عادل عسوم: يقولون: شيخ أبحراز جيبوهو لي!
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
كم تألمت وأنا اشاهد صدفة أغنية بهذا العنوان، وللأسف تبين لي بأنها ليست الوحيدة، انما تصاحبها أغنيات أخريات تسيدن الساحة في الفترة الأخيرة، يخلون جميعا عن كل ذرة ايجاب، قوامهن ايقاع يدفع بالشياطين إلى الراقصين تَؤُزُّهُمْ أَزًّا !
كلمات هذه الأغنيات تضج بالشرك بالله والعياذ بالله، والله تعالى لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء!
إنه المظهر السالب للتصوف يا أحباب.
ألا ترونه أضحى سيدا للحياة في السودان؟!…
وان كان من العدالة أن لا ننسى فضل جماعات تنسب إلى سياق التصوف كان لها الفضل في نشر الاسلام في السودان، نسأل الله لهم المثوبة وثبات الأجر؛ إلا إن أمثال هذه المظاهر السالبة للتصوف تهدم كل ذلك، بل تهدم المجتمع وتذوي به.
ولاغرو ان التصوف بمعناه الصحيح استشفافا للروحانيات في سمت الدين، والترقي (المنضبط) بالعبادات والذكر في عوالم الحب الالهي، ونشر التسامح بين العباد؛ لمقبول، بل ومندوب إليه، لكن
هل ما نراه في بلادنا الآن من سمتٍ لمظاهر وسلوكيات تنسب على عمومها إلى التصوف، هل تمثل الأسلام في شيء؟!
الاسلام الذي نعلم صلاحه لكل زمان ومكان؟!…
الاسلام الذي يستوعب الحياة كلها ويفضى بنا إلى الآخرة؟!
الاسلام الذي يتناغم مع العصر والعلم والمدنية والتحضر؟!
كم تحز في النفس تعابير ومصطلحات ومظاهر لا تمت لا للدين، ولا للوعي، ولا للمدنية في شئ، أضحت هي السمة التي تدمغ مجتمعنا السوداني!
ومايحز في النفس أكثر أنك قد تجدها لدى بعض من لا يفتقرون لعلم ولا لثقافة، ومنهم حملة دكتوراة!
صفات سالبة، وهي بلا جدال نتاج لتلك المظاهر السالبة للتصوف:
– السبهللية!
– انتفاء احترام المواعيد!
– عدم العناية بالمظهر العام!
– التسويف والمماطلة!
– جلد الذات!
– مانحسبه تواضعا، إذا به (دونية) بين سوانا من شعوب الأرض، حتى العلماء فينا اصبحت الثقة بأنفسهم -عندما يتواجدون بين الآخرين- تكاد تتلاشى!
– الجهل بأبسط قواعد الشعائر لأناس يجلس اليهم المريدون وهم في نظر الناس (غرقانون)!
– حتى الأمثال اصبحت عندنا تنهل من ذات المعين، فإذا بنا نقول:
(الجوهر ولا المظهر)!
أي جوهر ياهداك الله وقد اصبحنا أقل من حولنا -من الأفارقة والعرب- اهتماما بلبسنا وتعهدا لهندامنا، بل انتفت لدينا حتى ثقافة الطعام والتغذية؟!
أين نحن يا أحباب من مظاهر الاتيكيت والبريستيج في كل مايلينا خلال حراك حياتنا؟!
هل سألنا أنفسنا يوما لماذا يكاد ينعدم السودانيون في وظائف المضيفين والمضيفات في كل الأماكن والمرافق التي تحتاج إلى ذلك؟! تكاد لاتجد إلا قلة من شبابنا، والغالب شباب من جنسيات أخرى!
إنه أثر المظاهر السالبة للتصوف…
قال لي أحد الاتباع عندما ناقشته في معلومة خاطئة أخذها من شيخه وهو ينافحني ويحسب أنه سيفحمني بأحد الأمثال، فقال:
(من علمني حرفا صرت له عبدا)!
