الإصلاح يدعو لتحالف جديد يضم الانتقالي والمقاومة الوطنية وبقية القوى السياسية
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
دعا رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح، محمد اليدومي، الثلاثاء، لتوسيع قاعدة الشراكة عبر تحالف سياسي عريض يشمل المجلس الانتقالي، والمكتب السياسي للمقاومة الوطنية، وكافة المكونات والقوى المنضوية في الشرعية، للمضي صفاً واحداً لإنهاء الانقلاب الحوثي وبناء الدولة الاتحادية وترسيخ النظام الجمهوري والحفاظ على وحدة وسيادة البلاد.
جاء ذلك خلال كلمة متلفزة ألقاها رئيس الإصلاح محم اليدومي، بمناسبة الذكرى الـ33 لتأسيس الحزب.
وقال اليدومي، إن دعوته لتوسيع الشراكة الوطنية بين مختلف القوى اليمنية، نابعٌ من المعرفة بالواقع السياسي اليمني ومن الاعتقاد الراسخ بأنه لا يمكن لأحد الاستفراد بقرار البلاد، مشددا على ضرورة إحياء العملية السياسية وتمكين الأحزاب من ممارسة أنشطتها في كافة المحافظات المحررة.
ولفت رئيس الهيئة العليا للإصلاح، في خطابه بمناسبة ذكرى التأسيس، إلى أن "الذكرى تأتي متزامنة مع حلول العيد الـ61 لثورة 26 من سبتمبر الخالدة التي أَسدلت الستار على حقبة مظلمة خيمت على وطننا الحبيب ردحاً من الزمن، وأعلنت ميلاد جمهوريتنا الخالدة التي حملت على عاتقها تحقيق قيم الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية".
واستطرد بالقول: "وخلال ما يزيد على ستة عقود من عمر الجمهورية مضى اليمنيون بكل فئاتهم يخوضون ملحمة نضالية للتخلص من تركة الجهل والتخلف والعنصرية التي خلفها النظام الإمامي البائد، وبعزيمتهم وحماسهم وتطلعهم للحياة قطعوا شوطاً في مضمار التنمية وإزالة أغلال الجهل والإذلال التي كبلت طاقات الإنسان اليمني وعطلت قدراته".
وأوضح اليدومي أن الإمامة التي تظاهرت بالفناء حين انتفض في وجهها الشعب، كانت بذرتها الخبيثة تختبئ في ثوب الجمهورية وظلت تتربص بالقيم الوطنية والإنسانية، مستغلة تسامح اليمنيين ورغبتهم في التعايش.
وأشار إلى توغل الإمامة عبر عناصرها القادرين على التلون في مؤسسات الدولة ومفاصل الحكم، وفي لحظة غفلة من النخب الجمهورية، وانشغال الأحزاب والتيارات والقوى الوطنية بالتباينات.
وتابع قائلاً: "كانت الإمامةُ بلافتتها الجديدة متمثلةً في مليشيا الحوثي تعيد ترتيب صفوفها وتعد العدة للانقضاض على الدولة والنيل من النظام الجمهوري الذي وجد ليبقى".
وأعرب عن أسفه الشديد، بسبب استمرار التباينات واجترار الماضي بين القوى السياسية، وقال إن ذلك لا يزال عاملاً مساعداً في إطالة أمد سيطرة جماعة الحوثي على عدد من المحافظات اليمنية.
ولفت رئيس الإصلاح، إلى ما يواجهه الشعب اليمني من بطش جماعة الحوثي منذ اجتياحها العسكري وانقلابها على الدولة، واستمرار الجماعة في التمسك بخيارات وأدوات العنف كأداة وحيدة في محاولة لفرض مشروعها العنصري على أبناء الشعب اليمني من خلال مزعوم الحق الإلهي في السلطة المرتكز على خرافة الأفضلية العرقية.
وأكد أن الإصلاح "يتابع بإكبار الأصوات التي تتحدى آلة القمعِ وتعلن من داخل مناطق سيطرة المليشيا رفضاً لموجة انتهاكات حقوق الإنسان ومصادرة أقوات الناس وقطع المرتبات ونهب الممتلكات وفرض الجبايات الظالمة التي أثقلت كاهل المواطنين، لتعيش قيادات المليشيا حياةً مترفةً".
