مستفيدو مشروعات التحالف الوطني للعمل الأهلي: عايشين من خيرها.. والتمكين الاقتصادي غير حياتنا
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
استهدف «التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى»، تطوير المكان والإنسان، فكانت مشروعات التمكين الاقتصادى التى نفّذتها مؤسساته، بالتعاون مع الجمعيات الشريكة التى نجحت فى الوصول إلى المستفيدين، وتنفيذ مشروعات تتناسب مع قدراتهم وإمكاناتهم خير دليل، ومنهم «هالة»، ابنة قرية «أقفهص»، التابعة لمركز الفشن بمحافظة بنى سويف، تعول 3 أطفال، حصلت على مشروع اقتصادى صغير من خلال الهيئة القبطية الإنجيلية (عضو التحالف)، لإقامة مشروع لتربية الطيور «البط»، ضمن مشروع نحو مجتمعات ريفية مصرية مرنة، حيث قالت: «هذا المشروع رائع، أقوم بتربية الطيور، حيث أستيقظ صباحاً وأقدّم لها الأكل والمياه، ثم أقوم بتغييره، وأتمنى أن ينجح مشروعى».
وأضافت: «حصلت على هذا البط حتى أنتج منه لا أن أذبحه كله»، فهى لا تعرف سوى تربية الطيور وتغذيتها، ورُزقت بهذا المشروع كى يكون مصدر ربح لها ولأطفالها، وبعد فرحتها بمشروع الصغير، وجّهت الشكر لمن كان سبباً فى هذا، وهى الهيئة القبطية، وحسب وصفها، يسعى التحالف إلى عدم ترك بيت دون إفادة أصحابه بمشروعات صغيرة تضيف إلى حياة الأسرة المزيد من الدخل المادى.
أما أكثر ما يسعد «بدر محمود»، 52 عاماً، ابن قرية الحماوى التابعة لمركز بنى سويف، رجل من ذوى الهمم، جلوسه بجوار مشروعه الاقتصادى الذى كان يتمنّاه يوماً ما، فهو يعمل عاملاً فى إدارة الفصل الواحد بأجر يومى كونه من ذوى الهمم، استمر على حاله لأعوام كثيرة، ولم يتخيل أن يكون هناك تحالف وطنى يسمع ما تمناه من أحلام.
«بدر» يشيد بدور الدولة لدعم ذوى الهمم ورعايتهم: «تسلّمى للمشروع أكد مصداقية التحالف»«بدر» علم من أحد الجيران عن مبادرة التحالف الوطنى للتمكين الاقتصادى للمواطنين، والأهالى الأكثر احتياجاً، لاسيما ذوو الهمم، ويقول: «عرفت من حد إنه فيه تمكين اقتصادى تبع التحالف الوطنى للأكثر احتياجاً، وبالذات من ذوى الهمم فرُحت أقدم»، حيث توجه ابن محافظة بنى سويف للتقديم من أجل التمكين الاقتصادى، وكان فى بداية الأمر يشك فى أن أحداً سيستجيب له ويتم تمكينه اقتصادياً بتوفير أحد المشروعات.
مشروع اقتصادى سعت مؤسسات التحالف الوطنى فى توفيره لـ«بدر»، فى إطار المبادرة الرئاسية لدعم وتمكين ذوى الهمم، فحصل على «كشك خاص به بكل البضاعة، حتى يكون باب رزق للرجل الخمسينى، ولكونه من ذوى الهمم يساعده زوج ابنته فى إدارة أعمال هذا المشروع».
ولم يكن «بدر» يصدّق أن المؤسسة ستوفر له مشروعاً خاصاً حقيقة، إلى أن تسلم الكشك خاصته، وقال: «تسلُّمى للمشروع أكد لى مصداقية التحالف الوطنى»، مشيراً إلى التعاون الشديد الذى لاحظه من القائمين على المبادرة، حتى تمكن من تسلّم مشروعه فى أقل من شهر، وتوجّه بالشكر الكبير لـ«حياة كريمة» والتحالف الوطنى وجمعية الأورمان، مشيداً بالدور الذى تلعبه الدولة من أجل دعم ذوى الهمم ورعايتهم.
