إدلب- على وقع أزيز طائرات الاستطلاع، وفي تمام الخامسة صباحا حزم عبد الله عاصي أمتعته برفقة عائلته المكونة من 5 أفراد، للهروب من منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، التي تتعرض لقصف مدفعي وجوي مكثف من النظام السوري وروسيا.

يقول عبد الله للجزيرة نت، "الدراجات النارية أضحت الوسيلة الوحيدة التي يستطيع أي مدني استخدامها في الخروج من جبل الزاوية، مع استمرار القصف العنيف على المنطقة منذ ما يقارب 15 يوما، وسقوط عشرات الضحايا.

ويضيف "اخترت اللجوء إلى السكن مع أقربائي إلى حين إيجاد مأوى لنا، فالمخيمات مكتظة، وأجور المنازل مرتفعة للغاية، ولم يعُد بالإمكان بقاء عائلتي تحت القصف".

نزوح جماعي

ووثّق مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا)، نزوح قرابة 3 آلاف عائلة في شمال غرب سوريا، كما رصد توجه 2400 عائلة من الريف الجنوبي إلى منطقة جرابلس في ريف حلب، منذ بداية شهر سبتمبر/أيلول الجاري، حتى يوم الثلاثاء الماضي، جراء تصعيد قوات النظام ضد مدن الشمال.

ويعيش عشرات آلاف السكان القاطنين على خطوط التماسّ في شمال سوريا تحت القصف العنيف من النظام السوري وروسيا، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في مناطق شمال غرب سوريا منذ أكثر من أسبوعين.


لم تتحمل صبحية أم عمار، وهي الأرملة التي تعيش مع أطفالها الأربعة في جبل الزاوية، شدة القصف، وقررت الخروج عبر سيارة جارهم الذي أفرغ منزله، وقرر النزوح شمالا مع عائلته. ونزحت أم عمار لمنزل شقيقها في منطقة كللي بريف إدلب الشمالي، والأمل يحدوها بالحصول على شقة سكنية، حتى لو كانت بضعة أمتار لتؤوي بها عائلتها، مشيرة إلى أن المعيشة داخل الخيمة قاسية للغاية.

تقول أم عمار للجزيرة نت، "تحملت القصف كثيرا، لكن عندما سقطت قذيفة بالقرب من أطفالي قررت النزوح حتى يرتاح ضميري، وأضمن عدم تعرضهم لأي أذى".

ويقطن في منطقة جبل الزاوية قرابة 200 ألف نسمة، كما يعيش في مدن ريف حلب الغربي وقراه 100 ألف نسمة، وتتعرض الأحياء السكنية في تلك المناطق لقصف من طائرات ومدفعية النظام السوري، وقوات (قسد).

عذابات النزوح

ويرفض الحاج عبد الله الخلف الخروج من منزله رغم القصف الشديد، معدّا ما يجري أمرا اعتاده السكان خلال سنوات الحرب، خاصة في مناطق جبل الزاوية، التي عانت عشرات الحملات العسكرية.

ويقول الخلف للجزيرة نت، "ليس بإمكاني دفع إيجار منزل 100 دولار، أو 150 دولارا في الوقت الراهن، ولا حتى منزل بـ20 دولارا، والعيش في الخيمة في حر الصيف أقسى من الموت، لذلك قررت البقاء، فالنزوح يعادل الموت تحت القصف، بل أقسى من ذلك".

ويضيف "هناك تخوف من السكان من انعدام الخدمات الأساسية، وعدم دخول مواد غذائية في ظل عدم قدرة السيارات على الدخول خلال الوقت الحالي، كما أن المدارس قد لا تفتح أبوابها قريبا، إذا استمرت هذه الحملة الشرسة على المنطقة".

وتسبب قصف النظام في مقتل 15 مدنيا، وإصابة العشرات كما نزحت مئات العوائل باتجاه المجهول والعراء، في ظل عدم وجود مخيمات جاهزة لاستقبالهم.

