فى محافظة الإسماعيلية انتشرت ظاهرة غريبة لم يعتد عليها المجتمع الإسماعيلاوى وهى خيام من الأقمشة البالية بجوار صناديق القمامة لتكون ملجأ لكل من ضاقت به ظروف الحياة يتخذها سكنا له، ذلك المشهد القاسى عندما تجد شابا اصطحب أسرته وأطفاله للنوم فى الشارع بجوار صناديق القمامة وتحاصرهم الكلاب الضالة، قصص وحكايات لا نهاية لها.

بجوار نادى الكهرباء صندوق كبير لجمع القمامة وفرته المحافظة لأهالى المنطقة لإلقاء المخلفات ثم جمعها من خلال سيارات الحى، هذا هو النمط المنطقى الذى يتوقعه أى شخص، لكن الحقيقة أن صندوق القمامة الذى تكلفت الدولة من أجله الأموال لتنظيف الحى يقوم أحد البلطجية باستغلاله من خلال تأجيره للنباشين والمشردين لفرز القمامة منه وبيعها لحسابهم ومن ثم دفع يومية تتراوح من 100 إلى 300 جنيه.

قرر جهاد تثبيت خيمة من بقايا القماش البالية بمساحة لا تتعدى 3 أمتار خلف صندوق القمامة لينام فيها مع زوجته وأطفاله الخمسة، يصعد جهاد فوق صندوق القمامة يفتش بداخله عن الكرتون والزجاجات والبلاستيك وبقايا الأكل لإطعام أطفاله لعله يجد منها ما يشبع.

"جهاد" يقول منذ 3 أشهر لم أجد مأوى لأسرتى غير الشارع، تنقلت من مكان لآخر لكننى فى النهاية أستقر مع أطفالى خلف صناديق القمامة، موضحا بدأت أزمتى تتفاقم مع بدء انتشار فيروس كورونا، تلقيت خبر إصابة زوجتى وطفلى "محمد" فى انقلاب توكتوك وأصيب الطفل بنزيف فى المخ وقطع اللسان، ثم تلقت ابنتى الكبرى "دنيا" إصابة فى العين بسبب مسدس خرز كان أطفال الشارع يلعبون به وخضعت لجراحة زرع قرنية تكلفت 70 ألف جنيه.

وتابع: أما محمد ابنى فتوفى فى عمر عام عقب إصابته بالكورونا، ولم أستطع علاجه ولم يكتف أخواتى بما حدث لى بين ليلة وضحاها لكن قاموا ببيع البيت الذى ورثته عن والدى وبعد أن وقعت على التنازل طلبت نصيبى فى البيع لكنهم رفضوا وقالوا إن حقى تم صرفه فى علاج أولادى لأنهم كانوا يساعدوننى على مصاريف العلاج لكن لم أتوقع أن ينتهى بهم الأمر بالتخلى عنى فى الشارع.

وأضاف "جهاد" أنه استأجر شقة صغيرة فى مدينة المستقبل بمبلغ 500 جنيه، وحاول البحث عن فرصة عمل للإنفاق على أبنائه لكنه لم يجد إلا بيع مخلفات القمامة مشيرا إلى أنه كان يعمل فى وقت سابق مساعدا فى أعمال البناء لكن ما حدث أثناء أزمة كورونا تسبب فى وقف جميع الأعمال واضطر المقاول الذى يعمل لديه تسريح العمالة المعاونة له.

وقال : لجأت إلى الشارع ورغم المجهول الذى كان ينتظرنى مع أطفالى فى الشارع لكنه كان الملاذ الأخير تنقلت من مقلب قمامة إلى آخر حتى وصلت إلى شارع نادى الكهرباء وتعرفت على الشخص المسئول عن صندوق القمامة.

وأضاف ساخرا: "حتى الشارع له قوانين والقمامة لها أصحاب" استأجرت منه المكان ليتركنى أبحث فى مخلفات القمامة مقابل 150 جنيها كل يومين، وبعيون تحبس الدمع يتساءل  "أنا مش عارف عايشين ليه وإزاى؟".

تجلس زوجته حنان على أطراف الخيمة تحمل طفلتها التى لا يتجاوز عمرها الـ 3 أشهر يطير فوق رأسها الذباب وتنتشر تحت قدميها الحشرات وتفترش القطط جنبا إلى جنب أطفالها أثناء نومهم داخل الخيمة على مرتبة لا يتعدى طولها مترا ونصف المتر.

