صحيفة البلاد:
2025-01-18@12:26:09 GMT

لاقيني ولا تغديني

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

لاقيني ولا تغديني

هي نفسها:(وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق) إنما من وجهة نظر البسطاء والحياة بسيطة لا تحتمل التعقيد، قاعدة مهمة جداً أن تقبل على من أمامك وأنت هاش باش تدخل الفرح والسرور والطمأنينة على من تلقاه، حتى لو كان اللقاء يحمل بعض النقائض عن مضمون الفرح، إلا أن البدايات مهمة ولعلها تخفّف من وطأة الأمور الشاقة على من حولنا.

على هامش الذاكرة ، أذكر أنني في يوم من الأيام نظرت في وجه صديقتي العبوسة بنسبة تسعة وتسعون بالمئة من مجمل ساعات الدوام، وأرسلت إليها ابتسامة رجاء وأنا أسألها: ( لماذا أنتِ نكِدة؟)، فتعجبت من سؤالي وكأنني أذكر لها أمراً لم يحدث منها ، بل أقطبت جبينها في تعجب وهي تردّد خلفي: (نكِدة! نكِدة!)

نعم نكِدة، وتؤثّرين علينا بذلك النكد فنصاب جميعناً بحالة من الإحباط تسود المكان الذي نجهل مصدره سوى منك..
قد يعتقد البعض أنني أقسو عليها بحديثي هذا إلا أن القارئ العزيز لا يعلم كم من وقت أهدر من قبلي وقبل من معي من الزميلات في محاولة يائسة لرفع معنويات تلك الزميلة وغرس الأمل في نفسها ووضع أمام أعينها الكثير من المحفِّزات أهمها أبواب الجنة التي تشرع للصابرين ولم ننج من تلك المحاولات إلا بمشاركتها أدمع الحزن وتجرع اليأس الذي ملأ حياتها.
ما هو ذنبي وما الذي ارتكبته لأرافق مثل تلك النماذج التي تجعل من الحياة أمراً صعباً، فلكل واحد منَا قدرته على التحمُّل، ولكل واحد منّا همومه.

“لاقيني ولا تغديني” لكل من يشعر أن من حقه أن يكون عبوساً في وجهي بسبب ظروفه وأن واجبي أن أقدّر وأتقبّل ذلك العبوس، لكل موظف لم يتعلم كيف يتعامل مع زميله بذوق وأدب، لكل مربٍ وضع مشاكله نصب عينيه وتعامل من خلالها فنفر من حوله الجميع، لكل صاحب مركز قيادي لم يتعامل بأخلاقيات المهنة مع مرؤوسيه، لكل موظف خدمة عملاء لم يستوعب مفاتيح مهمته، لكل طبيب لم يدرك أن المريض يكفيه مرضه وأن ابتسامته في وجهه تخفّف عنه وطأة المرض.

لعل الأخيرة صادفتني بنموذجين لطبيبين في نفس التخصص أحدهما أثقل على كاهلي بمصابي وأشعرني بدنو أجلي، وأنه لا أمامي سوى باب الدعاء باللطف من الله (ونعم بالله) وقد كست ملامحه اللا ملامح، فأخذت أبحث في وجهه عن انحناءات للشفاه علّها ترقّق من الهلع الذي انتابني، والآخر بسّط لي الواقع وكأنه ” شكة دبوس” وأن الأمر تحت السيطرة وهو منشرح الأسارير، كأنه يستقبل طفلاً خائفاً تركته أمه عند باب الحضانة فعلم بخوفه وتأكد أن مهمته طمأنت ذلك الطفل.
التعب الذي يلقاه الطبيب في عمله ليس مبرراً ولا الضغط الذي يعيشه المعلم مبرر، في النهاية من وضعه الله بين يديك هو صاحب حاجة ، فلا تثقل عليه وأنت تلبي حاجته ولاقه بوجه طلق.

@eman_bajunaid

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

قَــدَرُ سـوريا والعـرب واحـدٌ

حين سقط نظـام الأسد من تلقاءٍ مدفوعٍ بصفـقةٍ دوليّة، ومن غير حربٍ كالتي دارت رحاها منذ عام 2012، سقطت معه سوريا فـي قـبضة مَن تواطأوا على إنجاب تلك الصّـفـقة (التي حـيّـدَتِ الجيش من المواجهة ليجد النّظامُ نفـسَــه من غيـر شـوكة)، وعلى أخْـذِ البلد إلى مصيرٍ صُـنِـع له نموذُجُـه المصـغَّـر من خارجٍ ويُـبَاشَـر اليوم فـي استـيلاده الماديّ. وليس يَـخفى أنّ رحيل النّـظام السّابق اقـتـرن برحيـل حليفـيْـه الرّئيـسيْـن عـن البـلاد؛ وقـد قاتـلا طويلًا إلى جانب جيشه، وكان لدورهما العسكريّ الأثـرُ الكبـير فـي تماسكـه أمام خصومه.

