الخليج الجديد:
2024-11-06@00:26:34 GMT

دورة النفط القادمة وتحدياتها

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

دورة النفط القادمة وتحدياتها

دورة النفط القادمة وتحدياتها

ما أثر جائحة كوفيد -19 وتراجع الفرصة على العرب لبناء اقتصاداتهم وتنويعها بعيداً عن النفط؟

الوقود الأحفوري سوف يبقى متمتعاً بالطلب العالمي الفعال حتى عام 2050، ولربما لفترة أطول من ذلك.

سينتقل الطلب بعيداً عن الوقود الثقيل (fuel oil)، وسيزداد على الغاز لتوليد الكهرباء التي سيرتفع الطلب عليها.

هل نحن بحاجة في الوطن العربي إلى تخفيف اعتمادنا على النفط أم الانتقال من النفط إلى قاعدة إنتاجية مختلفة؟

أحد التحديات الأساسية التي تواجه العالم، والدول المصدرة للنفط هي القيود المفروضة على البيئة بهدف تخفيف الانبعاثات الغازية.

هل سيكون استمرار الطلب على النفط لمدة ثلاثين سنة مقبلة نعمة أم نقمة؟ هل سينجح العرب في هذه الدورة النفطية الجديدة؟

ما هي الاستراتيجية العربية التي تخدم الاقتصاد العربي في ظل هذه المعطيات؟ وماذا ستكون ردة فعل الدول المستوردة للنفط حيال هذه الحقائق؟

الاستثمار في الطاقة المتجددة ووسائل النقل المعتمدة على الكهرباء سيعيد توزيع مكونات الطلب، لكنها في المجموع لن تؤثر على حجم الطلب الكلي.

ماذا سيفعل العرب في عالم جديد بدأ بكوفيد19، واستمر بحرب أوكرانيا، وشهد بداية إنشاء مجموعة "بريكس" وتوسعتها في اجتماع قمتها الأخير؟

ما أثر النفط على المجتمعات العربية، والعلاقات العربية، ونظرة العالم للوطن العربي كمنتج للنفط الأحفوري الملوث الأكبر للبيئة، والمهدد لمستقبل البشرية؟!

هل التحول من النفط إلى الغاز، ومن الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة والنظيفة سيحرم العرب من استثمار أموال النفط للاستغناء عنه مستقبلا حين يصبح الطلب عليه ضعيفاً؟

* * *

بدعوة كريمة وإلحاح لطيف لبيت دعوة السفير السابق للأردن بواشنطن من أجل حضور جلسة حوارية مع الدكتور باسل أسمر، خبير الطاقة الأريب، ومهندس النماذج الرياضية المساعدةً في قراءة مستقبل النفط جغرافياً، وكميةً، وسعراً، وطلباً وغيرها من المتغيرات.

وحتى ذهابي لتلك المحاضرة يوم 28 أغسطس الماضي، بمبنى شركة قعوار للطاقة في مجمع "البوليفارد" بمنطقة العبدلي بعمّان عاصمة الأردن، لم أكن أعلم الكثير عن الدكتور باسل أسمر، ولا عن مؤلفاته البالغة أربعين بحثاً منشورة في مجلات محققة رفيعة المستوى، ولا عن كتبه الثلاثة التي يعالج فيها القضايا الأساسية المتعلقة بالطاقة في العالم العربي.

ولو استعرضنا تاريخ النفط الحديث في الوطن العربي منذ نهاية العام 1973 وحتى الآن، وبحسب الدكتور باسل أسمر، فإن هنالك ثلاثة أسئلة هامة تقفز إلى الذهن وهي ما يلي:

هل كان الوقود الأحفوري سلعة استراتيجية لا غنى عنها، وبدونها لما ازدهرت اقتصادات الغرب وحضارته، ولذلك جاء الغرب غازياً متدخلاً في الشؤون العربية ومهدداً لأمنها ومستقبلها حتى لا يستخدم النفط ضد الغرب؟

هذا هو السؤال الأهم في السنوات 1974-2012 والذي تناوله المؤلف في كتابه "الوقود الأحفوري في العالم العربي: الحقائق مقابل الخيال القصصي"، وقد نشر هذا الكتاب باللغة الإنكليزية في أواخر عام 2010 تحت عنوان: "Fossil Fuels in the Arab World: Facts and Fiction".

