الخليج الجديد:
2025-02-23@23:36:46 GMT

قمّة العشرين وما بعد قناة السويس

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

قمّة العشرين وما بعد قناة السويس

قمّة العشرين وما بعد قناة السويس

شهدت خريطة العالم عدّة مشروعات للربط بين الشرق والغرب، تمثل بدائل لقناة السويس.

يتألف المشروع الجديد من ممرّين منفصلين: شرقي يربط الهند والخليج العربي، وشمالي يربط الخليج وأوروبا.

يحقّق المشروع توازنًا لا غنى عنه للمصالح الغربية بين علاقات دول الخليج المتنامية مع الصين، وعلاقتها التاريخية مع الغرب.

أطلقت قمّة العشرين طلقة أولى في مواجهة عالمية تتجاوز الاقتصاد لما هو أبعد: مشروع يحوِّل السعودية إلى جسرٍ بين آسيا وأوروبا.

تنفيذ الممرّ الجديد، وما سبقه من مشروعات، يهدّد دور القناة التاريخي، لكنها جميعًا لا تعني طيّ صفحة من تاريخ العالم الحديث اسمها "قناة السويس".

لغة إطلاق المشروع تعكس طموحًا كبيرًا، فهو "ممرٌّ" اقتصادي يربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا، ووصفه الرئيس الأميركي باتفاق "تاريخي" و"سيغيّر قواعد اللعبة"!

يولد المشروع في سياق صراعٍ دوليٍّ ضارٍ بين الغرب والصين، ويمثّل مشروع "الحزام والطريق" الصيني أهم أدواته والآن يدخل الغرب بمواجهة مباشرة بمشروع من النوع نفسه "يغيّر قواعد اللعبة".

من باب الاقتصاد وإعادة هيكلة حركة السلع التقليدية والرقمية، يعيد الغرب تحديد "الأوزان النسبية" لدول المنطقة، بعد سنوات سيولةٍ سياسيةٍ شهدت مخاطر حقيقية أبرزها حصار قطر.

* * *

في غياب الرئيسين الروسي والصيني، أطلقت قمّة العشرين طلقة أولى في مواجهة عالمية تتجاوز الاقتصاد إلى ما هو أبعد: مشروع يحوِّل السعودية إلى جسرٍ بين آسيا وأوروبا، ويأتي الإعلان المفاجئ بعد أيام من توقيع اتفاق ثلاثي (إسرائيل، قبرص، اليونان) يستبعد مصر من ترتيبات مهمّة لنقل غاز شرق المتوسط إلى أوروبا.

وأهم ما في مشروع القمّة أنه ينضم إلى قائمة مشروعاتٍ ستشكل خصمًا من رصيد قناة السويس ودور مصر التاريخي في الأجل المنظور. والمتاح عن المشروع من معلوماتٍ لا يتجاوز ما أُعلن في بيان تدشينه، لكن لغة إطلاق المشروع تعكس طموحًا كبيرًا، فهو "ممرٌّ" اقتصادي يربط الهند وأوروبا والشرق الأوسط، ووصفه الرئيس الأميركي، جو بايدن، بأنه اتفاق "تاريخي" و"سيغيّر قواعد اللعبة"!

وعلى المستوى الجيوستراتيجي، قال الرئيس الأميركي إنه يؤدّي إلى "شرق أوسطٍ أكثر استقرارًا وازدهارًا وتكاملًا"، ويضم المخطّط دولا عدة، ويشمل مشروعات سكك حديدية وربط موانئ بحرية وخطوطًا لنقل الكهرباء والهيدروجين، وكابلات لنقل البيانات.

والأطراف الموقّعة (أميركا، السعودية، الإمارات، الاتحاد الأوروبي، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا) لا تشمل مصر، ويرتفع سقف طموح المخطط ليشمل سككا حديدية جديدة من أنغولا إلى زامبيا والمحيط الهندي. ويتألف المشروع الجديد من ممرّين منفصلين: شرقي يربط الهند والخليج العربي، وشمالي يربط الخليج وأوروبا.

وقبل هذا المشروع، الذي كُشِف عنه فجأة، وخلال سنوات قليلة، شهدت خريطة العالم عدّة مشروعات للربط بين الشرق والغرب، تمثل بدائل لقناة السويس. روسيا تتحرّك في اتجاهين: ممر شمالي قطبي يعمل حاليًا عدة أشهر، وخلال أعوام قليلة سيكون ممرًا بين أقصى شرق آسيا وغرب أوروبا بكلفة أقلّ وخلال زمن أقصر، وفي اتجاه الجنوب تخطّط روسيا لربط الهند وإيران بممر "شمال – جنوب" الذي ينقل البضائع بين عدة دول، أهمها الهند، من دون المرور في قناة السويس.

