المتنازع عليه.. البنتاغون يستعد لـحرب الفضاء السيبراني
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
وقف الجنرال في الجيش الأميركي، بول ناكاسوني، أمام أعضاء لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، في مارس الماضي. كان حاسما حين أخبر المشرعين أن القيادة السيبرانية الأميركية ووكالة الأمن القومي "في حالة حرب دائمة"، حيث تعمل الوكالة على "الدفاع عن الوطن" من الهجمات السيبرانية.
في تلك الإفادة قال ماكاسوني: "في مجال الفضاء السيبراني المتنازع عليه، تعمل القيادة السيبرانية الأميركية ضد الخصوم الأجانب الذين يهددون أمتنا من خلال الأنشطة السيبرانية الخبيثة".
هذا هو عصر المواجهة الجديد، القوي هو من يملك قدرات قتالية سيبرانية، وينفذ علميات نوعية في الفضاء الإلكتروني، ويعزز الردع السيبراني: هذه باختصار القوة السيبرانية التي تحدد من المنتصر.
تدرك الولايات المتحدة خطورة الحرب الإلكترونية في الفضاء السيبراني، فالخصوم يسابقون الزمن لاستخدام "الإنترنت الخبيث" واستهداف البنية التحتية الحيوية لأميركا.
تعرف واشنطن جيدا أن دولا مثل الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران تريد أن تكسر التفوق العسكري الأميركي، وهذا "تهديد لأنشطة سلامة وأمن ورخاء الشعب الأميركي" يقول البنتاغون.
أربعة خطوط للدفاعبعد رفع السرية عنها، كشف البنتاغون وثيقة تحمل عنوان "استراتيجية وزارة الدفاع السيبيرانية لعام 2023"، وفيها أن عمليات الفضاء الإلكتروني "عنصر لا غنى عنه" في القوة العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها، فهي أساس الردع المتكامل.
غير البنتاغون من طريقة تعامله مع التهديد السيبراني، وأدخل عنصرا أساسيا في بناء الردع المتكامل. فقد أدرك قادة البنتاغون أن العمل مع الحلفاء هو الحل الأفضل للانتصار في الحرب.
استراتيجية البنتاغون "تلتزم ببناء القدرة السيبرانية للحلفاء والشركاء العالميين، وزيادة قدرتنا الجماعية على الصمود في مواجهة الهجمات السيبرانية".
وتكشف الاستراتيجية السيبرانية أن البنتاغون يركز على معالجة التهديدات السيبرانية الحالية والمستقبلية من خلال متابعة أربعة خطوط متكاملة: الاستعداد للقتال والدفاع عن الأمة، والفوز في حروب الأمة، وحماية المجال السيبراني مع الحلفاء والشركاء، وبناء مزايا دائمة في الفضاء السيبراني.
"الفضاء السيبراني المتنازع عليه"الجنرال ناكاسوني، قال في مارس الماضي، إنه "لا يمكن للقيادة أن ترتكز على أمجادها، لأن الأعداء يبحثون دائما عن طرق جديدة لتخريب نظام المعلومات في الولايات المتحدة، أو التنقيب عن المعلومات لأغراضهم الخاصة".
الصينوتوجه استراتيجية الدفاع الوطنية لعام 2023 البنتاغون إلى التصرف بشكل عاجل للحفاظ على الردع الأميركي وتعزيزه، مع اعتبار الصين التحدي الذي يسرع وتيرة الردع.
وينطبق هذا على الفضاء السيبراني كما هو الحال في مجالات القتال المشتركة الأخرى، تقول الاستراتيجية.
وتسعى الصين إلى الاستحواذ على مزايا في الفضاء الإلكتروني من أجل تسهيل ظهورها كقوة عظمى تتمتع بنفوذ سياسي وعسكري واقتصادي متناسب.
ومن خلال ممارسة سيطرة الدولة الفعالة على الشركات التي تتمتع بحصة سوقية كبيرة في مجالات الاتصالات، والأجهزة والبرمجيات التجارية، وصناعات الأمن السيبراني، تحاول الصين تشكيل النظام البيئي التكنولوجي العالمي.
تؤكد استراتيجية البنتاغون أن الحرب السيبرانية ضد الخصوم تتطلب العمل مع الحلفاءتشير الاستراتيجية إلى أن الصين لا تكتفي ببناء قوة سيبرانية لتحقيق أغراضها، بل تصدر قدرات إلكترونية خطيرة إلى الدول ذات التفكير المماثل، وتعمل على تسريع صعود الاستبداد الرقمي في جميع أنحاء العالم.
وتكتمل جهودها في الخارج بنقاط قوة مادية في الداخل: صناعة تكنولوجية كبيرة، وقوى عاملة كبيرة، وأنظمة قادرة على مكافحة التجسس والأمن السيبراني، ومجموعة من المنظمات الوكيلة المخولة بملاحقة الأنشطة السيبرانية الضارة.