أما السؤال الثاني والذي اقتبسته أيضاً من ملخص "أمازون" عن الكتاب المعني فقد تناول بالبحث والتحليل أثر النفط على المجتمعات العربية، والعلاقات العربية، ونظرة العالم للوطن العربي كمنتج للنفط الأحفوري الملوث الأكبر للبيئة، والمهدد لمستقبل البشرية، وقد تناول الإجابة عن هذه الأسئلة الكتاب الثاني للدكتور باسل أسمر بعنوان "الوقود الأحفوري في الوطن العربي: إعادة ترتيب الفصول" أو بالإنكليزية التي نشر بها العام 2017، وبعد الربيع العربي باسم"Fuel Fossil in the Arab World : Seasons Reserved".

أما السؤال الثالث والأكثر اتصالاً بالأوضاع العربية الراهنة فهو قياس هزة كوفيد -19 وتراجع الفرصة على العرب لبناء اقتصاداتهم وتنويعها بعيداً عن النفط، وهل التحول من النفط إلى الغاز، ومن الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة والنظيفة- كما تُسمى- سيحرم العرب من فرصة استثمار أموال النفط للاستغناء عنه في المستقبل حين يصبح الطلب عليه ضعيفاً؟

هذه القضايا التي يتناولها كتاب المؤلف الثالث بعنوان "الوقود الأحفوري في الوطن العربي: هل فاتنا المركب؟" والذي صدر عام 2022، أي بعد خمس سنوات من كتابه الثاني.

وهكذا وضع المؤلف ثلاثة كتب خلال إحدى عشرة سنة حلل فيها الأسئلة الهامة المتعلقة بالوقود الأحفوري وتأثيره على الاقتصاد العربي، وعلاقاته مع العالم، وعلاقات العرب من أهل النفط مع الفقراء إليه، ومن الصراع بين الدول على المنطقة، وانتقال العالم من أحادية القطبية إلى تعددها. وقد استخدم الوسائل القياسية لتحليل سلوكيات العرب والأمم الأخرى نحو العرب.

وفي كتابه الأخير، ومحاضرته القيمة التي ألقاها في مبنى قعوار (Keystone) بعَمّان، يظهر لنا المؤلف أن الوقود الأحفوري سوف يبقى متمتعاً بالطلب العالمي الفعال حتى عام 2050، ولربما لفترة أطول من ذلك.

هذا ما وصل إليه مؤكداً أن الاستثمار في الطاقة المتجددة وفي وسائل النقل المعتمدة على الكهرباء سوف يعيد توزيع مكونات الطلب، ولكنها في المجموع لن تؤثر على حجم الطلب الكلي. وسوف ينتقل الطلب بعيداً عن الوقود الثقيل (fuel oil)، وسيزداد على الغاز لتوليد الكهرباء التي سيرتفع الطلب عليها.

ولذلك، فإن الفرصة أمام الدول العربية النفطية ما تزال قائمة لتغيير سلوكياتها من دول رعوية إلى دول منتجة وفق أولوياتها هي، وليس وفق ما يريده الآخرون لها.

ولا شك أن بعض الدول قد بدأت هذه الانتقالة، خاصة دول الخليج، ولا يخوض الكاتب في التفاصيل عن كل دولة، ولكنه يُدْخِل تعابير جديدة مفيدة للتحليل.

وإذا كانت التعابير والمصطلحات هي "أوثان العقل"، كما سماها الفيلسوف البريطاني فرانسيس بيكون الذي عاش من 1561 إلى 1626. فإنّ الدكتور باسل أسمر يستخدم بعضاً منها، مثل السؤال:

"هل نحن بحاجة في الوطن العربي إلى تخفيف اعتمادنا على النفط أم الانتقال من النفط إلى قاعدة إنتاجية مختلفة، وفي رأي الباحث أن الإجابة على هذا السؤال تعتمد على قدرة الاقتصادات العربية على أي منهما قبيل عام 2050.

ويعتبر الباحث أن أحد التحديات الأساسية التي تواجه العالم، والدول المصدرة للنفط هي القيود المفروضة على البيئة بهدف تخفيف الانبعاثات الغازية.

وينظر إلى ثلاثة بدائل في هذا الشأن، ويرى أن الانتقال من تخفيف نسبة الانبعاثات الغازية السامة من الإيجابي (الزيادة) إلى السالب، ومن السالب لنصل إلى نقطة تتحسن فيها البيئة العالمية، هو تحد كبير.

ولا توجد دلائل على أنّ تحقيق هذا الأمر سوف ينجز بالسرعة المبتغاة. فهناك دول كبرى مثل الهند، وكثير من الدول النامية، من يشكك في نوايا الدول الغربية حول البيئة، وأن المقصد منها هو إعاقة النمو المطلوب في هذه الدول، والسعي لتخفيض أسعار النفط حتى يبقى متاحاً للدول المتقدمة حتى عام 2050، وإلا فإن البديل هو ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري ومشتقاته.

