافع « البام » عن حصيلة وزرائه فقط. وقد بدأ في فعل ذلك.
في مقابلة أجراها حسن بنعدي، الأسبوع الفائت مع موقع Le360، لخص الفكرة التي تترسخ في الأذهان داخل « البام » هذه الأيام.
عندما سُئِل عن الانتخابات المقبلة، قال بنعدي إن من الأفضل لحزب الأصالة والمعاصرة أن يتخذ مسافة من الائتلاف الحكومي.
بنعدي واحد من الأفراد العائدين إلى حزبه. غادره غاضبا، ثم ظهر بجانب المنصوري في المجلس الوطني ماي الفائت حيث لقي حفاوة كبيرة. من المؤكد أن المسافة التي تحدث عنها، هي نفسها ما يخطط إليه الحزب الطامح إلى إزاحة حجر ثقيل من طريقه إلى مقعد رئيس الحكومة الذي طال انتظاره منذ 2008.
كلمات دلالية أحزاب أخنوش الأحرار البام المغرب المنصوري حكومة