مخيمات مكتظة

وفي ظل ارتفاع وتيرة التصعيد واستهداف النظام بشكل ممنهج لقرى جبل الزاوية وريف حلب، تتخوف منظمات سورية من موجة نزوح جديدة، كما يخشى العاملون في المجال الإنساني من تصاعد حملات النزوح مع اقتراب دخول فصل الشتاء، واكتظاظ سكان مناطق الشمال السوري، وعدم وجود مخيمات جديدة قادرة على استيعاب المتضررين من حملات النظام العسكرية.

ويأتي هذا النزوح الجديد بالتزامن مع إغلاق معبر باب الهوى، وتوقف إدخال المساعدات الإنسانية لمناطق شمال سوريا، ما يزيد حجم الكارثة الإنسانية.

القصف تسبب بدمار كبير في المنطقة (الجزيرة) حملات إغاثية

ويؤكد مدير مكتب الهيئة العالمية للإغاثة والتنمية (انصر)، محمد النجار للجزيرة نت، تنفيذ مجموعة من الحملات الإغاثية في مخيمات الشمال السوري.

ويقول النجال، "نفذنا مشروع توزيع الخبز المجاني على أهالي جبل الزاوية، وتوجد مناقشات كبيرة لتوسيع العمل والخدمات، لكن المنطقة خطيرة على حياة العاملين الإنسانيين، فالعمل سيكون بالقرب من خطوط الاشتباك، فقررنا توظيف شبان من المناطق المستهدفة نفسها، وتقديم الدعم لهم لخدمة مناطقهم".

ويضيف "بالنسبة لخطة الاستجابة ونزوح العوائل لمناطق جبل الزاوية وريف جسر الشغور، فإن فريق الاستجابة السريعة جاهز في الميدان لهذه الحركة، ويتبع حركة التهجير، والفريق الآخر هو فريق التوزيع بعد تتبع حركة التهجير يتابع مكان استقرار النازحين، ويتدخل ويقدم الكسوة والمنامة والطعام الجاهز والسلال الغذائية".

ويتابع مدير مكتب الهيئة العالمية للإغاثة والتنمية، "خلال المشروعات السابقة المتمثلة في بناء القرى السكنية، تركنا في كل قرية قسما فارغا نسميه غرف طوارئ، وفي حال كان هناك نزوح أو قصف نستقبل فيه العائلات، وهذه الغرف موجودة في مناطق عفرين وقباسين وإعزاز والباب بريف حلب".

من ناحيته يوضح محمد أبو النصر، مدير مكتب إدلب في مجموعة "هذه حياتي" التطوعية العاملة في شمال سوريا، أن الوصول للقرى في جبل الزاوية أصبح شبه مستحيل جراء شدة القصف، الذي أصاب المنطقة بالكامل.

وأوضح في حديث للجزيرة نت، "أن خططنا لمواجهة النزوح والتهجير إن حصل بكثافة، هي توزيع المواد الأساسية على العوائل في أثناء خروجها؛ مثل: الخبز والمواد الغذائية والحليب وحفاضات الأطفال".

ويضيف "سنقدم لهم مواد فرش إسعافية كالأغطية والفرْشات والمبالغ النقدية، كما سنعمل على بناء مراكز إيواء مجهزة بسرادقات عدة على الحدود السورية التركية".

تجدر الإشارة إلى أن فريق "منسقو استجابة سوريا" وثّق استهداف المنطقة أكثر من 189 مرة، بما في ذلك استهداف نحو 22 منشأة خدمية وطبية ومخيمات ومدارس، خلال الشهر الماضي، ومطلع الشهر الجاري.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: النظام السوری للجزیرة نت تحت القصف

إقرأ أيضاً:

اعتقال أحد كبار ضباط المخابرات الجوية بعهد النظام المخلوع في سوريا (شاهد)

أعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة السورية، محمد الفيصل، عن اعتقال أحد كبار ضباط النظام السوري المخلوع، من جهاز المخابرات الجوية، والمتورط بارتكاب جرائم قتل بحق السوريين خلال السنوات الماضية.