أما «رضا رجب حسن»، ابنة محافظة بنى سويف، فقالت إنها استفادت من دعم «التحالف»، موضحة: «عايشين من خير مشروعنا، وعملنا صندوق ادخار مكوّن من 20 سيدة جمعت منهن 10 سيدات، وأخذنا قرضاً، ثم عملنا على تأجير فدان أرض وزراعته بطاطس، دعمنا بعضاً البعض فى كل الاحتياجات والالتزام حتى الحصاد وعرضنا المحصول على التاجر».
وأضافت «رضا»: «التاجر طلب الحصول على المحصول مقابل 3200 جنيه، لكننا بعناه فى المصنع بـ4800 جنيه، وبعد عام عملنا على توسيع المشروع، وحصلنا نحن العشرة على 2.5 فدان، ثم أنشأنا 6 مجاميع بواقع 45 سيدة يعملن بأيديهن مثلى، وتعاقدنا وحصلنا على التقاوى»، مؤكدة أنهن يعلمن أشياء رائعة من المدرسة التى كن يحضرن فيها، مما ساعدهن على توفير المياه والسماد والتكلفة: «شكراً يا سيادة الرئيس.. تحيا مصر».
«أسماء»: تقدّمت بالأوراق المطلوبة ولم أتوقع الاستجابة ثم فوجئت بحصولى على كشك وفيه البضاعةأما «أسماء» فقد حصلت على مشروعها الخاص من مؤسسة «حياة كريمة»، بالتعاون مع جمعية الأورمان عضو التحالف، «كشك» أمام منزلها وثلاجة وماكينة شحن للدفع الإلكترونى، مما غيّر حياة الفتاة الثلاثينية، التى تقول: «عرفنا إنه فيه مندوب من الجمعية موجود فى بلدنا، ووفّروا مشروعات، ومنها أكشاك، وتوك توك، ومكن خياطة فتقدّمت بالأوراق المطلوبة، والحقيقة لم أتوقع الاستجابة، فقد تقدّمت سابقاً لبعض الجمعيات ولم يستجيبوا لنا، ثم فوجئت بهم يمرون علينا فى المنازل لدراسة الحالة، والتأكد من وضعنا، هل نستحق الدعم ولّا لأ، ثم حصلنا على الكشك بالبضاعة اللى فيه كمان، وتركوا لنا حرية الاختيار، واستجابوا لمقترحاتنا بسلع معينة التى يحتاجها أهل القرية، سواء فى احتياجات الناس أو الأسعار لتكون (على أد الإيد)، وبعد شهرين مروا علينا، وحصلت على ماكينة شحن إلكترونى، واستفدت منها فى عملى جداً».
بدوره، وجّه خلف عزيز، أحد المستفيدين من مبادرة «ازرع»، الشكر للرئيس السيسى على دعمه للمبادرة، قائلاً: «الرئيس مهتم بالمبادرة جداً، وقلبه مع الفلاح ويدعم الأمن الغذائى حتى نصل إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى من المنتجات الزراعية وعدم الاستيراد من الخارج»، موضحاً أن «ازرع» تشجّع صغار المزارعين بتقديم الدعم المادى، الذى يكون فى صورة التقاوى المخفّضة بنصف الثمن ومخصبات زراعية، إضافة إلى دعم فنى يتضمّن التخطيط واختيار الأصناف والمواعيد المناسبة.
