ولاية سناو بلا مشاريع طرق
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
راشد بن حميد الراشدي **
طالعتنا اليوم منشورات لتوزيع مشاريع الطرق الداخلية في ولايات محافظة شمال الشرقية، مشاريع طرق داخلية وتجميلية تسند في ولايات المحافظة وولاية سناو بمدنها وقراها تُهمش من المشهد ويخصص لها فقط 1.8 كيلومتر من مشاريع رصف الطرق الداخلية المُعلن عنها بينما خصصت لولايات المحافظة الأخرى عشرات الكيلومترات في مفارقات غريبة وعجيبة بين ولايات المحافظة.
ولاية سناو والتي تمتد لمسافة 120 كيلومترًا طولًا من شمالها الى جنوبها وبمدنها وقراها، استبشرت خيرًا برفع مستواها الإداري وكانت تترقب من الجهات الحكومية والخاصة الاهتمام الأكبر بها كونها ولاية حديثة تفتخر بالثقة السامية والأوامر الحكيمة في رفع مستواها الإداري لتغدو ولاية سناو المركز التجاري لولايات المحافظة وتنطلق وتبرز بنشاطها الاقتصادي والتجاري الذي يُعرف عنها منذ سنوات النهضة المباركة ومع سنوات النهضة المتجددة كواحدة من الولايات النشطة تجاريا وهي حلقة الوصل بين عدد من محافظات السلطنة بموقعها الوسطي الفريد.
اليوم ولاية سناو تستشرف آفاق المستقبل ورؤية "عُمان 2040" في نمائها وتطويرها من خلال توفير جميع الخدمات التي تحتاجها ولاية تتمتع بالحركة والنشاط التجاري الدائم المتسع يوما بعد يوم.
ولاية سناو وكغيرها من ولايات سلطنتنا الحبيبة تنتظر المزيد من منجزات الخير والعطاء في عهد متجدد الأركان وقد لبست حلل الفخر بالتكريم السامي لها وهي تنمو يوما بعد آخر بمشاريع جديدة للقطاع الخاص يشهد عليه الجميع.
كل من يزور ولاية سناو اليوم يستغرب ويضع عشرات علامات التعجب حول بُطء تنفيذ المشاريع التنموية فيها، ولعل أهمها الطرق الداخلية وتنمية الولاية، ومع الاستفادة الكبيرة من المردود المادي من مختلف الرسوم التي تدفعها المؤسسات الخاصة الكثيرة والموجودة في الولاية؛ باعتبار ولاية سناو ولاية تجارية تضم الكثير من المنشآت والمؤسسات والشركات الخاصة، فإنه من الأولى تطوير هذه الولاية والاهتمام بها نسبة لإسهاماتها المالية ولاحتياجاتها من نقص الطرق والعديد من الخدمات التنموية الأخرى.
ولو نظرنا إلى مدخل الولاية وعلى جانبيه؛ حيث لا توجد طرق داخلية مرصوفة أمام المحال والمؤسسات التجارية، وكذلك بعض مخططات الولاية السكنية تعاني من عدم وجود طرق داخلية وكذلك القرى والمدن التابعة لها؛ فكلها تنتظر رصف طرقها وتجميلها بالأشجار والإنارة الليلية. ومنذ سنوات هناك مناشدات للجهات المعنية بلا مجيب وعندما يأتي الغيث المنتظر نتفاجأ بكيلومترين لا يتحدث عنهما أحد خجلًا من نصيب ولاية سناو.
إنَّ أهالي ولاية سناو يرفعون إلى الجهات المعنية هذا العتب الكبير وعلى المسؤولين عن التخطيط وتوزيع مشاريع الطرق بين ولايات محافظة شمال الشرقية من خلال ميزان غير متكافئ وغير عادل أبدًا؛ فنصيب ولاية سناو لا يُقارن بنصيب الولايات الأخرى بين كيلومترين وعشرات الكيلومترات استحقاق الولايات الأخرى التي خصصت لها.
ختامًا أدعو المعنيين الى إنصاف ولاية سناو بمشاريع تنموية رائدة أسوة بولايات السلطنة الأخرى، خاصة مشاريع الطرق وتطوير وتجميل الولاية وأن توزع الاستحقاقات توزيعا عادلا حسب احتياجات ولايتنا الحبيبة.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها وعم الخير أرجاءها وإلى استحقاقات جديدة مبشرة لأبناء ولاية سناو في قادم الأيام.
** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العُمانية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الكارثة الأخرى: إبادة ومجاعة في السودان
مرّت سنتان على الحرب التي اندلعت في السودان بين طرفيّ الحكم العسكري الذي ورثته البلاد من عمر البشير سيئ الذكر. وحيث لا تنعم حالة السودان ولو بعِشر فقط من الاهتمام الإعلامي العالمي الذي تناله حرب الإبادة الصهيونية الجارية في غزة، فإن حجم الكارثة البشرية فيه مروّع هو أيضاً، إذ يقدَّر عدد قتلى حرب العسكر ضد العسكر بما يزيد عن 150 ألفاً، بينما يبلغ عدد النازحين حوالي 13 مليوناً ويصل عدد الذين تهددهم مجاعة حادة إلى 44 مليوناً، وهو رقم قياسي يجعل من حرب السودان أعظم أزمة إنسانية في عالمنا الراهن.
