بعد 3 عقود على الاتفاقية.. وثائق سرية تكشف موقف قادة إسرائيل من أوسلو
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
القدس المحتلة- بمناسبة ذكرى مرور 30 سنة على توقيع اتفاقية أوسلو التي توافق يوم 13 سبتمبر/أيلول الحالي، نشر أرشيف الدولة الإسرائيلي محضر جلسة الحكومة برئاسة إسحاق رابين، التي عقدت يوم 30 أغسطس/آب 1993، وتم خلالها المصادقة على الاتفاقية التي وُقعت مع منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات.
ورفعت السرية عن أجزاء من بروتوكول الجلسة الحكومية، في حين تم حجب أجزاء من النص بسبب "أمن الدولة"، إذ سيتم نشر بعضها خلال 20 سنة (أي بعد 50 سنة من تاريخ الاتفاقية)، وأجزاء أخرى خلال 60 سنة (أي بعد 90 سنة من تاريخ الاتفاقية).
كشف بروتوكول الجلسة عن دعم 16 وزيرا الاتفاقية، في حين امتنع اثنان من الوزراء عن التصويت، وذلك قبل أسبوعين من توقيعها، وتمحورت مناقشات الوزراء حول تفاصيل الاتفاقية وصياغة مختلف بنودها والمخاوف من عدم التزام الجانب الفلسطيني.
واستعرض الوزراء وقادة المنظومة الأمنية والجيش سيناريوهات مختلفة في حال لم تقدم الاتفاقية أجوبة للمطالب الإسرائيلية، في حين رافقت المناقشات مخاوف من قيام معسكر اليمين الإسرائيلي -الذي عارض الاتفاقية- بإجراءات وخطوات وأعمال وصفوها بـ"غير مشروعة".
ويستدل من مناقشات الجلسة أن الحكومة لم تُشرك المؤسسة العسكرية والجيش في جميع الخطوات والتفاصيل التي مهدت إلى "إعلان المبادئ" والتوقيع على اتفاقية أوسلو، وهو ما عبر عنه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي حينئذ إيهود باراك، الذي حذر من سيناريو مستقبلي بتصاعد المقاومة وتعاظم قوة حماس في الضفة، وعجز المنظومة الأمنية عن توفير الحماية للمستوطنين.
رابين غير واثق
أوضح رئيس الوزراء وقتها إسحاق رابين خلال الجلسة أن "هذا ليس اتفاقا سهلا"، وتنبأ بالاتفاقات والسيناريوهات ومستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في بداية كلامه، وقال بطريقة مبتذلة "كل اتفاقية حكم ذاتي كانت معقدة بسبب الظروف، ليس في صياغتها، ولكن في كيفية ترجمتها على أرض الواقع، في واقع معقد".
وأضاف "لو أجرينا المفاوضات مع أنفسنا، أنا متأكد من أن الصياغة كانت ستكون كذلك، لربما كان الوضع أفضل بكثير، لكن هناك عبارات وصياغات بالاتفاقية غير مقبولة، أتكلم بحذر، يجب علينا أن نرى جميع المكونات المختلفة في رؤية أكثر شمولا بكثير".
كان واضحا أن رابين لا يثق بالجانب الفلسطيني، وشكك في قدرته على الالتزام بالاتفاقية، مستبعدا أن يتنازل الطرف الآخر عن الكفاح المسلح، ومع ذلك قام بالخطوة، معتبرا أن إسرائيل تقدم تنازلات بموجب الاتفاقية أكثر مما تحصل عليه من الجانب الفلسطيني.
وتساءل رابين "ما البدائل المتاحة لنا؟ الذهاب مع السوريين؟ وهو المسار الذي لم يتقرر بعد في هذه المرحلة، ربما يتم ذلك في المستقبل. وهناك القضية الفلسطينية، التي من الواضح أن توقيع الاتفاقية معهم ترتيب مؤقت، رغم أن الاتفاقية غير بسيطة وغير مريحة بالنسبة لإسرائيل".
