عربي21:
2024-07-07@05:50:30 GMT

آه لو جُمّد الاستيطان على الأقل!

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

«هذه أول مرة سيرتفع فيها علم فلسطينيي على أرض فلسطينية محررة، هذا مكسب معناه أن شعبنا ثُبت على الخريطة السياسية والجغرافية في النظام العالمي الجديد (..) أقول إلى أهلي وربعي، إلى أحبائي ورفاقي، إلى كل المجاهدين والمناضلين، أطفالا ونساءً ورجالا، نحن كما قلت لكم على موعد مع النصر، نحن على موعد مع الفجر».



ما زالت كلمات الراحل ياسر عرفات تتردد على مسمعي كأنها البارحة. كان ذلك قبل ثلاثين عاما كاملة عندما أجريت معه مقابلة على متن الطائرة المغربية التي أقلته من تونس إلى واشنطن للاحتفال في حديقة البيت الأبيض بالتوقيع على «اتفاق إعلان المبادئ» المعروف أكثر باتفاق أوسلو.

ترى ماذا كان يمكن أن يقول «الختيار» اليوم لو أمد الله في عمره بعد ثلاثة عقود من هذا الكلام الحالم الذي تحطم على صخور التطرف الإسرائيلي والنفاق الدولي والخذلان العربي؟

صُوّر الزعيم الفلسطيني، بعد أقل من عشر سنوات من هذا الحدث، على أنه «عقبة في طريق السلام» الذي كان يؤمل أن يتوج بقيام دولة فلسطينية بعد الشروع في بحث ما سمي بقضايا الوضع الدائم وهي الحدود والمياه والمستوطنات والقدس واللاجئين. وحين جاء محمود عباس (أبو مازن) خلفا لعرفات بعد رحيله الدرامي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2004، شرع في الترويج، أو الإيهام بشكل أدق، أن الأمور أصبحت سالكة، بعد أن تخلصت إسرائيل من الرجل الذي حاصرته في مقره في رام الله لأشهر وقصفته، وتخلى عنه القريب والبعيد، حتى لقي ربه في عملية تسميم مدبرة لم يكشف النقاب الكامل عن تفاصيلها، وخاصة الأطراف الفلسطينية التي قد تكون تورطت فيها بشكل أو بآخر.
عمليا لم يبق من الأراضي في الضفة الغربية ما يمكن أن تقوم عليه دولة فلسطينية مستقلة متصلة جغرافيا وجديرة بهذا الاسم
ثلاثون عاما انتكست فيها القضية الفلسطينية وتراجعت، كما لم يحصل من قبل، ولولا صمود الناس في الضفة والقطاع وإصرارهم على رفض الأمر الواقع الإسرائيلي لقيل بكل سهولة أن هذه القضية قبرت وانتهت. وقد زاد هذا الوضع إيلاما انقسام الفلسطينيين بين «حماس» التي أعجبها أن تكون حاكمة، ولو لقطاع مخنوق ومغلوب على أمره، و«فتح» التي اهترأت سلطتها في الضفة بحكم الاستنزاف الإسرائيلي وغياب الحوكمة الرشيدة.

وإذا ما عدنا إلى «قضايا الحل الدائم» التي أجلت طوال هذه العقود حتى كادت تنسى، فإننا نجد أن ما أبقى قضية القدس حية على الدوام هو صمود أهلها الكبير رغم قلة الإمكانات، فيما تاهت قضايا الحدود والمياه واللاجئين، أما قضية المستوطنات (وهي مدن كاملة زرعت على الأرض الفلسطينية وبين الأهالي) فقد كانت الغلطة القاتلة التي أوصلت الأمور إلى ما وصلت الآن من عربدة المستوطنين وإجرامهم في الضفة الغربية.

في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1991 لبحث إمكانية وشكل المشاركة في «مؤتمر مدريد للسلام» الذي دعا إليه الرئيس جورج بوش الأب بعد حرب الكويت، كان المتحدث باسم منظمة التحرير آنذاك الراحل أحمد عبد الرحمن لا يفك عن التأكيد، وفي كل تصريح، على أنه لا مجال لدخول لأي مفاوضات دون وقف الاستيطان الإسرائيلي، لكن ذلك لم يحدث وليتهم أصروا عليه بقوة.

