مصطلحات قد لا تعرفها.. دانيال عاصفة أم إعصار؟ وكيف تسببت بكارثة ليبيا؟
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
تسببت رياح عاتية قادمة من البحر المتوسط، مرت عبر السواحل الجنوبية بكارثة في ليبيا بعد أن جرفت السيول مناطق بأكملها، مما أدى إلى مقتل الآلاف ومن المرجح أن ترتفع الحصيلة مع الإعلان عن وجود أكثر من 5 آلاف شخص في عداد المفقودين.
تسببت "دانيال" في هطول كميات قياسية من الأمطار عبر المتوسط، وأودت بحياة 14 شخصا في اليونان وتركيا وبلغاريا ثم ازدادت قوة مع وصولها الأطراف الشمالية لأفريقيا حيث غمرت المياه مناطق بشرق ليبيا وجرفت السيول البشر والأشياء وباتت درنة مدينة "منكوبة".
ومع هذه الأحداث، كان هناك غموض بشأن "دانيال" وهل هي عاصفة أم إعصار؟
فما هو المصطلح الدقيق الذي يجب أن يطلق على هذه الرياح القوية التي اجتاحت المتوسط، التي وجه علماء أصابع الاتهام نحو تغير المناخ في تسببها بكارثة بهذا الحجم.
لمعرفة ذلك، ينبغي التفريق بين مصطلحات مناخية متداولة.
الإعصار الدوامي/ الإعصار القُمْعيّ/ التورنادو tornadoesيشير المصطلح وكذلك مصطلح Twisters إلى عمود من الهواء يتميز بغيمة مخروطية دوارة وقمع. وتحدث هذه العواصف العنيفة بشكل خاص في مناطق أميركا الوسطى وأميركا الجنوبية. ويتراوح قطرها من بضع أمتار إلى مئات الأمتار. وهذا التيار الصاعد من المركز يشتد في القوة لدرجة أنه يستطيع رفع الأشياء الثقيلة مثل السيارات واقتلاع الأشجار والتسبب في أضرار جسيمة، وفق موقع مكتب الأرصاد الجوية التابع للحكومة الأسترالية.
العواصف/ الأعاصير المدارية (Tropical Cyclones)وتوضح المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) التابعة للأمم المتحدة أن الأعاصير المدارية هي أكبر الأخطار التي تهدد الأرواح والممتلكات، حتى في مراحل تكوينها الأولى. ويطلق عليها في الولايات المتحدة في الحالات الشديدة Hurricanes وفي آسيا typhoons.
ومصطلح "مداري" يشير إلى الأصل الجغرافي لها، فهي تتشكل في المناطق المدارية من العالم، أي المناطق الحارة من الكرة الأرضية المحيطة بخط الاستواء.
وتتكون من منطقة مركزية تُعرف باسم "العين"، تتسم بمستوى ضغط منخفض وبطقس هادئ وخال من السحب عادة، وتكون محاطة بجدار تتصاعد السُحُب من حوله.
ويتراوح قطرها عادة بين 200 و500 كم، ولكن يمكن أن يبلغ 1000 كم. ويمكن أن تستمر لأيام عدة، مع سرعة رياح قصوى تصل في الحالات الشديدة إلى أكثر من 118 كم/ساعة. ويجر الإعصار المداري رياحا عاتية وأمطارا غزيرة وأمواجا عارمة وعواصف وفيضانات ساحلية شديدة التدمير.
في المراحل الأولى من تكوينها يطلق عليها مُنخفض جوي مداري tropical depression وهي وفق الحكومة الأميركية نظام مناخي يؤدي إلى هطول أمطار وعواصف رعدية لها مركز دوران مع رياح مستدامة تبلغ سرعتها القصوى 62 كيلومترا في الساعة أو أقل.
ويليها العاصفة الاستوائية/ المدارية، وتؤدي إلى أمطار وعواصف رعدية تتراوح سرعتها القصوى من 62 إلى 118 كيلومترا في الساعة.
