ظفار بين صناعة السياحة والبنية الأساسية
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
أصبح قطاع السياحة في عدد من دول العالم صناعة كبيرة لا تقل عن أي قطاع اقتصادي آخر، بل إن هناك دولا دخلها الوطني يفوق حتى دخل دول نفطية من خلال تكريس مفهوم صناعة السياحة طوال المواسم والفصول الأربعة، وليس فقط لأسابيع كما هو الحال في خريف ظفار.
ومن هنا، فإن محافظة ظفار بكل مقوماتها الجمالية وموقعها الاستراتيجي على البحار المفتوحة والتخطيط السليم من الجهات المختصة، يمكن أن ترفد اقتصاد بلادنا سلطنة عمان بالكثير من الدخل وعشرات الآلاف من فرص العمل للشباب العماني.
ولعل أهم مجالات تنشيط وصناعة السياحة بشكل احترافي وليس مجرد الاجتهاد السنوي لا يقع فقط على الجهات الحكومية في محافظة ظفار، ولكن هي استراتيجية شاملة للدولة على صعيد تطوير القطاع السياحي في سلطنة عمان باعتباره القطاع الواعد الذي يمكن أن يشكل دعامة أساسية للاقتصاد الوطني، خاصة أن قطاع السياحة لا تزال مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي خجولة ولا ترقى للطموحات وخاصة مسار رؤية عمان ٢٠٤٠.
وعليه، فإن نموذج محافظة ظفار يتصدر المشهد السياحي في سلطنة عمان كل عام لأسباب تتعلق بالمناخ المعتدل والحزام الأخضر في ربوع جبال ظفار الجميلة.
وفي تصوري، فإن مطار صلالة لم يستغل حتى الآن بالشكل الصحيح، خاصة أن الدولة صرفت عليه الملايين من الريالات وهو النافذة الجوية الأقرب لإفريقيا وآسيا وحتى أوروبا. ولأجل هذا فإن تكملة مرافق المطار كمحطة صيانة الطائرات وقرية الشحن الجوي، سوف تعطي مجالا لتنشيط الحركة الجوية، وتكون هناك قيمة مضافة لمثل هذا المرفق الحيوي ويعطي عائدا ماديا لخزينة الدولة مع توفير مزيد من فرص العمل، كما أن وجود قنصليات للدول ذات الجاليات الكبيرة كالهند وبنجلاديش وباكستان وسيريلانكا وغيرها من الدول سوف يعطي مجالا رحبا للسفر والسياحة وحتى الاستثمار. فالدول ينبغي أن تستغل موقعها الاستراتيجي الجوي والبحري، وسلطنة عمان دولة نموذجية في هذا الإطار، حيث تقع على مسارات جوية مثالية وبحار مفتوحة، كما أن وجود القنصليات سوف يحرك النشاط الاقتصادي والسياحي بل ويزيد من المداخيل المالية للدولة وأيضا توفير المزيد من فرص العمل.
البنية الأساسية في محافظة ظفار تحتاج إلى تطوير كبير خاصة في مجال الطرق والجسور لاستيعاب حركة السكان وحركة الاقتصاد المتزايدة.
ومن هنا فإن نظرية صناعة السياحة تقول كلما أنفقت على البنية الأساسية كان العائد أكبر على المستويين المتوسط والبعيد. إن إعادة المشهد السياحي في محافظة ظفار كنموذج على اقتصاد السياحة يحتاج إلى إعادة نظر والحال ينطبق على عدد من المحافظات في سلطنة عمان كولاية الجبل الأخضر في محافظة الداخلية ومصيرة ورأس الحد في محافظة جنوب الشرقية ومحافظة مسندم وبقية المحافظات.
