الكوكب في حاجة إلى التزام عالمي نحو الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
لا يسير العالم في الاتجاه الصحيح من أجل احتواء الاحترار المناخي وعدم تجاوز سقف 1.5 درجة مئوية الذي حدّدته اتفاقية باريس للمناخ كهدف. لقد خرج التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة عن المسار بشكل خطير. ويؤكد التقرير الخاص بتقييم الحصيلة العالمية لاتفاقية باريس ما نعرفه ونشعر به بالفعل في حياتنا اليومية. سيكون هذا العام من بين أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق، وتسبّبت حرائق الغابات والجفاف والفيضانات والطقس القاسي الناجم عن التغير المناخي في خسائر وأضرار مدمّرة في جميع أرجاء العالم.
غير أن هناك أملًا. ونحن مصمّمون على أن نجعل لأنفسنا تأثيرا على مستقبل كوكبنا. لا يزال بإمكاننا العودة إلى المسار الصحيح من خلال اتخاذ إجراءات عاجلة الآن. ولا يزال بوسعنا تفعيل ما نعدّه، في نظرنا، أحد أهم الروافع للحد من الانبعاثات: تسريع نشر الطاقات المتجددة وتحسين النّجاعة الطاقية. الحلول هي جاهزة من الناحية التكنولوجية وتنافسية من حيث التكلفة الاقتصادية. وفضلا عن توفير طاقة أنظف وتقليل الطلب على الطاقة الأقل نظافة، فإن الطاقات المتجددة والنّجاعة الطاقية تتيح العديد من الميزات الأخرى. فهي تخلق فرص عمل دائمة، وتُعيد تنشيط بيئتنا، وتحسّن جودة الهواء، وتحافظ بذلك على صحّتنا ورفاهيّتنا الجماعية. كما أنها تمكّن من تحقيق تصنيعٍ أكثر إنصافا واستدامة، بما في ذلك في البلدان الصاعدة والنامية. نحن جميعا مَعنيّون بالتغيّر المناخي. وحتى إن لم تكن الطاقات المتجددة والنّجاعة الطاقية الحلّين الوحيدين من أجل مكافحة التغير المناخي، إلا أنها أساسية لإعادة العالم إلى المسار الصحيح الذي سيتيح إمكانية بلوغ هدف 1.5 درجة مئوية قبل أن يصبح هذا الهدف بعيد المنال. الكوكب في حاجة إلى التزام عالمي نحو الطاقات المتجددة والنّجاعة الطاقة.
لدينا حلول، وقد أحرزنا بالفعل تقدّما كبيرا على مستوى تطوير القدرات العالمية في مجال الطاقات المتجددة وتحسين النّجاعة الطاقية خلال السنوات الأخيرة. غير أن وتيرة التقدم كانت جد بطيئة حتى الآن. وكما أظهر التحليل الذي قدّمته كلّ من وكالة الطاقة الدولية والوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، فإننا نحتاج أن نضاعف بشكل جماعي القدرات العالمية في مجال الطاقة المتجددة ثلاث مرات، لكي نصل بها إلى أحد عشر ألف جيجاواط. ونحتاج بالموازاة مع ذلك، مضاعفة وتيرة تحسين النّجاعة الطاقية على المستوى العالمي.
وبإمكاننا بلوغ هذه الأهداف من خلال بذل جهد سياسي أكبر يستند إلى الدينامية الحالية. يعرف انتشار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ازدهارا كبيرا في جميع أنحاء العالم، مع إدراك البلدان بشكل متزايد لميزات هذه الطاقات على مستوى ضمان الأمن الطاقي. لقد اجتمع ممثلو ما يقرب من خمسين حكومة، بمبادرة من وكالة الطاقة الدولية، ووقّعوا على إعلان فرساي في شهر يونيو الماضي، وهو الإعلان الذي حدّد هدف مضاعفة النّجاعة الطاقية. لكن يتعيّن علينا أن نضع هدفا عالميا، وأفقا مشتركا، حتى نتمكن من جمع كل البلدان حول هذه الأهداف الأساسية وإرسال إشارة قوية إلى البشرية جمعاء.
لا بد من التأكيد على أهمية وضرورة نهج مقاربة إقليمية من أجل تحقيق الأهداف المناخية وتشجيع الانتقال العادل والمنصف نحو نُظم طاقية مستدامة. ويجب علينا أن نتعامل في الوقت نفسه مع الضغوط التي تتمثل في الخصوصيات الإقليمية.
تمنح الطاقات المتجددة والنّجاعة الطاقية في الدول الجزرية الصغيرة، المعرّضة بشكل خاص لآثار التغير المناخي، إمكانية إزالة الكربون على نحو سريع من أنظمة الطاقة المحدودة والتي نادرا ما تكون مترابطة. وفي أفريقيا، حيث يتعذّر الوصول إلى الكهرباء على حوالي 600 مليون شخص، ويفتقر ما يقرب من مليار شخص إلى القدرة على الطهي النظيف، تمنح وفرة الموارد المتجددة في القارة آفاقا أرحب، وسوف توفر للجميع إمكانية موثوقة واقتصادية للحصول على الطاقة بحلول عام 2030.
