موقع 24:
2025-04-17@12:55:47 GMT

درنة الجميلة أخذها البحر

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

درنة الجميلة أخذها البحر

سجلُ الأحزان الليبية قديمٌ، وكبيرُ الحجم، وثقيلُ الوزن، وازداد حجماً وثقلاً خلال نصف القرن الأخير، خصوصاً في السنوات التي أعقبت سقوط النظام العسكري.

وحالياً أضيفت إليه صفحات أخرى، سُجلت تحت اسم كارثة الإعصار «دانيال». إعصار باسم نبيّ وفعلِ شيطان. الكثير من المدن الليبية في الشرق، تعرضت فعلياً للغرق، بفعل السيول المتدفقة من مياه الأمطار.

ومواقع التواصل الاجتماعي الليبية تحولت إلى سرادق عزاء كبير، يجعل المرء لا يصدق حجم الكارثة التي حاقت بمدن وبلدات وقرى الشرق الليبي. أسماء الوفيات والمفقودين بدأت في الظهور في قوائم بالعشرات، ثم سريعاً بالمئات. في بلدة اسمها مرتوبة، دفن الأهالي 300 ضحية في مقبرة جماعية في وقت واحد.
السيولُ جرفت الطرق والمنازل والمزارع والبشر والحيوان والجسور والسدود وأعمدة الكهرباء، وقطعت وسائل الاتصالات. في مدينة درنة الجميلة حاضرة البحر اختفت أحياء كاملة وجرفت أهلها في البحر. دمار غير مسبوق، وكارثة أخرى حاقت بشعب يعيش في بلد مقسوم سياسياً، ومنهوب من كل الجهات، ومتجاهَل. وزاد الأمر سوءاً أن الليبيين لا عهد ولا معرفة ولا خبرة لهم بالأعاصير وأفعالها وكيفية الاستعداد لها. وأذكر أن أسوأ ما حاق بليبيا سابقاً من كوارث الطبيعة، كان هزة أرضية حدثت في مدينة المرج، في أوائل الستينات من القرن الماضي. وما أحدثته من خسائر في الأرواح والممتلكات، لا وجه للمقارنة له بما أحدثه الإعصار. ومع ذلك ما زال كبار السن يتذكرونها ويترحمون على ضحاياها. الأمر الآخر هو أن البنية التحتية لمدن الشرق الليبي خصوصاً، والمدن الليبية عموماً، هشَّة ومتداعية، نتيجة الإهمال منذ عشرات السنين. وزاد الطين بلّة أن الدول المتورطة في الأزمة الليبية منذ فبراير (شباط) 2011 ظلت طوال السنين الماضية، تزوِّد حلفاءها المحليين من الجماعات المسلحة في كلِّ ليبيا بالدعم المالي والعسكري والسياسي، في سبيل الحفاظ على نفوذها ومصالحها، وحين هبَّ الإعصار دانيال أدارت له ظهرها، واكتفت بالصمت، كأن الأمر لا يعنيها، وهو فعلياً لا يعنيها، لأن الضحايا ليسوا مواطنيها ولا تربطها بهم صلة. لذلك، لم تُبدِ اهتماماً بالكارثة، وتركت أمرها لليبيين!
وبالفعل، وجد الليبيون في كل مناطق البلاد أنفسهم وجهاً لوجه مع الكارثة. وأدركوا أنْ ليس لهم إلا أنفسهم. وتبيَّن جلياً حقيقة أن «ما يحس النار إلا اللي عافس فيها». وأنه ليس أمامهم سوى تناسي أحقادهم وخصوماتهم، والمسارعة بتقديم الدعم والعون والإغاثة. الإعصار «دانيال»، رغماً عن كل شيء، كان نداءَ إيقاظ وتنبيه، والنائبة التي عرف فيها الليبيون عدوَّهم من صديقهم.
فداحة الأضرار المادية والعمرانية وفي البنى التحتية التي أحدثها الإعصار «دانيال» لم يتم حصرها بعد رسمياً. لكنّ الإحصاءات الأولية المبدئية تؤكد أن الخسائر في الأرواح والممتلكات غير مسبوقة. وهي أيضاً لن تكون مفاجأة لأحد، لأن البلدات والمدن والمناطق التي وقعت ضحيةً لها عانت بنيتُها التحتية عقوداً طويلة من الإهمال والتجاهل، وبخاصة في فترة الحكم العسكري. وكان ذلك الإهمال متعمَّداً بقصد إنزال عقوبة بها، بسبب تحولها إلى مدن ومناطق معارضة، وبيئات اجتماعية وفَّرت ملجأ آمناً للمتطرفين الإسلامويين.
من ناحية أخرى، وكما يقول المثل: «رب ضارة نافعة»، تمكَّن الإعصار «دانيال» من إحياء مشاعر الأخوة والتضامن بين الليبيين، في مختلف المدن والمناطق، وبشكل ملحوظ. وتطوع المئات من الشباب من مختلف مدن ومناطق ليبيا لنجدة إخوانهم في الشرق على وجه السرعة وبوسائلهم الخاصة، وقاموا بتسيير قوافل الإغاثةوفتحوا بيوتهم وقلوبهم أمام إخوانهم معلنين استعدادهم لاستقبال الأسر المتضررة، وتقديم الدعم والمساعدة. وبدأ الليبيون في المهاجر في تجميع التبرعات بهدف مساعدة المتضررين. تلك المشاعر الأخوية الإنسانية التضامنية تكاد تكون تلاشت خلال السنوات الماضية.
ومن دون شك، ومن سابق تجربة وخبرة، فإن الكثيرين من الليبيين سيبدأون في توثيق أحداثهم الحياتية بقدوم الإعصار دانيال، كما فعل أجدادهم من قبل، حين لجأوا إلى ما مر بهم من كوارث في التوثيق لميلاد أبنائهم، أو زواجهم... إلخ من الأحداث. أسماء كثيرة تَرد في البال كنا نسمع بها صغاراً ولم نعشها، وعرفناها فيما بعد: عام الطليان، عام الوادي، عام الإنجليز، عام الشر، عام الزلزل، عام الزينقو، عام الثلج. من الآن وصاعداً سيدخل الإعصار «دانيال» الذاكرة الجمعية الليبية، وسيسمى عام 2023 «عام الإعصار دانيال».

