أمريكا وهيمنتها العسكرية.. أينما حلت جلبت الفوضى والصراعات وانتهاك حقوق الإنسان
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
يمانيون – متابعات
على مدى العقود الماضية من الهيمنة العسكرية الأمريكية.. لم يرى العالم كُله من “الشيطان الأكبر” سوى الفوضى والصراعات والحروب وانتهاك سيادة الدول الأخرى وحقوق الإنسان فيها، بل أنها حتى ألحقت الضرر بنفسها.
ويرى خبراء دُوليون بأن الهيمنة العسكرية الأمريكية هي “العدو الأكبر” للإنسانية جمعا، لأنها تمنع الدول من ممارسة سيادتها، وامتلاك قرارها، والاستفادة من ثرواتها ومقدراتها وخصوصاً الدول الضعيفة.
بدأت الهيمنة الأمريكية بانتهاك حقوق مواطنيها الأصليين، ثم توسعت إلى نطاق انتهاك حقوق دول الجوار، ثم واصلت توسعها إلى باقي دول المنطقة، وفيما بعد على باقي دول العالم المستضعفة.
ويقول الأستاذ المساعد للعلوم السياسية بجامعة حلوان في مصر محمد عبد العظيم الشيمي في تقرير حديث نقلته قناة العربية لشبكة تلفزيون الصين الدولية: “إن الولايات المتحدة لديها تاريخ طويل ودموي من التدخل العسكري والتوسع العسكري، ما تسبب في معاناة إنسانية هائلة وعدم استقرار في جميع بقاع العالم”.
أما نائب مدير مركز الدراسات الأوروبية والدولية الشاملة التابع للمدرسة العليا للاقتصاد بجامعة البحوث الوطنية في موسكو دميتري سوسلوف، فيؤكد أنه على عكس نظرية استقرار الهيمنة، فإن الهيمنة العسكرية الأمريكية لم تجلب السلام والاستقرار للعالم أجمع.
ويقول: “على عكس ذلك، اتسمت ما تسمى بالفترة أحادية القطب بانتهاكات القانون الدولي والتدخلات العسكرية غير القانونية”.. لافتاً إلى أنه كان يُنظر إلى أمريكا على أنها قوة عظمى قادرة على إبراز قوتها ونفوذها في جميع أنحاء العالم، إلا أن الانسحاب من أفغانستان أظهر أنها ليست دولة لا تقهر، ويمكن هزيمتها على يد خصوم حازمين.
وفي هذا السياق.. نشر معهد “شينخوا” وهو مركز بحوث تابع لوكالة أنباء الصين الجديدة، تقريرا حديثاً بعنوان (أصول وحقائق ومخاطر الهيمنة العسكرية الأمريكية) كشف فيه الأضرار والتهديدات الناجمة عن مساعي الهيمنة الأمريكية.
ومن خلال هذا التقرير تم تقديم الحقائق والبيانات، وتتبعَ جذور الهيمنة العسكرية الأمريكية، واستكشاف كيف سعت أمريكا إلى فرض هيمنتها العسكرية وحافظت عليها وأساءت استخدامها، كما ألقى الضوء على مخاطر ممارسات الهيمنة الأمريكية.
وأفاد التقرير بأن أمريكا شنت منذ عام 2001م، حروبا وعمليات عسكرية في أكثر من 80 دولة حول العالم باسم “مكافحة الإرهاب”، وأدت بشكل مباشر إلى مقتل نحو 929 ألف شخص، بينهم 387 ألف مدني، وتشريد نحو 38 مليون شخص.
وتعليقا على هذا التقرير يقول الباحث في الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك إجناسيو مارتينيز كورتيس: “نرى كيف تعمل واشنطن، اليوم أكثر من أي وقت مضى، على تعزيز هذه الهيمنة العسكرية الحربية، ولذا نشيد بالتقرير الذي أعدته شينخوا حديثا في الجزء الذي يشير إلى النفقات العسكرية الحربية للولايات المتحدة، خاصة في مناطق نفوذ جديدة تحاول واشنطن السيطرة عليها بشكل متزايد”.
بدوره قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة غوادالاخارا جايمي تامايو، في مقابلة مع “شينخوا”: “إن هذه الهيمنة والأفعال الناجمة عنها تضع البشرية في خطر من خلال إبقاء التهديد بنشوب حرب جديدة كامنا وحاضرا على الدوام”.
