عشرات الآلاف تحت القصف.. النظام السوري يفاقم أزمة النزوح في مخيمات الشمال
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
إدلب- على وقع أزيز طائرات الاستطلاع، وفي تمام الخامسة صباحا حزم عبد الله عاصي أمتعته برفقة عائلته المكونة من 5 أفراد، للهروب من منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، التي تتعرض لقصف مدفعي وجوي مكثف من النظام السوري وروسيا.
يقول عبد الله للجزيرة نت، "الدراجات النارية أضحت الوسيلة الوحيدة التي يستطيع أي مدني استخدامها في الخروج من جبل الزاوية، مع استمرار القصف العنيف على المنطقة منذ ما يقارب 15 يوما، وسقوط عشرات الضحايا.
ويضيف "اخترت اللجوء إلى السكن مع أقربائي إلى حين إيجاد مأوى لنا، فالمخيمات مكتظة، وأجور المنازل مرتفعة للغاية، ولم يعُد بالإمكان بقاء عائلتي تحت القصف".
نزوح جماعيووثّق مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا)، نزوح قرابة 3 آلاف عائلة في شمال غرب سوريا، كما رصد توجه 2400 عائلة من الريف الجنوبي إلى منطقة جرابلس في ريف حلب، منذ بداية شهر سبتمبر/أيلول الجاري، حتى يوم الثلاثاء الماضي، جراء تصعيد قوات النظام ضد مدن الشمال.
ويعيش عشرات آلاف السكان القاطنين على خطوط التماسّ في شمال سوريا تحت القصف العنيف من النظام السوري وروسيا، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في مناطق شمال غرب سوريا منذ أكثر من أسبوعين.
لم تتحمل صبحية أم عمار، وهي الأرملة التي تعيش مع أطفالها الأربعة في جبل الزاوية، شدة القصف، وقررت الخروج عبر سيارة جارهم الذي أفرغ منزله، وقرر النزوح شمالا مع عائلته. ونزحت أم عمار لمنزل شقيقها في منطقة كللي بريف إدلب الشمالي، والأمل يحدوها بالحصول على شقة سكنية، حتى لو كانت بضعة أمتار لتؤوي بها عائلتها، مشيرة إلى أن المعيشة داخل الخيمة قاسية للغاية.
تقول أم عمار للجزيرة نت، "تحملت القصف كثيرا، لكن عندما سقطت قذيفة بالقرب من أطفالي قررت النزوح حتى يرتاح ضميري، وأضمن عدم تعرضهم لأي أذى".
ويقطن في منطقة جبل الزاوية قرابة 200 ألف نسمة، كما يعيش في مدن ريف حلب الغربي وقراه 100 ألف نسمة، وتتعرض الأحياء السكنية في تلك المناطق لقصف من طائرات ومدفعية النظام السوري، وقوات (قسد).
عذابات النزوحويرفض الحاج عبد الله الخلف الخروج من منزله رغم القصف الشديد، معدّا ما يجري أمرا اعتاده السكان خلال سنوات الحرب، خاصة في مناطق جبل الزاوية، التي عانت عشرات الحملات العسكرية.
ويقول الخلف للجزيرة نت، "ليس بإمكاني دفع إيجار منزل 100 دولار، أو 150 دولارا في الوقت الراهن، ولا حتى منزل بـ20 دولارا، والعيش في الخيمة في حر الصيف أقسى من الموت، لذلك قررت البقاء، فالنزوح يعادل الموت تحت القصف، بل أقسى من ذلك".
ويضيف "هناك تخوف من السكان من انعدام الخدمات الأساسية، وعدم دخول مواد غذائية في ظل عدم قدرة السيارات على الدخول خلال الوقت الحالي، كما أن المدارس قد لا تفتح أبوابها قريبا، إذا استمرت هذه الحملة الشرسة على المنطقة".
وتسبب قصف النظام في مقتل 15 مدنيا، وإصابة العشرات كما نزحت مئات العوائل باتجاه المجهول والعراء، في ظل عدم وجود مخيمات جاهزة لاستقبالهم.
مخيمات مكتظةوفي ظل ارتفاع وتيرة التصعيد واستهداف النظام بشكل ممنهج لقرى جبل الزاوية وريف حلب، تتخوف منظمات سورية من موجة نزوح جديدة، كما يخشى العاملون في المجال الإنساني من تصاعد حملات النزوح مع اقتراب دخول فصل الشتاء، واكتظاظ سكان مناطق الشمال السوري، وعدم وجود مخيمات جديدة قادرة على استيعاب المتضررين من حملات النظام العسكرية.
ويأتي هذا النزوح الجديد بالتزامن مع إغلاق معبر باب الهوى، وتوقف إدخال المساعدات الإنسانية لمناطق شمال سوريا، ما يزيد حجم الكارثة الإنسانية.