وأشار إلى أن المبادرة تعمل على تحول المزارع الصغير الذى يزرع بالطريقة البدائية للزراعة بطريقة مدعمة علمياً، وهذه تحدث نقطة تحول لزراعاته، بحيث يكون مزارعاً مثقفاً، منوهاً بأن المبادرة تعلم طريقة الزراعة عبر ترشيد المياه، بالتنقيط أو زراعة لا تستهلك كمية كبيرة من المياه، وهذا يساعد على زيادة إنتاجية المحاصيل. وتابع أن المبادرة تدعم ثقافة المزارعين، لاسيما صغار المزارعين الذين فى حاجة إلى وجود استشارى وعمل مدارس وزيارات حقلية وترشيد وتوعية، كى تحدث معها نقلة علمية فى الزراعة، متمنياً أن تحدث لدى جميع صغار المزارعين نقطة تحول من الفكر الموروثى إلى فكر علمى حديث، مضيفاً: «أنا أنقل خبراتى فى مجتمعى، وأنقل لهم الطريقة السليمة للزراعة الحديثة». واختتم حديثه، قائلاً: «الرئيس السيسى يريد تحقيق نهضة زراعية، وسنواصل العمل لتحقيق الأمن الغذائى، لأن من لا يملك قوته لا يملك قراره».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: التحالف الوطني قطار الخير مستلزمات مدرسية الحماية الاجتماعية من ذوى الهمم هذا المشروع بنى سویف
إقرأ أيضاً:
عبد الفتاح البرهان: بين التحالفات المتعددة والعداوات المتجددة (1)
المقدمة
سعادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان لم يكن جزءًا من الثورة ضد نظام عمر البشير. إلا أنه، بعد اندلاع الثورة، وجد نفسه ملزم بأن يقوم بأدوار رئيسية داخل المشهد السياسي السوداني اختارته ولم يختارها. بعد عزل الرئيس عمر البشير، كلف كبار الضباط الذين نفذوا الانقلاب, كلفوا البرهان بان يبلغ الرئيس البشير بقرار عزله من الحكم. بعد أسبوع من تلك الحادثة، تم اختيار البرهان نفسه لأن يكون الرئيس البديل لابن عوف، الذي كان قد تولى السلطة مؤقتًا بعد الإطاحة بالبشير.
تم التوافق على ترشح البرهان لمنصب الرئيس بواسطة ثلاثة أطراف رئيسية هي: قائد الانقلاب ابن عوف، قوى الحرية والتغيير (قحت)، قائد الدعم السريع. وعليه، وجد البرهان نفسه رئيسًا للجمهورية دون أن يسعى إليها، ووجد نفسه ملتزمًا بالتعامل و التوافق مع هذه القوى التي رشحته وممثلًا للثورة في الداخل والخارج، و ملتزما بتنفيذ برنامجها مثل محاربة الإسلاميين. هذه الديناميكيات كانت ضرورية لفهم كيفية تعامل البرهان مع هذه الأطراف المختلفة وكيف تحولت علاقته مع كل جهة منها. يظل البرهان هو الشخصية المحورية في تحديد حاضر ومستقبل السودان الا ان مساره السياسي مليء بالتحولات والانعطافات، ومن المهم أن نفهم كيف تعامل البرهان من خلال هذه التحولات مع مختلف القوى السياسية والعسكرية في السودان، بما في ذلك قوى الحرية والتغيير (قحت)، الدعم السريع، والإسلاميين، وصولًا إلى تحولات الحرب الأخيرة التي أظهرت جوانب جديدة في شخصيته السياسية والعسكرية.
*أولا الصفات الشخصية للبرهان:*
يتمتع الفريق اول عبد الفتاح البرهان بعدة صفات شخصية معقدة ومرنة وهي محل اجماع بين مؤيديه و معارضيه معا. احاول ان اقدم بعض هذه الصفات و مدى تاثيرها على طريقته في الحكم.
1/ الخداع الاستراتيجي: بهذه الصفة أظهر البرهان قدرة فائقة على التعامل مع مختلف الجبهات وتحقيق أهدافه بعيدًا عن الأنظار، مما قد يكون مفيدًا في بيئة سياسية معقدة. ولكن نظر اليها البعض على أنها سلبية تؤدي إلى فقدان الثقة و ان الشخص لا يُظهر حقيقته للآخرين.
