كيف استدرجت إثيوبيا مصر والسودان إلى دوامة مفاوضات لإتمام ملء سد النهضة؟
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
دخلت مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان من ناحية وإثيوبيا من ناحية أخرى إلى نفق مظلم مجددا بعد فشل الجولة الأخيرة، التي عقدت في القاهرة بعد نحو 3 أعوام من توقفها إثر جمود المواقف وتبادل الاتهامات بين الأطراف الثلاثة.
ونددت القاهرة بإعلان إثيوبيا، الأسبوع الجاري، إتمام الملء الرابع والأخير لخزان سد النهضة، واعتبرته مخالفة قانونية وانتهاك لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين إثيوبيا ودولتي المصب مصر والسودان، في 2015، والذي لم ينص على قواعد ملء وتشغيل السد الإثيوبي.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان عقب إعلان أديس أبابا إن "اتخاذ إثيوبيا لمثل تلك الإجراءات الأحادية يُعد تجاهلاً لمصالح وحقوق دولتي المصب وأمنهما المائي الذي تكفله قواعد القانون الدولي"، في إشارة إلى دولتي مصر والسودان.
ما هو اتفاق المبادئ
في 23 آذار/ مارس 2015، وقع رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، على "اتفاقية إعلان المبادئ"، التي بموجبها تعترف مصر رسميا بحق إثيوبيا الشرعي في بناء سد النهضة مقابل تعهد أديس أبابا بإشراك مصر في إدارتها للسد.
ينص إعلان اتفاق المبادئ الموقع بين الدول الثلاث على ضرورة اتفاق الأطراف على قواعد ملء وتشغيل السد الإثيوبي قبل الشروع في عملية الملء.
ويشمل الاتفاق عشرة مبادئ أساسية تتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية؛ مثل: التعهد بعدم إحداث ضرر ذي شأن لأي دولة، والاستخدام المنصف والعادل للمياه، والتعاون في عملية الملء الأول لخزان السد، وتشغيله السنوي.
ويتضمن الاتفاق عدم المساس بالاتفاقيات التاريخية لمياه النيل، ولا يتناول حصص المياه أو استخداماتها، إنما يقتصر فقط على ملء وتشغيل السد، على أن يعقب اتفاق المبادئ اتفاقات أخرى.
إعلان المبادئ وشرعنة السد
اعتبر العضو السابق في اللجنة الوطنية المصرية لدراسة آثار سد النهضة الإثيوبي، الدكتور محمد محيي الدين أن "إثيوبيا استطاعت أن تحقق ما تريده حتى الآن، وما ساعدها على ذلك توقيع مصر والسودان على ما يسمى اتفاق إعلان المبادئ عام 2015 في الخرطوم، ولم يبق لدول المصب سوى الرضوخ لما سوف تمليه أديس أبابا".
وبسؤاله إلى ماذا تستند إثيوبيا في صلابة موقفها من أزمة سد النهضة، أوضح محيي الدين في حديثه لـ"عربي21" أن "هناك مساندة ودعم إقليمي ودولي لإثيوبيا في ظل تراجع دور مصر في المنطقة، وأن مصر والسودان وقعتا بالفعل على اتفاق المبادئ الذي يقر بحق الإثيوبيين في بناء سد النهضة، ولكنه افتقد للضمانات اللازمة لإجبار أو إلزام دولة المنبع بعدم الملء والتشغيل دون التوصل إلى اتفاق مكتوب وملزم يحمي حصص دولتي المصب".
تكمن المشكلة الأكبر، بحسب محيي الدين، في تحول المشروع من توليد الكهرباء إلى التحكم في مياه النيل من خلال غلق وفتح منافذ المياه في أوقات الجفاف أو تراجع كميات الأمطار، وبالتالي تصبح مصر التي تعتمد على مياه النيل كمصدر رئيسي للمياه تحت سيطرة إثيوبيا المتحكم الوحيد في مياه النهر وما ينتج عنه من إملاءات وشروط خارجية مستقبلا.
إثيوبيا تحتفي ومصر تشتكي
قبل أيام، هنأ رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الإثيوبيين بمناسبة اكتمال تعبئة السد بنجاح، وقال في تغريدة على منصة "إكس"، "لقد أثمرت مثابرتنا الوطنية في مواجهة كل الصعاب".
ويأتي الإعلان الإثيوبي بعد أسبوعين من جولة مفاوضات جديدة بشأن تعبئة السد بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة والتي استؤنفت بالقاهرة في 27 أغسطس/آب الماضي، بعد توقف استمر أكثر من عامين.
وكان السيسي وآبي أحمد قد وضعا مهلة 4 أشهر للتوصل إلى اتفاق بشأن تعبئة السد وتشغيله، وذلك خلال اجتماع على هامش قمة اجتماع دول جوار السودان في 13 تموز/ يوليو 2023.
ويحتجز سد النهضة المياه على النيل الأزرق، الفرع الرئيسي لنهر النيل، في منطقة "بني شنقول-قمز" على بعد نحو 30 كيلومترا من الحدود مع السودان، ويبلغ طوله 1800 متر وارتفاعه 145 مترا، ومن المقرر أن يخزن 74 مليار متر مكعب.
