لجريدة عمان:
2024-07-09@20:42:48 GMT

إدانة الأمل

تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT

هل يمكن أن يعطلنا الأمل؟ نيتشه يرى بأن الأمل أسوأ الشرور، ويمكن أن نقرأ هذه الفكرة على مستويات عديدة في الحياة، لكن ماذا عن الأمل في التغيير؟ على ماذا يعتمد هذا النوع من الأمل؟ ألا يمكن أن يكون نشاطا سلبيا نسلم من خلاله عجزنا عن مواجهة الواقع وتحدياته دون أن نعترف بأنه شكل للاستسلام ينضوي تحت إيمان مضلل بقيمة إيجابية مثل الأمل؟ عملت الأكاديمية والكاتبة الأمريكية سامنثا روز هيل التي ألفت كتابا عن المنظرة السياسية حنة آرندت عام 2021 على تقصي موقف آرندت المضاد من الأمل وأسبابه.

آرندت التي كلفت طلابها دوما بقراءة كتاب « Hope Against Hope» للكاتبة Nadezhda Mandelstam والذي لم يترجم للعربية بعد، آمنت آرندت بأن هذا الكتاب يمثل إحدى الوثائق الحقيقية والمهمة في القرن العشرين. يُعنى الكتاب بالحياة في ظل نظام ستالين والنضال من أجل البقاء. وأمام فلسفة آرندت حول الأمل والتغيير السياسي، لابد أن نضع نصب أعيينا ما يحدث في العالم اليوم، من تصاعد الخطاب القومي المتطرف، والشعبوية التي تُحضر البشرية لاعتبار «النازية الجديدة» وما ماثلها موقفا مشروعا، بينما لا نفعل أي شيء عدا أن نأمل أن ينتصر الخير في النهاية. وأن يصبح العالم مكانا آمنا للاجئين والمهاجرين، والأقليات.

تبدأ هيل كتابتها عن آرندت وزوجها بينما ينتظران تسلم أوراق خروجهما صيف عام 1940، في الوقت الذي كان فيه أي يهودي مهدد بالقتل، لكن آرندت وبلوخر لم يستسلما لليأس، استكشفا الريف الفرنسي بالدراجات، وقرأ الروايات البوليسية ليلاً. حولت آرندت هذا الوقت المظلم إلى تجربة حيوية، واعتبرتها بمثابة فرصة سانحة للعمل على ما تحب. الأمر الذي يدفعنا للتساؤل: هل هذه هي الطريقة التي نتصرف بها عادة عندما تكون حياتنا في خطر؟ ما الذي مكن آرندت من استغلال الوقت بهذه الطريقة في ظل تجربة مؤلمة؟ تكتب هيل: «لم يكن الأمل.»

تؤمن آرندت أن الأمل يشكل عائقاً خطراً أمام التصرف بشجاعة في الأوقات المظلمة. وهي كما نعرف من خلال كتاباتها لا تؤمن بالتقدم الحتمي للتاريخ. الأمر الذي جعلها تشعر باليأس من الديمقراطية وإمكانية إنقاذ الحرية في العالم الحديث. وترصد هيل حضور فكرة «الأمل» في كتابات آرندت البارزة ففي مقالتها «ما هي الحرية» تسأل آرندت: «ما هي الحرية، يبدو أنها شيء ميؤوس منه؟» وفي كتابها «أصول التوليتارية» تكتب عن اليأس والخوف بصفتهما الأكثر قدرة على مقاربة ما يحدث بدلاً من ادعاء البصيرة والحكم الموضوعي المتوازن». ويظهر موقف آرندت الأكثر تدميراً للأمل في مقالتها «تدمير ستة ملايين» الذي نشر عام 1964 وكانت آرندت تناقش فيه سؤالين هما: السبب وراء التزام العالم الصمت بينما كان هتلر يقتل اليهود، وجذور النازية في نظرية المعرفة الأوربية. أما السؤال الثاني فهو: مصادر العجز والتسليم بين اليهود. تقول آرندت في إجابتها عن السؤال الأول: «العالم لم يصمت، ولكن باستثناء عدم الصمت، لم يفعل العالم شيئا، كان لدى الناس الجرأة على التعبير عن الصدمة والسخط والرعب بينما لم يفعلوا شيئاً. لم يكن تصدير بيتهوفن واللغة الألمانية وترجمتها هما ما جعلا المثقفين ينساقون وراء النازية، كان ذلك بسبب عدم الرغبة في مواجهة الحقائق، والهروب إلى جنة الحمقى وأيدلوجيا الأمل. ولإجابة السؤال الثاني لجأت آرندت لمذكرات الشاعر البولندي بورفسكي الذي اختطف في صباه لإحدى معسكرات الاعتقال النازية، كان قد كتب أنه لم يحدث أن كان الأمل أقوى من الإنسان وما يحدث بالفعل، وفي المقابل لم يحدث ضرر بقدر ما حدث في هذه الحرب، لذلك نموت اليوم في غرف الغاز.