وأبرمت الإمارات اتفاقًا للنقل مع إيران وتركيا (ممرّ الشارقة – مرسين) لنقل البضائع إلى أوروبا من دون المرور بالقناة. أما العراق فجمع عدة دول في مشروع مشترك للنقل الدولي يسمّى "طريق التنمية" يبدأ من ميناء "الفاو الكبير" عبر خط سكك حديد فائق السرعة لنقل ملايين الحاويات بين شمال الخليج العربي والموانئ التركية.

وإذا تحقّق ما تتحدّث عنه إسرائيل من وجود مخطّط لربط إسرائيل بالسعودية عبر شبكة سكك حديد وخطوط أنابيب، فإن طريق التواصل التاريخي بين الشرق والغرب، الذي كان أحد أهم العوامل المؤثرة في تاريخ مصر الوسيط والحديث، بل كان دور الجسر التاريخي باب عواصف سياسية وعسكرية ليس آخرها حرب السويس (1956). والإعلان المفاجئ عن تدشين المشروع الجديد في "قمّة العشرين" يحمل دلالات كثيرة مهمة جدا.

يولد المشروع تحت سقف صراعٍ دوليٍّ ضارٍ بين الغرب والصين، ويمثّل مشروع "الحزام والطريق" الصيني أحد أهم أدواته على الإطلاق، وبعد تردّد غربي يدخل الحلفاء الغربيون في مواجهة مباشرة بمشروع من النوع نفسه، يمكن، كما عبّر الرئيس الأميركي، أن "يغيّر قواعد اللعبة".

وبتوقيع الاتفاق تكون "عصا البلياردو الغربية" قد ضربت عدّة كرات، أولها تقديم حافز كافٍ للهند لتحسم "تأرجحها" بين الغرب وروسيا، وهي في أشدّ الحاجة إلى ما يدعمها في تنافسها مع الصين.

في الوقت نفسه، يحقّق المشروع توازنًا لا غنى عنه للمصالح الغربية بين علاقات دول الخليج المتنامية مع الصين، وعلاقتها التاريخية مع الغرب، ومن باب الاقتصاد وإعادة هيكلة حركة السلع التقليدية والرقمية، يعيد الغرب تحديد "الأوزان النسبية" لبعض دول المنطقة، بعد سنوات سيولةٍ سياسيةٍ شهدت مخاطر حقيقية (لعل أكثرها وضوحًا سنوات حصار قطر).

وخليجيًا، يحرّر الممر الجديد دول شبه الجزيرة من قيود جغرافية كبلتها لعقود طويلة، وهو سيحولها من "مُهدَّدة" بوضع جغرافي محفوف بالمخاطر، إلى مرتكز لأحد أهم ممرات التجارة في العالم.

وتنفيذ الممرّ الجديد، وما سبقه من مشروعات، يهدّد الدور التاريخي للقناة، لكنها جميعًا لا تعني طيّ صفحة من تاريخ العالم الحديث اسمها "قناة السويس"!

والأرجح أن هذه المشروعات ستكتب نهاية الهالة الأسطورية التي أحاطت بالقناة منذ حفرها، وستغيّر "الوزن النسبي لمصر" إقليميًا ودوليًا.. وستبقى القناة، وإلى أجل لا يعلمه إلا الله، أحد أهم الممرّات البحرية العسكرية في العالم.

*ممدوح الشيخ كاتب وباحث مصري

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب أميركا بايدن الهند الصين الحزام والطريق قناة السويس الممرات البحرية قمة العشرين الرئیس الأمیرکی ر قواعد اللعبة قناة السویس یربط الهند

إقرأ أيضاً:

بدلاً من رأس الرجاء.. 47 سفينة تعدل مسار رحلاتها للعبور من قناة السويس

شارك الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، اليوم الأحد، في افتتاح فعاليات المؤتمر السنوي الدولي للنقل البحري واللوجستيات (مارلوج) في نسخته الرابعة عشر، والذي تنظمه الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري تحت رعاية جامعة الدول العربية وبالتعاون مع وزارة النقل، خلال الفترة من ٢٣_ ٢٥ فبراير الجاري.

جاء ذلك بحضور الوزير الفضيل ولد سيداتي وزير الصيد والبنى التحتية البحرية والمينائية بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، واللواء نهاد شاهين نائب وزير النقل بالإنابة عن الفريق كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير النقل، والفريق أحمد خالد حسن محافظ الإسكندرية، والأستاذ الدكتور إسماعيل عبد الغفار رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، وبمشاركة عدد كبير من مسئولي صناعة النقل البحري عربيا وإقليميا ودوليا.

في كلمته، أعرب الفريق أسامة ربيع عن تقديره لما يمثله انعقاد مؤتمر مارلوج الدولي من أهمية كبرى في هذا التوقيت البالغ الأهمية في ظل المتغيرات الجيوسياسية الحالية والتحديات الاقتصادية التي تعيد تشكيل خريطة التوازنات العالمية.

وأشاد الفريق ربيع باهتمام المؤتمر بإلقاء الضوء على  تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي أصبحت أداة محورية لتعزيز المرونة والابتكار في العديد من القطاعات الحيوية لاسيما مجال النقل واللوجيستيات.