وهـذا يعني أنّ ذينك الحليـفـيْـن (روسيا وإيـران) لن يكون لهما مكانٌ فـي عمليّـة استيلاد «سوريا الجديدة» التي تُجريها قوى الصّفـقة الدّوليّـة- الإقـليميّـة على المنوال الذي تقضي به مصالحُها النّـقيضُ من المصالح الرّوسيّـة والإيـرانـيّـة فـي الإقـليم. هكـذا لن يبقى فـي صورة ما يجري سوى الفاعلين الثّـلاثة الكبار: الولايات المتّـحدة الأمريكيّـة وتركيا والكيان المحتـلّ؛ فهُـم وحدهم مَـن يُمسكون بالأزِمّـة فـي بلاد الشّـام ويتحكّمـون فـي صُـنع مصيرها: دولـةً وجغرافـيا وارتباطـاتٍ... وسيادة.

تجتمع القوى الثّـلاث المشار إليها على رعاية قـوى المعارضة - التي سبق أن أوْصَلتها بصفـقتها إلى السّلطة - ودعْـمِ نظامها السّياسيّ الجديد بما فـي ذلك استحصال الشّرعيّـة الدّوليّـة له. تفعل ذلك بمعزلٍ عمّـا لدى كـلّ دولـةٍ منها من مساحةِ نفـوذٍ فـي أوساط قوى النّظام القائم اليوم ومن حصّـةٍ لها فـي سلطته. لكنّها فـي غير هذا الذي تجتمع عليه تختلف فـي البواقي: تختلف فـي مناطق سيطرتها العسكريّـة الاحتلاليّـة فـي شمال سوريا، المتـقاسَـم بين تركيـا وأمريكا، وفـي جنوبها وشرقها المحتلّـة أجـزاءٌ منهما من قِـبَـل دولة الاحتلال؛ وتختلف فـي شأن مستقـبل سوريا السّياسيّ ووحدة كيانها وضمنها علاقـة كـلٍّ منها بالحركة الكرديّـة فـي مناطق شرق الفرات؛ بين مؤيّـدٍ لها حادبٍ عليها (الولايات المتّحدة الأمريكيّـة ومن ورائها دولة الاحتلال)، ومحاربٍ لها بقسوةٍ مخافة نجاحها فـي إقامة جيبٍ سياسيّ مستقـلّ فـي الشّمال السّـوريّ على حدودها الجنوبيّـة (تركيـا).

ربّما تنجح الإدارة الأمريكيّـة فـي ضبط إيقاع النّـزاع بين هـذه الدّول الثّـلاث التي تتصارع على تـقرير مصير سوريا، وإدارته على النّحو الذي لا تنـفجر فـيه تـناقضاتُـه بينها؛ وربّما قد لا تنجح فـي ذلك كُـلاًّ أو أجزاءً لهذا السّبب أو لذاك. وفـي هذه الحـال، قد تستـفحـل حالة التّـأزُّم فتـنـتهي الأمور إلى نتيجتيـن كـلتاهما مخيفـة: إمّا إلى مواجهات تدور رحاها على المسرح السّوريّ ويدفع الشّعب ثمنها معانـاة مضاعفـة لشروط الحياة والبقاء؛ أو إلى اقـتراف جريمة التّـقـسيم من خلال مـدّ كـلِّ قـوّةٍ يَـدَها إلى مناطق سيطرتها ونـفوذها وإقامـة كيـانٍ فـيها تابـعٍ لها. حينها سيكون إِعمـالُ التّـقسيم فـي سوريا -لا قـدّر اللّـه- مقـدّمـةً لِإِعماله فـي معظم المحيط العربيّ عملاً بخرائـطَ استعماريّـة جديدة أُعِـدَّت، منذ ثمانينيّات القرن العشرين، من أجل إعادة تفصيـل الكيانات العربيّـة على مقاس العصبيّـات الأهليّـة والإثنيّة القائمـة!