في مرحلة ما من المناقشة، حاول رابين أن يوضح بالتفصيل مدى تعقيد الوضع الجديد بقوله "أيها الوزراء، العمل معقد للغاية. الواقع ليست له حلول سلسة، لأن الحكم الذاتي فكرة معقدة، تم اختراعها عندما لم يكن هناك أي استيطان يهودي تقريبا بالضفة، الاستيطان، خاصة في المناطق المكتظة بالسكان الفلسطينيين، أدى إلى تعقيد الحياة".
بيريز والمشروع الاستيطاني
في المقابل، من أجل تبرير ضرورة وأهمية مثل هذه الاتفاقية لإسرائيل، حذر وزير الخارجية وقتها شيمون بيريز من احتمال سيطرة إيران على الضفة، قائلا "يجب أن أقول إن هناك احتمالا بأن ينهار عمل منظمة التحرير الفلسطينية برمته، وستكون الضفة إيرانية بسيطرة تامة من قبل حماس".
وأضاف بيريز "علينا أن نكون حذرين أيضا. أنا ببساطة لا أرى بديلا في الشارع العربي، مع كل عيوبه، أفضل من الائتلاف الحالي الموجود" في إشارة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، متابعا "لنفرض أن منظمة التحرير انهارت واختفت.. مع من ستتحدث إسرائيل؟ وعلى ماذا سنفاوض الجانب الفلسطيني؟ أصلا، مع من ستتفاوض إسرائيل؟".
أظهر بيريز خلال جلسة الحكومة دعمه للمشروع الاستيطاني، إذ عارض إخلاء المستوطنات من الضفة أو قطاع غزة، مشددا على ضرورة بقاء المشروع الاستيطاني وعارض تقليصه أو إخلاء أي مستوطنات.
وقال "إننا في الاتفاقية لم نتنازل عن أي أرض من أرض إسرائيل، لقد حافظنا على القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، لم نخل المستوطنات، كما أننا ضمنا الأمن القومي لإسرائيل".
درعي والخطر الأمني
وإذا كان رئيس الوزراء رابين -الذي قاد هذه الخطوة- لم يتمكن من إخفاء الشكوك لديه، فإن الأمر بالنسبة للمشاركين الآخرين في الجلسة الحكومية كان أكثر وضوحا وتفصيلا، فوزير الداخلية أرييه درعي، الذي امتنع عن التصويت، أوضح للحاضرين أنه "من الصعب جدا بالنسبة لي أن أتحدث. كنت بحاجة إلى قوات أمنية خاصة للحراسة ولحضور جلسة الحكومة".
وأضاف درعي -وهو من قيادات حزب "شاس" الحريدي- "آمل أن يفهم الوزراء ذلك. أعتقد أنه في أوساط الجمهور الذي نمثله، وهو يميني تماما، بالنسبة له فإن أرض إسرائيل ونابلس والخليل وغيرها من الأماكن ذات أهمية عاطفية بالنسبة له، ويصعب على الجمهور تقبل أوسلو والتنازل عن الأراضي".
لكن في ما يتعلق بالمسألة الأمنية على وجه التحديد، بدا درعي مختلفا، فقال "أوافق على أن المشكلة الفلسطينية هي مشكلة سياسية صعبة للغاية، لكنني لم أفهم لماذا تشكل خطرا أمنيا على دولة إسرائيل. الخطر الأمني هو سوريا، وليس الدولة الفلسطينية".
وتابع درعي "نضع أكثر من 100 ألف مستوطن يهودي في الضفة، ننكر حقيقة أننا اليوم لا نعرف كيف نعطي إجابة لسلامة هؤلاء اليهود. وبصرف النظر عن المشكلة العاطفية المتمثلة في التخلي عن الأرض، هناك مشكلة وجودية محورها الجانب التوراتي".
معارضة باراك
في الجانب الأمني، بدا رئيس الأركان باراك أكثر وضوحا حين استبعد أن توفّر اتفاقية أوسلو الأمن لإسرائيل، وحذر من إمكانية عجز الجيش الإسرائيلي عن توفير الأمن والأمان للمستوطنين.
