الأخبار المرعبة رغم أنفها
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
لا أستطيع أن أنسى نبرة صوته وهو يطالب الجرسون بإغلاق شاشة العرض التى لا نسمعها أصلًا تحت وطأة ضوضاء المقهى. كان صوت استغاثة.. إنه نداء قوى للنجدة بكل طبقات العذاب فى نبرته. حين اقترب منه الجرسون يسأله: "هو فيه حاجة معروضة ممكن تتضايق حد؟. دى أغانى عادية جدًا.. فيه حاجة مضايقة حضرتك؟ نغير القناة؟". سكت الرجل قليلًا وكأنه يعانى من صداع يمنعه من ترتيب أفكاره حتى يتحدث.
أشارت بعض الأبحاث فى السنتين الأخيرتين إلى اعتزال نسبة من القراء والمشاهدين السابقين لنشرات الأخبار، إذ عبر هؤلاء بمنتهى الارتياح عن أنماط حياتهم الأكثر سعادة دون معرفة ماذا حدث اليوم أو سيحدث غداً فى العالم، حتى أن رجلًا أربعينيًا فى أحد استطلاعات الرأى طلب تسجيل رأيه بأن حياته دون نشرة الأخبار لم تتأثر، وأن حياته التى كان يعتقد أنها تحتاج لمعلومات عن سير أحداث العالم لا تحتاج لأكثر من معلومات عن الأماكن المحدودة التى يتحرك بها يوميًا، لهذا هو أكثر سعادة بقراره حول اعتزال نشرات الأخبار.
على الجانب الآخر من النهر نجد أبحاثًاً خلال السنتين الأخيرتين أيضًا ترصد ظاهرة غريبة أسموها مجازًا "الرغبة الجامحة فى الإطلاع على الأخبار السلبية" إذ أنها لم توصف علميًا بشكل كامل حتى الآن. هذه الظاهرة ظهرت كبيرة مكتملة حادة خلال فترات انتشار الوباء. إذ يرى هؤلاء المصابون بهذه الظاهرة أن الأخبار السلبية كانت فى أول الأمر مزعجة لكن حين لا يكون هناك سواها تبدأ فى إدمانها، وتؤمن إيمانًا كاملاً أنك لا تستطيع حماية نفسك، ولا تملك شيئًا تفعله لحماية العالم، أنت فقط مطالب بأن تعرف، يبدأ عقلك فى التعامل معها كمسلسل حزين لكنك أحد أبطاله العاجزين عن تغيير مساره. تعد هذه الظاهرة من الظواهر التى تخدم وسائل الإعلام لكن يرى علماء النفس أنها لا تخدم المتلقين فى كل الأحوال لأن إدمان العالم القاتم قد يكون أحد وسائل الدفاع عن النفس ضده فى عدد من المتلازمات البشرية، إلا أن استمراره لفترات طويلة قد يضر بالإنسان ضررًا بالغًا.فأنت حين تقيم فى غرفة مظلمة فترة طويلة لن يجديك حبها نفعًا لمدى طويل فى أن تعيش حياة جميلة.
لا بد أن نعترف أن العالم يعيش فى فيلم أحداثه مرعبة منذ فترة، الوباء والاحتباس الحرارى والأعاصير والزلازل المدمرة، أدخلنا هذا فى طبيعة عالمنا المختلفة جدًا، بدأ كل منا يتفاعل بطريقته. لكن الشيء الذى لا يمكن إنكاره هو تفوق الشخصية على الخبر. لا أدل على ذلك من قوة تأثير المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعى بشكل يدهشهم قبل أن يدهش أى حد. ويجعلهم دون أن يخرجوا من بيوتهم كما قالت الأميرة ديانا ذات يوم "لا أحتاج كى يحبنى الناس إلى أن ابتسم وأرفع يدى ملوحة فقط". لكن حركة سير الإعلام فى المجتمع حين تكثر مصادره بشكل يفوق قدرة المتلقى على متابعتها جميعًا لم تخدم الإعلام أبدًا عبر التاريخ، بل جعلت نهاية أحد أدواته شيئًا لم يلتفت له أحد كثيرًا. ومع الوقت يعزف الناس عن كثير من المصادر، ثم يفقد الثقة فى معظمها. وهو ما عبر عنه بشكل ما الرجل الذى طالب بغلق شاشة العرض داخل المقهى فى بداية المقال.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شاشة العرض
إقرأ أيضاً:
بسبب الإساءة إليه .. الأوقاف تنفي وفاة إمام مسجد بالشيخ زايد
نفت وزارة الأوقاف، في بيان رسمي، ما تداولته بعض صفحات التواصل الاجتماعي بشأن وفاة إمام مسجد بمنطقة الشيخ زايد نتيجة سكتة قلبية عقب تعرضه للإساءة من أحد الأشخاص.
وأكدت الوزارة أن الأخبار المتداولة غير صحيحة تمامًا، مشيرة إلى عدم وجود مساجد بأسماء "مسجد حراء" أو "مسجد بدر" في المنطقة المذكورة.
وأوضحت مديرية أوقاف الجيزة أنه لم يتم تسجيل أي واقعة مشابهة تخص أئمة المساجد أو خطباء المكافأة المعتمدين لديها، مما يؤكد أن هذه الأخبار لا أساس لها من الصحة.
وفي هذا الصدد، دعت الوزارة المواطنين إلى تحرّي الدقة وعدم الانسياق وراء الأخبار الكاذبة التي تهدف إلى إثارة العواطف وإشاعة البلبلة بين الناس. وشددت على أهمية الالتزام بالصدق، كقيمة دينية وأخلاقية، وأهمية التثبت من صحة الأخبار قبل تداولها.
واختتمت الوزارة بيانها بالتضرع إلى الله أن يحفظ جميع العاملين لديها وأن يحمي البلاد من كل سوء، داعية الجميع إلى الالتزام بالمسؤولية الإعلامية وتحري الحقائق في كل ما يُنشر.