شكلت قمة مجموعة العشرين اختباراً لنفوذ رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بصفته رئيساً للقمة وزعيماً لأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، والتي تشهد آفاقَ نمو مُحيرة.

الغرب والهند حريضان على مزيدٍ من التعاون

ويقول الكاتب جيمس ديفيد سبلمان في مقال بمجلة "ذا هيل" إن الغرب يعتبر الهند دولة ذات أهمية جيوسياسية عظيمة في سياق احتواء الصين.

وأظهرَ مودي نفوذه بتخفيفه إدانة غزو روسيا لأوكرانيا في البيان المُشترك لمجموعة العشرين. وضمن للاتحاد الإفريقي عضوية دائمة  في قمة العشرين، مما دلَّل على قيادته لجنوب الكرة الأرضية.


وأشار الكاتب إلى أن أهمية الهند لدى الصين وأوروبا والولايات المتحدة قد زادت منذ بدء حكم مودي عام 2014. وتفوق خامس أكبر اقتصاد في العالم على اقتصادات جميع بلدان الأسواق المتقدمة والناشئة، وذلك من حيث النمو هذا العام.

 

G-20 spotlights India’s tangle of relations with the US, China and Europehttps://t.co/CLuuSHkEJk#USA #India

— America FirstorLast (@ANationAtRisk) September 12, 2023


والهند سادس أهم سوق تصدير للصين، لكنها تمثل ربع كمية الواردات التي تستوردها الولايات المتحدة من  العملاق الأصفر. وكانت واردات الهند من الصين من الإلكترونيات هي القطاع الأسرع نمواً هذا العام، مما دفع نيودلهي إلى حظرها، كي تتمكن من رعاية المصنعيين المحليين. والصين بالنسبة للهند رابع أهم سوق تصدير.

الاتحاد الأوروبي ثالث أكبر شريك تجاري للهند والاتحاد الأوروبي هو ثالث أكبر شريك تجاري للهند، إذ تُقدر قيمة تجارته مع الهند بـ 94 مليار دولار في عام 2021، أو عُشر إجمالي التجارة الهندية. ويُعدُّ الاتحاد الأوربي ثاني أكبر وجهة لصادرات الصين (14.9% من الإجمالي) بعد الولايات المتحدة. تودد عالمي للهند

ولفت الكاتب إلى تودد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين للهند، إذ يحرص كل طرف على تعميق العلاقات مع الجنوب العالمي لمُعادَلَة طموحات المنافسين. ووقَّعَت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتفاقاً مع الهند ودول الشرق الأوسط لبناء شبكة سكك حديد وطرق بحرية يمكن أن تزيد سرعة التجارة بين الهند وأوروبا بنسبة 40%.

 

 

 

 


وفي اجتماع خاص، أكَّدَ مودي والرئيس الأمريكي جو بايدن على علاقات أعمق في إطار التعاون الدفاعي. وتعمقت صداقة الاثنين بعد تغيُّب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن قمة مجموعة العشرين. وتودد رئيس الوزراء البريطاني أيضاً ريشي سوناك إلى مودي طمعاً في إبرام اتفاق للتجارة الحرة، يبدو على الأرجح أن يتم بحلول نهاية العام.
واستغلت الصين خطتها العالمية لإقامة البنية التحتية لمبادرة الحزام والطريق بغية تعزيز نفوذها على رقعة شاسعة من الدول في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وصولاً إلى إفريقيا وعبر أوروبا الوسطى والشرقية. لكنّ الهند رفضت المشاركة لأن الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني يقطع الأراضي الهندية في "جيلجيت بالتستان"، التي تحتلها باكستان.

مناوشات بين الهند والصين

وقال الكاتب إن المناوشات بين الهند والصين عديدة. فالقوات الصينية والهندية تشتبك على طول حدود الهيمالايا البالغة 2100 ميل. ولذلك يقيم البلدان بنية تحتية بسرعة في المنطقة. وتُظهر صور الأقمار الاصطناعية قرى جديدة ومنشآت عسكرية منتشرة في الصين على طول الحدود. وتُشيد الهند طرقاً سريعة لنقل القوات والمعدات إلى المناطق المتنازع عليها.

 


وتصرُّ الصين على أن التقارب بين البلدين يستحيل أن يستمر حتى يُسوَّى النزاع الحدودي. وأكَّد غياب شي عن قمة مجموعة العشرين أن العلاقات مُعلَّقة في الوقت الراهن. غير أن الصين تدرك أن الهند لن تدير لها ظهرها بالكامل. فصناعة الأدوية الهندية مثلاً بحاجة إلى الصين لتأمين 70% من المكونات الضرورية.

