«بريكس» تتكرس خياراً لـ«التوازن» الدولي
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
«بريكس» تتكرس خياراً لـ«التوازن» الدولي
رغم أن روسيا تعتبر وجود السعودية والإمارات في المجموعة «يعطي زخماً لمسألة الطاقة»، فإنهما لا تُخضعان إنتاجَهما النفطي لأي صراعات دولية.
إبراز «التخلص من الدولار الأميركي» كهدف وشيك لـ«بريكس» يبدو متسرّعاً، إذ يجب أن يسبقه نجاح التعامل بالعملات الوطنية، وهو ما لا يزال محدوداً.
المهم ألا تتعجّل «بريكس» في تقديم أجندة مناهضة ومتحدّية للغرب، وتحديداً للولايات المتحدة، فالكثير من «أصدقاء بريكس» هم من «أصدقاء الغرب»
وضع دولي مضطرب سلّط الأضواء على بريكس في خضم أزمات اقتصادية وغذائية وطاقوية فرضتها حرب أوكرانيا وأنها كان يمكن (بل كان ينبغي) تجنّبها، لا تركها تشتعل لأي سبب.
مارست الصين دبلوماسية هادئة أعطت وزناً لخيار «بريكس» ويمكن بلورة قيادة عقلانية، مع الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، لأي تغيير متوقع بالنظام الدولي بمعزل عن مخرجات حرب أوكرانيا.
* * *
سيتوقف نجاح مجموعة «بريكس» على تحقيق أهدافها في ما يتعلّق بالاقتصاد العالمي، وفي رعايتها للدول النامية، فهذا ما سيصنع الفارق مع الغرب. أما النفوذ والتأثير السياسيان فسيأتيان تباعاً وليس تلقائياً، لأن المسيرة طويلة.
والأكيد أن لدى «بريكس» قدرات تمكّنها من إحداث تغيير مهم على المستوى العالمي، إذا حافظ عملها على وتيرة طبيعية ومعايير موضوعية، فانضمام بعض الدول إليها مؤخراً عكس حاجةً دولية أكبر إلى أن تُحترم القيمُ الإنسانية الأساسية وتُطبّق على أرض الواقع.
ويُفترض أن تبرهن «بريكس» أنه يمكن أن يُعوَّل عليها في هذا الشأن، طالما أن أقطابها يعلنون التزامهم القانونَ الدولي وينتقدون الانحراف في تطبيقه.
العنصر الآخر للنجاح أن تعمل بهدوء وتأنٍ على «تأسيس نظام اقتصادي عالمي متعدّد الأقطاب»، ومتى ما وُجد وأصبح واقعاً سيكون منافساً نزيهاً يقيم «التوازن» المنشود مع منظومة الغرب، ويبدّد كل هيمنة اقتصادية مالية كانت ولا تزال مقلقة لغالبية بلدان العالم وشعوبها.
لكن المهم ألا تتعجّل «بريكس» في تقديم أجندة مناهضة ومتحدّية للغرب، وتحديداً للولايات المتحدة، فالكثير من «أصدقاء بريكس» هم من «أصدقاء الغرب»، ورغم مآخذهم الكثيرة عليه، فهم غير مندفعين أو مُقبلين على الاختصام معه، سواء لأن بينهم وبينه تاريخاً طويلاً ومصالح باقية ومستمرّة، ما لم تتوفّر بدائل أفضل لتأمينها، أو لأن «الاقتصادات الناشئة» تركّز على نموّها الداخلي وتبحث خصوصاً عمّا يدعّم الاستقرار، وبالتالي فهي معنية بالانفتاح على العالم ولا يعنيها أن تنحاز إلى أي صراعات أو تصطفّ في استقطابات قائمة أو لاحقة.
كانت دول «بريكس» خمساً وستصبح بعد قمة جوهانسبرغ إحدى عشرة، وقد تزيد في قمة موسكو السنة المقبلة إلى عشرين، فضلاً عن أن عشرات أخرى مرشحة للانضمام.
وهنا تجدر الإشارة إلى اعتبارين: أولاً، أن الوضع الدولي المضطرب سلّط الأضواء على هذه المجموعة في خضم أزمات اقتصادية وغذائية وطاقوية فرضتها الحرب في أوكرانيا، ونتج عن ذلك تقويم متنامٍ مفاده أن تلك حرب كان يمكن (بل كان ينبغي) تجنّبها، لا تركها تشتعل لأي سبب. ومع أن معظم الدول رفضها مفضّلاً الحياد بين طرفيها، إلا أنه يتعامل مضطراً مع تداعياتها بأي وسيلة.
وثانياً، أن الصين التي حافظت على دبلوماسية هادئة هي التي أعطت وزناً للخيار الذي تمثّله «بريكس»، ويمكن أن تبلور قيادة عقلانية - بوجود الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا - لأي تغيير متوقع في النظام الدولي، بمعزل عن مخرجات الحرب في أوكرانيا.