ولفت إلى أن الإصلاح يساند القطاع الخاص ورأس المال الوطني الذي يتعرض لعملية نهب وتدمير منظم من خلال التضييق عليه وفرض إتاوات وإجراءات غير قانونية طالت قطاعات العمل والتجارة والاستثمار.
وأدان اليدومي حملة القمع والإرهاب وجرائم الاختطاف والإخفاء القسري التي تمارسُها جماعة الحوثي بحق الصحافيين والناشطين وجموع الشعب المطالبين بحقوقهم المسلوبة.
وقال اليدومي إن مسيرة الكفاح من أجل استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب اعترتها عدد من التعثرات في الفترة الماضية انعكست على مفاقمة المعاناة الإنسانية، وساعدت على إطالة بقاء اليد الإيرانية عابثةً بالبلاد وتلحق أذاها بالإقليم والعالم.
وأكد أن اليمنيين اليوم لن يتمكنوا من التغلب على تلك التحديات والنهوض من تلك العثرات إلا بوحدة صف حقيقيةٍ تتجاوز الشعارات إلى الأفعال، وفق برامج وآليات كفيلة بتجميع القوى والمكونات في إطار الشرعية، وتوسيع قاعدتها وتوحيد أهدافها وقوتها لإنهاء الانقلاب، سيما في ظل التعنت الحوثي المستمر الذي أهدر كل فرص السلام الممنوحة له وتعامل معها بعنجهية وصلف.
وأشار إلى أن الحوثي أثبت أنه لا يؤمن بخيار السلام ولن تردعه سوى وثبةٍ مشروعةٍ لإنقاذ المواطنين من نيران العبودية والاضطهاد الذي تمارسه الجماعة بحقهم في مناطق سيطرتها.
وتابع: "ما زالت أمام المليشيا فرصةٌ قد لا تظل مطروحةً إلى ما لا نهاية للجنوح إلى السلام الذي نؤمن به كقيمة إنسانية وسياسية لتحقيق سلام مستدام مبني على المرجعيات الثلاث؛ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية، والقرار الدولي (2216)".
وأكد رئيس الهيئة العليا للإصلاح أن أي صيغة سلام تمس بالمركز القانوني للشرعية أو تقفز على أولوية سحب سلاح الجماعة وبدون تحول الجماعة إلى مكون سياسي تؤمن بالديمقراطية والتنافس السياسي عبر صناديق الاقتراع في إطار الدولة الاتحادية؛ فإنما هو سلام ملغوم يؤسس لاستدامة العنف ويمهد لجولات قادمة من الصراع والحروب المدمرة، ويزعزع أمن واستقرار المنطقة ويهدد الأمن القومي العربي.
وجدد اليدومي موقف الإصلاح الداعم لوحدة مجلس القيادة الرئاسي وتوحيد التشكيلات المسلحة تحت قيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة وفي إطار وزارتي الدفاع والداخلية، واستكمال تنفيذ اتفاق الرياض، لتمكين المجلس من قيامه بالمهام المناطة به وفقاً لإعلان تفويض السلطة.
كما دعا إلى تمكين السلطة التشريعية ممثلةً بمجلس النواب من مزاولة عمله الرقابي والتشريعي من العاصمة المؤقتة عدن، والإسراع في تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. كما حث مجلس القيادة والحكومة على التحرك الجاد لاستعادة تصدير النفط وتأهيل الموانئ التي تعرضت لاستهداف إرهابي من قبل المليشيا الحوثية الذي أضر بمصالح المواطنين في كامل التراب اليمني.
ودعا الحكومةَ إلى الاهتمام بالقوات المسلحة والأمن والمقاومة وانتظام صرف مرتبات منتسبيها بصورة شهرية، وتوفير الدعم الذي تتطلبه المعركةُ الوطنيةُ، وتقديم المبالغ اللازمة لعلاج الجرحى في الداخل والخارج والإسراع في إنشاء هيئة وطنية لرعاية جرحى الحرب وذوي الاحتياجات الخاصة وأسر الشهداء وتخصيص الموازنة الكافية لرعايتهم وتوفير احتياجاتهم المعيشية والصحية.