القصف تسبب بدمار كبير في المنطقة (الجزيرة) حملات إغاثيةويؤكد مدير مكتب الهيئة العالمية للإغاثة والتنمية (انصر)، محمد النجار للجزيرة نت، تنفيذ مجموعة من الحملات الإغاثية في مخيمات الشمال السوري.
ويقول النجال، "نفذنا مشروع توزيع الخبز المجاني على أهالي جبل الزاوية، وتوجد مناقشات كبيرة لتوسيع العمل والخدمات، لكن المنطقة خطيرة على حياة العاملين الإنسانيين، فالعمل سيكون بالقرب من خطوط الاشتباك، فقررنا توظيف شبان من المناطق المستهدفة نفسها، وتقديم الدعم لهم لخدمة مناطقهم".
ويضيف "بالنسبة لخطة الاستجابة ونزوح العوائل لمناطق جبل الزاوية وريف جسر الشغور، فإن فريق الاستجابة السريعة جاهز في الميدان لهذه الحركة، ويتبع حركة التهجير، والفريق الآخر هو فريق التوزيع بعد تتبع حركة التهجير يتابع مكان استقرار النازحين، ويتدخل ويقدم الكسوة والمنامة والطعام الجاهز والسلال الغذائية".
ويتابع مدير مكتب الهيئة العالمية للإغاثة والتنمية، "خلال المشروعات السابقة المتمثلة في بناء القرى السكنية، تركنا في كل قرية قسما فارغا نسميه غرف طوارئ، وفي حال كان هناك نزوح أو قصف نستقبل فيه العائلات، وهذه الغرف موجودة في مناطق عفرين وقباسين وإعزاز والباب بريف حلب".
من ناحيته يوضح محمد أبو النصر، مدير مكتب إدلب في مجموعة "هذه حياتي" التطوعية العاملة في شمال سوريا، أن الوصول للقرى في جبل الزاوية أصبح شبه مستحيل جراء شدة القصف، الذي أصاب المنطقة بالكامل.
وأوضح في حديث للجزيرة نت، "أن خططنا لمواجهة النزوح والتهجير إن حصل بكثافة، هي توزيع المواد الأساسية على العوائل في أثناء خروجها؛ مثل: الخبز والمواد الغذائية والحليب وحفاضات الأطفال".
ويضيف "سنقدم لهم مواد فرش إسعافية كالأغطية والفرْشات والمبالغ النقدية، كما سنعمل على بناء مراكز إيواء مجهزة بسرادقات عدة على الحدود السورية التركية".
تجدر الإشارة إلى أن فريق "منسقو استجابة سوريا" وثّق استهداف المنطقة أكثر من 189 مرة، بما في ذلك استهداف نحو 22 منشأة خدمية وطبية ومخيمات ومدارس، خلال الشهر الماضي، ومطلع الشهر الجاري.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: النظام السوری للجزیرة نت تحت القصف
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يعاقب رافضي النزوح من شمال غزة بـالمجازر
يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين الذين رفضوا أوامر النزوح والتهجير القسري من محافظة الشمال بقطاع غزة.
ويتعمد جيش الاحتلال استهداف البنايات السكنية التي تضم داخلها عشرات الأهالي والنازحين، ما يوقع أعداد كبيرة من الضحايا بين قتلى ومصابين، بحسب تقرير لوكالة "الأناضول" نقلا عن شهود عيان.
وأوضح الشهود، الاثنين، أن "شابين فلسطينيين قتلا في قصف جوي ومدفعي إسرائيلي عنيف ومستمر على مخيم جباليا".
كما استهدف قصف مدفعي إسرائيلي منطقة الميدان في مشروع بيت لاهيا، تزامنا مع إطلاق نار كثيف وقصف مناطق متفرقة بالقنابل الضوئية.
وأفاد الشهود بتفجيرات شديدة ناجمة عن عملية نسف الجيش الإسرائيلي لمباني ومربعات سكنية شمالي قطاع غزة.
وفي 5 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بدأ الجيش الإسرائيلي اجتياحا بريا شمال قطاع غزة؛ بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة".
بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال شمال القطاع وتحويله إلى منطقة عازلة بعد تهجير سكانه، تحت وطأة قصف دموي متواصل وحصار مشدد يمنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.
الدفاع المدني خارج الخدمة
وتستمر المجازر الإسرائيلية بالقطاع في ظل غياب تام لخدمات جهازي الإسعاف والدفاع المدني اللذين خرجا عن الخدمة إثر استهداف الجيش الإسرائيلي لهما منذ أسابيع.
وقال الدفاع المدني، في بيان، الاثنين، إن "عدد شهدائه بلغ 85، إلى جانب 301 مصاب، و20 معتقلا من قبل قوات الجيش الإسرائيلي".
وأشار إلى "تدمير 17 مركزا ومقرا تابعا له، منها 14 مركزا دُمرت بشكل كلي، و3 تضررت جزئيا، إضافة إلى تعرض 56 مركبة للتدمير أو أضرار".
