أسباب تراجع النفوذ الفرنسي في أفريقيا
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
تمر العلاقات الفرنسية الأفريقية بمرحلة دقيقة للغاية، وتأتي الأحداث تباعاً لتؤكد أن فرنسا ما فتئت تخسر مواقعها التقليدية في القارة الأفريقية، ولم تقتصر هذه الخسارة على دول ومناطق جنوب الصحراء، ولكن فتور هذه العلاقات ضرب حتى علاقاتها مع بعض دول شمال أفريقيا التي ارتبطت تاريخياً بعلاقات وثيقة وجيدة معها استمرت بعد إعلان استقلالها.
ويقدر الطيف المدني والسياسي في هذه الدول أن فرنسا أصبحت جزءاً أساسياً من المشكلة، حيث فشلت من جهة في مساعدة هذه الدول والمجتمعات على تحقيق شروط تنمية مستدامة تضمن لها التقدم والنماء والكرامة لمواطنيها، وهي أجهضت من جهة أخرى كل المحاولات لتركيز أنماط تنمية وطنية مستقلة عنها وقادرة على مراكمة الثروة، وعمدت مقابل ذلك إلى خلق أنظمة تنموية هجينة تحقق فقط مصالحها ومصالح المتعاونين معها، فعلى مدى السنوات تم تركيز اقتصاديات هشة في ضوء غياب حراك تصنيعي فعلي وغياب أسس بحث علمي بناء مقابل تغلغل الفساد والإفساد، وتركيز دول صورية بقوانين صورية وغير مجدية، وهي تراكمات تواصلت منذ ستينيات القرن الماضي واستمرت إلى الحد الذي لم تعد الشعوب الأفريقية تقبل به، وتجذرت حالة الرفض هذه لتتحول إلى احتقان أدى إلى انتفاضة ضد مصالح فرنسا ووجودها في القارة الأفريقية، وهو الأمر الذي تمت معاينته في دول الساحل الأفريقي، ومن ذلك مالي والنيجر وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى والغابون، رغم أنها حاولت تدارك الأمر في هذه الدول.
فرنسا أغفلت في هذا الخضم أن المنافسة على أفريقيا تعددت وتنوعت ولم تعد تقتصر على الغرب الاستعماري وأمريكا، بعد دخول دول أخرى على الخط، مثل الصين وروسيا.
وجاء الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق عدة في المغرب، وتحديداً منطقة مراكش، ليؤكد أن علاقات فرنسا مع عدد من الدول الأفريقية تمر بوضع دقيق وحرج، حيث مثل قبول المغرب بمساعدة أربع دول فقط، هي الإمارات العربية المتحدة وقطر وبريطانيا وإسبانيا، صدمة لفرنسا التي وقع استثناؤها من تقديم المساعدات، وخلق داخلها بالتالي جدلاً لم ينقطع إلى اليوم.
المغرب فيما يبدو استحضر مواطن الوجع في علاقته بفرنسا، ومن ذلك إصراره على تنفيذ مشاريع اقتصادية كبرى وفق مصلحته الوطنية بعيداً عن مصالحها، وهو الأمر الذي قد يكون حرك ما يُعرف بقضية «بيغاسوس» للتنصت، التي نفى المغرب علاقته بها، المغرب لم «يغفر» التحول النسبي لموقف فرنسا من قضية الصحراء المغربية في إطار المساعي لتطوير علاقاتها بالجزائر.
بدا واضحاً إذن أن فرنسا لم تقدر على مدى السنوات على مواجهة إرثها الاستعماري في عدد من دول جنوب الصحراء، وحتى في دول المغرب العربي، وهي إلى ذلك لم تتمكن من رؤية حجم الرفض لسياساتها في القارة، ولم تدرك أن هذا الوضع لن يدوم، وأن التحولات على المستوى الدولي باتجاه عالم متعدد الأقطاب سيشدد المنافسة على أفريقيا ودول الجنوب عموماً.
ولعل موجة المد اليميني وضعف بنية وهيبة الدول في فرنسا والغرب التقليدي لم تساعدها على التهيؤ لمثل هذه المتغيرات التي بدت لهم كعامل غير متوقع، وربما «غير معقول» بالنسبة لبعضهم.
إن الوعي السريع بهذه المتغيرات قد يحد من التداعيات السلبية لسوء الفهم هذا، لكنه لن يوقف الانتفاضة الشاملة ضد الوضع الخطأ ومختل التوازن.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني هذه الدول أن فرنسا
إقرأ أيضاً:
الرئيس العليمي مخاطبا سفراء الاتحاد الأوروبي: لا نجاح لأي مقاربة سياسية تحقيق الاستقرار الشامل إلا بإنهاء النفوذ الإيراني من اليمن
أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي أن نجاح أي مقاربة سياسية لتحقيق الاستقرار الشامل والمستدام، مرهون بإنهاء النفوذ الإيراني المزعزع للأمن والسلم الدوليين، وبالتحرك الجماعي لردع خطر المليشيات الحوثية، والانضمام إلى قرار تصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية.
جاء ذلك خلال استقباله اليوم الاثنين، في العاصمة المؤقتة عدن، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن جبرائيل مونيرا فيناليس، إلى جانب سفيري الجمهورية الفرنسية كاثرين قرم كمون، وجمهورية ألمانيا الاتحادية هوبرت ياغر، وبحضور عضو مجلس القيادة الرئاسي فرج البحسني.
واستعرض اللقاء مستجدات الأوضاع الداخلية، مع تركيز خاص على التحديات الإنسانية التي فاقمتها ممارسات المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني.
كما ناقش الجانبان سبل تعزيز التدخلات الأوروبية لتخفيف معاناة الشعب اليمني، ومواصلة الدعم المقدم لاستعادة مؤسسات الدولة وتحقيق الاستقرار.
وفي حديثه مع السفراء، أطلع الرئيس العليمي الوفد الأوروبي على الانتهاكات الممنهجة التي تمارسها المليشيات الحوثية بحق حقوق الإنسان، والآثار الكارثية لتصرفاتها على الاقتصاد الوطني وتجريف مصادر الدخل وتهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، ضمن مخططات إيرانية مكشوفة لزعزعة أمن المنطقة والعالم.
كما تطرق اللقاء إلى الجهود الدولية الرامية إلى تأمين خطوط الملاحة الدولية وحماية سفن الشحن من الهجمات الحوثية الإرهابية، مؤكدين أهمية دور الاتحاد الأوروبي في هذا الإطار.
وأشاد الرئيس العليمي بالمواقف الثابتة لدول الاتحاد الأوروبي تجاه دعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية، مثمناً التزامهم المتواصل بتقديم المساعدات الإنسانية والإنمائية في مختلف القطاعات الحيوية، داعياً إلى مضاعفة هذه الجهود للمساهمة في تحسين الظروف المعيشية وضمان استدامة الخدمات الأساسية.
من جهتهم، أعرب السفراء الأوروبيون عن استمرار دعم بلدانهم لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية والشعب اليمني، مؤكدين توجه الاتحاد الأوروبي نحو تحديث سياساته الخاصة باليمن، بما في ذلك دراسة مقترحات لتشديد الإجراءات العقابية بحق المليشيات الحوثية الإرهابية