موقع 24:
2025-02-02@20:23:18 GMT

أسباب تراجع النفوذ الفرنسي في أفريقيا

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

أسباب تراجع النفوذ الفرنسي في أفريقيا

تمر العلاقات الفرنسية الأفريقية بمرحلة دقيقة للغاية، وتأتي الأحداث تباعاً لتؤكد أن فرنسا ما فتئت تخسر مواقعها التقليدية في القارة الأفريقية، ولم تقتصر هذه الخسارة على دول ومناطق جنوب الصحراء، ولكن فتور هذه العلاقات ضرب حتى علاقاتها مع بعض دول شمال أفريقيا التي ارتبطت تاريخياً بعلاقات وثيقة وجيدة معها استمرت بعد إعلان استقلالها.

ولا يبدو أن فرنسا متقبلة ومستوعبة بالكامل للتغييرات الجذرية الحاصلة في الوعي الجماعي لشعوب مستعمراتها السابقة، وهي شعوب أضحت رافضة تماماً لسياسات المستعمر السابق، التي يرون فيها تواصلاً للحقبة الاستعمارية، حيث تقدر هذه الشعوب والمجتمعات أن فرنسا حافظت على وتيرة استغلالها لخيرات هذه الدول من خلال تركيز حكام ومنظومات سياسية تابعة لها وتخدم مصالحها وتدين لها بالولاء المطلق، وواصلت فرنسا بالتالي التمتع بالامتيازات من خلال ربط مصالحها بمصالح هذه الدول، ومن خلال التهديدات بفتح ملفات «حقوق الإنسان»، وهي فيما تأكد خلال العشريتين السابقتين الأيديولوجية الجديدة لتكريس الوجود الاستعماري في المنطقة.
ويقدر الطيف المدني والسياسي في هذه الدول أن فرنسا أصبحت جزءاً أساسياً من المشكلة، حيث فشلت من جهة في مساعدة هذه الدول والمجتمعات على تحقيق شروط تنمية مستدامة تضمن لها التقدم والنماء والكرامة لمواطنيها، وهي أجهضت من جهة أخرى كل المحاولات لتركيز أنماط تنمية وطنية مستقلة عنها وقادرة على مراكمة الثروة، وعمدت مقابل ذلك إلى خلق أنظمة تنموية هجينة تحقق فقط مصالحها ومصالح المتعاونين معها، فعلى مدى السنوات تم تركيز اقتصاديات هشة في ضوء غياب حراك تصنيعي فعلي وغياب أسس بحث علمي بناء مقابل تغلغل الفساد والإفساد، وتركيز دول صورية بقوانين صورية وغير مجدية، وهي تراكمات تواصلت منذ ستينيات القرن الماضي واستمرت إلى الحد الذي لم تعد الشعوب الأفريقية تقبل به، وتجذرت حالة الرفض هذه لتتحول إلى احتقان أدى إلى انتفاضة ضد مصالح فرنسا ووجودها في القارة الأفريقية، وهو الأمر الذي تمت معاينته في دول الساحل الأفريقي، ومن ذلك مالي والنيجر وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى والغابون، رغم أنها حاولت تدارك الأمر في هذه الدول.
فرنسا أغفلت في هذا الخضم أن المنافسة على أفريقيا تعددت وتنوعت ولم تعد تقتصر على الغرب الاستعماري وأمريكا، بعد دخول دول أخرى على الخط، مثل الصين وروسيا.
وجاء الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق عدة في المغرب، وتحديداً منطقة مراكش، ليؤكد أن علاقات فرنسا مع عدد من الدول الأفريقية تمر بوضع دقيق وحرج، حيث مثل قبول المغرب بمساعدة أربع دول فقط، هي الإمارات العربية المتحدة وقطر وبريطانيا وإسبانيا، صدمة لفرنسا التي وقع استثناؤها من تقديم المساعدات، وخلق داخلها بالتالي جدلاً لم ينقطع إلى اليوم.
المغرب فيما يبدو استحضر مواطن الوجع في علاقته بفرنسا، ومن ذلك إصراره على تنفيذ مشاريع اقتصادية كبرى وفق مصلحته الوطنية بعيداً عن مصالحها، وهو الأمر الذي قد يكون حرك ما يُعرف بقضية «بيغاسوس» للتنصت، التي نفى المغرب علاقته بها، المغرب لم «يغفر» التحول النسبي لموقف فرنسا من قضية الصحراء المغربية في إطار المساعي لتطوير علاقاتها بالجزائر.
بدا واضحاً إذن أن فرنسا لم تقدر على مدى السنوات على مواجهة إرثها الاستعماري في عدد من دول جنوب الصحراء، وحتى في دول المغرب العربي، وهي إلى ذلك لم تتمكن من رؤية حجم الرفض لسياساتها في القارة، ولم تدرك أن هذا الوضع لن يدوم، وأن التحولات على المستوى الدولي باتجاه عالم متعدد الأقطاب سيشدد المنافسة على أفريقيا ودول الجنوب عموماً.
ولعل موجة المد اليميني وضعف بنية وهيبة الدول في فرنسا والغرب التقليدي لم تساعدها على التهيؤ لمثل هذه المتغيرات التي بدت لهم كعامل غير متوقع، وربما «غير معقول» بالنسبة لبعضهم.
إن الوعي السريع بهذه المتغيرات قد يحد من التداعيات السلبية لسوء الفهم هذا، لكنه لن يوقف الانتفاضة الشاملة ضد الوضع الخطأ ومختل التوازن.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني هذه الدول أن فرنسا