لا بدّ أن انضمام السعودية والإمارات ومصر، استناداً إلى ما لديها من «نفوذ إقليمي وعالمي»، يضيف إلى «بريكس» بعداً جيواقتصادياً وآخر جيوسياسياً يحققان توازناً مهماً داخل المجموعة نفسها، ويؤكّدان حرصها على مسار موضوعي مستقبلي. فهذه الدول العربية تتناغم مع بكين في قولها إن «بريكس لا تعادي الغرب ولا تشارك في مواجهة مع أي معسكرات»، وإن توسيع عضوية المجموعة يهدف إلى تعزيز «التضامن والتعاون مع الدول النامية» و«قوة السلام والتنمية في العالم».
ورغم أن روسيا تعتبر وجود السعودية والإمارات في المجموعة «يعطي زخماً لمسألة الطاقة»، فإنهما لا تُخضعان إنتاجَهما النفطي لأي صراعات دولية. أما إبراز «التخلص من الدولار الأميركي» كهدف وشيك لـ«بريكس» فيبدو متسرّعاً، إذ يجب أن يسبقه نجاح التعامل بالعملات الوطنية، وهو ما لا يزال محدوداً.
*عبدالوهاب بدرخان كاتب صحفي لبناني
المصدر | الاتحادالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الغرب بريكس الصين الإمارات السعودية روسيا الدولار الأميركي العملات الوطنية التوازن الدولي
إقرأ أيضاً:
الدول العربية تشيد بنجاح مبادرة المملكة “الأسبوع العربي في اليونسكو”
أكّدت المجموعة العربية لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، نجاح مبادرة المملكة العربية السعودية ممثلة في اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم، “الأسبوع العربي في اليونسكو”، الذي انعقد في مقر المنظمة في باريس خلال الفترة 4 – 5 نوفمبر الحالي، بتنظيم من المجموعة العربية لدى اليونسكو.
وقدمت المجموعة العربية لدى اليونسكو في البيان الختامي لـ”الأسبوع العربي في اليونسكو”، شكرها للمملكة العربية السعودية على إطلاق المبادرة، مثمنة الجهود التي تبذلها بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظهما الله – وحرصهما على تعزيز الجهود في مجالات التربية والثقافة والعلوم.
وعبّرت المجموعة العربية لدى اليونسكو عن شكرها لصاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة رئيس اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم، على ما حظي به الأسبوع العربي في اليونسكو من دعم لامحدود من قبل اللجنة، التي تكفلت بتمويل المبادرة وبذلت جهودًا مشكورة في تنفيذها على أتم وجه، مما عكس قصة نجاح أول تجمع عربي تقوده المملكة العربية السعودية في اليونسكو.
كما قدمت المجموعة العربية لدى اليونسكو شكرها وتقديرها للدول العربية على مشاركاتها الفاعلة، وما بذلته من جهود رفيعة المستوى في تعزيز التنسيق خلال رحلة العمل لإنجاح الأسبوع العربي في اليونسكو، الذي سيشكل على المدى البعيد بوابة مثالية للازدهار الثقافي بين العرب والعالم، عبر بناء جسور حضارية أكثر متانة.
وأوضحت المجموعة العربية لدى اليونسكو أن صدور هذا البيان يأتي إيمانًا بأهمية هذه المبادرة، وأن تكون قاعدة أساسية ورائدة تهدف إلى استمرار تحقيق التكامل، وتعظيم الأثر الإيجابي الذي تحقق من خلال عقد هذه المبادرة.
اقرأ أيضاًالمملكةبرئاسة ولي العهد.. مجلس الوزراء يناقش عددا من الموضوعات المحلية والدولية
وذكر البيان الختامي أن مبادرة الأسبوع العربي لدى اليونسكو تأسست لتصبح منصة مستدامة تقام سنويًا في مقر “اليونسكو”، للاحتفاء بالثقافة العربية وتسليط الضوء على تراثها وثراء حضارتها، وتعزيز الحوار بين الثقافات، والإسهام في تحقيق أهداف التنمية الثقافية المستدامة للدول العربية، وبناء جسور التواصل مع العالم.
وأشار البيان الختامي إلى الأسبوع العربي في اليونسكو يعد الأول في تاريخ عمل الدول العربية في منظمة “اليونسكو”، منذ أكثر من 70 عاماً، ويعكس حجم الثقة والاحترام المتبادل بين الدول العربية، والرغبة الحقيقية لديها في أن تنمو وتزدهر مثل هذه المبادرات الحضارية الكبرى.
وأفاد البيان الختامي أن 22 دولة عربية استعرضت خلال فعاليات “الأسبوع العربي في اليونسكو”، جوانب متعددة من ثقافتها وتراثها المادي وغير المادي، فيما شهد الحدث انعقاد ندوات أثرت الحضور، وتحدث فيها مسؤولون وخبراء من دول عدة حول موضوعات حيوية تتصل بالثقافة، فضلًا عن إقامة 4 معارض عن الثقافة والخط العربي والمواقع التراثية العربية والمنتجات العربية.