ويؤكد المؤلف أيضاً أنّ مصافي المشتقات النفطية ستبقى عاملة، ولكن معظمها في الدول المتقدمة لم يعد مجدياً، ولذلك صارت عمليات التكرير في مصافي النفط تتطلب تنويعاً جديداً في عملها لتتمكن من إعادة خليط المشتقات الناتجة عنها لتلائم دينامية الأسواق الجديدة.

وهو يرى أن مشروعات الأنانيب، خاصة للغاز، هي الأجدى في المستقبل، حتى يمكن تجنب الكلف العالية الناتجة عن تسييل الغاز ومن بعد ذلك إعادة تحويله إلى غاز إذا شحن في السفن المخصصة لتلك الغاية.

والسؤال الذي يجب أن نطرحه الآن على بساط البحث هو: ما هي الاستراتيجية العربية التي يمكن أن تخدم الاقتصاد العربي في ظل هذه المعطيات؟ وماذا ستكون ردة فعل الدول المستوردة للنفط حيال هذه الحقائق؟

بعد ارتفاع أسعار النفط عام 1973 سعى الغرب بكل جدية لكي يهيمن على الأموال النفطية ويبقيها لديه خاصة بعد انفجار دورة الكساد التضخمي. وسعى لينتقم لنفسه عن طريق إشعال الحروب والفتن في المنطقة مثل استراتيجية الاحتواء المزدوج التي وضعها هنري كيسنجر وأشعلت حرباً بين العراق وإيران شهدنا خلالها سعر النفط يهبط عام 1986 من حوالي 34 دولاراً للبرميل إلى ما يقارب ثمانية دولارات، وشهدنا رفعاً كبيراً لأسعار المحاصيل الحقلية (القمح والشعير والذرة والصويا وغيرها) والتي يستورد العرب الكثير منها.

وفي المرحلة الثانية، وبعد انهيار الأسواق المالية والعقارية عام 2008، شهدنا الغرب يعالج مشكلاته الاقتصادية على حساب الدول النفطية. وصاحب ذلك كله أن الصين المصدرة للسلع الاستهلاكية الرخيصة بدأت تغير سياساتها بالتدريج وتركز على أن تصبح قوة اقتصادية.

وقد خسر العرب الكثير من أرصدتهم في تلك الأزمات، وجاء الصراع الطائفي والإقليمي والدولي ليهدم دولاً أساسية مثل العراق وسورية واليمن والسودان والصومال وليبيا، وهدد دولاً غير نفطية مثل تونس.

والآن ماذا سيفعل العرب في عالم جديد بدأ بكوفيد19، واستمر بحرب أوكرانيا، وشهد بداية إنشاء مجموعة "بريكس" وتوسعتها في اجتماع القمة الخامس عشرالأخير؟

هل سيكون استمرار الطلب على النفط لمدة ثلاثين سنة مقبلة نعمة أم نقمة؟ هل سينجح العرب في هذه الدورة النفطية الجديدة؟ هناك مؤشرات نجاح، وأخرى مؤشرات فشل، أيهما سيتغلب في المستقبل يبقى مرهوناً بالعمل العربي.

*د. جواد العناني سياسي وخبير اقتصادي، نائب رئيس الوزراء رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق.

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: النفط أزمة النفط أسعار النفط أسواق النفط الطاقة المتجددة الوقود الأحفوری فی الوطن العربی من النفط إلى على النفط العرب فی عام 2050

إقرأ أيضاً:

انطلاق قمة الاستثمار العربي الإفريقي والتعاون الدولي الإثنين المقبل

تنطلق فعاليات قمة مؤتمر ومعرض "الاستثمار العربي الإفريقي والتعاون الدولى" التى ينظمها اتحاد المستثمرات العرب برئاسة د.  هدى يسى، برعاية مجلس الوزراء المصرى وجامعة الدول العربية خلال الفترة من 11  إلى 15 نوفمبر 2024، والافتتاح بمقر الهيئة المصرية للمعارض والمؤتمرات التابعة لوزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، ثم الانتقال  لمحافظة أسوان، للافتتاح الرسمى للقمة والمعرض المصاحب لها.