تقول الاستراتيجية إن الصين تشكل تهديدا واسع النطاق للتجسس الإلكتروني، وتقوم بشكل روتيني بأنشطة إلكترونية ضارة ضد الولايات المتحدة، وكذلك ضد حلفائنا وشركائنا.
أخطر ما تفعله الصين، هو سرقة أسرار التكنولوجيا، والتسلل والمراقبة السيبرانية ضد الأفراد الذين يعيشون خارج حدودها، بما في ذلك المواطنين الأميركيين، الذين تعتبرهم أعداء الدولة.
تكشف الاستراتيجية الأميركية أن نظريات النصر التي تتبناها الصين تعتمد على استخدام الوسائل السيبرانية لإضعاف القدرة القتالية للقوات المشتركة، فضلا عن قدرة حلفائنا وشركائنا.
الهجمات السيبرانية سلاح جديد تستخدمه روسيا لضرب المصالح الأميركيةوتحذر الاستراتيجية من أنه في حالة نشوب صراع، من المحتمل أن تشن الصين هجمات إلكترونية مدمرة ضد أميركا، لإعاقة التعبئة العسكرية، وزرع الفوضى، وتحويل الانتباه والموارد. ومن المرجح أيضا أن تسعى إلى تعطيل الشبكات الرئيسية التي تمكن القوة المشتركة من إظهار قوتها في القتال.
روسياوفق استراتيجية البنتاغون الجديدة، لا تزال روسيا تمثل تهديدا خطيرا للولايات المتحدة في الفضاء الإلكتروني.
وتقول إن روسيا بذلت جهودا من أجل التأثير الخبيث ضد الولايات المتحدة عبر التلاعب وتقويض الثقة في الانتخابات الأميركية.
كما تستهدف روسيا البنية التحتية الحيوية للولايات المتحدة، وكذلك الحلفاء والشركاء. وتواصل تحسين قدراتها في مجال التجسس والتأثير والهجوم.
وفي حرب روسيا على أوكرانيا، استخدمت وحدات الجيش والاستخبارات الروسية مجموعة من القدرات السيبرانية لدعم العمليات والدفاع عن التصرفات الروسية من خلال حملة دعائية عالمية.
لقد استخدمت روسيا بشكل متكرر الوسائل السيبرانية في محاولاتها لتعطيل الخدمات اللوجستية العسكرية الأوكرانية، وتخريب البنية التحتية المدنية، وتقويض الإرادة السياسية.
روسيا والصين وكورويا الشمالية وإيران ستتجه بشكل أكبر للمعارك السيبرانية ضد الولايات المتحدةهذه الجهود قد أسفرت عن نتائج محدودة، وهذا يرجع إلى مرونة الشبكات الأوكرانية والدعم من المجتمع الدولي. وفي لحظة الأزمة، فإن روسيا مستعدة لشن هجمات إلكترونية مماثلة ضد الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا.
كوريا الشماليةلا تغفل استراتيجية البنتاغون حقيقة أن كوريا الشمالية تمثل تهديدات مستمرة للولايات المتحدة.
تكشف الاستراتيجية أن كوريا الشمالية تسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف التجسسية والإجرامية في الفضاء الإلكتروني.
ونفذت بيونغ يانغ نشاطا إلكترونيا ضارا كبيرا يتعلق ببرامج الفدية، واختراق محافظ العملات المشفرة.
ونفذت الجهات الفاعلة السيبرانية المرتبطة بكوريا الشمالية عمليات تجسس ضد مجموعة من الأهداف المتعلقة بوسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية وشركات الدفاع والحكومات، والتي تمتد إلى بلدان متعددة.
إيران والمنظمات المتطرفةويمتد عدوان إيران ورعايتها للأنشطة غير المشروعة إلى الفضاء الإلكتروني، وفق ما تشير إليه استراتيجية البنتاغون.
وتكشف أن إيران استخدمت النشاط السيبراني الخبيث لإجراء التجسس والتدخل في العمليات السياسية ومعاقبة الجهات الفاعلة التي تعتبرها إيران معادية لمصالحها.
خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية 2020، استخدمت إيران تكتيكات وتقنيات وإجراءات جديدة لإحداث تأثير خبيث ضد الولايات المتحدة.
ويشير النشاط السيبراني الخبيث الذي تمارسه إيران ضد الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى إلى رغبة متزايدة في استهداف البلدان التي تتمتع بقدرات قتالية أقوى نسبيا.
يستثمر البنتاغون بشكل أكبر لبناء قوة الردع الأميركية في الفضاء السيبرانيلقد شهدت المنظمات المتطرفة العنيفة تدهورا كبيرا في قدراتها بسبب أكثر من عقدين من عمليات مكافحة الإرهاب التي قادتها الولايات المتحدة وحلفاؤها وشركاؤها. في حين يركزون هؤلاء على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعال لأغراض التجنيد والدعاية والقيادة والسيطرة. لكنهم لم يثبتوا بعد القدرة على القيام بنشاط إلكتروني خبيث كبير أو مستمر ضد الولايات المتحدة.