وأوضح تامايو أن أمريكا ظلت في حالة حرب لمدة تقترب من 230 عاما من أصل 250 عاما تقريبا منذ أن أصبحت دولة مستقلة.. مشيراً إلى أن هذه العدوانية تتفاقم جراء الحقيقة المتمثلة في أن أمريكا لديها أكبر وجود عسكري في العالم، حيث لديها نحو 750 قاعدة عسكرية في 80 دولة على الأقل حالياً وهو ما مكنها من إطلاق الحروب والعمليات العسكرية داخل 25 دولة على الأقل.
وفي حوار مع “شينخوا” أيضاً أكد المدير التنفيذي للمركز الصيني- الإفريقي بمعهد السياسات الإفريقية، دينيس مونيني وهو باحث كيني، أن الهيمنة العسكرية الأمريكية على مدار التاريخ سعت لنشر بذور الشقاق، ما أدى إلى وقوع قتلى وتدمير سبل العيش والنظام الدولي.
وقال: إن “الهيمنة العسكرية الأمريكية، التي تتضح في إشعال الحروب ونهب الموارد وتغيير أنظمة الحكم بصورة غير قانونية، تشكل تهديدا لبقاء الحضارة العالمية”.
وأضاف: “لنضع الحقائق في سياقها، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في 1945 حتى 2001، اندلع نحو 248 نزاعا مسلحا في 153 منطقة حول العالم، من بينها حوالي 201 نزاع بدأته الولايات المتحدة، وهو ما يمثل حوالي 81 في المائة”.
الجدير ذكره أنه في الـ11 من سبتمبر 2001 قامت مجموعات من الخاطفين بالاستيلاء على أربع طائرات كانت تحلق فوق شرق أمريكا، واستخدمتها لضرب مبان بارزة في نيويورك وواشنطن، وأسفر هذا الحادث عن مقتل نحو ثلاثة آلاف شخص، وغير وجه التاريخ، فقد شنت أمريكا بعده حربها الطويلة ضد الإرهاب.. وهذه الحادثة المصطنعة بحسب تحليلات خبراء ومراكز بحوث دولية استغلتها أمريكا لضرب الدول ونهب وتدمير مقدراتها خاصة في الشرق الأوسط تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.
سبأ / مرزاح العسل
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
كيف يُمكن إعلان أمريكا وإسرائيل عدوًا للجنس البشري؟
د. عبدالله الأشعل **
تستطيع الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تُعلِن أمريكا وإسرائيل عدوًا للجنس البشرى، ونذكر أنه فى عام 1975 أصدرت الجمعية العامة نفسها قرارًا باعتبار الصهيونية مساوية للعنصرية، وما دامت العنصرية جريمة في قرار 1973، فإنها تصير كذلك جريمة، وكان هذا الوصف للصهيونية بريئًا قبل أن تتضح الحقيقة كاملة في ملحمة "طوفان الأقصى"، وهي أن الصهيونية عدو للجنس البشري، ما دامت الولايات المتحدة ضالعة مع إسرائيل فى أسباب عداوة الجنس البشري؛ بل إن أمريكا تستخدم إسرائيل أداةً لإبادة الجنس البشري بطرق متعددة. ثم اتهمت المحكمة الجنائية الدولية- في الأسبوع الأخير من نوفمبر 2024- رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويوآف جالانت وزير الدفاع السابق، بارتكاب جرائم حرب، ومعنى ذلك أنها درجة ثانية- أي جريمة الحرب- بعد العنصرية أما الدرجة الثالثة والمطلقة؛ فهي أنهم جميعًا بمن فيهم سكان إسرائيل الصهاينة عدو للجنس البشري.
لذلك فمن السهل على الجمعية العامة للأمم المتحدة- بعد أن يقتنع أعضاؤها وهم كل أعضاء الأمم المتحدة بذلك- أن تُصدر إعلانًا بأن الصهيونية وأمريكا الصهيونية عدو للجنس البشري؛ لأن أمريكا سبقت إسرائيل في هذه الجريمة، عندما أبادت سكان البلاد الأصليين فى أمريكا الشمالية، منذ أسطورة أو مسرحية الكشوف الجغرافية، التى انطلت على الجميع، وعلى كل الأجيال، وسُطِّرَت في كتب التاريخ على أن المُكتشف ينال مكافأة اكتشافه وهو الاستيلاء على الأرض المكتشفة واستعباد السكان!