وأكد رئيس الإصلاح أن قرارات مجلس الأمن وتوصياته تحتم على المجتمع الدولي الوقوف بحزم أمام التدخلات الإيرانية في اليمن المزعزعةِ لأمن واستقرار المنطقة، وتحتم على المبعوث الأممي إلى اليمن تسخير جهوده لتنفيذ القرارات الدولية وليس التغاضي عن تمرد مليشيا الانقلاب عليها أو توفير المبررات لذلك.
وطالب اليدومي، المبعوث الأممي بتوصيفُ دقيق لأطراف الحرب في اليمن بين "مليشيا متمردةٍ انقلابيةٍ فرضت هذه الحرب، وبين شرعيةٍ معترفٍ بها تمارس دورها الدستوري في استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: الاصلاح المؤتمر اليمن الانتقالي الحرب في اليمن
إقرأ أيضاً:
ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟
خطا الرئيس السوري أحمد الشرع ثلاث خطوات مُهمة نحو إعادة توحيد سوريا، ومواجهة مشاريع تقسيمها. الأولى، إفشال التمرد المُسلّح الذي قادته خلايا النظام المخلوع في مناطق الساحل بهدف إسقاط الدولة الجديدة وإشعال حرب أهلية. والثانية، إبرام اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لدمجها في الدولة الجديدة، والثالثة، الاتفاق مع أهالي ووجهاء محافظة السويداء الجنوبية على دمجها الكامل في مؤسسات الدولة.
مع ذلك، تبقى مُعضلة الجنوب السوري إشكالية ضاغطة على سوريا؛ بسبب التحركات التي بدأتها إسرائيل منذ الإطاحة بنظام الأسد واحتلالها أجزاء جديدة من الأراضي السورية ومحاولتها تأليب دروز الجنوب على إدارة الرئيس الشرع.
على الرغم من أن إسرائيل سعت في البداية إلى تسويق تحرّكاتها العدوانية في سوريا في إطار مواجهة مخاطر أمنية مزعومة تُهددها، فإن النهج الإسرائيلي أصبح بعد ذلك أكثر وضوحًا، خصوصًا بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 23 فبراير/ شباط الماضي عن نوايا إسرائيل الإستراتيجية في سوريا. وتتضمن هذه النوايا تحقيق أربعة أهداف متوسطة وبعيدة المدى.
أولًا، تكريس احتلال المنطقة العازلة في الجولان وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية كأمر واقع من خلال ربط التواجد الإسرائيلي فيهما بالتهديدات المزعومة بعيدة المدى التي تواجه إسرائيل من سوريا، وليس القريبة المدى. وبالنظر إلى أن المناطق المُحتلة الجديدة ليست كبيرة من حيث الحجم، فإن إسرائيل قادرة على الاحتفاظ بها، إما بهدف ضمها لها بشكل نهائي، أو بهدف تعزيز موقفها في أي مفاوضات مستقبلية مُحتملة مع النظام الجديد في سوريا.
ثانيًا، محاولة إحداث شرخ كبير بين الدروز في جنوب سوريا والإدارة الجديدة كبوابة لتأسيس كيان درزي كمنطقة عازلة بينها وبين سوريا. ولا تقتصر وسائل إسرائيل بهذا الخصوص على تشجيع النزعة الانفصالية بين الدروز، وتقديم نفسها كحامٍ لهم، بل تشمل كذلك طرح مطلب تحويل جنوب سوريا إلى منطقة منزوعة السلاح وعدم انتشار الجيش السوري الجديد فيها، فضلًا عن اعتزام السماح للدروز بالعمل داخل إسرائيل.
ثالثًا، تدمير ما تبقى من الأصول العسكرية التي أصبحت ملكًا للدولة السورية بعد الإطاحة بنظام الأسد من أجل إضعاف القدرات العسكرية لهذه الدولة، وتقويض قدرتها على امتلاك عناصر القوة لبسط سيطرتها على كافة أراضيها وللتعامل مع التحديات الأمنية الداخلية التي تواجهها، خصوصًا مع الأطراف: (قسد، خلايا النظام في الساحل، والتشكيلات المسلحة في الجنوب). وتندرج هذه الإستراتيجية ضمن أهداف إسرائيل في تشجيع النزعات الانفصالية على الأطراف لإضعاف السلطة المركزية في دمشق.