الغائـب الكبير فـي المشهد السّوريّ كـلِّـه، بعد الثّـامن من ديسمبـر، هو العرب الذين فاجأهم (ما خـلا دولةٌ منهم مرتبطة بتـركيا) ما حصل فـي بـلاد الشّام بأيدي غيرهم، ووضعَ دولَهم فـي مـوقعٍ دفاعيٍّ بحت هو موقع ردّ الفـعل على فعْـلِ فاعـلٍ خارجيّ بات يمسك بمصير مـركزٍ من مراكزهم! لسنا نعني بالغياب العربيّ ركونًا إلى الصّمت وعـدمَ إبداءِ موقـفٍ ممّـا يجري؛ فلـقـد تكـلَّم قسـمٌ من دُولهم مؤيِّـدًا لِمَا جرى وللعـهد الجديد؛ ومنهم مَـن بعـث وفـوداً إلى دمشق تبـلِّـغ موقـف التّأيـيـد والمبارَكَـة وتَـعِـد بالتّعاون والمساعـدة، وإنّـما نعني به غياب الدّور السّياسيّ الفاعل فـي إدارة عمليّـة بناء مستقبل سوريا. القوى الثّـلاث الماسكة لن تسمح لغيرها أن يقاسمها ما حصلت عليه هي وقواها المسلّحة، وأقصى ما تَـقْبله من العرب أن يساهموا فـي إعادة إعمار سوريا ضمن برنامجٍ تضعه هي -ونظامُها فـي دمشق- لاستثمارات دولهم. وهـذا يعني أنّـه لن يُـسْـمَـح بأن يكون لهم دورٌ فـي أيّ هندسةٍ سياسيّـة قادمة للنّظام السّياسيّ فـي سوريا وشكله الدّستوريّ وولائه الإقـليميّ والدّوليّ إلاّ إذا نجحوا فـي فرض دورٍ مركـزيّ لهم.

مـن الواضح، إذن، أنّ تغـيـير النّظام فـي سوريا ليس محصور النّتائج فـي الحيّز السّـوريّ وفـي توازناته الدّاخليّة فـقطّ وإنّما هو تغـيـيرٌ لشبكة خيوطِ ارتباط سوريا بمحيطها العربيّ وسعْيٌ نحو إبعـادها من دائـرة انـتمائها وولائـها الذي عُـرِفت بـه وعُرِف بها طويلًا. إنّـه ليس انـقـلابًا أمريكيًّا - تركيًّا - «إسرائيليًّا» على نظامٍ عربيّ بل انقلابٌ على النّظام العربيّ برمّـته ومحاولةٌ لانتـزاع سوريا من قـلبه! وهـذا، بلا مِـراء، تَـحَـدٍّ وجوديٌّ للعرب جميعًا وخاصّةً للمحيط العربيّ المباشر لسوريا (أقطار الخليج ومصرَ والأردن ولبنان). إنّه يرتّب على الدّول العربيّـة مسؤوليّـة السّعي إلى أخذ مصير سوريا بيدها من اللاّعبين الأجانب؛ لأنّ ذلك - فـي حساب السّياسة والمستـقـبل - أَخْـذٌ لمصيـرِها كـدولٍ بنـفـسها. إنّ قـدرَ سوريا وأمّـتها العربـيّـة واحد: لا مهْـرب لأحـدٍ منه، وعروبـتُها أضـمنُ لصـوْن المصير القـوميّ الجماعـيّ.

مقالات مشابهة

  • هبة مجدي تعبر عن اعتزازها بمصر:"مصر تتحدث عن نفسها"
  • شقيقان يقتلان صديق العمر
  • ???? لا تلومن المليشيا إلا نفسها إن لم تعرد وانتظرت الجيش في الخرطوم!
  • هربا من تعذيب زوجة والدها.. فتاة تلقي نفسها من الطابق الرابع في المقطم
  • لـ 23 يناير.. تأجيل محاكمة المتهمين بقتل صديقهما على سبيل «المزاح» بإمبابة
  • قصة وأبطال مسلسل "صفحة بيضا"
  • مهيرة عبدالعزيز: بعتبر نفسي جامعة الدول العربية.. فيديو
  • اليوم.. محاكمة المتهمين بقتل صديقهما على سبيل «المزاح» بإمبابة
  • حمدالله يفاجئ تريم برش المياه على وجهه خلال مواجهة الرياض.. فيديو
  • قَــدَرُ سـوريا والعـرب واحـدٌ