يجب علينا تسخير قوة التعاون العالمي كاملا، والدفع بها إلى الأمام من خلال مبادرات ومقاربات وطنية وإقليمية قوية، وتعزيز الدينامية الواعدة التي أطلقناها في القمة الأفريقية حول المناخ هذا الأسبوع، والمضي بها قدما في قمة مجموعة العشرين في نيودلهي وأسابيع المناخ المقبلة التي تفصلنا عن الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف حول المناخ (COP28)، والذي سينعقد انطلاقا من 30 نوفمبر القادم.
سيمنح مؤتمر الأطراف حول المناخ في دورته الثامنة والعشرين للعالم فرصة حاسمة لتدارك الأمور بشأن التغير المناخي. وليس في وسع أي دولة أن تفعل ذلك بمفردها. إن مكافحة التغير المناخي هو التحدي الأبرز للبشرية خلال هذا القرن.
وكخطوة أولى، يجب علينا أن نعمل معا، على نحوٍ متضامن، ونتّخذ الإجراءات الأساسية على المستويين الدولي والوطني وفقا لما تقتضيه المواقف المختلفة، بما في ذلك تعزيز الأهداف والاستراتيجيات والمساهمات المحدّدة على المستوى الوطني خلال الفترة المتبقية من العقد. ويشمل ذلك ضمان زيادة التمويل، وخاصة في البلدان النامية، وتعزيز الشبكات والبنيات التحتية ذات الصلة، والسهر على إصدار التصاريح في الوقت المناسب، وهيكلة قواعد السوق على النحو الذي يشجّع الاستثمارات. كل عام من الأعوام القادمة هو مهم من أجل ضمان بقائنا على المسار الصحيح.
نحن ندعو كافة الحكومات إلى دعم هذا الجهد المشترك -التزام عالمي بمضاعفة قدرات الطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة الوتيرة السنوية لتحسّن النّجاعة الطاقية بحلول عام 2030- من أجل تسريع التحوّل نحو طاقة نظيفة تكون عادلة وتحترم البيئة. دعونا نغتنم هذه الفرصة الفريدة معا خلال مؤتمر الأطراف حول المناخ في دورته الثامنة والعشرين، ولنحافظ على هدف 1.5 درجة مئوية في متناول اليد لصالح الجميع، بما في ذلك الجيل القادم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التغیر المناخی حول المناخ من أجل
إقرأ أيضاً:
مؤسسة النفط: نجدد التزام ليبيا بتوجهات أوبك رغم التحديات ونرحب بالشراكات الدولية بقطاع الطاقة
أكد رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، المهندس مسعود سليمان، التزام بلاده الراسخ بما يصدر عن منظمة أوبك من خطط وتوجيهات، رغم التحديات التي واجهها قطاع النفط الليبي خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أن مشاركة المؤسسة في مؤتمر أوبك السنوي المنعقد في فيينا تعكس حرص ليبيا على الإسهام في رسم مستقبل الطاقة العالمي.
وقال سليمان في رسالة وجهها للمؤتمر إن المؤسسة الوطنية للنفط تفخر بمستوى تمثيلها في هذا الحدث، الذي يناقش مستقبل نظم الطاقة على خلفية مسؤوليات بيئية ومناخية متزايدة، مشدداً على أن ليبيا، باعتبارها من الدول المؤسسة للمنظمة، ما تزال متمسكة بخيارات أوبك رغم الظروف السياسية والأمنية التي أثرت على إنتاج النفط وتصديره، وألحقت ضرراً كبيراً بالبنية التحتية والميزانية العامة للدولة.
وأشار إلى أن طبيعة الاقتصاد الليبي القائم على الإيرادات النفطية تجعله شديد التأثر بتقلبات السوق العالمية، ما يدفع بالمؤسسة إلى العمل على تطوير استراتيجيات مستدامة بالتعاون مع شركاء دوليين من كبار الشركات العالمية في مجالات الاستكشاف والإنتاج.
وأوضح أن وفد المؤسسة المشارك في المؤتمر يضم نخبة من الخبراء والقيادات، جاؤوا محمّلين بطموحات الشعب الليبي نحو تطوير قطاع الطاقة، مشيراً إلى أن هذه الطموحات تُرجمت إلى خطط واستراتيجيات عملية تهدف إلى زيادة الإنتاج، وتحسين الكفاءة، واستقطاب استثمارات جديدة.
ودعا سليمان الشركات العالمية للاستثمار في ليبيا، مؤكداً أن موقع البلاد الاستراتيجي وقربها من الأسواق الأوروبية يمنحها مزايا تنافسية كبيرة. وأوضح أن المؤسسة طرحت عدداً من القطع للاستكشاف والتنقيب، إلى جانب مشاريع متنوعة في الصناعات البتروكيماوية، تشمل إنتاج الميثانول والأسمدة والإيثيلين، إضافة إلى مشاريع تكرير النفط وتطوير السوق المحلي وتصدير الفائض.
وفي ختام رسالته، تمنى رئيس المؤسسة الوطنية للنفط التوفيق للفريق الليبي المشارك في المؤتمر، مشدداً على أن رؤيتهم المستقبلية تهدف إلى تعزيز الشراكات الدولية والنهوض بقطاع الطاقة في ليبيا بما يخدم التنمية الوطنية ويواكب التحولات العالمية في هذا القطاع الحيوي.