إن الاجتهادات الموسمية لن تضيف الكثير على مشهد صناعة السياحة، حيث إن المسألة ليست في بناء الفنادق والمنتجعات، هذا جانب واحد فقط لكن وجود بنية أساسية متكاملة وتحريك المنفذ الجوي بشكل مثالي هو الذي يجعل منظومة قطاع السياحة والاقتصاد في تكامل ورؤية واضحة. وهنا نؤكد أهمية تعزيز واستغلال الميزة النسبية لمحافظة ظفار في الجانب السياحي الاقتصادي والذي ينعكس على الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل وهو الملف الوطني الأكثر إلحاحا في هذه المرحلة.
كما أن ميناء صلالة الذي شهد قفزات ممتازة على صعيد مناولة الحاويات وأصبح من المنافذ البحرية التي يشار لها بالبنان بفضل الجهود الحكومية وجهود الكوادر الوطنية، فإن هناك جانبا مهما في ميناء صلالة لا بد من تعزيزه وهو التصدير وإعادة التصدير خاصة لعدد من الدول ذات الكثافة السكانية في شبه القارة الهندية ودول الاتحاد الأوروبي. علاوة على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، واليمن وهو الجار الأقرب لسلطنة عمان على حدودها الجنوبية، حيث يشكل اليمن بعد عودة السلام سوقا تتجاوز ٣٠ مليون نسمة وتعد محافظة ظفار الموقع الاستراتيجي للتصدير والتجارة عبر المنافذ البحرية والبرية والجوية في المستقبل.
إن هذا الطرح يهدف إلى استغلال الموقع الاستراتيجي الفريد لبلادنا سلطنة عمان واستغلال تلك الميزة النسبية لمحافظات سلطنة عمان، بحيث يكون قطاع السياحة رافدا مهما للاقتصاد الوطني كما تركز على ذلك رؤية سلطنة عمان ٢٠٤٠، ولذا نتطلع إلى أن نرى مزيدا من البنى الأساسية في محافظة ظفار خلال الفترة القادمة واكتمال الطريق الاستراتيجي الذي يربط شمال سلطنة عمان بجنوبها وتحريك مطار صلالة الدولي وأيضا المنفذ البحري كمنفذ للتصدير وإعادة التصدير وليس فقط مناولة الحاويات رغم الأهمية لمثل هذا النشاط اللوجستي، وهذا الأمر ينطبق على ضرورة تنشيط ميناء صحار وهو المنفذ البحري الاستراتيجي على بحر عمان كما هو الحال مع ميناء صلالة على بحر العرب.
فالدول ينبغي أن تستغل ميزاتها التنافسية على كل الأصعدة، بحيث يتم خلق اقتصاد ديناميكي نشط لا يعتمد على سلطة النفط التي أصبحت تخضع للتقلبات السياسية ومصالح القوى الدولية في إطار الصراعات والحروب المحتدمة في مناطق عديدة من العالم وفي مقدمتها الحرب الروسية الأوكرانية والمواجهة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين في بحر الصين الجنوبي وحول تايوان.
إن العالم شرقه وغربه يشهد تحولات جيوسياسية ومن المهم استغلال الفرص على كل المستويات حتى يتم تحقيق نظام اقتصادي يعتمد على مختلف القطاعات الاقتصادية التي ركزت عليها رؤية عمان ٢٠٤٠ بشكل مهني، مما يمكن بلادنا سلطنة عمان من النهوض بقطاعاتها المختلفة ومنها قطاع السياحة إلى المكانة التي تتماشى وموقع البلاد الاستراتيجي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی محافظة ظفار صناعة السیاحة قطاع السیاحة سلطنة عمان
إقرأ أيضاً:
سفير سلطنة عمان يشيد بالنقلة النوعية في العلاقات العُمانية المصرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أشاد السفير عبد الله الرحبي، سفير سلطنة عمان لدى مصر، والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية، بمستوى العلاقات العمانية المصرية، مشيرًا إلى أنها تشهد مزيداً من النمو والإزدهار في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ بفضل الرعاية الكريمة لهذه العلاقات من جانب السلطان هيثم بن طارق، والرئيس عبدالفتاح السيسي.