2/ الغموض والكتومة: بهذه الصفة استطاع البرهان الحفاظ على مسافة مع الآخرين، واحتفظ بيقدرته على اتخاذ قرارات استراتيجية او الادلاء بتصريحات هامة بعيدًا عن التأثيرات الخارجية مهما كانت الانتقادات مثل غياب الشفافية او غيرها.
3/ التعامل مع المتناقضات بهدوء وذكاء: يُعتبر البرهان قادرًا على التكيف مع الظروف المتغيرة و الموازنة بين المواقف المتناقضة برونة تامة، وهذه مهارة شخصية ساعدته على التعامل مع بيئة مليئة بالصراعات و التعامل مع المجموعات المختلفة أو التغيرات المفاجئة.
4/ القدرة على اللعب بـ “البيضة والحجر”: اي للبرهان للقدرة على اتخاذ مواقف مزدوجة أو متوازية، و البقاء في منطقة الوسط حتى وان كان في حالة صراع علني. مم امكنه من الحافظ على تحالفات متعددة او حتى امكانية العودة لتحالفاته السابقة او انهاء او تغيير او تبديل كل التحالفات. قد يؤدي هذا التكتيك إلى عدم الوفاء الكامل للمبادئ أو الوعود.
/ الفطنة، الذكاء، الصبر، التخطيط، والشجاعة: هذه مجموعة من الصفات القيادية الهامة، التي ساعدت البرهان على التفكير بعيدًا عن اللحظة الراهنة والتخطيط في قضايا معقدة خاصة حرب الكرامة التي اكسبت البرهان ثقل جماهيري نادر و اجعلته في مصاف الابطال الوطنيين الذين حققوا الانتصارات لشعوبهم رغم التحديات الكبيرة. وليس اعتمادا على المعايير المادية وحدها لكن بسب الصفات الشخصية للقائد خاصة الصبر و الشجاعة والذكاء و التخطيط.
بشكل عام، يجمع الراي العام على أن البرهان شخصٌ ذكي، استراتيجي، وواقعي في تعامله مع الظروف المتغيرة. ولكن، يمكن أن تكون هذه الصفات من وجهة نظر اخرى سيفًا ذا حدين. فبينما تمنحه القدرة على النجاح في بيئة مليئة بالصراعات، قد يؤدي تكرار هذه التكتيكات إلى فقدان الثقة أو استياء حتى من الأطراف المتحالفة باحساسها بالخادع أو عدم الشفافة.
المفتاح في تقييم شخصيته يكمن في مدى قدرة هذه الصفات على تحقيق الأهداف الوطنية والتعامل مع الضغوط المحلية والدولية بنجاح, كما ظهر ذلك جليا في حرب الكرامة و لكنه اخفق في تحقيق الاهداف الوطنية في حالة التحالفات السياسية. فهل تكرر التجربة نفسها بعد حرب الكرامة؟
*ثانيا علاقة البرهان مع قحت من التحالف الى العداء*
بدأت علاقة البرهان مع قوى الحرية والتغيير (قحت) عندما اختارت قحت البرهان ليكون رئيسًا للسودان بديلًا عن الرئيس البشير وابن عوف. وتوجت هذه العلاقة بتوقيع تحالف بين الطرفين تحت برنامج “الوثيقة الدستورية”.
استمر هذا التحالف لمدة ثلاث سنوات، لكن فشل في تحقيق أهدافه ليس لأي سبب يتعلق بالبرهان، بل بسبب سياسات قحت نفسها، وتحديدًا عدائها للإسلاميين الذي بدد طاقتها الذهنية والنفسية والاقتصادية والسياسية, مما جعلها مطية للقوى الخارجية علها تكيبها شرعية او نجاحات اقتصادية دون أن تحقق أي مكاسب بل كانت فترة حكمها كلها اخفاقات. مما افقدها مع مرور الوقت مكانتها وسمعتها وشعبيتها، وكل رصيدها السياسي. ولهذا السبب أصبح تحالف قحت مع البرهان عبئًا على البرهان نفسه، مما أدى إلى توتر العلاقة بين الطرفين عبر تبادل الاتهامات والضغوط، حتى وصلت العلاقة إلى طريق مسدود في 21 أكتوبر 2021، اتخذ البرهان قرارات وصفتها قحت بالانقلاب، بينما اعتبرها البرهان قرارات تصحيحية.