ولذلك فإنَّ العلاقة العضوية بين أمريكا وإسرائيل بناءً على التماثل في التجربة التاريخية، أي أن أمريكا وإسرائيل- خصوصًا الأنجلو-ساكسون وهم أصل الولايات المتحدة مثل دونالد ترامب وجورج بوش وغيرهما من ذوي الأصول الأوروبية- أعداء للجنس البشري.
ومصطلح "عدو الإنسانية" ظهر في القرن التاسع عشر من ملفات البحرية البريطانية، لأن بريطانيا كانت سيدة البحار في إطار السلام البريطاني الذى شمل العالم كله. والمعلوم أن قانون البحار تطوَّر حسب مصالح الدول البحرية الكبرى ذات الاساطيل البحرية وفي مقدمتها بريطانيا العظمى، وكانت السفن البريطانية تقوم بتفتيش السفن الأخرى فى أعالى البحار قبل ظهور القانون الدولي للبحار، وكانت بريطانيا تعتبر القراصنة خارجين عن الإنسانية؛ فيترتب على ذلك أن عقوبتهم الإعدام، ولذا أصل هذه العقوبة في بريطانيا العظمى، وكان القرصان يُهدد سلامة الملاحة البحرية، واعتبرت بريطانيا أن تهديد الملاحة يضر بالإنسانية جمعاء، وبالطبع فإن السفن البريطانية اتخذت مكافحة القرصنة ذريعة للسيطرة على البحار.
أما الحيثيات التي يجب أن تُوضع طلبًا لعقد اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة وإصدار هذا الإعلان ويجب أن تتداولها الجهود الدبلوماسية السابقة على الإعلان بغية إقناع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بذلك، فهي كما يلي:
أولًا: أن إسرائيل وأمريكا قامتا بإبادة الإنسان على مراحل؛ ففي العصر الحديث كانت إسرائيل، وفي القرن الخامس عشر كان المواطن الأمريكى الأبيض وكانت الولايات المتحدة قد نشأت تاريخيًا على جثث سكان البلاد الأصليين، ولذلك هناك تشابه بين المشروع الصهيوني والمشروع الأمريكي، وهو إبادة السكان لانتزاع الأرض لاستيطانها بلصوص جُدد؛ ولذلك فإنَّ اللحمة التي تربط إسرائيل بأمريكا لحمة تاريخية معقدة، ولذلك فشلت كل الجهود الرامية إلى تقديم تفسير لهذه العلاقة الحميمة. وانشغل المثقفون العرب والباحثون بهذا الموضوع في الستينيات من القرن الماضي، ولو كان الرئيس المصري جمال عبدالناصر في شعاراته المضادة للاستعمار قد اكتشف هذه الحقيقة، لانطلق ضد الاستعمار وضد المشروع الصهيوني، من منطلق حقيقي، ولما أقدم على طرد اليهود الصهاينة من مصر، ولذا أرى أن تفكيك إسرائيل يتم بدعوة الصهاينة المصريين والعرب بالعودة إلى أوطانهم وتعويضهم عما فقدوه من ممتلكات ويجب أن يصدر قانون خاص في كل دولة بتعويضهم وتنظيم حقوق المواطنة وتطبيقها عليهم.
ثانيًا: أن طبيعة الجرائم التي تُرتكب ضد الإنسان تُوضِّح أن الصهاينة ضد الإنسان وحياته على الأرض بدءًا بالإنسان الفلسطيني، الذي تعرض لكل صور الإبادة، وقد حَرمت إسرائيل الإنسان من مقومات الحياة وأعاقت إسعافه وضربت المستشفيات بذرائع متعددة، ومنعت المياه الصالحة للشرب والكهرباء ووسائل الاتصال والمعدات الطبية، كما قتلت المرضى والأطباء فى غارات متواصلة قاصدةً إبادة الإنسان.