جاء ذلك خلال الاحتفالية التي نظمتها سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة مساء اليوم، بمناسبة العيد الوطني الـ 54 المجيد.
وقال السفير العماني، إنه لمن دواعي الفخرِ والاعتزازِ أن نستذكرَ في هذه الذكرى الوطنيةِ الخالدةِ الإنجازاتِ التي حققتْها سلطنةُ عُمان عبرَ مسيرتِها الطويلةِ، وخاصةً منذ انطلاقِ النهضةِ العُمانيةِ المباركةِ في عامِ 1970، التي أرسى دعائمَها المغفورُ له -بإذن الله تعالى- جلالةُ السلطانِ قابوسُ بن سعيدٍ -طيبَ اللهُ ثراه-، ويواصلُ مسيرتَها المظفرةَ اليومَ جلالةُ السلطانِ هيثمُ بن طارقٍ المعظمُ -حفظَه اللهُ ورعاه- بكلِّ إرادةٍ وعزمٍ، لنمضيَ بثباتٍ نحوَ المستقبلِ الواعدِ.
وتابع:" تتبنى سلطنةُ عُمان سياسةً خارجيةً راسخةً قائمةً على أسسِ الحوارِ والتسامحِ، وتسعى دائماً لتعزيزِ قيمِ السلامِ والوئامِ بينَ الأممِ، ومن هذا المنطلقِ، فإن سلطنةَ عُمان تُؤكِّدُ دعوتَها للمجتمعِ الدوليِّ إلى تكثيفِ الجهودِ لوقفِ التصعيدِ العسكريِّ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ، وحثِّ الأطرافِ كافةً على الالتزامِ بالقانونِ الدوليِّ وميثاقِ الأممِ المتحدةِ، واحترامِ مبادئِ السلامِ والعدالةِ للجميعِ.
وفيما يخصُّ القضيةَ الفلسطينيةَ، تُجدِّدُ سلطنةُ عُمان موقفَها الثابتَ والداعمَ لحقوقِ الشعبِ الفلسطينيِّ المشروعةِ، بما في ذلك انسحابُ الاحتلالِ الإسرائيليِّ من الأراضي الفلسطينيةِ المحتلةِ منذُ عامِ 1967، وفقاً لقراراتِ مجلسِ الأمنِ، وإقامةُ دولتِه المستقلةِ وعاصمتُها القدسُ الشرقيةُ.
كما تجدد سلطنةُ عمان دعوتها إلى وقفٍ فوريٍّ للحربِ في قطاعِ غزةَ، ورفعِ الحصارِ عن السكانِ الأبرياءِ، وتوفيرِ ممراتٍ آمنةٍ لإيصالِ المساعداتِ الإنسانيةِ، ووقفِ إطلاقِ النارِ في لبنانَ، والعودةِ إلى مسارِ تحقيقِ السلامِ العادلِ والشاملِ عبرَ الحوارِوالوسائلِ السلميةِ.
وأضاف، أن العالمَ اليومَ يواجهُ تحدياتٍ كبرى على الأصعدةِ الأمنيةِ، والاقتصاديةِ، والبيئيةِ، في ظلِّ تزايدِ الصراعاتِ والحروبِ التي تؤثِّرُ بشكلٍ مباشرٍ على حياةِ الناسِ واستقرارِهم.
ونحنُ في سلطنةِ عُمان نؤمنُ بأنَّ الحلولَ لهذه الأزماتِ لا تُحقَّقُ بالقوةِ العسكريةِ، أو فرضِ العقوباتِ والتهميشِ، بل بالتفاهمِ والحوارِ بروحِ العدالةِ والتعاونِ المشتركِ لتحقيقِ الأمنِ الجماعيِّ والاستقرارِ العالميِّ.
