قمّة العشرين وما بعد قناة السويس
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
قمّة العشرين وما بعد قناة السويس
شهدت خريطة العالم عدّة مشروعات للربط بين الشرق والغرب، تمثل بدائل لقناة السويس.
يتألف المشروع الجديد من ممرّين منفصلين: شرقي يربط الهند والخليج العربي، وشمالي يربط الخليج وأوروبا.
يحقّق المشروع توازنًا لا غنى عنه للمصالح الغربية بين علاقات دول الخليج المتنامية مع الصين، وعلاقتها التاريخية مع الغرب.
أطلقت قمّة العشرين طلقة أولى في مواجهة عالمية تتجاوز الاقتصاد لما هو أبعد: مشروع يحوِّل السعودية إلى جسرٍ بين آسيا وأوروبا.
تنفيذ الممرّ الجديد، وما سبقه من مشروعات، يهدّد دور القناة التاريخي، لكنها جميعًا لا تعني طيّ صفحة من تاريخ العالم الحديث اسمها "قناة السويس".
لغة إطلاق المشروع تعكس طموحًا كبيرًا، فهو "ممرٌّ" اقتصادي يربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا، ووصفه الرئيس الأميركي باتفاق "تاريخي" و"سيغيّر قواعد اللعبة"!
يولد المشروع في سياق صراعٍ دوليٍّ ضارٍ بين الغرب والصين، ويمثّل مشروع "الحزام والطريق" الصيني أهم أدواته والآن يدخل الغرب بمواجهة مباشرة بمشروع من النوع نفسه "يغيّر قواعد اللعبة".
من باب الاقتصاد وإعادة هيكلة حركة السلع التقليدية والرقمية، يعيد الغرب تحديد "الأوزان النسبية" لدول المنطقة، بعد سنوات سيولةٍ سياسيةٍ شهدت مخاطر حقيقية أبرزها حصار قطر.
* * *
في غياب الرئيسين الروسي والصيني، أطلقت قمّة العشرين طلقة أولى في مواجهة عالمية تتجاوز الاقتصاد إلى ما هو أبعد: مشروع يحوِّل السعودية إلى جسرٍ بين آسيا وأوروبا، ويأتي الإعلان المفاجئ بعد أيام من توقيع اتفاق ثلاثي (إسرائيل، قبرص، اليونان) يستبعد مصر من ترتيبات مهمّة لنقل غاز شرق المتوسط إلى أوروبا.
وأهم ما في مشروع القمّة أنه ينضم إلى قائمة مشروعاتٍ ستشكل خصمًا من رصيد قناة السويس ودور مصر التاريخي في الأجل المنظور. والمتاح عن المشروع من معلوماتٍ لا يتجاوز ما أُعلن في بيان تدشينه، لكن لغة إطلاق المشروع تعكس طموحًا كبيرًا، فهو "ممرٌّ" اقتصادي يربط الهند وأوروبا والشرق الأوسط، ووصفه الرئيس الأميركي، جو بايدن، بأنه اتفاق "تاريخي" و"سيغيّر قواعد اللعبة"!
وعلى المستوى الجيوستراتيجي، قال الرئيس الأميركي إنه يؤدّي إلى "شرق أوسطٍ أكثر استقرارًا وازدهارًا وتكاملًا"، ويضم المخطّط دولا عدة، ويشمل مشروعات سكك حديدية وربط موانئ بحرية وخطوطًا لنقل الكهرباء والهيدروجين، وكابلات لنقل البيانات.
والأطراف الموقّعة (أميركا، السعودية، الإمارات، الاتحاد الأوروبي، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا) لا تشمل مصر، ويرتفع سقف طموح المخطط ليشمل سككا حديدية جديدة من أنغولا إلى زامبيا والمحيط الهندي. ويتألف المشروع الجديد من ممرّين منفصلين: شرقي يربط الهند والخليج العربي، وشمالي يربط الخليج وأوروبا.
وقبل هذا المشروع، الذي كُشِف عنه فجأة، وخلال سنوات قليلة، شهدت خريطة العالم عدّة مشروعات للربط بين الشرق والغرب، تمثل بدائل لقناة السويس. روسيا تتحرّك في اتجاهين: ممر شمالي قطبي يعمل حاليًا عدة أشهر، وخلال أعوام قليلة سيكون ممرًا بين أقصى شرق آسيا وغرب أوروبا بكلفة أقلّ وخلال زمن أقصر، وفي اتجاه الجنوب تخطّط روسيا لربط الهند وإيران بممر "شمال – جنوب" الذي ينقل البضائع بين عدة دول، أهمها الهند، من دون المرور في قناة السويس.
وأبرمت الإمارات اتفاقًا للنقل مع إيران وتركيا (ممرّ الشارقة – مرسين) لنقل البضائع إلى أوروبا من دون المرور بالقناة. أما العراق فجمع عدة دول في مشروع مشترك للنقل الدولي يسمّى "طريق التنمية" يبدأ من ميناء "الفاو الكبير" عبر خط سكك حديد فائق السرعة لنقل ملايين الحاويات بين شمال الخليج العربي والموانئ التركية.
وإذا تحقّق ما تتحدّث عنه إسرائيل من وجود مخطّط لربط إسرائيل بالسعودية عبر شبكة سكك حديد وخطوط أنابيب، فإن طريق التواصل التاريخي بين الشرق والغرب، الذي كان أحد أهم العوامل المؤثرة في تاريخ مصر الوسيط والحديث، بل كان دور الجسر التاريخي باب عواصف سياسية وعسكرية ليس آخرها حرب السويس (1956). والإعلان المفاجئ عن تدشين المشروع الجديد في "قمّة العشرين" يحمل دلالات كثيرة مهمة جدا.
