هل الإعصار آية من آيات الجبار
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
إن آيات الله سبحانه وتعالى في هذا الكون كثيرة وعظيمة ومن هذه الآيات التي يخوف الله جل وعلا بها عباده آية الأعاصير والرياح العاتية.
فالإعصار جندي من جنود الله يبتلي الله به من يشاء من عباده ويعاقب به من يريد ويسلطه على من يستحق وإذا كنا نخاف من الإعصار فلنخف من غضب الجبار لأن الإعصار مخلوق من مخلوقات الله وجندي من جنوده يغار على حرماته ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ﴾ .
إن الإعصار عبارة عن منخفض جوي عميق تحيط به سحب هائلة تحمل بين طياتها أمطاراً غزيرة ورياحاً شديدة وتعتبر الأعاصير هي الأقوى والأشد تدميراً على وجه الأرض وتعد من أخط الكوارث البيئية التي تصيب البشرية ويموت بسببها في كل عام مئات البشر أو الآف البشر في هذه المعمورة خاصة إذا ارتفعت درجة خطورة الإعصار إلى الدرجة الخامسة التي تعتبر درجة خطيرة ومدمرة.
وتتجلى خطورة الأعاصير في ثلاث قوى القوة الأولى هي ارتفاع موجات البحر التي تتسبب في فيضانات بحرية ربما تمتد إلى اليابسة فتحدث دماراً هائلاً وكبيراً والثانية قوة الرياح العاصفة التي تصحب هذه الأعاصير والثالثة هي قوة المطر المصاحبة لتلك الرياح حيث تعادل كمية الأمطار الهاطلة مع الإعصار كمية الأمطار التي تسقط خلال العام بأكمله فتقع السيول الجارفة والفيضانات المدمرة.
يقول الله سبحانه وتعالى عن طوفان قوم نوح ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ * وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 42 - 44].
عباد الله: إن هذه الأعاصير تتحرك بأمر الله وتمشي بإذن الله والذي سخرها هو الله والذي يمدها بالقوة والحركة هو الله جل جلاله وعز كماله فالأمر كله بيده وكله من عنده ولله الأمر من قبل ومن بعد فلابد أن نجعل رجائنا فيه وخوفنا منه فهو القادر وحده سبحانه وتعالى على أن يجعل هذه الرياح العاتية نعمة لنا وانتعاش وتلقيح لزروعنا وقادر جل جلاله وعز كماله أن يحولها عذاباً علينا ودماراً وخراباً لنا ولمزارعنا وكل شئوننا ﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ﴾ [الحجر: 22].
ويقول: ﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴾ [الحاقة: 6، 7].
لقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يخاف ويرتعد إذا رأى السحابة في السماء يخشى أن يكون فيها عذاب الله ومقته وغضبه وسخطه فإذا أمطرت وتيقن أنها سحابة خير ومطر رحمة سري عنه صلى الله عليه وسلم وفرح وقال " مطرنا بفضل الله ورحمته ".
تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَأَى مَخِيلَةً فِى السَّمَاءِ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ وَدَخَلَ وَخَرَجَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَإِذَا أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ سُرِّىَ عَنْهُ، فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « مَا أَدْرِى لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ قَوْمٌ ( فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ ) رواه البخاري ومسلم.
وتقول رضي الله عنها كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ، قَالَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ».
فلله الحمد والشكر وله الفضل والمنة وله جزيل الامتنان وأعظم الشكر والعرفان أن جعل هذا الإعصار يمر علينا بخير وسلام وأمن وأمان بعد أن كانت التقارير الجوية تتحدث عنه بشكل مهيب وتذكر عن سرعته وحدته الشيء الكثير وأنه مصحوب بصواعق رعدية وأشياء مخيفة ومع هذا كله إلا أن الله سبحانه وتعالى سلم وسهل ويسر ولم نصب بكثير مما كنا نتوقعه بل ولا عشر معشاره فهذه نعمة بحد ذاتها يجب أن نشكر الله تبارك وتعالى عليها ونحمده جلاله أن سلمنا من أخطاره وحرف عنا أضراره وأبعد عنا شروره ودماره فلله الحمد والشكر حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم سبحانه وتعالى ى الله ع
إقرأ أيضاً:
الأمل بالله وتأثيره على حياتنا
الأمل هو الرجاء، الاعتقاد والظنّ بحصول ما فيه خير وسعادة، ونصر على الأعداء، وجبر لكسر النّفس، على الرّغم من كلّ المظاهر التي تدعو لليأس وتُثقل كاهلنا بالأحمال، وقد خُلقت النّفس البشريّة بطبيعتها على الأمل، وجعله الله سبحانه وتعالى مُلازمًا لنا في كلّ مراحل حياتنا، فيشتعل الرأس شيبًا، ويبقى القلب بالأمل شابًا، وقد أكّد على هذا الرسول الكريم -صلّى الله عليه وسلم- ع في حديث عن أبي هريرة قال: "سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- يقول: لا يزال قلب الكبير شابًّا في اثنتين: في حبّ الدنيا وطول الأمل".[٢]
ذكر نبوي لقضاء الديون: دعاء يعينك على التوفيقوجهان لعملة
الأمل هو الحياة، وجهان لعملة واحدة لا ينفصلا عن بعضهما، مَن منّا يستطيع العيش بدون أمل؟، لو تأمّلنا قليلًا في حالنا لوجدنا أنّنا نحيا على الأمل في أن الساعة القادمة ستحمل بُشرى تُسعد قلوبنا، وأنّ الغد سيحمل معه أطنانًا من الفرح، نحيا على أمل أنّنا سنكون أفضل وأحسن، وأنّ القادم سيكون أجمل من الفائت، وهذا ما يجعلنا نعيش، الأمل يزرع الورد بداخلنا، يجعل قلوبنا تزهر، فنُصبح أشخاصًا إيجابيّين مُقبِلين على الحياة.
دعاء نزول المطر المستحب والمنقول من السنةلو طالَتنا خيبة الأمل وتمكّنتْ منّا فسنحتاج حينها وقتًا كبيرًا للاستشفاء؛ لأنّ الآثار الجانبيّة التي ستتركها لن نتخلّص منها بسهولة، ففقدانه سيؤثّر علينا من الناحية النفسيّة ويُصيبنا بنظرة سلبيّة تجاه كلّ ما هو جميل، وهذا سيجعل داوخلنا هشّة لا تَقْوى على الوقوف والاستمرار في الحياة، لذا فخيبة الأمل هي السلاح الوحيد الذي يمُكنه قتلنا حقًّا ونحن على قيد الحياة