هل يتعظ الجوعى؟
انسحبت روسيا من اتفاقية الحبوب يوم 18 يوليو/تموز بحجة أن قمح أوكرانيا الذي يجري تصديره يذهب لأثرياء أوروبا وليس لفقراء أفريقيا.
وضع أردوغان كل ثقله لإقناع روسيا بتجديد اتفاقية الحبوب والسماح بتدفق قمح أوكرانيا للأسواق، أو البحث عن صيغة جديدة، وإلا تعرض العالم للجوع.
الجميع يتحرك لتفادي أزمة غذاء جديدة إلا حكومات الدول الأكثر استيرادا للقمح! إذ تتجاهل ملف الأمن الغذائي وقطاع الزراعة الحيوي والاكتفاء من السلع الرئيسية.
آلية اتفاقية الحبوب ضمنت تدفق قمح أوكرانيا للأسواق رغم الحصار الروسي لموانئ أوكرانيا وتلغيمها، كما وفرت ممرات آمنة لتصدير الحبوب للدول الفقيرة والمستوردة للغذاء.
* * *
أمس كان يوما مهمّا لدول العالم إذ كانت أسواق الحبوب وحكومات الدول المستوردة للغذاء تترقب نتائج محادثات يجريها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
اللقاء كان مخصصا لبحث ملف رئيسي هو محاولة إعادة إحياء اتفاقية الحبوب التي انسحبت منها موسكو يوم 18 يوليو/تموز بحجة أن القمح الأوكراني الذي يجري تصديره يذهب للدول الثرية في أوروبا وليس لفقراء أفريقيا، ومحاولة بث النشاط في الآلية التي ضمنت تدفق القمح الأوكراني للأسواق رغم محاصرة الجيش الروسي لموانئ أوكرانيا وتلغيمها، كما وفرت ممرات آمنة لتصدير الحبوب إلى الدول الفقيرة والمستوردة للغذاء.
تركيا ورئيسها المقرب من بوتين وضعا كل ثقلهما لإقناع الجانب الروسي بضرورة تجديد اتفاقية الحبوب والسماح بتدفق القمح الأوكراني للأسواق، أو البحث عن صيغة جديدة، وإلا تعرض العالم للجوع.
كما سعت أنقرة لتفادي وقوع أزمة غذاء عالمية في حال إصرار موسكو على موقفها من الانسحاب من اتفاقية الحبوب ومواصلة محاصرة الموانئ، وضرب البنية التحتية للتصدير من صوامع ومخازن وسفن ومرافئ، خاصة أن الدول المنتجة للقمح وغيره من الحبوب تعاني حاليا من ظروف مناخية صعبة، سواء كان جفافا شديدا أو فيضانات غزيرة، أو تشهد أسواقها زيادة في الأسعار دفعتها لوضع قيود على التصدير.
قطر أيضا دخلت على خط الأزمة حينما قدمت مبادرة لتخفيف أزمة الغذاء في العالم، وأبلغت الأطراف المعنية ومنها روسيا وتركيا والأمم المتحدة بإمكانية أن تلعب دوراً في تمويل صفقة الحبوب وتوفير القمح للدول الفقيرة، وعرضت الدوحة سداد ثمن كميات تصل إلى مليون طن من القمح، يجري توزيعها على البلدان الأكثر حاجة عبر تركيا.
كل دول العالم تتحرك لحلحلة هذا الملف الشائك، وإعادة تدفق القمح الأوكراني للأسواق حتى لا تندلع أزمة غذاء وتحدث قفزات في أسعار القمح والذرة والأرز والشعير يدفع ثمنها ملايين الفقراء.
اللافت في الأمر أن الجميع يتحرك لتفادي أزمة غذاء جديدة، ما عدا حكومات الدول الأكثر استيرادا للقمح، فهي تتجاهل كالعادة ملف الأمن الغذائي بالغ الأهمية، وتتجاهل كذلك قطاع الزراعة الحيوي والاكتفاء من السلع الرئيسية.
كل ما تفعله هو الخروج علينا من وقت لآخر معلنة عن وجود خطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب، أو اللهاث وراء دول الفوائض المالية والمؤسسات المالية والداعمين للحصول منها على قمح مجاني أو قروض توجه لشراء الحبوب من الخارج، بغض النظر عن السعر والتكلفة على المواطن والخزانة العامة.