يولد المشروع تحت سقف صراعٍ دوليٍّ ضارٍ بين الغرب والصين، ويمثّل مشروع "الحزام والطريق" الصيني أحد أهم أدواته على الإطلاق، وبعد تردّد غربي يدخل الحلفاء الغربيون في مواجهة مباشرة بمشروع من النوع نفسه، يمكن، كما عبّر الرئيس الأميركي، أن "يغيّر قواعد اللعبة".
وبتوقيع الاتفاق تكون "عصا البلياردو الغربية" قد ضربت عدّة كرات، أولها تقديم حافز كافٍ للهند لتحسم "تأرجحها" بين الغرب وروسيا، وهي في أشدّ الحاجة إلى ما يدعمها في تنافسها مع الصين.
في الوقت نفسه، يحقّق المشروع توازنًا لا غنى عنه للمصالح الغربية بين علاقات دول الخليج المتنامية مع الصين، وعلاقتها التاريخية مع الغرب، ومن باب الاقتصاد وإعادة هيكلة حركة السلع التقليدية والرقمية، يعيد الغرب تحديد "الأوزان النسبية" لبعض دول المنطقة، بعد سنوات سيولةٍ سياسيةٍ شهدت مخاطر حقيقية (لعل أكثرها وضوحًا سنوات حصار قطر).
وخليجيًا، يحرّر الممر الجديد دول شبه الجزيرة من قيود جغرافية كبلتها لعقود طويلة، وهو سيحولها من "مُهدَّدة" بوضع جغرافي محفوف بالمخاطر، إلى مرتكز لأحد أهم ممرات التجارة في العالم.
وتنفيذ الممرّ الجديد، وما سبقه من مشروعات، يهدّد الدور التاريخي للقناة، لكنها جميعًا لا تعني طيّ صفحة من تاريخ العالم الحديث اسمها "قناة السويس"!
والأرجح أن هذه المشروعات ستكتب نهاية الهالة الأسطورية التي أحاطت بالقناة منذ حفرها، وستغيّر "الوزن النسبي لمصر" إقليميًا ودوليًا.. وستبقى القناة، وإلى أجل لا يعلمه إلا الله، أحد أهم الممرّات البحرية العسكرية في العالم.
*ممدوح الشيخ كاتب وباحث مصري
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الغرب أميركا بايدن الهند الصين الحزام والطريق قناة السويس الممرات البحرية قمة العشرين الرئیس الأمیرکی ر قواعد اللعبة قناة السویس یربط الهند
إقرأ أيضاً:
نور الزيني: حاضنة أعمال بنك قناة السويس تتمكن من إخراج 51 شركة ناشئة
قالت الدكتورة نور الزيني، رئيس قطاع الاتصال المؤسسي والمسئولة المجتمعية ببنك قناة السويس، إن حاضنة أعمال التطبيقات التكنولوجية « Launch Saas» ضمن مبادرة رواد النيل للبنك المركزي، والتي يرعاها البنك تمكنت من إخراج نحو 51 شركة ناشئة، بإجمالي دعم مالي وعيني بلغ 8.24 مليون جنيه خلال 5 سنوات.
وأشارت في كلمتها بمؤتمر pafix بمعرض 2024 Cairo ICT، إلى أن عدد الشركات الناشئة المدعومة بالتدريب بلغت 114 شركة ناشئة، وإجمالي عدد الدورات التدريبية للشركات الناشئة نحو 220 دورة تدريبية، فيما بلغ إجمالي الإستثمارات اللاحقة للشركات الناشئة 35 مليون جنيه.
وأوضحت أن بلغ عدد الشركات الناشئة من خريجي حاضنة أعمال بنك قناة السويس والمملوكة للنساء بلغت 15 شركة ناشئة.
وتابعت: حققت الشركات الناشئة التي تخرجت من حاضنة أعمال بنك قناة السويس إجمالي المبيعات بقيمة 158 مليون جنيه.
ونوهت رئيس قطاع الاتصال المؤسسي والمسئولة المجتمعية ببنك قناة السويس إلى أن ذلك يأتي تحت بند المسئولية المجتمعية للشركات و التي تساعد رواد الأعمال و الشركات الناشئة و أصحاب الأفكار في مجال التطبيقات التكنولوجية وتحويلها الى منتجات و هو ما ينعكس إيجابيا على رفع كفاءة المنتجات و فتح أسواق تصديرية جديدة، حيث يقوم بنك قناة السويس بتقديم الدعم الفني و الإداري والمادي في مجال تطوير البرمجيات التي تساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة على التحول الرقمي وفي مجال الحلول التكنولوجية للشركات المحلي وأيضا تصدير هذه الحلول الى الخارج.
اقرأ أيضاً«EBRD» يقدم ضمان لـ البنك التجاري الدولي بقيمة 50 مليون يورو بهدف إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة
بعائد 30%.. 5 حسابات توفير هي الأعلى فائدة قبل اجتماع البنك المركزي المصري
بيان من 12 بنكًا دوليًا يؤكد دور «نُوَفِّي» كآلية فعّالة لحشد التمويل المناخي المبتكر
بنك ستاندرد تشارترد يتوقع نمو الاقتصاد المصري بنسبة 4% في العام المالي 2024 - 2025