هنا تظهر الصفات التكتيكية للبرهان في تحالفاته, حيث قام بتغيير جزئي يتمثل في إخراج قحت من التحالف واستبدالها بحركات دارفور الموقعة على اتفاقية سلام جوبا، مع الالتزام ببرنامج ثورة ديسمبر والوثيقة الدستورية, دون ان يعلن عن حكومة جديدة او برنامج جديد او مرحلة جديدة مع وعود متكررة بتشكيل حكومة تكنوقراط بعيدا عن المحاصصة الحزبية. مرت السنوات وحتى كتابة هذا المقال لم يتم الاعلان عن تكوين هذه الحكومة مما ترك المشهد السياسي في حالة فراغ إلى حين تشكيل حكومة تكنوقراط
استمر هذا الفراغ السياسي، ومع نشاط المخابرات الدولية قادت لجنة السفراء الرباعية للسفراء, مبادرة لإعادة التحالف بين قحت والبرهان. وهنا تظهر ذات الصفات التكتيكية ووقع البرهان اتفاقا جديدا مع قحت تحت اسم الاتفاق الإطاري، رغم العديد من الألغام السياسية التي يحملها مثل إعادة لجنة التفكيك وإعادة قحت إلى سدة الحكم. و مرة اخرى فشل هذا الاتفاق ولم يرى النور والسبب ايضا لا يتعلق بالبرهان اي البرهان وقع وكان على استعداد للمضيء قدما في الاتفاق ولكن السبب الذي افشله يعود الى طمع كل من قحت واللجنة الرباعية في تحقيق المزيد من المكاسب السياسية و تحجيم دور البرهان و مؤسسة الجيش، بل حاولوا ابتزاز البرهان ومحاسبته باأثر رجعي على قرارات 21 اكتوبر بعدا أن ضمنوا توقيعه على الاتفاق الإطاري،بل تجاوزا البرهان نفسه وشرعوا في اجراءات تفكيك الجيش أو إعادة هيكلته.
هنا، وجد البرهان نفسه تحت ضغط مزدوج: من جهة، ضغوط قحت واللجنة الرباعية للمضيء قدما في الاتفاق، ومن جهة أخرى، ضغوط الجيش والرأي العام الرافض مطلقا للاتفاق الاطاري من حيث المبدا المحتج على توقيع البرهان عليه. هذا الضغط المتزايد أدى بقحت و الرباعية السفراء بان يستخدموا الدعم السريع كأداة لاخضاع الرهان و صرح نائب ثاني الدعم السريع مخاطبا البرهان: (سلم السلطة دون لف او دوران) مما ادى إلى اندلاع الحرب التي صرح حميديت في يومها الاول ان هدفه هو قتل البرهان.
الخلاصة في علاقة البرهان مع قحت هي أن البرهان وقع مع قحت تحالفين: الأول “الوثيقة الدستورية” والثاني “الاتفاق الإطاري”. من حيث المبدأ، قد يكون البرهان مستعدًا في أي لحظة لتوقيع تحالف مع قحت، مهما كانت التحديات او الىعتراضات التي قد يواجهها من الجيش أو الرأي العام أو حتى من الإسلاميين او حتى و ان كان هذا التحالف عاجزا عن تحقيق اي انجاز ماموس. السبب في ذلك هي اسباب تكتيكية. يعتقد البرهان أن تحالفه مع قحت قد يمنحه الشرعية الدولية التي ظلت هاجسه الاساسي على الدوام عله من خلالها قد يتمكن من إيجاد حلول للأوضاع الداخلية اعتمادا على أدواته المحلية وصفاته الشخصية كما ظل يفعل.