لو تمسك الفلسطينيون بهذا الشرط، على الأقل، لبقيت هناك أرض يمكن التفاوض بشأن مصيرها، عوض هذا الواقع المرير الذي لم تعد فيه الضفة الغربية بالضفة التي عرفوها، سواء عام 1991 إبان انطلاق ما سمي بعملية السلام وفق مبدأ «الأرض مقابل السلام» أو عام 1993 حين دخلوا في مفاوضات سرية قبلوا فيها إرجاء بحث هذه القضية المصيرية.

لقد تضاعف عدد المستوطنين أربع مرات من بداية التسعينيات إلى الآن، ووفق معهد أريج في بيت لحم، كانت المستوطنات عام 1992 بعدد 172 وعدد المستوطنين 248 ألفا (الضفة والقدس وغزة) أما عام 2023 فعدد المستوطنات بلغ 201، زائد 243 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية بما فيها القدس، فيما وصل عدد المستوطنين إلى 950 ألفا.

عندما تلقي نظرة على خريطة الضفة الغربية وتنظر إلى الاستيطان كيف تمدد على مر هذه السنوات فستكتشف أنه أشبه ما يكون بصورة أشعة طبية لامتداد سرطاني في الرئة، أو تليف في الكبد، عافاكم الله.

لا مكان لمفردة (لو) في السياسة، ولا معنى بالتأكيد للتحسر على ما فات، لكن الأكيد أن منظمة التحرير لو ربطت أي مشاركة لها في أي تسوية أو مفاوضات بشرط واحد على الأقل، وهو الوقف الكامل للاستيطان، إلى حين التوصل إلى تسوية نهائية لما وصلت الأمور إلى هذه الدرجة من السوء ومن الانسداد الكامل للآفاق.

عمليا لم يبق من الأراضي في الضفة الغربية ما يمكن أن تقوم عليه دولة فلسطينية مستقلة متصلة جغرافيا وجديرة بهذا الاسم، كما أنه من الصعب جدا أن نرى مئات الآلاف من المستوطنين تغادر الأراضي المحتلة، اللهم مكرهين وفي سياق مختلف تماما من موازين القوى، وهذه قصة أخرى طويلة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطينية أوسلو منظمة التحرير الاستيطان فلسطين أوسلو الاستيطان منظمة التحرير مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

ذروة الاستيطان.. هل تقضي تحركات الحكومة اليمينية بإسرائيل على فرص حل الدولتين؟

اعتبرت منظمة "السلام الآن" المناهضة للاستيطان، أن عام 2024 شكّل "الذروة" في مصادرة الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة، ليصبح من الواضح أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي وُصفت بأنها "الأكثر تطرفًا" في تاريخ البلاد، تعمل على تنفيذ أفكارها المناهضة لفكرة وجود دولة فلسطينية.

وقالت المنظمة، الأربعاء، إن إسرائيل وافقت على أكبر عملية مصادرة للأراضي في الضفة الغربية منذ أكثر من 3 عقود، مما يزيد من حدة التوترات في ظل الحرب المتواصلة منذ 9 أشهر في قطاع غزة.

وأوضحت المنظمة أن السلطات الإسرائيلية وافقت أواخر الشهر الماضي على مصادرة 12.7 كيلومتر مربع من الأراضي في غور الأردن، لكن لم يتم الإعلان عن القرار إلا الأربعاء، وفق وكالة أسوشيتد برس.

جاء القرار بعد مصادرة 8 كيلومترات مربعة من أراضي الضفة الغربية في مارس، و2.6 كيلومتر مربع في فبراير.

وأكدت المنظمة أن ذلك يجعل عام 2024 هو "عام الذروة لمصادرة الأراضي في الضفة الغربية".