وفي 23 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أخرج جيش الاحتلال منظومة الدفاع المدني عن العمل في محافظة شمال قطاع غزة بعد تدميرها بالكامل، مما أجبر الطواقم على النزوح إلى المناطق الوسطى والجنوبية من القطاع.
ويأتي هذا التصعيد الإسرائيلي في ظل أزمة إنسانية متفاقمة تعيشها غزة، حيث تواجه الطواقم الإغاثية صعوبات كبيرة في تقديم الخدمات وسط استمرار القصف والحصار.
قتلى وجرحى بالعشرات
استشهد، الأحد، نحو 67 فلسطينيا وأصيب آخرون، فيما لا يزال عدد من المفقودين تحت الأنقاض إثر قصف إسرائيلي استهدف منازل في بيت لاهيا بشمال غزة.
آخر المنازل المأهولة المستهدفة، كان لعائلة "غباين" الواقع بمنطقة "مشروع بيت لاهيا" وكان داخله أكثر من 50 شخصاً وقت قصفه من قبل الطائرات الإسرائيلية، فجر الأحد.
محمود عويضة الذي يقطن بجوار المنزل المستهدف، قال للأناضول: "القصف الإسرائيلي طال منزل عائلة غباين وقت الفجر تقريبا، وأحدث انفجارا ضخما دمر البيت المكون من عدة طوابق بشكل كامل".
وأوضح عويضة أن "المنزل كان مأهولا، وتسكنه عدد من العائلات التي نزحت من مناطق مخيم جباليا وتل الزعتر بسبب التقدم الإسرائيلي البري بتلك المناطق وقوامها أكثر من 50 فردا".
وأضاف: "معظم من كانوا بالمنزل هم نساء وأطفال، وجميعهم صاروا تحت الركام، ولم يتبقَ أي أثر يدل عليهم سوى بعض الأشلاء التي تطايرت بالشارع وعلى أسطح المنازل المجاورة".
وتابع: "لا يوجد إسعافات ولا خدمات طبية تساعد في انتشال جثث الشهداء ومعرفة إذا ما كانوا لا يزالون على قيد الحياة".
وذكر عويضة أن "جيران المنزل يحاولون منذ الصباح الباكر نبش الركام للبحث عن جثث شهداء أو مصابين أو أحياء دون توفر أي معدات تساعدهم على ذلك".
خامس استهداف
على بعد عشرات الأمتار من المنزل الأول، قصفت الطائرات الإسرائيلية منزل عائلة "عبد العاطي" الذي يسكنه إلى جانب أهله عدد من العائلات النازحة.
وقال الصحفي عبد الحميد عبد العاطي، في حسابه عبر منصة "فيسبوك": "قصف جيش الاحتلال منزل عائلتي في بيت لاهيا وتم تدميره على رؤوس ساكنيه، ما أدى لاستشهاد عدد من النازحين داخله وأصيب أخي وأفراد عائلته بإصابات مختلفة".
وأردف أن هذا الاستهداف هو "الخامس" لمنزل عائلته منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وذكرت مصادر طبية لمراسل الأناضول أن "الحصيلة الأولية لعدد الشهداء في منزل عائلة عبد العاطي هو 15 شهيدا على الأقل، مع وجود مفقودين تحت الركام".
مشاهد مروعة
فادي أبو الجديان، كان من أول الواصلين لمكان الاستهداف، ليل الأحد، قال للأناضول: "تم قصف المنزل عند الساعة 2 بعد منتصف الليل تقريبا، وحينما وصلت للمكان كانت أصوات كثيرة تخرج من تحت الركام".
وزاد: "وصل عدد آخر من الأهالي للمكان وحاولنا بأقل الإمكانيات انتشال الشهداء والمصابين، في ظل غياب تام للمعدات وأجهزة الإسعاف والدفاع المدني، ونقلنا حملا على الأكتاف أشخاصا إلى مستشفى كمال عدوان الذي يعمل جزئيا في مشروع بيت لاهيا".
وعطّلت العملية العسكرية الإسرائيلية أيضا، عمل المستشفيات الثلاثة الكبرى بالمحافظة؛ وهي "الإندونيسي" و"العودة" و"كمال عدوان" الذي اعتقل فيه الجيش عدد من الأطباء والممرضين عقب اقتحامه وتخريب مرافقه.
ويصف أبو الجديان مشاهد انتشال الضحايا بأنها "مروعة"، قائلا إن "أطفالا ونساء تحولوا إلى أشلاء، دون أي ذنب، والعالم لا يزال يتفرج على المذبحة".
وتابع: "قُتل الأهالي الأبرياء وهم نيام وجياع وعطشى، بسبب حرمان الاحتلال لهم من الطعام والماء منذ بدء العملية العسكرية على شمال قطاع غزة".
ودعا أبو الجديان "جميع دول العالم لوضع حد لجرائم الاحتلال خاصة في شمال قطاع غزة الذي يعيش حصارا ويموت أهله بكل الأشكال منذ أكثر من 40 يوما".
وبدعم أمريكي ترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر 147 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل "إسرائيل" مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.