وعلى صعيد العلاقات العُمانية-المصرية فقدت شهدت هذا العامَ تطوراً نوعياً في المجالاتِ السياسيةِ والاقتصاديةِ، والإعلاميةِ والثقافيةِ والتعليميةِ، مما يعكسُ عُمقَ العلاقاتِ التاريخيةِ التي تربطُ البلدين، وتمتدُّ جذورُ هذه العلاقاتِ إلى أكثرَ من 3500 عام، منذ عهدِ الملكةِ حتشبسوت، واستمرت العلاقاتِ الدبلوماسيةِ المتينةِ التي تعززت تحتَ القيادةِ الحكيمةِ لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السلطانِ هيثمِ بن طارقٍ المعظمِ، وفخامةِ الرئيسِ عبدِ الفتاحِ السيسي.
وفي المجالِ الاقتصاديِّ، قال السفير العماني: " اتفقَ البلدانِ على تعزيزِ التعاونِ في القطاعاتِ غيرِ النفطيةِ، وفقاً لرؤيتي عُمان 2040 ومصر 2030، وتم توقيعُ اتفاقياتٍ بارزةٍ، منها اتفاقيةُ الخدماتِ الجويةِ ومذكرةُ تفاهمٍ للتعاونِ الماليِّ، وفي عامِ2023، ارتفعَ حجمُ التبادلِ التجاريِّ بينَ البلدين بنسبةِ31%، مع زيادةٍ ملحوظةٍ في حجمِ الصادراتِ والوارداتِ.
أما في الإعلامِ والثقافةِ، فقد أُعلن عن اختيارِ سلطنةِعُمانَ ضيفَ شرفِ معرضِ القاهرةِ الدوليِّ للكتابِ 2025، كما شاركَتْ الموسيقى العُمانيةُ في مهرجانِ الموسيقى العربيةِ بدارِ الأوبرا المصريةِ.
وفي مجالِ التعليمِ، زادَ عددُ الطلابِ العُمانيينَ في مصر بنسبةِ 31%، مع تعزيزِالتعاونِ الأكاديميِّ والمنحِ الدراسيةِ.
واشار إلى انه تمثلُ رؤيةُ عُمان 2040 خارطةَ طريقٍ طموحةً لتحقيقِ التنميةِ المستدامةِ في سلطنةِ عُمان، من خلالِ تطويرِالمواردِ البشريةِ والتكنولوجيةِ، وتحقيقِ الاستدامةِ الاقتصاديةِ والماليةِ.
ومن ضمنِ أهدافِ الرؤيةِ تعزيزُ جودةِ التعليمِ والرعايةِ الصحيةِ، ودعمُ الشبابِ والمرأةِ وكافةِ فئاتِ المجتمعِ للمساهمةِ الفعّالةِ في بناءِ المستقبلِ.
وفي مجالِ الطاقةِ النظيفةِ والهيدروجينِ الأخضرِ، قال إن سلطنةُ عُمان تعمل على تحقيقِ الحيادِ الصفريِّ الكربونيِّ بحلولِ عامِ 2050، من خلالِ مشاريعَ ضخمةٍ تهدفُ إلى إنتاجِ أكثرَ من مليونِ طنٍّ من الهيدروجينِ بحلولِ 2030، وصولاً إلى 8 ملايينَ طنٍّ في عامِ 2050.
وتُشجِّعُ سلطنة عمان على شراكاتٍ استثماريةٍ مع الدولِ الشقيقةِ والصديقةِ لتعزيزِ هذا القطاعِ الواعدِ.
4cf31d85-9983-4ff8-950e-066a407be6ed ca724667-0b4c-424e-a4e0-e2f5368d4606 17c2f1fb-5e59-4751-9901-19c6af84180a cf112f84-8c55-4638-9f49-bf9f9440fef6 00a30058-fcee-4dea-b889-03096ede9961 IMG_8461 IMG_8460