 

فى منطقة أخرى خلف أحد صناديق القمامة نجد «مليجى» افترش بعض الملابس القديمة ينام عليها بعد أن تخلت عنه زوجته بسبب تدهور الظروف المادية أثناء أزمة انتشار فيروس كورونا 

اختار مليجى صندوق قمامة بجوار سور نادى المنتزه فى نطاق حى ثالث وأسس خيمة صغيرة خلف الصندوق ينام بداخلها.

وعن تفاصيل الحكاية يوضح مليجى كنت أعمل فى توزيع الخضار والفاكهة لكننى تعرضت لسرقة التروسيكل الذى اقترضت لدفع مقدم شرائه وفقدت بضاعة بمبلغ كبير.

وأضاف: «ساءت الحالة المادية ولجأت للمقربين منى لمساعدتى لكن من كان يتطوع للمساعدة مرة لا يكررها خاصة أننى بلا عمل والديون ثقيلة ولدى بيت وزوجة وبنتان مسئولين منى لم تتحمل زوجتى ما حدث وطلبت الطلاق بعد زواج مستقر دام 11 عاما وتمكنت من الشقة، طردتنى فى الشارع ومنعتنى من رؤية بناتى وللحقيقة أنا أيضا لا أملك من الشجاعة التى تجعلنى أنظر إليهم ويسألوننى عن عملى أو يطلبون منى بعضا من الحلوى التى لا أملك ثمنها».

واستكمل «مليجي» بعد انفصالى عن زوجتى فوجئت بزواجها من أقرب صديق لى كنت ألجأ إليه لأشكو همى ومتاعب الحياة وفى لحظة أجده مكانى فى البيت يربى ابنتى بدلا منى وتذكر مليجى صديقه الذى وعده بالوقوف إلى جواره للصلح بينه وبين زوجته قائلا "عرف عن حياتى كل حاجة" وذهب إلى أهل زوجتى وطلبها للزواج.

يقول : استأجرت صندوق القمامة من أحد النباشين بمبلغ 100 جنيه يوميا، وأستخرج منه البلاستيك والكارتون والزجاج وأقوم ببيع ناتج ما تم جمعه لأحد التجار فى أبو صوير وهناك تعرفت على صديقى الذى غدر بى وتزوج من طليقتى حيث كان يشترى البلاستيك والزجاج.

واستطرد مليجى أنا مجبر على العمل وسط صناديق القمامة وأتمنى أن أجد فرصة حياة وعمل شريف أستطيع من خلاله الإنفاق على بناتى فالنظرة لهم تساوى عندى الدنيا وما فيها وأوضح أنه يجمع من القمامة الكرتون والبلاستيك والزجاج، أقوم ببيع الكرتون مقابل 25 جنيها للكيلو وعبوات الصفيح 40 جنيها للكيلو والبلاستيك مقابل 5 جنيهات وعندما أجمع كميات تصل لـ 200 جنيه أذهب لبيعها إلى تجار الخردة وأشترى من الطعام ما يكفينى بعد دفع قيمة تأجير صندوق القمامة والتى تبلغ 100 جنيه يوميا.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: انتشار فيروس كورونا جمع القمامة فيروس كورونا مخلفات القمامة صنادیق القمامة فى الشارع

إقرأ أيضاً:

نتنياهو إلى السقوط أقرب

لقد راحت تتصاعد الحملات التي انطلقت من داخل الكيان الصهيوني، لإجبار نتنياهو على التراجع عن الاستمرار بالحرب العبثية التي يشنها ضد غزة. وذلك من أجل إنقاذ الكيان الصهيوني من سوء السمعة، والعزلة الدولية، وتدهور الوضع العسكري، كما من أجل حلّ مشكلة ما تبقى من الأسرى، الذين تتهدّدهم الحرب بالموت. هذا ويجب أن تضاف أيضا التظاهرات العالمية المتصاعدة ضدّ استمرار هذه الحرب الهمجية، فضلا عن تأييد القضية الفلسطينية.

لم يسبق للكيان الصهيوني أن عرف رئيس حكومة يدفع الجيش ليخوض حربا لا إجماع حولها، فكيف والرأي الداخلي ضدّ بقاء رئيس الحكومة، ويتسّم بشبه إجماع بأن تلك الحرب يخوضها نتنياهو لمصلحة خاصة به، ولبقائه في الحكم، وذلك خوفا مما ينتظر مستقبله من دمار سياسي، بسبب ما ارتكب من أخطاء ومن فساد يحقق فيه القضاء ومن الممكن أن يتم سجنه.