*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي
المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: قمح الغذاء روسيا أوكرانيا بوتين أردوغان تركيا قطر الفقراء قمح أوكرانيا اتفاقية الحبوب الأمن الغذائي الاكتفاء الذاتي أزمة الغذاء في العالم الدول المستوردة القمح الأوکرانی اتفاقیة الحبوب أزمة غذاء
إقرأ أيضاً:
لماذا لا يتعظ عسكر السودان من دروس التاريخ وتجارب الماضي؟
بقلم: إبراهيم سليمان
منذ اندلاع حركة التمرد المسلحة في حامية مدينة توريت عام 1955م، وحتى 15 أبريل 2023م لم يلفح الجيش السوداني، في كسب حرب واحدة على ما تطلق عليها الحركات المسلحة أو المتمردة، في أية بقعة من بقاع السودان الواسعة، ظلت القوات المسلحة السودانية، تكرر الفشل تلو الفشل في تحقيق حسم عسكري، تنهي المواجهات المسلحة، ولم يتعلموا شيئاً من دروس تاريخ الحروب الطويلة، ولم يتعظوا من نصائح الناصحين.
ورغم التفوق الذي كان يتمتع به الجيش السوداني، لوجستياً ومهنياً وسياسياً، على الحركات المسلحة، التي رفعت السلاح في وجه الدولة المركزية، فشل في تحقيق النصر الكاسح والقضاء عليها، قد نجحت في بعض الأحيان في تحجيم أنشطته بعض الحركات المسلحة لتعود أشد منعة، ورغم ذلك يصر الجيش السوداني على تكرار ذات النهج، في حربه الأخير ضد قوات الدعم السريع، التي أخرجت القيادة العامة للجيش السوداني من مقرها، واستولت على الغالبية العظمى من مؤسساتها بالعاصمة ومعظم الولايات، وظلت تلحق بها الهزائم تلو الأخرى في سابقة لم تحدث في تاريخ السودان.
بلا شك انهم يحسدون علي هذا الغباء، فقد رفضوا كافة الوساطات الوطنية والدولية الداعية إلى الجلوس للتفاوض لإنهاء الحرب، مضيعين فرصة قبول قوات الدعم السريع لهذه الدعوات على مضد ودون شروط، والجنوح للحلول السلمية، رغم أن كتائب الإسلاميين قد اعتدت عليها، وهي متفوقة ميدانياً وسياسياً، وقادرة على الحفاظ على التفوق.
هذا الغباء العسكري الملازم للجيش السوداني، ليس له تفسير سوى الغرور وجنون العظمة، والمكابرة الجوفاء، والسفه الوطني المشين، تسببوا في مقتل الملايين من أبناء الشعب السوداني، وأهدروا المليارات من الدولارات في نيران الحرب، ودمروا المئات من المنشآت الحيوية، طيلة حروبهم الممتدة بطول البلاد وعرضها، وهم يدركون في نهاية المطاف، لا خيار لهم سوى الجلوس للتفاوض، ليصبح الذين يطلقون عليهم الآن "شهداء حرب الكرامة"، فطائس، ويضيع البنى التحية للبلاد هدراً!!
هذا الغباء معطون في الجهل السياسي والعسكري، والجاهل عدو نفسه، ولما يمسك الجاهل بالسلاح، لا يتوقع منه سوى التهور والخراب، ويحتاج لمن يتمتع بالحكمة والصبر، لينزع عنه السلاح، قبل أن يلقي به في مهاوي الردى.
فيما يخص الحرب الدائرة الآن، لا شك أن الجيش السوداني، ومن ورائه الحركة الإسلامية المجرمة يأملون في تحقيق تقدم ميداني، واختراق سياسي، يضمن لهم مستقبلا سياسياً، ويوفر لهم الحصانة من المساءلة عن الفساد الشامل والإجرام المركب، متجاهلين أن كافة المعطيات ضدهم، لكن حقدهم الدفين على الشعب السوداني، يزين لهم، قتل الجميع وتدمير كل شيء قبل الانزواء في مذبلة التاريخ.
ناسين أنّ الله قد قيّض لهم بما كسبت أيديهم، من هي قادرة على كسر شوكتهم وإلى الأبد، وأن الشعب السودان، قد شهد على فسادهم وإفسادهم، وعلم علم اليقين نفاقهم وتجارتهم بالدين، وأنه يكرهم كراهية العمى، متجاهلين أن ثورة ديسمبر المجيدة لا تزال هامدة تحت رماد حربهم العبثية، وأن شباب الثورة "الراكب راسو" لم ولن ينسوا دماء رفاقهم الشهداء، وأنهم لهم بالمرصاد، ومتناسين أنهم منبوذون من العالم، وليس لهم صليح إقليمياً، فأنى لهم التناوش بعد الموت في أبريل 2019؟
ebraheemsu@gmail.com
//أقلم متّحدة ــ العدد ــ 174//