وأكد رئيس الهيئة على أن أزمة البحر الأحمر فرضت تحديات أمنية غير مسبوقة بالمنطقة بما انعكس سلبا  على استقرار واستدامة سلاسل الإمداد العالمية بما يتطلب تضافر الجهود نحو العمل المشترك لاحتواء التبعات السلبية وضمان استمرارية الخدمات البحرية بالمنطقة.

واستعرض الفريق ربيع الجهود التي بذلتها الهيئة لتقليل تأثيرات الأزمة على عملائها من خلال تحقيق التواصل المستمر والفعال والمباشر مع الخطوط الملاحية واستقرار السياسات التسعيرية بالإضافة إلى استحداث حزمة الخدمات البحرية واللوجيستية لتلبية متطلبات العملاء في الظروف الاعتيادية والطارئة وأبرزها خدمة صيانة وإصلاح السفن، والإنقاذ البحري، ومكافحة التلوث، والإسعاف البحري، و تبديل الأطقم البحرية، والتزود بالوقود.

وتابع الفريق ربيع أن المباحثات المشتركة مع الخطوط الملاحية واستشعار العديد من العملاء وجود مؤشرات إيجابية لعودة الاستقرار إلى منطقة البحر الأحمر أثمرت عن قيام 47 سفينة منذ بداية الشهر الجاري بتعديل مسار رحلاتها للعبور بقناة السويس بدلاً من طريق رأس الرجاء الصالح، متوقعا عودة المزيد من الخطوط الملاحية للعبور من قناة السويس مع استمرار حالة الاستقرار في المنطقة.

وأضاف رئيس الهيئة أن التحديات المختلفة لم تكن عائقاً أمام قناة السويس لاستكمال خطط التطوير الطموحة بفضل دعم ورعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، للحفاظ على جاهزية القناة والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للعملاء.

وأشار الفريق ربيع إلى أن قناة السويس نجحت في تحقيق إنجاز جديد على صعيد البنية التحتية وتطوير المجرى الملاحي بانتهاء مشروع تطوير القطاع الجنوبي بشقيه وتشغيله أمام حركة التجارة العالمية للاستفادة بما يحققه من مزايا ملاحية عديدة أبرزها زيادة عامل الأمان الملاحي، وتقليل تأثيرات التيارات المائية على السفن العابرة، علاوة على  زيادة الطاقة الاستيعابية للقناة بمعدل من ٦_ ٨ سفن.

وتطرق رئيس الهيئة إلى استمرار الجهود الرامية نحو توطين صناعة بناء الوحدات البحرية المختلفة في الترسانات والشركات التابعة للهيئة، معلنا إنشاء أول مصنع لبناء البنتونات الخرسانية العائمة بشركة القناة للموانئ إحدى الشركات التابعة للهيئة ليكون إضافة قوية كأول مصنع متخصص في هذا المجال في مصر و إفريقيا لبناء البنتونات اللازمة لإنشاء مراين اليخوت ومراسي العائمات الصغيرة بتكلفة تقل ٦٠٪  عن التكلفة الإجمالية لاستيراد تلك البنتونات.

وأوضح الفريق أن قناة السويس نجحت في اتخاذ خطوات جادة نحو ترسيخ صناعة القاطرات البحرية بطرازات مختلفة في ترسانات وشركات الهيئة و بالتعاون مع القطاع الخاص، بالإضافة إلى الخبرات الكبيرة التي تتمتع بها شركات وترسانات الهيئة  في مجال بناء اللنشات البحرية والصالات و الكباري العائمة والمعديات.

في ختام الجلسة الافتتاحية، تفقد الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس الجناح المخصص للشركات التابعة للهيئة في معرض الخدمات والمعدات البحرية IME 2025 الذي يقام على هامش مؤتمر مارلوج، بمشاركة واسعة للشركات المحلية والعالمية في مجال خدمات الموانيء والنقل البحري والبترول وغيرها.

مقالات مشابهة

  • هل عادت حركة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها؟
  • استمرار محاولة إنقاذ أشخاص محاصرين داخل نفق في الهند
  • شاهد.. استمرار إنقاذ محاصرين داخل نفق في الهند
  • قناة السويس تستقطب 47 سفينة من طريق رأس الرجاء الصالح في فبراير الجاري
  • رئيس هيئة قناة السويس: إنشاء أول مصنع لـ«البنتونات» الخرسانية العائمة
  • مصر: 47 سفينة علرت قناة السويس بدل الرجاء الصالح في فبراير
  • بدلاً من رأس الرجاء.. 47 سفينة تعدل مسار رحلاتها للعبور من قناة السويس
  • الهند تؤكد تأييدها لأولويات جنوب أفريقيا فى رئاستها لمجموعة العشرين
  • أمريكا تعفي قائد حاملة طائرات بعد حادث السويس
  • إعفاء قائد حاملة طائرات أمريكية من منصبه بعد الاصطدام بسفينة قرب قناة السويس