لأن اثبات ذلك سهل وبسيط، ويكفي أن أخبار الإبادة تتناولها الفضائيات جميعًا على الهواء، كما أن المجندين يفخرون بجرائمهم ويصورونها في فيديوهات مُتدَاوَلة، وبعد أن صدر أمر الجنائية الدولية بالقبض على رئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق، تنبَّهت الحكومة الإسرائيلية إلى أن هؤلاء الجنود يُمكن القبض عليهم في الخارج، ويمكن التعرُّف على صورهم وأدلة إدانتهم، ومعنى ذلك أن إسرائيل استشعرت أن العالم كله يرقُب جرائمها التي تجاوزت عملية الإبادة وأصبحت اتفاقية إبادة الجنس البشري وصور الإبادة في الاتفاقية وفي المادة الخامسة من "ميثاق روما" المُنشِئ للمحكمة الجنائية الدولية، شديدة التواضع، بالنسبة لتصرفات إسرائيل؛ فتوفرت للمحكمة دلائل نية الإبادة الجماعية وما فوقها.
المطلوب إبرام اتفاقية جديدة على ضوء سلوك إسرائيل وأمريكا وأن تُحظر مناهضة الإنسانية جمعاء؛ فجريمة مناهضة الإنسانية تضع المجرم في كفة والمجتمع البشري كله في كفة أخرى.
ولو كان الصهاينة يهودًا حقًا لما ارتكبوا هذه الجريمة النكراء؛ لأن جميع الشرائع السماوية تحض على سمو النفس البشرية وقدسيتها، لأن الإله واحدٌ، وصدرت منه هذه الشرائع في أوقات متفرقة على مر التاريخ، ولشعوب مُعينة، وكلها تندرج تحت الإسلام وجوهره التوحيد، ولذلك عرَّف الرسول الكريم أمام جبريل وبين الصحابة الإسلام بطريقة عملية، وهو أنه "من سلم الناس من لسانه ويده"، ولذلك أكدت هذه الجريمة ملاحظتنا بأن الصهاينة في إسرائيل يتسترون وراء الشريعة اليهودية، كما إن الأمريكان يتسترون وراء شعارات حقوق الإنسان ومبادئ الثورة الأمريكية ويستخدمونها فى علاقاتهم الخارجية ليقهروا البلاد الأخرى.
رابعًا: يترتب على إعلان هذه الجريمة فقدان إسرائيل والولايات المتحدة لمزاعمهم الخاصة بالأخلاقية وحقوق الإنسان، ما داموا ضد الإنسان في أي مكان، وهذه الجريمة تاريخية؛ بمعنى أنها تحصر جميع الممارسات في البلدين عبر التاريخ في أمريكا 6 قرون، وفي إسرائيل قرنان هما التاسع عشر والعشرون وما بعدهما.
خامسًا: أن محاكم جميع الدول تختص بمحاكمة الصهاينة والأمريكان البيض، أما الملونون الذين يشكلون معظم المجتمع الأمريكي فهم ينتمون إلى بلاد ضحايا لهذه الجريمة. ويترتب على ذلك أن من حق الشعوب التى مورست ضدها هذه الجريمة أن تطالب بالتعويض وأن يتم تعزيز القضاء الدولي، بحيث تنشأ آليه تنفيذية تُصادر ممتلكات إسرائيل وأمريكا في الدول الأخرى، ومعنى ذلك أن العالم بحاجة إلى مؤسسات جديدة تبحث في الجرائم ضد الانسانية وتحافظ على الانسانية جمعاء؛ لأن مخاطر إفناء الانسان قد تزايدت، ومهمة الانسان على الأرض أن يحافظ على بقائه وصحته ورفاهيته.
سادسًا: أما أمريكا فقد قدمت هدايا لإسرائيل وهي شريك كامل في المخطط الاجرامي، وهذه الهدايا تبدأ بإفساد الحكام والضغط عليهم حتى تنفرد إسرائيل بالفلسطينيين واللبنانيين، وفك لحمة العروبة التى يستظل بها الجميع، وتغيير الخريطة الاقليمية، اضافة إلى امداد إسرائيل بالاسلحة الفتاكة التى تتبخر معها اجساد الضحايا، وهذه الاسلحة مُحرَّمة دوليًا.
ويؤخذ ذلك في الاعتبار عند صياغة معاهدة دولية تجرم ارتكاب جريمة عداء الجنس البشري، وهي تتقدم على جريمة ابادة الجنس البشري موضوع المعاهدة التى تُحاكَم بموجبها إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في قضية رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في ديسمبر من عام 2023.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصر