مراكش – في زاوية قاعة انتظار الاستشفاء، يقبع طفل صغير في حضن أبيه وقد غطت رأسه الجراح، بجانبه شاب مصاب في كتفه، وفي زاوية أخرى رجال ونساء اختلفت إصاباتهم وتفاوتت خطورتها، وكلهم داخل إحدى العيادات وسط مراكش قادمين من مناطق مختلفة بضواحي المدينة.

في مشهد نادر، فتحت أغلب العيادات الطبية أبوابها إلى جانب المستشفيات والمستوصفات العمومية لاستقبال المصابين، إثر الزلزال الذي هز المغرب مساء الجمعة 8 سبتمبر/أيلول الجاري.

وتضافرت مختلف الجهود، وتعبأ مختلف الفاعلين في مجال الصحة، وتأهبوا للمساعدة في احتواء هول الكارثة، والإسهام في دعم المتضررين.

وتحركت قوافل طبية من مختلف المدن نحو المناطق الأكثر تضررا لتقدم يد العون، وعبر العديد من الوسائط أعلن العديد من المتخصصين في مجالات طبية متنوعة -النفسي، والعظام، والعيون وغيرها- عن استعدادهم لإسعاف ومتابعة الوضع الصحي للمصابين بالمجان.

بعد أيام تحت الخيام بسبب انقطاع الطرق، تمكن بعض ضحايا زلزال المغرب من الوصول للعيادات لتلقي العلاج (الجزيرة) الدعم النفسي واجب

في هذا السياق، قال الدكتور منير الزهري، إن "الدعم النفسي لا يقل أهمية عن الدعم الطبي في مهمتي"، مشددا على وجود علاقة وطيدة بين الجانبين الجسمي والنفسي، وكيف تضاعف الصدمة النفسية الألم لدى المصاب، وكيف يمكن للاعتناء بالمريض نفسيا أن ينقص حدة المعاناة.

وفي حديثه  للجزيرة نت، أكد الزهري ضرورة المواكبة النفسية للمصابين، وإيلائها الأهمية اللازمة بالسرعة الواجبة، للتمكن من جبر آلام الضحايا على المستوى النفسي قبل تفاقمها وتجذرها في العقل والنفس، ما يصعب من إزالتها لاحقا.

والزهري أخصائي في جراحة العظام، وهو واحد من بين العديد من الأطباء الذين أعلنوا أنهم على استعداد لتقديم خدماتهم بالمجان لمتضرري الزلزال.

وأكد الزهري أن الوقت الآن لتكاثف الجهود، ولا يجب الاكتفاء بانتظار قيام الدولة بكل شيء، ويرى أنه من مختلف المنطلقات، فإن الواجب المهني يقتضي التطوع، مضيفا "نحن اليوم نفتح أبوابنا في وجه كل القادمين إلينا من مختلف المناطق المتضررة لتقديم الدعم اللازم".

طفل مصاب في رأسه جراء الزلزال، ينتظر مع آخرين داخل العيادات والمستشفيات التي فتحت أبوابها على مدار الساعة (الجزيرة) قصص من داخل العيادة

بعينين دامعتين وصوت مكلوم، تحكي المعلمة بديعة بدري ما عاشته في الساعات الأولى من وقوع الزلزال، قائلة للجزيرة نت، "لم نستوعب ما حدث في تلك اللحظة، فجأة سقط المنزل فوقنا أنا وصغيرَي".

بضماد على كتفها، تنتظر بديعة دورها في العيادة وتحكي كيف غادر زوجها في تلك الليلة البيت عائدا إلى مراكش، وما هي إلا لحظات وتحركت الأرض من تحت أقدامهم، وكيف ركضوا تحت وابل الحجارة والركام وهي تتساقط فوق الرؤوس.

بديعة قدمت من منطق البور بإقليم الحوز حيث جرى تعيينها لمزاولة مهنة التعليم، تتابع بديعة ودموعها تتساقط بغزارة "سقطت حجارة الجبل على سيارة زوجي أثناء ذهابه إلى مراكش، ورغم جراحه أراد العودة ليطمئن علينا، لكنه لم يصل إلا بعد مرور يومين".

سميرة القادمة مع أسرتها من منطقة أجبارو بإقليم الحوز، أوضحت بدورها أنها وصلت للعيادة بعد يومين في الخيام، بسبب غياب سيارات الإسعاف نتيجة شل حركة السير في الطريق المؤدية إلى القرية.

وفي حديثها للجزيرة نت، تصف سميرة حالة أفراد الأسرة بالقول، "إلى جانب إصابتي في القدم، توجد هنا أمي وقع عليها نصف الحائط، وحماتي تعرضت لشقوق في الرأس، وابني تعرض لإصابة شديدة في الظهر، بالإضافة إلى ابن أخي الذي جُرِح رأسه، ومعظم سكان القرية تضرروا".

الدكتور منير الزهري: الدعم النفسي لا يقل أهمية عن الدعم الطبي (الجزيرة) الكل في الخدمة

وتسابق فرق الإنقاذ الزمن من أجل الوصول إلى الضحايا، مستعينة بطائرات هليكوبتر لنقل المساعدات الإنسانية الطارئة ونقل المصابين على وجه السرعة إلى مستشفيات مدينة مراكش، بعدما حالت صعوبة المسالك الجبلية دون وصول سيارات الإسعاف، ما عمّق عزلة القرى جراء الانهيارات الصخرية المتكررة بعد الزلزال.

وفي الوقت نفسه، انتشرت المستشفيات الحكومية والعسكرية في مناطق مختلفة بالقرب من المناطق المنكوبة، كما ينتظر أن تصل العديد من القوافل الطبية الإنسانية من تنظيم مؤسسات مدنية في الساعات القادمة، لتكثيف جهود الإسعاف والتطبيب في المناطق المتضررة.

في هذا الإطار، قالت إسلام فتحي -مشاركة ضمن قافلة طبية تطوعية-، إن مهمتهم التطوعية تبدأ من منطقة "أوكايمدن" لفك العزلة عن قرى لا تزال تعاني من قلة المساعدات الإنسانية والطبية، حسب حديثها للجزيرة نت.

وأدى الزلزال -الذي وُصف بالأعنف من نوعه منذ قرن من الزمن- إلى دمار واسع في بلدات وقرى بأقاليم الحوز وشيشاوة وتارودانت، بعدما ضرب منطقة الأطلس الكبير في وقت متأخر من مساء الجمعة الماضية، كما خلّف أضرارا في مراكش.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدعم النفسی للجزیرة نت العدید من

إقرأ أيضاً:

بنك التنمية الألماني يوقع أول اتفاقية تمويل بالمغرب

وقع فرع بنك التنمية الألماني "تسهيل الاستثمارات لأجل التشغيل"، والجامعة الأورومتوسطية بفاس ، الثلاثاء بفاس، اتفاقية لمنح مبلغ مالي قدره 58ر37 مليون درهم (51ر3 مليون أورو) لتنفيذ مشروع "مصنع مدرسة رائدة 4.0 ".

وتمثل هذه الاتفاقية التي وقعها ممثل آلية التمويل "تسهيل الاستثمارات لأجل التشغيل" ورئيس الجامعة الأورومتوسطية بفاس مصطفى بوسمينة، أول مشروع يتم تمويله بصفة مشتركة من قبل هذه الآلية بالمغرب لفائدة برنامج يروم خلق فرص الشغل مستدامة تتسم بالجودة في ميدان الصناعة 4.0 .

وسيستفيد المشروع، الذي سيخصص له غلاف إجمالي يقدر ب 2ر53 مليون درهم (97ر4 مليون أورو) من مساهمة هذه الآلية بنحو 70 في المائة، ومساهمة الجامعة الأورومتوسطية بفاس بنسبة 30 في المائة.

وتندرج هذه المبادرة في إطار الشطر الثاني من مشروع "فاس سمارت فاكتوري " الذي قدمته الجامعة الأورومتوسطية بفاس بشراكة مع عدد من المؤسسات الوطنية والجهوية.

ويروم المركز الجديد للتكوين الذي سيدخل حيز الخدمة ابتداء من شتنبر 2026، مواكبة التحول الرقمي للنسيج الصناعي المغربي.