*ثالثا التحالف بين البرهان و الدعم السريع*
قدم البرهان العديد من التنازلات القاسية جدا و المغريات الكبيرة جدا في سبيل ان يكسب هو ثقة قائد الدعم السريع وان يخلق معه تحالفا استراتيجيا متينا لا تهزه المغريات الاخرى ولا تخترقه المخابرات ولا تتخلله الشكوك. وقد ظلت هذه التنازلات مثار جدل كثيف في الراي العام المحلي و الدولي. نتناول هذه العلاقة وتقلباتها المختلفة في هذه الجزء من المقال
النازلات من جانب البرهان
التنازل الاكبر هو ان البرهان قد ضحى بوحدة القوات النظاميةع بالغاء المادة التي تجعل الدعم السريع تابعا للجيش مما فتح الباب لقائد الدعم السريع للتفكير والتصرف باستغلال امكاناته العسكرية والمادية وعلاقاته لتحقيق طموحه السياسي و بناء تحالفات داخلية وخارجية باستقلالية تامة. كما قام البرهان بحل هيئة العمليات القوة لجهاز الأمن، وكذلك احال عددا كبيرا من كبار الضباط في الجيش فقط بسبب اعتراضهم على تمدد الدعم السريع وتنبؤهم بخطورته على مستقبل البلاد. تعرضت سمعتة البرهان ومكانته داخل الجيش وفي الرأي العام للاهتزاز دون ان يغير سياساته او يحد من تنازلاته تجاه الدعم السريع. ولكن مهما كانت المزايا اثبتت الايام خطا تقديرات البرهان في علاقته مع الدعم السريع و التنازلات التي قدمها لقائده.
المزايا والعيوب لتحالف البرهان مع الدعم السريع:
من ناحية، كان تحالف البرهان مع الدعم السريع خطوة استراتيجية ذكية وضرورية، حيث أتاح له وجود طرف ثالث بينه وبين قحت, وموثوق فيه بين الطرفين، وهو ما ظن انه يمكن أن يعزز به سلطته العسكرية والسياسية فلصالح استقرار البلاد و صالح تحالف مستقر مع قحت و شرعية ممنوحة من الخارج. لكنه في نفس الوقت كان يشكل مخاطرة، حيث يضعف هذا التحالف من وحدة الجيش السوداني ويحوله إلى جيشين متوازيين يمكن استغلال التوترات بينهما، من قبل القوى الدولية, مما قد يؤدي في النهاية إلى تهديد الاستقرار الوطني.
نقض التحالف من قبل الدعم السريع:
وضع الدعم السريع البرهان في موضع صعب للغالية حينما قرر نقض التحالف بينهما وتبني برنامج قوى الحرية والتغيير الذي يدعو إلى تفكيك الجيش وإعادة هيكلته. هذا التحول يعكس خطأ رهانات البرهان في تحالفه مع الدعم السريع.
الصراع المفتوح مع البرهان:
قرار الدعم السريع بشن الحرب على البرهان في صراع مفتوح تم استغلاله و تغذيته من جهات اخرى وتطويره الى حرب مفتوحة ضد المجتمع وضد الدولة لتحقيق اهداف خارجية بحتة بعيدة كل البعد عن كل ما كان يدور على الساحة من تحالفات سابقة.
الاستنتاج:
تقييم العلاقة بين البرهان والدعم السريع يظهر أن التحالف كان يحمل في طياته مخاطر كبيرة، بالنظر إلى طبيعة الدعم السريع كقوة عسكرية شبه مستقلة. من جانب البرهان، كانت التضحيات التي قدمها تهدف إلى ضمان استقرار التحالف، لكن عدم استقرار العلاقة مع الدعم السريع، وعدم وضوح أهداف الأخير، جعل التحالف كارثة يدفع ثمنها الجميع. مما يبرز سؤال مهم عن مدى مقدرة البرهان على بناء تحالفات مفيدة و محصنة وقادرة على الوصول الى بر الامان، خاصة في ظل التوازنات السياسية والعرقية والعسكرية المعقدة للغاية. وهو سؤال يتعلق بالمستقبل بناءا على تجربة الماضي و الحاضر.
د. محمد عثمان عوض الله
إنضم لقناة النيلين على واتساب