قال الفيصل، إن مديرية أمن اللاذقية، ألقت القبض على العميد سليمان التيناوي، "المتورط في جرائم حرب بحق المدنيين ومنها مجزرة في منطقة جيرود بريف دمشق في تموز عام 2016".

ولفت إلى أن التيناوي، كان مسؤولا عن التنسيق بين قيادات حزبالله، ومجموعات طائفية في سوريا، وقدم الدعم لها، مشيرا إلى إحالته للنيابة العامة، لاستكمال التحقيقات والإجراءات القانونية بحقه.

وينحدر التيناوي من مدينة جيرود بريف دمشق، ويعمل في المخابرات الجوية، وهو أحد أقسى أجهزة مخابرات النظام السوري قسوة، منذ فترة طويلة، كرئيس لقسم الديوان المركزي أو ما يعرف بمكتب مدير إدارة المخابرات الجوية اللواء جميل حسن برتبة عقيد مهندس. وفي تموز 2018؛ تم ترفيعه لرتبة عميد وتعيينه رئيسا لفرع المعلومات في الجهاز ذاته.



وقالت مواقع سورية، إن التيناوي شارك منذ بداية الثورة السورية، بصفته الذراع اليمنى لجميل الحسن المطلوب دوليا بتهمة ارتكاب جرائم حرب، في حفظ وأرشفة الوثائق الخاصة بإدارة المخابرات الجوية وخاصة تلك المتعلقة بمدير الإدارة، حيث كان يطلع على كافة الأوامر والتعليمات والقرارات والتقارير الصادرة أو الواردة.

ولفتت إلى أنه أوكلت له مهمة الإشراف على عمل المخابرات الجوية في مدينة جيرود بالقلمون الشرقي كونه ينحدر منها، وشارك في عمليات الاقتحام التي شنها عناصر المخابرات الجوية بمساعدة قوات الجيش وشعبة المخابرات العسكرية.

ويتهم بالمسؤولية عن ارتكاب مجزرة جيرود، التي راح ضحيتها 70 من سكان المنطقة عام 2016، بعد قصف كبير طالها من قبل النظام.

مديرية أمن اللاذقية تلقي القبض على العميد المجرم "سليمان التيناوي"، أحد أبرز ضباط المخابرات الجوية، والمتورط في ارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين، من بينها مجزرة في منطقة جيرود بريف دمشق في تموز 2016. pic.twitter.com/7rAUWuycvg — محمد الفيصل || M . faisal (@mhmdfaisel) April 22, 2025

مقالات مشابهة

  • في خطوة شبيه بالنظام السعودي.. النظام السوري يعتقل قيادات المقاومة الفلسطينية
  • عاجل | الرئيس السوري لنيويورك تايمز: أي فوضى في سوريا ستضر بالعالم أجمع وليس دول الجوار فقط
  • سوريا..حريق كبير يلتهم حياً سكنياً في حلب ويخلف عشرات الإصابات
  • عشرات القتلى في هجوم مروع شمال الهند يهز «جامو وكشمير»
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 47 مدنيا في قصف للدعم السريع استهدف الفاشر‎
  • عشرات القتلى فى قصف جديد على الفاشر
  • سوريا.. إيران تعود للواجهة و«سرايا القدس» توجه نداءً للحكومة
  • اعتقال أحد كبار ضباط المخابرات الجوية بعهد النظام المخلوع في سوريا (شاهد)
  • سرايا القدس توجه رسالة عتاب أخوية إلى النظام السوري بعد اعتقال قادتها في دمشق
  • تحت نيران القصف.. تفاقم أوضاع اللاجئين في خيام غزة مع تزايد النزوح القسري