وفي تصريح للصحافة بالمناسبة، أكد السيد بوسمينة على "الأهمية الاستراتيجية" لهذا المشروع، مشيرا إلى أن هذه المبادرة "تتماشى تمام ا مع الاستراتيجية الوطنية والشراكة الاستراتيجية الفريدة القائمة بين المغرب وألمانيا، كما تستجيب للأهداف التي حددتها وزارات الصناعة والانتقال الرقمي والاقتصاد والمالية".

وأوضح أن مشروع "مصنع مدرسة رائدة 4.0 " الذي يرتكز على مبدأ الصناعة 4.0 يروم "مواكبة المقاولات في تحولها الرقمي لتحسين تنافسيتها وجودة منتجاتها".

كما أكد على الجانب المرتبط بالتكوين، موضحا أن المشروع سيغطي "تكوين المهندسين والتقنيين والفاعلين والطلبة من خلال ماستر مهني"، وذلك بهدف تكوين متخصصين في الصناعة 4.0، "التي أضحت تضطلع بدور هام في تحسين قدرتنا التنافسية واستقطاب حصص سوقية على المستوى الدولي".

من جهته، أكد هشام شهير، على أهمية هذه الاتفاقية الخاصة بالتمويل التي تقوم بها آلية "تسهيل الاستثمارات لأجل التشغيل" بالمغرب.

وأوضح أن "الأمر يتعلق بمشروع مبتكر يساهم في خلق فرص الشغل، وهو دفع آلية تسهيل الاستثمارات لأجل التشغيل لتمويله بصفة مشتركة، مشيرا إلى أن المشروع يروم "بناء وتجهيز مركز جديد للتكوين مخصص لمهن الصناعة 4.0".

كما سلط السيد شهير الضوء على الأهداف التي يطمح المشروع إلى تحقيقها المتمثلة في "دعم التحول الرقمي للجهة وتوفير تكوين يتسم بالجودة لفائدة الشباب المحلي لتسهيل اندماجهم في سوق الشغل".

من جانبها، أكدت مونيكا مراد، نائبة مسؤول التعاون بالسفارة الألمانية بالرباط، على الأثر الكبير المتوقع لهذا المشروع، شميرة إلى أن "هذا المركز يهدف خلال سنواته الثلاث الأولى إلى تكوين 585 خريج، وتعزيز مهارات أزيد من 1100 مهني، مع خلق أزيد من 500 وظيفة جديدة".

كما أكدت أن المشروع يتماشى مع الأولويات الوطنية، مؤكدة أن "دعم هذا المركز المبتكر المخصص للتكوين يؤكد التزامنا تجاه استراتيجية المغرب الرامية إلى خلق فرص الشغل والاندماج المهني".

وأضافت أن هذه المبادرة "ستساهم في التحول الرقمي للنسيج الصناعي بالمغرب من خلال الاستجابة لانتظارات الفاعلين الخواص الراغبين في التكيف مع عصر الصناعة 4.0".

وبحسب شركاء هذا المشروع، يمثل توقيع هذه الاتفاقية بداية سلسلة من التمويلات تهم مشاريع أخرى توجد الآن في مرحلة الفحص النهائي.

مقالات مشابهة

  • إيرباص هليكوبترز تعزز حضورها في المغرب
  • خلل كهربائي خبيث.. جمال شعبان يوضح سبب وفاة اللاعب أحمد رفعت
  • 8 تطبيقات للصحة النفسية تساعدك على إدارة القلق والاكتئاب
  • المريض النفسي بين نارين.. صراع مع الذات ووصمة العار المجتمعية
  • هيونداي الكورية تتفاوض مع المغرب حول صفقة القطار السريع القنيطرة مراكش
  • كاف يحدد مواعيد مباريات تصفيات كأس افريقيا بالمغرب
  • 9 طرق للتعامل مع الطفل العصبي.. «الدعم النفسي بيفرق كتير»
  • الأثر النفسي للحرب في السودان على الأطفال
  • بنك التنمية الألماني يوقع أول اتفاقية تمويل بالمغرب
  • الربيعة يُدشّن في مدينة الريحانية البرنامج الطبي التطوعي للدعم النفسي للمتضررين من الزلزال في سوريا وتركيا