"مساران" وفكرة مرفوضة

رأى المحلل الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن "أحد مهام اليمين الإسرائيلي المتطرف سواء كان برئاسة بنيامين نتانياهو أو غيره، هو منع وجود دولة فلسطينية".

وطالما عارض نتانياهو، ومعه وزراء في ائتلافه الحكومي، أبرزهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، فكرة حل الدولتين وتأسيس دولة فلسطينية.

إسرائيل تقوم بأكبر عملية مصادرة لأراضي الضفة الغربية منذ 30 عاما قالت منظمة "السلام الآن" المناهضة للاستيطان، الأربعاء، إن إسرائيل وافقت على أكبر عملية مصادرة للأراضي في الضفة الغربية المحتلة منذ أكثر من ثلاثة عقود، ما من شأنه أن يفاقم التوترات بشأن الحرب الإسرائيلية على حركة حماس.

وأضاف مطاوع في تصريحات لموقع "الحرة"، أن مساعي اليمين المتطرف "تأتي في مسارين، الأول يتمثل في الاستيطان والاستيلاء على المزيد من الأراضي بالضفة الغربية، والثاني يشمل تغيير الوضع الديموغرافي الفلسطيني، ليصبح عدد الفلسطينيين على أرض فلسطين التاريخية أقل من عدد اليهود".

وأضاف: "عدد الفلسطينيين حاليًا يزيد بحوالي 200 ألف (عن الإسرائيليين)، وربما دفع ذلك إسرائيل إلى تدمير قطاع غزة بشكل كامل، لدفع مواطنيه لمغادرته في اليوم التالي للحرب".

وبموجب اتفاقيات السلام التي أبرمت في التسعينيات، تمارس السلطة الفلسطينية حكما ذاتيا محدودا في الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.

ويعتبر الفلسطينيون ومعظم المجتمع الدولي، المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية غير قانونية، فيما ترفض إسرائيل ذلك، مشيرة إلى "روابط تاريخية وتوراتية وسياسية" لليهود بالمنطقة، فضلا عن اعتبارات أمنية، وفق وكالة رويترز.

من جانبه، قال المحلل الإسرائيلي، يوآب شتيرن، إنه "فيما يتعلق بحل الدولتين، فما تقوم به الحكومة الإسرائيلية يدل على نواياها، وهي التحرك بالأفعال لعرقلة حل الدولتين".

حصيلة قتلى غزة تتخطى عتبة الـ38 ألفا قالت وزارة الصحة في قطاع غزة، الخميس، إن عدد القتلى الفلسطينيين منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي في السابع من أكتوبر  تجاوز 38 ألف قتيلا.

وأضاف في تصريحات لموقع "الحرة": "الحكومة لا تؤمن بحل الدولتين، وسبق أن صرح سموتريتش أن مشروع حياته هو إنهاء فكرة إقامة دولة فلسطينية.. ما نراه من مصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات يدل على الاتجاه الذي تفضله الحكومة، وهو التحرك بعيدا كل البعد عن حل الدولتين".

"وضع أسوأ" للفلسطينيين

الشهر الماضي، كشف مسؤول إسرائيلي محاولات وجهود "سرية" من أجل تعزيز سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية وضمها رسميا من دون رجعة، حسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

واستعرض التقرير تسجيلا لخطاب ألقاه سموتريش، تحدث فيه عن جهود "السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية".

وألقى سموتريش الخطاب في مناسبة خاصة بالتاسع من يونيو الحالي، مؤكدا ضرورة وضع هدف "منع الضفة الغربية أن تصبح جزءا من دولة فلسطينية".

وقال سموتريش لمستوطنين: "أنا أقول لكم، إنه أمر درامي للغاية.. مثل هذه التغييرات تغيّر الحمض النووي للنظام".

ولفتت الصحيفة إلى أنه رغم تزايد الضغوط الدولية لإعلان الدولة الفلسطينية والاعتراف بها، فإن تعليقات وتحركات سموتريش تشير إلى أن إسرائيل "تعمل بهدوء على إحكام سيطرتها على الضفة الغربية، وتجعل من الصعب عليها الانفصال عن السيطرة الإسرائيلية".