مناورات مودي محفوفة بالمخاطر وأفاد الكاتب بأن مودي يناور لتعميق العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا. غير أن مناوراته محفوفة بالمخاطر. فالهند ثالث مستهلك للنفط في العالم، وتواصل مصافيها استهلاك الخام الروسي المنخفض التكلفة، مما أثار حفيظة بروكسل وواشطن اللتين تستعينان بنظامٍ مُعقد من الحظر لتقييد قدرة روسيا على تمويل غزوها المطول لأوكرانيا.
وتواصل الهند أيضاً علاقاتها ببوتين للحد من تحالفه مع الصين وباكستان، وهي نقطة شائكة أخرى للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويصرُّ مودي على الحياد ويقاوم التحالفات الرسمية، ويرفض إدانة الهجمات الروسية. خلاف الهند وأوروبا   وأثبتت قمة العشرين التزام مودي بالمضي قدماً في التعاون مع الغرب، إذ يبدو أنَّ القواسم المشتركة بينهما هي الأرجح، ولا سيما في مجالات الدفاع والتكنولوجيا والتخفيف من حدة الفقر في الجنوب العالمي.
ومضى الكاتب يقول: "أمست المخاوف من تراجع الديموقراطية في الهند هامشية. والواقع أن الغرب والهند حريضان على مزيدٍ من التعاون. والصين أيضاً حريصة على تعميق علاقاتها بالهند، ولكن بطريقتها الخاصة التي تتماشى مع وجهات نظرها للنظام العالمي، من خلال الأطر العالمية التي تُقيمها بمنأى عن التحيزات الغربية".

 

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني قمة العشرين ناريندرا مودي والاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

مبعوث اليابان لدى الصين يدعو إلى التواصل الصريح بين طوكيو وبكين

دعا المبعوث الياباني لدى الصين كينجي كاناسوجي إلى زيادة التواصل الصريح بين طوكيو وبكين في الوقت الذي تواجه فيه الجارتان الآسيويتان نزاعات في بحر الصين الشرقي وتوترات بسبب تحالف اليابان مع الولايات المتحدة.

 

وقال كاناسوجي -خلال حلقة نقاش في منتدى السلام العالمي المنعقد في بكين- إن "اليابان والولايات المتحدة حليفتان وعلاقتنا وثيقة للغاية، ولكن في الواقع هناك العديد من المفاوضات تحت الطاولة"، وفقا لما أوردته صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" الصينية اليوم الأحد على نسختها الإلكترونية.

 

وأوضح المبعوث الياباني أنه خلال عمله في تنسيق الأمور الاقتصادية بين اليابان والولايات المتحدة وجد أنهما ليستا متماثلتين، ومصالح اليابان والولايات المتحدة ليست متماثلة، وقال "لذلك هناك العديد من الاختلافات تحت الطاولة التي تحتاج إلى إدارتها". 

 

وأضاف "ينطبق الشيء نفسه على اليابان والصين، إذ يتعين علينا إجراء حوار صريح لإيجاد أرضية مشتركة".

 

يُشار إلى أنه في ظل العلاقات المعقدة بالفعل بسبب تاريخ الحرب والنزاعات الإقليمية في بحر الصين الشرقي، تعرضت العلاقات بين الصين واليابان لضغوط إضافية على مجموعة من الجبهات في العام الماضي.

 

وتعتبر الصين هي أكبر شريك تجاري لليابان، وكان يُنظر إلى الاقتصاد في السابق على أنه محرك محتمل لعلاقات سياسية أفضل، إلا أنه في العام الماضي انخفضت التجارة بين الصين واليابان بنسبة 7ر10 بالمائة مقارنة بالعام السابق، مع تباطؤ نمو الاستثمار الثنائي أيضا.

 

بالإضافة إلى ذلك حظرت بكين واردات المأكولات البحرية اليابانية في أغسطس بعد إطلاق المياه المعالجة من محطة فوكوشيما النووية مما وجه ضربة أخرى للتجارة.

 

وعلى الصعيد الدبلوماسي، في أبريل تسبب اتفاق الرئيس الأمريكي جو بايدن مع رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا على تعزيز العلاقات الأمنية مع تعهدات "بالحفاظ على السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان" في إثارة حفيظة الصين، وبعد شهر من ذلك أصدر المشرعون اليابانيون تشريعا لإنشاء نظام "التصريح الأمني" المصمم لمنع تسرب المعلومات الاقتصادية السرية، وهي الخطوة التي تم اتخاذها مع وضع الصين في الاعتبار.

 

وشدد كاناسوجي على أن العلاقات بين الصين واليابان يجب ألا تقتصر على المسائل الأمنية، وأن التبادلات بين الشعبين والحكومات المحلية يمكن أن تلعب دورا في استقرار العلاقات، وقال "قد يكون هناك الكثير من التقلبات في العلاقات بين حكومتي اليابان والصين، ولكن التعاون بين الحكومات المحلية والتبادلات بين شعبي البلدين يمكن أن يكون له تأثير على تحسن العلاقات الثنائية".

مقالات مشابهة

  • الصين تكشف عن تواصلها مع الحوثيين وبقية أطراف الصراع في اليمن للتوصل لاتفاق سلام
  • أمريكا تخسر العالم العربي والصين تحصد الفوائد
  • توسيع مجموعة «بريكس بلس»: قد تكون الزيادة أفضل
  • الصين تبدأ فحص عيّنات مسبار تشانغ آه 6 التاريخية.. قد تكشف تاريخ النظام الشمسي
  • مبعوث اليابان لدى الصين يدعو إلى التواصل الصريح بين طوكيو وبكين
  • ورقة ضد الأمريكيين.. مخاوف إسرائيلية من تدهور العلاقات مع الصين بعد حرب غزة
  • الصين تكشف عن أولى خطواتها في التصعيد الجمركي ضد أوروبا
  • «تايم»: التصعيد الروسي ضد الغرب.. هل نحن على حافة حرب نووية؟
  • الدفاع المدني يعثر على شخصين ضلا طريقهما في رحلة مغامرات
  • عدد ضحايا طرق الهجرة الإفريقية يفوق ما يبتلعه البحر مرتين وفق تقرير أممي