وقال باراك إنه "من الانطباع الأولي فقط، ألاحظ مشاكل خطيرة للغاية في تنفيذ العنصر الأمني ضمن هذا الاتفاق، سواء في… مرحلة غزة أو أريحا أو في المرحلة الأبعد أو المستقبل البعيد".
وقلل من سيناريو التعاون الوثيق بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والمنظمات الأمنية والشرطة الفلسطينية، إذ توقع رئيس الأركان تعاونا محدودا في المجال الأمني مع الجانب الفلسطيني.
وقدّر باراك أن الاتفاقية ستؤدي إلى ظهور فصائل وعناصر فلسطينية أكثر تطرفا ستسعى لإحباط الاتفاقية، كما أكد أن الجيش سيجد صعوبات في توفير الأمن والحراسة للمستوطنين خلال تنقلهم بالضفة.
وهنا بدأ باراك يتحدث عن خيارات وسيناريوهات أخرى، وكلها ممنوعة من النشر لمدة 60 عاما أخرى، ثم اختتم قائلا "هذه ليست مشكلة بسيطة، كلما تعمقنا فيها وبحثنا عن جوانبها المختلفة، نرى أن الشكل الحالي للاتفاقية لا يمكن أن ينفذ، لأن صياغة البنود هو الركيزة الأساسية لقدرتنا الحالية على محاربة الإرهاب في الضفة الغربية وغزة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: منظمة التحریر
إقرأ أيضاً:
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه العسكر
في السوربون حيثُ كان يدرس مبتعثًا من الجامعة السورية بسبب تفوقه في كلية الحقوق وكلية الشريعة خلع معروف الدواليبي الجبة والعمامة التي كان يرتديها بصحبة رفيقه الأقرب مصطفى الزرقا، وارتدى البدلة الإفرنجية لكنه لم يخلع أفكاره ومبادئه وتوجهاته ولم يلبس أفكار الاستشراق بل كان دائم المجابهة لأفكار أساتذته المغلوطة عن الإسلام.
ومن شدة مجابهته للمغالطات الاستشراقية التي تثار في المحاضرات استدعته إدارة الجامعة وطالبته بكتابة أطروحته في المواضيع التي يثور فيها نقاش دائم بينه وبين أساتذته، فما كان منه إلا أن تقدم بأطروحة دكتوراه بعنوان "الاجتهاد في الشريعة الإسلامية" يرد فيها على كثيرٍ مما كان يدور من نقاشات بينه وبينهم.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"موجز تاريخ الحرب" كما يسطره المؤرخ العسكري غوين دايرlist 2 of 2محاكمة "الاستغراب".. قراءات نقدية متعددة لمشروع حسن حنفي الفكريend of listوهو يقول عن أطروحته هذه: "فُرض علي الموضوع من قِبل جامعة باريس، بعد أن نقدت الكثير مما جاء في كتبهم الجامعية".
وفي باريس كان الحاج أمين الحسيني مفتي القدس في السجن الفرنسي سببًا في أزمة بين فرنسا من جهة وأميركا وبريطانيا من جهة ثانية إذ كانت أميركا وبريطانيا تطالبان فرنسا بتسليمه لبريطانيا، لكن الدواليبي عمل جاهدًا على منع ذلك واستغل فرصة زيارة الملك المغربي محمد الخامس إلى باريس وتوسط له عن طريق أحد رجال الأعمال المغاربة وأقنعه بأن يطرح قضية تسليم الحسيني مع شارل ديغول، وفعلًا كان ذلك ووعد ديغول الملك المغربي بعدم تسليم الحاج أمين الحسيني.
الدوليبي كان له دور في الإفراج عن مفتي القدس أمين الحسيني (مواقع التواصل)بل أكثر من ذلك؛ فبعد إخراج الحاج أمين من السجن بأوامر من ديغول أقدمَ الدواليبي على مخاطرة كبيرة إذ قام بتزوير جواز سفر للحاج أمين الحسيني وضع عليه صورته ليقوم بتهريبه من فرنسا إلى إيطاليا ومنها إلى مصر على متن طائرة أميركية.