وزير إسرائيلي يتحدث عن "خطط سرية" للسيطرة على الضفة الغربية كشف مسؤول إسرائيلي محاولات وجهود "سرية" من أجل تعزيز سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية وضمها رسميا من دون رجعة، بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.

وقال شتيرن في حديثه للحرة: "هذه الحكومة ليست شريكا في خطة حل الدولتين، بل ترى أن استمرار وتوسيع الاحتلال والسيطرة على الأراضي الفلسطينية هو الحل الأفضل لإسرائيل".

واحتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية في حرب عام 1967، ويريد الفلسطينيون المناطق الثلاث لدولتهم المستقبلية.

وقال مطاوع إن تلك الخطوات من الحكومة الإسرائيلية "سيكون لها تأثير بالتأكيد، لأنه كلما ابتعدت فرص السلام وإقامة دولة فلسطينية، كلما ابتعدت قدرة الولايات المتحدة على تقديم مسار مقبول يتيح دعمه من طرف الدول العربية، ولذلك من مصلحة أميركا بقاء حل الدولتين مطروحا، وليس بالضرورة تنفيذه".

وبنت إسرائيل أكثر من 100 مستوطنة في مختلف أنحاء الضفة الغربية، وبعضها يشبه الضواحي المتطورة أو البلدات الصغيرة، وهي موطن لأكثر من 500 ألف مستوطن يهودي يحملون الجنسية الإسرائيلية، وفق أسوشيتد برس.

بنيامين نتانياهو (يسار) برفقة سموتريتش

ويعيش 3 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية تحت حكم عسكري إسرائيلي، حيث السلطة الفلسطينية ممنوعة من العمل في 60 بالمئة من الأراضي التي تقع فيها المستوطنات.

وواصل مطاوع حديثه بالقول: "هذه الحكومة وضعت الأسس الرئيسية لإنهاء حل الدولتين، وبرأيي فإنه ستأتي حكومة بعد ذلك، وخصوصا لو وصل (الرئيس الأميركي السابق دونالد) ترامب للحكم، وتعمل على وضع أسس لإنهاء فكرة الدولة الفلسطينية وطرح حلول أخرى على العالم، لكنها بالطبع لن تلبي طموحات الشعب الفلسطيني".

أما شتيرن، فقال ردا على فكرة إمكانية اندلاع أعمال عنف في الضفة الغربية حال عدم وجود أفق لحل الدولتين: "هناك في صفوف المستوطنين من يرغبون في هذا العنف، لأنه سيمكنهم من الرد بشكل أكثر عنفًا، ونحن نعرف من لديه القوة الأكبر".

وبشكل عام بالنسبة للحكومة الإسرائيلية الحالية "هي تفضل عدم التوجه نحو حل الدولتين وتعمل على تقويض إمكانية حدوثه وتسعى لاستمرار الوضع الحالي، بل وجعله أسوأ بالنسبة للفلسطينيين"، وفق شتيرن.

مقالات مشابهة

  • مستوطنون يحرقون أراضي الفلسطينيين شرق رام الله (شاهد)
  • الأردن.. مسيرة تضامنية مع مقاومة الضفة بوجه الاستيطان
  •  تصاعد محاولات المستوطنين الاستيلاء على "نبع غزال" بالأغوار الفلسطينية
  • النرويج تندد بـ "شرعنة" إسرائيل لبؤر استيطانية جديدة
  • تصاعد محاولات المستوطنين الاستيلاء على نبع غزال بالأغوار الفلسطينية
  • الاستيطان في الضفة الغربية يتوسع من بوابة المحميات الطبيعية
  • خارجية النرويج: الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية "غير مقبول وغير قانوني" ويقوض "حل الدولتين"
  • ذروة الاستيطان.. هل تقضي تحركات الحكومة اليمينية بإسرائيل على فرص حل الدولتين؟
  • الضفة بمواجهة مجرفة الاستيطان والضم .. ما المطلوب فعله؟
  • الضفة أمام مجرفة الاستيطان والضم .. ما المطلوب فعله؟