وعندما أوضحت له بأن المثل الذي قاله ليس صحيحا، والتصحيح له: أن (من علمني حرفا، صنت له عهدا)، وليس صرت له عبدا، فلم يقبل ذلك، ثم شرع يحدثني عن الآيات التي تحكي عن حال موسى عليه السلام مع العبد الصالح (الخضر) عليهما السلام، وذلك عندما خرق الخضر السفينة، ثم قتل الغلام، ثم بنى الحائط، وبدا لي جليا بأن شيخه قد دمغه (برمجه) بأن لايخطيء بين يديه ذات الخطأ الذي اقترفه (نبي الله) موسى عليه السلام عندما أمره بأن لايسأله عن شيء حتى يحدث له منه ذكرا!!!
لقد نلنا أستقلالنا منذ عام 1956، ومازلنا نراوح مكاننا من حيث التمدن والتحضر، إلا من ومضات هنا وهناك،
ليتنا نناقش ذلك بتؤدة فيها الافادة، ودونما استعصام بمصرور، أو تمترس بقناعات سابقة.
اللهم كن لهذا السودان وأهله وأقل عثراته، وارفع البلاء، اللهم اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
عادل عسوم
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ واﻷﻛﺬوﺑﺔ ﻓﻰ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ
..امنحوا الناس الأمل
نعم الصحافة المصرية عندنا تمر بأزمة حقيقية، علينا أن نعترف بهذا، سواء الصحافة الورقية أو الإلكترونية، وتلك الأزمة تعجل بالقضاء على تلك الصناعة، التى دخلت مصر منذ أكثر من قرن والنصف.
وأتصور أن أزمة الصحافة بدأت عندما بدأ تصنيفها، بين قومية ومعارضة ودخل عليهم منذ ربع قرن أو أقل تصنيف اخر هو الصحف المستقلة، رغم أن الدور واحد، فالصحافة منذ صدور أول مطبوعة منها هدفها واحد هو نشر المعلومة الحقيقية، كون أن البعض استخدمها فيما بعد بشكل لا يليق بمكانتها وقيمتها، فهذا أمر تمر به كل المهن، كل مهنه فيها الجيد والردىء، الصالح والفاسد، المفيد والضار، لكن فى الأصل، أى مهنه هدفها الخير للناس، والصحافة هدفها الخير دائما، حتى لو تعرض الصحفى لمضايقات.
لكن دعونا نعود إلى التصنيف، بين قومى ومعارض ومستقبل، حتى إننا عندما أصدرنا بعض الإصلاحات المتعلقة بالصحافة والاعلام، شرعنا فى مصر إلى إصدار فكرة تدعم هذا التصنيف والانقسام الهيئة الوطنية للاعلام وتتبعها الصحف المعارضة والمستقلة، والهيئة الوطنية للصحافة وتتبعها الصحف القومية، التى تمتلكها الدولة، وهو تصنيف صنع شرخًا بين أطراف يفترض أن تكون جميعها تحت مظلة الصحافة الوطنية التى تخدم الوطن والمواطن. رغم اننا فى الماضى القريب كنا جميعا تحت مظلة واحدة، المجلس الاعلى للصحافة، وتصورى أن الصحافة يجب إلا تصنف بين قومية ومعارضة ومستقلة، وإن كان هناك مسمى لا بد أن يجمعها فهو الصحافة الوطنية التى تطرح وتناقش ما يهم الوطن والمواطن.
لكن للأسف وبعيدا عن التنظيم والتصنيف فهناك أزمات أخرى تمر بها الصحافة وهى المضمون الذى تقدمه للناس، هناك مفردات مازالت الصحافة المصرية تستخدمها فى العناوين الرئيسية، وهى مفردات انتهت صلاحيتها بحكم الزمن وبحكم أمور كثيرة مرتبطة بالواقع. أمر محزن أن تجد زميل شاب أو تخطى مرحلة الشباب أو زميل عاش تلك المرحلة ومازال متأثرا بعناوين كانت تستخدم فى حقبة الثمانينيات والتسعينيات، ويرى من وجهة نظرة أن هذه هى الصحافة.