المنظمات الإجرامية العابرة للحدودتستعرض الاستراتيجية الخطر الذي يهدد مصالح الولايات المتحدة في الفضاء السيبراني والذي تشكله المنظمات الإجرامية العابرة للحدود ذات الدوافع الربحية، وهي عصابات برامج الفدية، ونشطاء القرصنة، والمرتزقة السيبرانية التي ترعاها الدول.
وتقول الاستراتيجية إن مجموعات صغيرة من المتسللين ذوي الخبرة، الذين يستخدمون تقنيات متطورة، قادرون على تحقيق تأثيرات سيبرانية مماثلة لتلك التي تسببها الاستخبارات المهنية والأجهزة العسكرية.
وتكشف الاستراتيجية أنه غالبا ما تتوافق تصرفات هذه المنظمات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية مع مصالح الدول المضيفة لها.
تشن منظمات ذات أهداف ربحية هجمات ضد البنى التحتية الأميركية برعاية دول تستضيفها مثل الصين وروسيا وإيرانوتستهدف هذه الجهات الفاعلة السيبرانية الخبيثة البنية التحتية الحيوية في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الوظائف الحكومية على المستوى الفيدرالي ومستوى الولايات والمستوى المحلي.
على سبيل المثال، يستهدف المتسللون "المستقلون ظاهريا" في الصين الشركات الأميركية التي تنتج تكنولوجيا ذات صلة بالأولويات العسكرية للصين.
كما توفر روسيا وإيران وكوريا الشمالية ملاذات آمنة لعصابات برامج الفدية والمتورطين في الجرائم الإلكترونية.
وتتسبب هذه المؤسسات الإجرامية في خسائر مباشرة بمليارات الدولارات للولايات المتحدة كل عام، وتعطل الخدمات الحيوية في جميع أنحاء العالم. "إنهم يهددون بشكل متزايد الأمن القومي الأميركي"، تقول استراتيجية البنتاغون الجديدة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی الفضاء الإلکترونی ضد الولایات المتحدة للولایات المتحدة البنیة التحتیة من خلال
إقرأ أيضاً:
البنتاغون يتحدث عن تبادل الضربات النووية.. في هذا الحالة فقط
قال ممثل القيادة الاستراتيجية في البنتاغون الأدميرال توماس بيوكانن إن بلاده تقر بإمكانية تبادل الضربات النووية إذا ما ظل لديها احتياطي في ترسانتها النووية يسمح لها بالهيمنة.
وأضاف الأدميرال، خلال حديثه أحد كبار أعضاء القيادة الاستراتيجية الأمريكية، بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، "عندما نتحدث عن القدرات النووية وغير النووية، فمن الطبيعي أننا لا نرغب في خوض تبادل للضربات النووية، أليس كذلك؟ لكنني أعتقد أن الجميع يتفقون على أنه إذا اضطررنا لذلك، نريد أن يحدث وفقا لشروط تضمن مصلحة الولايات المتحدة".
وأشار بيوكانن إلى أن الولايات المتحدة تفضل تجنب التبعات التي ستنجم عن تبادل الضربات النووية، وقال إن الظروف المثلى من وجهة النظر الأمريكية هي تلك التي تضمن "استمرار قيادة الولايات المتحدة للعالم"، ما يتطلب الحفاظ على احتياطي استراتيجي من الأسلحة.
وأكد بيوكانن على ضرورة أن تجري الولايات المتحدة حوارا مع روسيا والصين وكوريا الشمالية، حيث أنه "لا أحد يرغب في اندلاع حرب نووية".
وتابع: "يجب أن نكون دائما مستعدين لإجراء محادثات، لأن المحادثات، في أغلب الأحيان، تجلب الأطراف إلى طاولة الحوار لمناقشة القيم المشتركة. ولا أحد يريد حربا نووية، أليس كذلك؟"، مضيفا أن وزارة الخارجية الأمريكية وعدد من الوكالات الحكومية الأخرى "يجب أن تستمر في حوار حقيقي وجوهري مع منافسينا".
والثلاثاء الماضي، أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مرسوما بالمصادقة على العقيدة النووية الروسية المحدثة، والتي تؤكد على احتفاظ روسيا بحق استخدام الأسلحة النووية ردا على أي استخدام لأسلحة دمار شمال ضدها أو ضد حلفائها. كما تنص الوثيقة كذلك على أن أي عدوان على روسيا أو حلفائها من قبل دولة غير نووية، بدعم من دولة نووية، سيعد هجوما مشتركا.
وقال بوتين، إن دول "الناتو"، بمناقشتها السماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة بعيدة المدى، تناقش مشاركتها الفعلية بشكل مباشر في الصراع بأوكرانيا.
وأضاف الرئيس أن النظام الأوكراني يشن بالفعل هجمات على الأراضي الروسية باستخدام المسيرات وغيرها من الأسلحة، أما في حالة استخدام أسلحة غربية دقيقة وبعيدة المدى، فيجب إدراك أن تنفيذ مثل هذه العمليات يتم بمشاركة مباشرة من خبراء عسكريين غربيين، لأنهم الوحيدون القادرون على برمجة هذه الأنظمة.