إن الحرب في الحالة الطبيعية لا تشنّ إلّا تحت استراتيجية "وطنية"، ودراسة مدققة بنجاحها. وأما الحرب، بعد تجربة ستة عشر شهرا من الفشل العسكري والسياسي، وتدهور سمعة الكيان الصهيوني عالميا، بوصفه مرتكب جرائم حرب وإبادة، وقتل للأطفال والمدنيين من أجل القتل، ولهدف البقاء في السلطة، فهي حرب عبثية، مدمّرة للذات، وحتى لمستقبل بقاء الكيان الصهيوني غير الشرعي.

الحرب، بعد تجربة ستة عشر شهرا من الفشل العسكري والسياسي، وتدهور سمعة الكيان الصهيوني عالميا، بوصفه مرتكب جرائم حرب وإبادة، وقتل للأطفال والمدنيين من أجل القتل، ولهدف البقاء في السلطة، فهي حرب عبثية، مدمّرة للذات، وحتى لمستقبل بقاء الكيان الصهيوني
وقد بذلت الحركة الصهيونية وداعموها الجهود المضنية، والمليارات من الدولارات، لإظهار حالة الكيان الصهيوني باعتباره "شرعي" وديمقراطي، وحريص على "السلام" والتقيّد بالقانون الدولي.

من هنا أصبح الصراع الداخلي، الذي يتجّه لإسقاط نتنياهو، يُشبه تدحرج كرة الثلج التي تكبر حجما خطوة بعد خطوة. فقد بدأت تأخذ هذه السمة زخمها، مع قرار المحكمة العليا بتعليق قرار نتنياهو بعزل قائد الشاباك، ثم الصدام بالمستشارة القضائية، ثم الانتقال إلى النقابات المهنية المتعدّدة، وإلى الهستدروت (اتحاد العمال). ومع ذلك وقبله، ما صدر من بيانات موقعة من المئات والآلاف من أعضاء الأجهزة العسكرية، والطبية العسكرية، والشخصيات العسكرية المتقاعدة.

إذا انتقلت هذه الاحتجاجات ضدّ نتنياهو إلى الإضرابات وأشكال العصيان، أو تعاظمت أكثر، لا بدّ لنتنياهو من أن يسقط، إن لم يتدارك أمره قبل السقوط، ويتراجع عن عناده الأناني والطفولي.

هذا، وقد يجد ترامب الذي أعطاه ضوءا أخضر، لشنّ الحرب الثانية على غزة، ضرورة للضغط على نتنياهو ليوقف هذا المسار العبثي، ما دام لم يستطع أن يحسم عسكريا، وما دامت شظايا الأضرار التي يسببّها نتنياهو راحت تصيب ترامب، فضلا عن تتالي فشل سياسات ترامب الجمركية وغيرها، وغيرها.

على أن هذه التطورّات جميعا ما كانت لتحدث، أو أن تنتهي إلى ما ستنتهي إليه من انتصار، لولا القوّة القتالية التي تمتعت بها المقاومة، وما زالت، وقد راح يتكشف ذلك مع استمرار هذه الحرب العدوانية، كما لولا صمود الشعب، وعظيم احتماله لما يتعرض له من إبادة، وتضحيات تعدّت احتمالات البشر.

هذا ويجب أن تلحظ أهمية الخط السياسي الذي يُدار به الصراع من جانب قيادة المقاومة في تعزيز تلك القوّة، وذلك الصمود، وإحباط ما يُحاك من مكائد تسعى لتحقق الضغوط السياسية ما لم تستطع الحرب تحقيقه.

مقالات مشابهة

  • مصر.. أطباء يعيدون الحياة لـ"يد مبتورة بالكامل"
  • شهداء لقمة العيش.. الآلاف يشيعون جثامين 5 ضحايا بحادث تصادم الطريق الصحراوي بالبحيرة
  • في عكار.. سرقوا صندوق التبرعات من داخل المسجد
  • ضحايا لقمة العيش.. سقوط عاملين من علو داخل أحد المصانع في العبور
  • نتنياهو إلى السقوط أقرب
  • مفاجأة من غزة .. حفر بالأظافر بحثاً عن الرزق والعمال شباب!
  • غوتيريش يؤكد حضوره لقمة بغداد
  • السليمانية.. مؤتمر دولي للطاقة المتجددة بمشاركة 122 بحثاً
  • جنازته كانت مليانة ألم وحزن.. لميس الحديدي تنعى الراحل سليمان عيد بكلمات مؤثرة
  • قناة عبرية تؤكد أن واشنطن تخلت عن شرط تفكيك النووي الإيراني