رابعًا، تقويض قدرة تركيا على الاستفادة من التحول السوري لتعزيز دورها في سوريا، وفي المنافسة الجيوسياسية مع إسرائيل في الشرق الأوسط. ولهذه الغاية، تعمل إسرائيل على مسارات مُتعددة، ليس فقط محاولة إيجاد موطئ قدم لها بين الدروز في الجنوب، بل أيضًا شيطنة الإدارة السورية الجديدة للتأثير على القبول الدولي بها، والضغط على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعدم الاعتراف بالرئيس الشرع، وإبقاء العقوبات على سوريا كسيف مُصلت عليها لتحقيق مصالح إسرائيل، والضغط كذلك على واشنطن لإقناعها بالحاجة إلى بقاء الوجود العسكري الروسي في سوريا كضرورة لمواجهة نفوذ تركيا.
حتى في الوقت الذي يبدو فيه تقسيم سوريا أو فَدْرلتها أو تحويل الجنوب إلى منطقة منزوعة السلاح (عدم وجود الجيش السوري فيها)، غير مُمكن وغير واقعي، فإنه من المرجح أن تحتفظ إسرائيل باحتلال المنطقة العازلة وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية لفترة طويلة.
كما ستسعى لاستثمار الفترة الطويلة التي ستستغرقها عملية بناء الدولة الجديدة ومؤسساتها العسكرية والأمنية من أجل مواصلة شن ضربات على امتداد الأراضي السورية؛ بذريعة مواجهة تهديدات مُحتملة، أو خطر وقوع مثل هذه الأسلحة في أيدي جماعات تُشكل تهديدًا لإسرائيل.
إن هذا النهج الإسرائيلي المُحتمل ينطوي على مخاطر كبيرة على سوريا وإدارتها الجديدة، لأنه سيُقوض من قدرتها على تحقيق استقرار داخلي كامل وبناء مؤسسة عسكرية قوية. ولا تبدو احتمالية الدخول في حرب مع إسرائيل واردة على الإطلاق على جدول أعمال الرئيس الشرع، خصوصًا في هذه المرحلة التي تفرض عليه تركيز أولوياته على إنجاح المرحلة الانتقالية، وإعادة بناء الدولة، وبناء علاقات جيدة مع الغرب من أجل رفع العقوبات المفروضة على سوريا وإطلاق عملية إعادة الإعمار.
لقد شدد الشرع في القمة العربية الطارئة، التي عُقدت في القاهرة، على ضرورة العودة إلى اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل لعام 1974، بما في ذلك انسحاب إسرائيل من الأراضي الجديدة التي احتلتها بعد سقوط نظام الأسد. ويعمل الشرع على ثلاثة سياقات لمواجهة التحدي الإسرائيلي.
التأكيد على التزامه باتفاقية فض الاشتباك لإظهار رغبته في تجنب أي صدام عسكري مع إسرائيل.
تقويض قدرة إسرائيل على استثمار الانقسامات الطائفية والمجتمعية والعرقية في سوريا من خلال السعي لدمج الحالات على الأطراف: (الشمال الشرقي، الساحل، الجنوب) في الدولة الجديدة.
تعزيز القبول الدولي به لإقناع القوى الفاعلة في المجتمعين: الإقليمي والدولي بالضغط على إسرائيل للحد من اندفاعتها في سوريا، والعودة إلى الوضع الذي كان قائمًا في الجنوب قبل سقوط نظام بشار الأسد.
علاوة على ذلك، يُحاول الشرع توسيع هامش المناورة لديه في مواجهة التحدي الإسرائيلي من خلال تعميق الشراكة الجديدة لسوريا مع تركيا.
على الرغم من وجود مشروع لاتفاقية دفاع مشترك بين تركيا وسوريا، فإن الشرع لا يزال متريثًا في الإقدام على هذه الخطوة لاعتبارات مُتعددة. لكنه في حال تصاعد خطر التحدي الإسرائيلي على استقرار سوريا ووحدتها، فإنه قد يلجأ إلى هذه الاتفاقية للحصول على دعم تركي في تسليح الجيش السوري الجديد، وتعزيز قدرته على مواجهة هذا التحدي.
والخلاصة أن التحدي الإسرائيلي يُوجد عقبات كبيرة أمام نجاح التحول في سوريا، لكنه يُوجد في المقابل فرصًا للشرع لبلورة إستراتيجية متكاملة للتعامل مع هذا التحدي، وتعزيز القبول الدولي به كضمان لمنع اندلاع حرب بين سوريا وإسرائيل في المستقبل.