إقرأ أيضاً:

تبون يثير السخرية : توسلت لماكرون كي لا تعترف فرنسا بمغربية الصحراء لكنه لم يعر لي أي إهتمام

زنقة 20. الرباط

كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، عن توسله للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عقب لقائه به في منتجع بإيطاليا، حينما أخبره ساكن الإيليزيه بعزم فرنسا الإعتراف بشكل رسمي بسيادة المغرب على الصحراء.

و نقلت “لوبينيون” نص الحوار الذي أجراه مع الرئيس المعين من قبل الجيش الجزائري، بكون تبون “حذر” الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بكونه سيرتكب خطأً فادحاً بإعترافه بمغربية الصحراء، غير أنه ماكرون لم يأبه لتبون، وهو ما تسبب في أزمة دبلوماسية.

جدير بالذكر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن خلال زيارته الرسمية للمغرب قبل أشهر، إعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء ودعم باريس هذا القرار بكافة المؤسسات الدولية ضمنها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

الصحراء المغربيةتبونماكرون

مقالات مشابهة

  • تبون يثير السخرية : توسلت لماكرون كي لا تعترف فرنسا بمغربية الصحراء لكنه لم يعر لي أي إهتمام
  • مدرب أنجولا: محمد صلاح رمز لكرة القدم الأفريقية.. واللعب أمامه شئ مميز
  • مدرب أنجولا: محمد صلاح رمز لكرة القدم الأفريقية واللعب أمامه شئ مميز
  • جدول مباريات كأس أمم أفريقيا المغرب 2025
  • الكاف يكشف عن برنامج مباريات كأس أمم أفريقيا بالمغرب وإحتضان الرباط مبارتي الإفتتاح والنهائي
  • فرنسا تسجل أعلى مستوى للاكتئاب في الدول الأوروبية
  • "يورونيوز": فرنسا والاتحاد الأوروبي يخسران نفوذهما في غرب أفريقيا
  • يورونيوز : فرنسا والاتحاد الأوروبي يخسران نفوذهما في غرب أفريقيا
  • رسميًا.. "الكاف" يعلن ملاعب ربع نهائي كأس أمم أفريقيا 2025 في المغرب
  • دراجي ينفث سمومه من جديد: المغرب غير جاهز لاحتضان كأس أفريقيا 2025