ثم تأتي مرحلة الإعصار وتبلغ سرعة الرياح السطحية فيه 119 كيلومترا في الساعة أو أكثر، وهو عبارة عن عاصفة سريعة الدوران تنشأ فوق المناطق المدارية وتستمد منها طاقة تكونها. وتتشكل الأعاصير فوق المياه الاستوائية الدافئة حيث تزيد درجة حرارة سطح البحر عن 26 درجة مئوية.
وتصنف درجات الأعاصير من خمس درجات. وتبدأ الخطورة الكبيرة من الدرجة الثالثة نظرا لحجم الضرر المتوقع واحتمالية خسارة الأروح، أما أعصاير الدرجة الأولى والثانية تعتبر خطيرة أيضا، لكن بدرجة أقل.
وتصيب الأعاصير أسطح المنازل، وتتسبب في اقتلاع الأشجار، وانقطاع المياه والكهرباء، وإسقاط أعمدة الكهرباء.
الدرجة الأولى: السرعة بين 119 إلى 153 كيلومتر في الساعة، ويوصف الإعصار باحتوائه على "رياح خطيرة جدا، ويتسبب في بعض الضرر".
الدرجة الثانية: السرعة بين 154 إلى 177 كيلومتر في الساعة، ويوصف بأنه "رياح شديدة الخطورة، وتتسبب في أضرار جسيمة".
الدرجة الثالثة: السرعة بين 178 إلى 208 كيلومتر في الساعة، و"يتسبب في ضرر مدمر".
الدرجة الرابعة: السرعة بين 209 إلى 251 كيلومتر في الساعة، و"يتسبب في ضرر كارثي".
الدرجة الخامسة: وتبدأ سرعته من 252 كيلومتر في الساعة، و"يتسبب في ضرر كارثي"، لكن بدرجة أعلى من الدرجة الرابعة.
وتشير خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي إلى أن "دانيال" هي عاصفة في البحر الأبيض المتوسط بدأت في 5 سبتمبر وفي غضون أسبوع، تطورت إلى إعصار ميديكان Medicane (أو إعصار البحر الأبيض المتوسط) وهو إعصار يشبه الأعاصير المدارية، لكنه يقع فوق البحر المتوسط.
ونشرت الخدمة صورة التقطت لـ"دانيال" في 9 سبتمبر أثناء تحركها نحو شمال بنغازي على الساحل الليبي، قبل وصولها إلى اليابسة.
وقالت واشنطن بوست إن "دانيال" ازدادت قوة بعد أن "استمدت طاقتها من المياه الدافئة بشكل غير طبيعي في البحر المتوسط" (وهي عملية تفاقمت بسبب تغير المناخ بفعل الإنسان)، ثم انجرفت نحو الجنوب لتسقط الأمطار الغزيرة على شمال شرق ليبيا.
وفقد الإعصار "دانيال" الكثير من قوته مع دخوله الحدود المصرية، بحسب السلطات الرسمية، بعد تأثيره المدمر في ليبيا، حيث أدى إلى خسائر بشرية ومادية فادحة.
وقالت هيئة الأرصاد الجوية المصرية، الاثنين، إن "البلاد تتأثر بمنخفض جوي في طبقات الجو العليا مع منخفض جوي متعمق على سطح البحر المتوسط يصاحبه تكاثر للسحب المنخفضة والمتوسطة والرعدية، يصاحبها سقوط أمطار متوسطة قد تكون غزيرة ورعدية أحياناً على مناطق من (السلوم ومطروح وسيوة)".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: کیلومتر فی الساعة البحر المتوسط من الدرجة
إقرأ أيضاً:
اللهم همة كهمة دانيال!
في عالم يضج بالصخب والمصالح، يبرز بين الحين والآخر أشخاص يُختارون أن يكونوا صوتا للحق، حتى وإن كان الثمن جسديا ونفسيا. ومن بين هؤلاء الناشط البريطاني دانيال، الذي خطّ بقدميه العاريتين ملحمة صمود حين صعد برج بيغ بن في لندن منذ السابعة من صباح السبت (8 آذار/ مارس)، حاملا علم فلسطين، ومتحديا البرد القارس لـ17 ساعة متواصلة، ليطالب بالإفراج عن 18 ناشطا من حركة "بال آكشن" التضامنية مع فلسطين.