أمور كثيرة تغيرت فى الصحافة من حولنا «عالمية وعربية» التناول نفسه لأى موضوع «خبر -تقرير-تحقيق- حوار -مقال» تغير.. طريقة الطرح والكتابة تغيرت. العناوين تغيرت من حيث عدد الكلمات المستخدمة وكذلك المضمون.
مندهش جدا من التصميم على التقليدية التى أصبح عليها 80% من الإصدارات المصرية حتى الحديث منها..
العالم كله يسير فى اتجاه المعلومة وتحليلها. ونحن مازلنا ننظر لمن يكتب التحليل على أنه رأى أو مقال.
أندهش أكثر وأكثر من بعض رؤساء الأقسام أو رؤساء التحرير عندما يطلبون من المحرر مصدرة الخبر، أى يقوم بطرح الكلام على لسان مصدر المعلومة.
الصحف حول العالم، تسعى للمعلومة الدقيقة الحقيقية، بينما مازال البعض عندنا يسعى نحو الأكذوبة.
الصحافة حول العالم تهتم بالصحفى المتخصص بينما مازال «الفهلوى» عندنا هو مصدر الثقة وهو المطلوب والمرغوب.
الصورة أيضا تراجعت عندنا فى الصحافة بشكل محزن.
قليل جدا عندما تجد صحيفة تسعى لنشر صورة معبرة تحقق بها انفراد، مؤخرا وخلال احداث اعتداءات الكيان الصهيونى على اهالينا فى غزة، كانت الصورة خير دليل على تلك الانتهاكات.
وللأسف عندنا اذا وجدت صورة جيدة، تجدها قادمة إلينا من إحدى الوكالات أو المواقع العالمية.
الآن الصورة الجادة تساوى مليون خبر لانها تعبر بشكل لا يحتاج إلى كلام.
على مستوى الإخراج الصحفى البعض يهتم به ويعطيه أهمية كبيرة، بينما هناك صحف مازالت متمسكة بشكلها التقليدى، تجد الصفحات فيها عبارة عن أسطر من الكلمات مرصوصة، مجهدة للعين، تجعلك تنفر منها مهما كانت أهمية التقرير أو التحقيق أو الحوار المنشور.
للأسف عندما تجلس وتتابع مضمون أغلب الإصدارات الصحفية الآن تقول لنفسك «خسارة فلوس الطباعة والورق».
قضايا كثيرة تستحق أن تطرح وتناقش بمفهوم عصرى بعيدا عن لغة الصوت العالى والحنجورية والمزايدة واستخدام مفردات انتهت صلاحيتها ووضع مفردات وكلمات فى غير محلها من أجل التهويل.اذا كنت تريد زيادة مبيعات ومتابعات عليك بالمعلومة الحقيقية فهى أسهل وأقصر طريق إلى الناس.
الصحافة لابد أن تعطى للناس الأمل، لا تكون صادمة.
لا بد أن تكون الصحافة حاضنة للأمل، وليست مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل هى قوة ناعمة يمكنها أن تصنع الفارق فى حياة الناس. المطلوب الآن هو صحافة تزرع الأمل، لا أن تصدم الجمهور أو تزيد من إحباطه.
إذا أردنا أن نبنى مستقبلًا واعدا ومستدامًا لهذه المهنة، فعلينا أن نعيد تعريف دور الصحافة فى المجتمع. الصحافة ليست مجرد وسيلة لنقل المعلومة، بل هى شريك فى صناعة الأمل وصياغة المستقبل.
وعلى الصحف ايضا الاستثمار فى العنصر البشرى من خلال تدريب الصحفيين على الابتكار واستخدام التكنولوجيا الحديثة.
وفى النهاية البطولة هى أن تكون صادقا فى وسط يسعى لخلق الاكذوبة من أجل الانتشار.