وتشهد قمة الاستثمار حضور رفيع المستوى،  يضم السيدة الأولي فى صربيا تمارا فوتشيتش، للسنة الثالثة على التوالى،  وسوزان موهويزى ممثلة رسمية عن جانيت موسوفينى وزيرة التعليم والرياضة حرم رئيس أوغندا ، ويونيس أورتوم حرم الرئيس السابق لولاية بينو النيجيرية ،  و جيلان كابينا شقيقة رئيس الكونغو وعضو البرلمان،  وغرفة تجارة وصناعة قطر وتمثلها ابتهاج الأحمداني عضو مجلس إدارة الغرفة  ورئيس منتدى سيدات  الأعمال القطريات وممثلة عن سيدات الأعمال والمستثمرات بقطر، و فيصل الفايز رئيس مجلس الأعيان الأردنى، ووزير الرياضة بالمملكة العربية السعودية ويمثله نايف الدوسري، ود. خالد حنفى رئيس اتحاد الغرف العربية ووفد كبير من الاتحاد النسائى الروسي و من دول بريكس وحضور مميز من السفراء العرب والأفارقة والدوليين وممثلى السلك الدبلوماسي ومحافظى القاهرة وأسوان.

 وتعد القمة فرصة مميزة  لتعزيز التعاون في كافة المجالات التنموية من خلال  مشاركة وفود ممثلى 35 دولة من جمهورية مصر العربية والدول العربية والإفريقية والدول الصديقة ودول بريكس ومنها روسيا والدول الأوروبية ومنهم بلجيكا وفرنسا.  


وصرحت  د. هدى يسي، أن قمة الاستثمار ستشهد إقامة عدد من المشروعات الصناعية  الجديدة باستثمارات مصرية عالمية تتضمن مصنعا باستثمارات مصرية عربية روسية وأخر برأسمال  مصري صربي إضافة إلى إقامة مشروع استثماري سياحي


 كما ستشهد إقامة شراكات  عربية ودولية و توقيع عدد من الاتفاقيات منها  بروتوكولى تعاون  مع جامعة بنها واتحاد الغرف العربية دعما للتنمية الثقافية والاقتصادية.   

 
 وقالت يسى، إن أجندة عمل "قمة الاستثمار العربي الإفريقي والتعاون الدولى"  ،  تتضمن  العديد من الفاعليات خلال جلساتها،  التى تدخل فى نطاق المبادرات الرئاسية والجهود المبذولة من الدولة  المصرية بتوجيهات فخامة الرئيس عبد الفتاح  السيسي، لدعم المستثمر والقطاع الخاص، وفى مقدمتها، توفير فرص العمل والتعريف بتطور البيئة الاستثمارية فى مصر والدول المشاركة والفرص الاستثمارية وإقامة المشروعات
 B2B و B2I و B2G المشتركة وعقد اللقاءات الثنائية
بين المستثمرين والقطاع الخاص وممثلى الحكومات.

كما سيتم مناقشة أهمية المعارض والمؤتمرات فى التعريف والتسويق للمنتجات والخروج بها إلى الأسواق العالمية فى ضوء الاهتمام بالتصدير لدعم اقتصاديات الدول.  

وفى ضوء تنشيط السياحة العلاجية استمرارا لتفعيل مبادرة "عشانك يابلدى ووحدتنا العربية وتعاوننا الدولى" ، يتم حضور مسؤولى  كبرى المستشفيات ، والذين يقدموا أكفأ الخدمات الطبية للمجتمع والاستفادة من خدماتها المميزة ، و بحث دور الصحة فى التنمية ، إلى جانب ملف تنشيط السياحة وروافدها المختلفة الدينية والعلاجية والتعليمية والثقافية،  دعماّ للقطاع لما له من أثار مباشرة على التنمية الصناعية والإقتصادية بشكل عام و بناء جسورتعاون مشترك عربي إفريقي و الدول الصديقة ومنها روسيا الاتحادية ودول بريكس.


 

 

مقالات مشابهة

  • نتانياهو وإقالة غالانت.. هل يؤثر القرار على الناخب العربي في الرئاسيات الأميركية؟
  • انطلاق قمة الاستثمار العربي الإفريقي والتعاون الدولي الإثنين المقبل
  • "هناك مبالغة فيه".. أوبك "تقلل " من مخاوف انكماش الطلب على النفط في الصين
  • مصر تشارك في الأسبوع العربي للتراث بعدد من الفعاليات
  • مصر تشارك في الأسبوع العربي للتراث في باريس
  • حيرة الناخب العربي في أمريكا.. معاقبة الديمقراطيين أم إيقاف ترامب؟
  • فيضانات إسبانيا المروعة تكشف: شركات النفط الكبرى تقتلنا
  • نمرود الصهاينة وجرائمه ضد الإنسانية
  • وفاة مهندس بشركة النفط اليمنية في إب
  • "أوبك بلس": تُرجئ زيادة إنتاج النفط المقررة في ديسمبر لمدة شهر