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني درنة

إقرأ أيضاً:

محافظ بورسعيد يتفقد أعمال تطوير الكورنيش السياحي بعد 20 عاما من الإهمال.. صور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تفقد اللواء أركان حرب محب حبشي، محافظ بورسعيد، اليوم الأربعاء، المرحلة الأولى من أعمال تطوير كورنيش بورسعيد، الذي لم يشهد أي تطوير منذ قرابة 20 عامًا.

محافظ بورسعيد يتفقد أعمال تطوير الكورنيش السياحي

وشدد المحافظ، خلال جولته، على فتح الطرق المؤدية للكورنيش و الموازية له، وإزالة كافة التعديات والمخالفات التي تشوه المظهر الحضاري موجها بدراسة تنفيذ ممرات لعبور سيارات الاسعاف والمطافئ إلى الكورنيش في حال وقوع أي طارئ، ولافتا أن خطة تطوير الكورنيش السياحي ستجرى على مرحلتين، حيث تبدأ المرحلة الأولى من أمام نادي الصيد وحتى مجمع المطاعم، وتبدأ المرحلة الثانية من أمام مجمع المطاعم وحتى نهاية الكورنيش.

وضع خطة زمنية محددة للانتهاء من أعمال التطوير 

وأشار إلى أنه سينفذ تصميم موحد لكافة الكافتيريات بطول الشاطىء بما تشمله من توحيد الارتفاعات والأسطح العلوية، وتحديد مداخل ومخارج الكافتيريات، مع الالتزام بتنفيذ المسطحات الخضراء لاند سكيب على مسافات واحدة من الكافتيريات، موجها بوضع خطة زمنية محددة تضمن سرعة الانتهاء من أعمال تطوير الكورنيش السياحي في أقرب وقت.

وتشمل أعمال تطوير كورنيش بورسعيد أيضًا إقامة مقاعد و"برجولات" على أعلى مستوى، وترميم السور الحجري ووضع إضاءات مخفية، وترميم سلالم الشاطئ وإقامة أعمدة ديكورية، ورفع كفاءة دورات المياه و"الأدشاش" على أعلى مستوى، وأعمدة الإضاءة بطول الشاطىء من خلال الاعتماد على الطاقة الشمسية، وإضافة مسار للجري وأجزاء ترفيهية، فضلا عن وضع تصور كامل لفرض النظام والأمان بشاطئ بورسعيد.

IMG-20250416-WA0097 IMG-20250416-WA0091 IMG-20250416-WA0087 IMG-20250416-WA0085 IMG-20250416-WA0083 IMG-20250416-WA0073 IMG-20250416-WA0059 IMG-20250416-WA0051 IMG-20250416-WA0033

مقالات مشابهة

  • الليلة.. توزيع جوائز مشروعات طلبة الفنون الجميلة بجاليري ضي المهندسين
  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي
  • حرائق غامضة في الأصابعة الليبية تثير حزن وهلع الليبيين
  • الأنبا دانيال يترأس صلاة ليلة الأربعاء بكنيسة السيدة العذراء بأسيوط
  • بعد سنوات من الإهمال.. .محافظ بورسعيد يكشف خطة تطوير الشاطئ والكورنيش
  • محافظ بورسعيد يتفقد أعمال تطوير الكورنيش السياحي بعد 20 عاما من الإهمال.. صور
  • الدبيبة يدرب الدبلوماسيين الليبيين في الصين
  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي 
  • هنيئاً للمكناسيين.. صهريج السواني في حلة جديدة بعد سنوات من الإهمال (صور)
  • "في عالم الحكايات الجميلة".. مسرحية إنشادية للأطفال لتعزيز القيم الثقافية