فعالية سياسة شراء الوقت
يعتقد الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور ياسر محجوب الحسين، أن "بداية التحول التاريخي في موقف مصر من مسألة بناء السد كان بالتوقيع على اتفاق المبادئ بالخرطوم حيث تحول الرفض التام إلى خلافات حول برنامج الملء والتشغيل، ومنح إثيوبيا الضوء الأخضر في استكمال والضوء الأخضر للدول المانحة في مواصلة الدعم للمشروع الذي يتكلف مليارات الدولارات".
وفي حديثه لـ"عربي21" أوضح "أنه منذ ذلك الوقت استغلت أو استدرجت إثيوبيا مصر والسودان إلى سلسلة لا نهائية من المفاوضات والجولات بين عواصم دول العالم المختلفة لكسب المزيد من الوقت لاستمرار عملية بناء السد وتخزين المياه، ونجحت بالفعل في جعل السد وبحيرته أمرا واقعا لا يمكن إنكاره أو تهديده، وبالتالي فأديس أبابا هي المستفيد من توقف وتعطل المفاوضات".
وأكد المحجوب "فعالية سياسة شراء الوقت التي اتبعتها إثيوبيا في مفاوضاتها مع السودان ومصر، وبالتالي فإن مصير عمليات الملء وتشغيل السد أصبح مرهونا بإرادة لإثيوبيا فقط هي من تقرر متى وكيف وكم وهذه المرحلة قد تمتد إلى عام 2027، ومصر والسودان في مسارهما المعتاد من التنديد والإدانة والرفض للممارسات الأحادية من الجانب الإثيوبي، وأي اختراق للملف مرهون بتطورات إقليمية قد تغير من معادلة موازين القوى الداعمة لأديس أبابا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية سد النهضة مصر النيل السودان مصر السودان أثيوبيا سد النهضة النيل سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ملء وتشغیل السد إعلان المبادئ اتفاق المبادئ مصر والسودان سد النهضة
إقرأ أيضاً:
السودان يبلغ إثيوبيا قرار وأديس ابابا تنقل تأكيدات.. كشف تفاصيل إتفاقات في مباحثات وزيري الخارجية
نقل وزير خارجية السودان علي يوسف لنظيره وزير خارجية إثيوبيا قرار إطلاق السلطات السودانية سراح أفراد الشرطة الأثيوبية الذين لجأوا إلى السودان في معبر القلابات.
أديس أبابا- أجرى وزير الخارجية السوداني علي يوسف الشريف ووزير الخارجية الاثيوبي قيديون تموثيث جلسة مباحثات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بحضور وزير الدولة مزقانو أريغا.
بحث اللقاء العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتطويرها في شتى المجالات من خلال الاتفاقيات القائمة وتفعيلها، بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين في السودان وإثيوبيا ومصالح سائر شعوب الإقليم.
وأكدت إثيوبيا التزامها بدعم الحل السلمي للصراع الدائر في السودان “بطريقة تحترم سيادة البلاد وسلامة أراضيها.
وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيان ان اللقاء كان مثمراً وبناءاً في كل القضايا التي تم بحثها وأنه سيكون له مردودا ايجابياً على مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين والاقليم.
و أكد الجانبان أن التعاون بين البلدين هو ما يؤمن مصالح سائر دول المنطقة وشعوبها.
وحسب بيان الخارجية جرى الإتفاق على عقد اللجنة السياسية العليا بين البلدين لبحث تعزيز التعاون بين البلدين . كما اتفق الوزيران على أهمية عقد اللجان المشتركة بين الولايات الحدودية لتفعيل التعاون والتجارة الحدودية وتسهيل حركة الأفراد بين البلدين.
وقدم وزير الخارجية علي يوسف تنويراً للجانب الأثيوبي حول الموقف الحالي في السودان والانتصارات الأخيرة للقوات المسلحة على المليشيا المتمردة في سياق الجهود المبذولة للقضاء عليها، وفق البيان.
ونبه الوزير إلى ظاهرة المرتزقة الأجانب ضمن صفوف المليشيا الذين وفدوا من أقاصي قارات العالم.
وشدد على ضرورة تعاون دول الإقليم لمواجهة ظاهرة تدفق المرتزقة إلى السودان وتجنب تمددها في الاقليم والقضاء على خطرها.
كذلك تطرق اللقاء إلى أوضاع السودانيين في الجالية السودانية المقيمة والعابرة لأثيوبيا وأوجه توفيق أوضاعهم ومراعاة ظروفهم الإنسانية.
و شكر الوزير علي يوسف الجانب الأثيوبي على الإعفاءات السابقة للسودانيين من رسوم الإقامة.
وفي ذات الإطار نقل الوزير علي يوسف لوزير الخارجية الإثيوبي قرار إطلاق سراح أفراد الشرطة الأثيوبية الذين لجأوا إلى السودان في معبر القلابات وتمت استضافتهم في الأراضي السودانية.
وطالب بتمكين العمالة الأثيوبية من العودة لمباشرة نشاطها في الولايات الحدودية بالتنسيق مع السلطات المحلية، وذلك لتطوير التعاون الحدودي وتقوية التنسيق بين الولايات الحدودية.
وعد الجانب الأثيوبي، من ناحيته، بالتنسيق مع سلطات الهجرة لتمديد الإعفاءات للسودانيين.
وتناول الوزير علي يوسف الاوضاع في الاقليم حيث ذكر أن القرن الأفريقي يتوفر على فرص واسعة للتكامل بين شعوبه المتداخلة لخلق فرص اقتصادية أوسع لتحقيق المنفعة المشتركة لشعوبه.
إثيوبياوزير الخارجية علي يوسف