وبعد أن نال الدواليبي شهادة الدكتوراه من السوربون رجع إلى سوريا ليبدأ مرحلة جديدة من الحياة الزاخرة بالمشاكسات.
حلبي في البرلمانفي عام 1947م انتخب الدواليبي في البرلمان ممثلا لمدينته حلب وبقي محتفظًا بتمثيل حلب في البرلمان من تلك السنة حتى عام 1963م، أي حتى انقلاب البعث على الحكم.
وكان الدواليبي مرشح الإخوان المسلمين رغم أنه لم يكن على ارتباط تنظيمي معهم إلا أن صلته بهم كانت وثيقة واستمرت عقب ذلك.
في 1948 انقسمت الكتلة الوطنية التي ينتمي لها الدواليبي إلى حزبين مناطقيين هما: حزب الشعب في حلب وحزب الوطن في دمشق، وبناء على هذا التقسيم المناطقي كان الدواليبي أحد أعمدة حزب الشعب الحلبي مع رشدي الكخيا الذي خلف سعد الله الجابري في زعامة حلب، وبعد تشكيل حزب الشعب غدا الدواليبي يعمل باسمه وتحت لافتته وبذلك نال دعمًا كبيرًا أوصله إلى رئاسة البرلمان.
في مواجهة الانقلاب العسكريفي الشدائد تظهر معادن الرجال، وفي الانقلابات تظهر أصالة السياسيين ومبدئيتهم.
ومع بدء عصر الانقلابات أثبت الدواليبي معدنًا نادرًا وشراسة كبيرة في مواجهة الاستبداد العسكري.
أطاح حسني الزعيم بالحياة الدستورية بانقلاب عسكري وجمّد الحياة السياسية، واعتقل الرئيس شكري القوتلي، وأعلن حلّ الأحزاب، غير أن الدواليبي عندئذ أفصح عن نفسه وكشف عن شخصيته القيادية الفذة عندما أعلن باسم حزب الشعب رفضه للانقلاب ومجابهته لتعطيل الحياة السياسية.
حسني الزعيم أطاح بالحياة الدستورية في سوريا بانقلاب عسكري على الرئيس شكري القوتلي (مواقع التواصل)ما هي إلا أشهر قليلة حتى قام سامي الحناوي بانقلابه على حسني الزعيم بعد أن حشد الحزبان "الشعب والوطن" الرأي العام ضد الانقلاب وكان الدواليبي الأكثر تأثيرًا وحضورًا.
أعاد الحناوي الحياة السياسية لسوريا وأجريت انتخابات البرلمان ليفوز الدواليبي عن حلب مرة أخرى بدعم جماعة الإخوان المسلمين في مواجهة البعثيين والشيوعيين، وشكل خالد العظم الحكومة ليكون الدواليبي وزيرًا للاقتصاد، ثم وزيرًا للدفاع فيها.
الشيخ الأحمربقي الدواليبي على عهد المشاكسة، ففي عام 1950م شهدت الوزارة أبرز موقف صعد فيه نجم الدواليبي دوليًّا بشكل كبير، وذلك في اجتماع رؤساء الوفود العربية في الدورة 12 للجامعة العربية حين أدلى بتصريح لجريدة المصري الوفدية التي نشرته بخط عريض على صفحتها الأولى وقال فيه:
"أعلن بصفتي الشخصية، لا بوصفي وزيرًا للدفاع، أنه في استمرار الضغط الأميركي على العرب، لجعلهم يسيرون في سياسة لن تنتهي إلا بتهويد بقية أبناء الأمة العربية، فإني أقترح إجراء استفتاء في العالم العربي، ليعرف الملأ ما إذا كان العرب يفضلون ألف مرة أن يصبحوا جمهورية سوفياتية، على أن يكونوا طعمة لليهود".
كان لهذا التصريح دوي كبير في المحافل الغربية وتناقلته الصحافة الأميركية والأوروبية بشكلٍ واسع مع إطلاق وصف "الشيخ الأحمر" على الدواليبي.