طبعاً، يسهل فهم العوامل الجيوسياسية التي تجعل الاهتمام العالمي بالحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة وسائر الشرق الأوسط اهتماماً رئيسياً، ناهيك من الاهتمام بالغزو الروسي لأوكرانيا. بيد أنه لا يمكن إنكار الوجهة العنصرية التي تهيمن على الأيديولوجيا العالمية «العفوية» والتي جعلت دائماً مدى اهتمام الإعلام العالمي بالحروب متناسباً عكسياً مع درجة اسوداد بشرة المعنيين. ومن أسطع الأمثلة على ذلك، الحرب التي دارت رحاها في جمهورية الكونغو الديمقراطية (كونغو كينشاسا) طوال خمس سنوات بين صيف 1998 وصيف 2003 والتي ذهب ضحيتها حوالي ستة ملايين من البشر بين قتلى مباشرين وغير مباشرين. خارج أفريقيا جنوبي الصحراء، كان العالم «ينكشف أنفه» إزاء ما يحصل في الكونغو، بينما يعير اهتماماً أعظم بكثير لأحداث كان عدد القتلى فيها أدنى بكثير، كحرب كوسوفو (1999) واعتداءات تنظيم «القاعدة» على نيويورك وواشنطن (2001) والتدخل الأمريكي في أفغانستان الذي تلاها، ثم الاحتلال الأمريكي للعراق (2003).
لا بدّ من أن نشير أيضاً إلى تقاعس التضامن العالمي مع شعب السودان المنكوب
وبوجه عام، فإن الحروب التي لا يشارك فيها مباشرة جنود بيضٌ من الشمال العالمي، سواء أكانوا أمريكيين أو أوروبيين، بمن فيهم الروس بالطبع، لا تحظى سوى بحد متدنّ للغاية من الاهتمام العالمي. وهي ذي حالة السودان الشقيق، الذي يشهد حرباً بين طرفين محلّيين حصراً، ولو أسعرت نارَها أطرافٌ إقليمية بدعمها لميليشيا «قوات الدعم السريع» الإبادية على الأخص، وقد مارست الدور الأخطر في هذا المجال الإمارات العربية المتحدة، بالتحالف مع طرف عالمي هو روسيا، وهو الثنائي ذاته الذي لعب الدور الرئيسي في دعم خليفة حفتر في الحرب الأهلية الليبية.
والحقيقة أن الدول الغربية، ولو لم يكن لها دور مباشر في الحرب السودانية، إنما تتحمل المسؤولية الأساسية عمّا حلّ بالبلاد. ذلك أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى السودان بين بداية عام 2021 واستقالته في أيلول/سبتمبر 2023، الألماني فولكر بيرتيس، الذي لعب دور «الرجل الأبيض» في توليه مهمته بما لم يخل من رائحة استعمارية كريهة، إنما تصرّف بصورة كارثية ضارباً عرض الحائط بالمبادئ التي يُفترض بالغربيين أنهم متمسكون بها، ربّما لاعتباره أن السودانيين ليسوا أهلاً للديمقراطية.
فإذ وقع الانقلاب الذي قاده عبد الفتّاح البرهان على المسار الديمقراطي الناجم عن ثورة 2019 في خريف 2021، أي خلال وجود بيرتيس مبعوثاً للأمم المتحدة في البلاد، سعى هذا الأخير جهده للتوفيق بين العسكر والقيادة المدنية التي أطاحوا بها، بدل أن يقف موقفاً صارماً ضد الانقلابيين ويدعو المجتمع الدولي إلى ممارسة أقصى الضغط عليهم كي يعودوا إلى ثكناتهم ويفسحوا المجال أمام مواصلة المسار الديمقراطي. ذلك التساهل مع العسكر ومحاولة التوفيق بينهم والمدنيين بدل اتخاذ موقف حاد منهم، شجّعاهم على الطمع بإدامة سيطرتهم الكاملة على البلاد، الأمر الذي أدّى، بعد سنتين، إلى اندلاع القتال بين طرفيهما، القوات النظامية و«قوات الدعم السريع»، وكل طرف طامعٌ بالاستفراد بالسيطرة على البلاد.
والحال أن ليس أمام حرب السودان سوى مخرجين: إما أن تتحمّل الأمم المتحدة أخيراً مسؤوليتها، فتنظّم تدخل قوات دولية تفرض على الفريقين المتحاربين وقفاً للنار، وتفرض عليهما من ثم الانكفاء إلى ثكناتهما بينما تتيح للمسار الديمقراطي أن يتواصل وتقدّم له كامل الدعم، بما في ذلك ما يلزم من أجل حلّ «قوات الدعم السريع» المشؤومة وفرض تغييرات جذرية على القوات النظامية السودانية كي تتحوّل من جيش دكتاتورية عسكرية إلى جيش خاضع للسلطات المدنية؛ أو يسير السودان نحو التقسيم، الأمر الذي يعني إدامة حكم العسكر على شطره الشرقي وفرض «قوات الدعم السريع» (ميليشيا الجنجويد سابقاً) سيطرتها الكاملة على إقليم دارفور بما يتيح لها مواصلة حرب الإبادة العنصرية التي بدأت بممارستها منذ بداية القرن الراهن تحت إشراف البشير، الذي كافأها في عام 2013 بمنحها صفة رسمية كأحد فصائل القوات المسلّحة السودانية.
في نهاية هذا المطاف حول مأساة السودان العظيمة، لا بدّ من أن نشير أيضاً إلى تقاعس التضامن العالمي مع شعب السودان المنكوب. فإذ نرحّب أحرّ ترحيب بالتطوّر العظيم الذي شهدته حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني استنكاراً لحرب الإبادة الصهيونية في غزة، لا يسعنا سوى أن نأسف لاستمرار ارتهان التضامن العالمي بالاهتمام الإعلامي الذي وصفنا أعلاه. فمن الملّح أقصى الإلحاح أن تقوم حركة تضامن واسعة مع شعب السودان، في الدول الغربية على الأخص، لكن أيضاً في سائر مناطق العالم ومنها المنطقة العربية، وتضغط من أجل تدخّل الأمم المتحدة لوقف تلك المأساة الكبرى.
المصدر: القدس العربي