لم يكن هذا مجرد احتجاج عابر، بل كان موقفا يفيض بالمعنى، حيث نزف دانيال من قدميه، وعانى الجوع والعطش، لكنه ظل متمسكا بموقفه، رافضا النزول رغم محاولات الشرطة إقناعه. كان يدرك أن التضحية ليست خيارا سهلا، ولكنها ضرورة عندما يكون الظلم فادحا والحق صامتا. لم يكن وحده، بل كان امتدادا لسلسلة طويلة من النشطاء الغربيين الذين تحدوا حكوماتهم ومجتمعاتهم من أجل فلسطين.
كان يدرك أن التضحية ليست خيارا سهلا، ولكنها ضرورة عندما يكون الظلم فادحا والحق صامتا. لم يكن وحده، بل كان امتدادا لسلسلة طويلة من النشطاء الغربيين الذين تحدوا حكوماتهم ومجتمعاتهم من أجل فلسطين
تاريخ من التضحية لأجل فلسطين
لم يكن دانيال الأول، ولن يكون الأخير. فمن قبله، قدم العديد من النشطاء الغربيين مواقف بطولية في سبيل نصرة القضية الفلسطينية. أحد أشهر هذه الأمثلة هو راشيل كوري، الناشطة الأمريكية التي وقفت أمام جرافة الاحتلال عام2003 في غزة، محاولة منعها من هدم منازل الفلسطينيين، فدهستها الجرافة وقتلتها بوحشية. لم تكن مجرد متضامنة، بل كانت تؤمن أن الإنسانية تفرض علينا أن نقف في وجه الظلم، بغض النظر عن جنسيتنا أو ديانتنا.
وفي عام 2010، انضم مئات النشطاء من مختلف أنحاء العالم إلى أسطول الحرية الذي سعى إلى كسر الحصار عن غزة، وكان من بينهم الصحفي التركي فرقان دوغان، الذي كان يحمل الجنسية الأمريكية أيضا، لكنه قُتل برصاص الاحتلال خلال الهجوم على السفينة مافي مرمرة.
وفي عام 2018، لفتت الشابة الإسبانية جولييتا لاغوس الأنظار عندما انضمت إلى المظاهرات المناهضة للاحتلال في الضفة الغربية، حيث أصيبت برصاص الاحتلال أثناء مشاركتها في مسيرة سلمية لدعم حقوق الفلسطينيين. رغم ذلك، لم تتوقف عن التضامن، بل استمرت في نشر الوعي حول القضية الفلسطينية في بلدها.
كما شهدت السنوات الأخيرة مشاركة العديد من النشطاء الغربيين في حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، والتي كان لها تأثير واضح على الشركات المتواطئة مع الاحتلال، رغم الضغوط التي تمارسها الحكومات الغربية لإسكات هذه الأصوات.
أولئك النشطاء الغربيون لم يكن لديهم روابط دم أو هوية مع فلسطين، لكنهم أدركوا أن العدل لا يُحدّ بالحدود. فماذا عنّا؟ كيف نقبل أن يبذلوا أرواحهم وراحتهم بينما نتحجج بالبرد أو التعب؟
ليسوا وحدهم.. فأين نحن؟
أولئك النشطاء الغربيون لم يكن لديهم روابط دم أو هوية مع فلسطين، لكنهم أدركوا أن العدل لا يُحدّ بالحدود. فماذا عنّا؟ كيف نقبل أن يبذلوا أرواحهم وراحتهم بينما نتحجج بالبرد أو التعب؟
إذا كان دانيال يستطيع الصمود 17 ساعة على برج بيغ بن حافي القدمين، وإذا كانت راشيل كوري قد قدمت حياتها، وإذا كانت جولييتا لاغوس قد تعرضت للإصابة، وإذا كان أهل غزة أنفسهم في مقدمة الصفوف رغم القصف والجوع، فكيف نبرر تقاعسنا؟
فلسطين لا تحتاج متفرجين، بل تحتاج أصحاب همة.. فهل نكون منهم؟