من جديد في مواجهة العسكرفي معركة انتخابية شرسة تعكس الصراع بين العسكر والسياسيين فاز الدواليبي برئاسة البرلمان على النائب عبد الباقي نظام الدين مرشح أديب الشيشكلي رئيس الأركان والشخصية العسكرية الأقوى في البلاد بفارق كبير في الأصوات، وأصبح رئيسًا للبرلمان عام 1951م.
كلف الرئيس هاشم الأتاسي معروف الدواليبي بتشكيل الحكومة، فيما رآه الشيشكلي استهدافًا مباشرًا له وللعسكر معه وتحديًا لسلطته وأعلن اعتراضه الصريح على تكليف الدواليبي برئاسة الوزراء.
لم يعبأ الدواليبي بهذا الاعتراض وشكل الوزارة وأعلن تولّيه وزارة الدفاع بنفسه، وفي يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1951م وفي اليوم نفسه عقد اجتماع ضم الرئيس هاشم الأتاسي ورئيس الوزراء معروف الدواليبي مع رئيس الأركان أديب الشيشكلي الذي أعلن بشكل صريحٍ رفضه تولّي الدواليبي وزارة الدفاع، وطالب بحلّ الحكومة وتشكيل حكومة جديدة تنسجم مع توجهات الجيش، وانتهى الاجتماع العاصف دون أن يرضخ الأتاسي أو الدواليبي لإملاءات الشيشكلي.
الدواليبي تعرض لتحقيق قاس في سجن المزة وحاولت سلطات الانقلاب بكل ما أوتيت من سطوة أن تنتزع من الدواليبي استقالته من رئاسة الوزراء (مواقع التواصل)في صباح اليوم التالي 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1951م فاجأ أديب الشيشكلي الجميع بانقلاب عسكري جديد هو الانقلاب الرابع في تاريخ سوريا الحديث والانقلاب الثاني لأديب الشيشكلي، واعتقل رئيس الوزراء معروف الدواليبي وأعضاء الوزارة جميعًا ووضعهم في سجن المزة.
تعرض الدواليبي لتحقيقٍ قاسٍ في سجن المزة، وحاولت سلطات الانقلاب بكل ما أوتيت من سطوة أن تنتزع من الدواليبي استقالته من رئاسة الوزراء، لكنه رفض ذلك وأبى أن يقدم أية وثيقة تدل على رضوخه للانقلاب العسكري أو قبوله به.
ولم تملك سلطات الانقلاب إلا إخراجه بعد بضعة أشهر من السجن إلى الحدود اللبنانية ليغادر البلاد حتى إسقاط انقلاب أديب الشيشكلي عام 1954م والذي كان أول انقلاب يسلم قادته الحكم فيه لسلطة مدنية فيما عُرف بربيع الديمقراطية، وعاد الرئيس هاشم الأتاسي ليكمل فترته الرئاسية، وكلف صبري العسلي بتشكيل الوزارة ليكون معروف الدواليبي وزير الدفاع فيها.
وهكذا تقلب الدواليبي في الوزارات؛ فكان وزير الخارجية في حكومة ما بعد الانفصال وأثبت كفاية كبيرة وقيادة شجاعة لافتة لأنظار الشعوب العربية كلها لما كان يتمتع به من جرأة في الموقف وتبنٍٍّ لقضايا الأمة وتطلعات شعوبها وعلى رأسها قضية فلسطين.
إلى أن وقع الانقلاب البعثي عام 1963م وأيقن الدواليبي أن سوريا دخلت نفقًا مظلمًا طويل الأمد، وأنها غدت مكانًا غير آمن له غادرها لتنتهي حقبةُ الدواليبي في صناعة التاريخ السوري ليستقبلَ حياة سياسية بعيدة عن سوريا، ومنذ عام 2004م يرقد الدواليبي في البقيع في المدينة المنورة عقب 94 سنة كانت تاريخ وطن توّاق للحرية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.