تستمر هيل في رصد الآثار التي يتسبب بها الإيمان بالأمل خلال الأزمات كما ظهرت في مقالات آرندت المبكرة خلال الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، والتي اتسمت ببحث آرندت التاريخي في السياسة اليهودية والتي وجدت أن العدوين اللدودين لها هما الأمل والخوف اللذان استخدمهما الألمان بدقة في حربهم على اليهود، يتضح ذلك مع طلب الألمان عددا محددا للترحيل كل يوم من إحدى الأحياء اليهودية، وبدلاً من القتال، أو حتى مناقشة الأمر، تطوع الآلاف من اليهود للترحيل، ظنا منهم أن ما يحدث هو محاولة لإعادة التوطين داخل الحي اليهودي، بينما كانوا يساقون لغرف الغاز.

في كتابات آرندت المتأخرة، تستبدل الإيمان بالأمل، والإيمان بفكرة الولادة، مفهوم الولادة مربك ومشوش وأنثوي، ينطوي على جذر الفعل الوجودي الأول. وتشير إلى اتجاه يعمل على قطيعة مع تقاليد الفكر السياسي الغربي، وبدء فكر جديد من أجل إنقاذ الوجود الإنساني، إن الولادة معجزة وهي عفوية ولا يمكن التنبؤ بها. الولادة تعني الانفصال عن الوضع الحالي وبدء شيء جديد. ويمكن بسهولة الانزلاق للتفكير في الولادة بوصفها أملاً أيضاً، لكننا سنكون مستعدين بشكل أفضل فيما لو استخدمنا كلمة «البداية» كمرادف للمعنى الذي قصدته آرندت في الولادة. في دراسة آرندت للفكر السياسي الإغريقي وجدت أن الأمل لطالما اعتبر قرينا للخوف والشر، اعتبر ثوسيديديس مثلا أن الأمل هو نوع من التساهل الخطر، تكلفته باهظة وهو بلا شك سبب للخسارة.

ولنتأمل فكرة آرندت هذه: «الأمل هو شيء لدينا، أما الولادة فهي شيء نقوم به» إن الفكرة الجوهرية في اتجاه آرندت هذا هو أن التغيير يحدث بالعمل لا بالأمل! الأمل يخرجنا من اللحظة الراهنة. ربما ما علينا فعله إذن وقبل أي شيء، الآن وفورا هو أن ندين الأمل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ما یحدث

إقرأ أيضاً:

تحذير من تدهور كارثي بسبب بركان إتنا وتهديد بالإخلاء.. ماذا يحدث في إيطاليا؟

ما يزال بركان إتنا الواقع على الساحل الشرقي لجزيرة صقلية الإيطالية، الذي اندلع خلال الساعات الماضية، يلقي بظلاله، في ظل الصور الصادمة المنشورة له، ما جعل السلطات تتخذ عدة قرارات عاجلة لمواجهة تداعياته.

تحذير جديد أطلقته السلطات في جزيرة صقلية، في ظل ثوران اثنين من أكثر البراكين نشاطا في العالم، إذ أخبرت السكان بضرورة الاستعداد للإخلاء في أي لحظة.

بركان إتنا ينذر بتدهور كارثي

شهد بركان إتنا، الواقع على الساحل الشرقي للجزيرة في إيطاليا، نشاطا مكثفا خلال الأيام القليلة الماضية، فيما ألقى بركان سترومبولي، الواقع قبالة الساحل الشمالي لجزيرة صقلية، الحمم البركانية في البحر.

«حالة تأهب قصوى» هكذا أصدرت وكالة الحماية المدنية الإيطالية، تحذيراتها، معلنة عن حالة تأهب قصوى لسترومبولي، محذرة من أن الوضع قد يتدهور بشكل كارثي بسبب بركان إتنا.

لقطات صادمةمن بركان إتنا

وتظهر اللقطات الصادمة لبركان إتنا الرماد والحمم البركانية تتدفق إلى البحر الأبيض المتوسط ​​من البركان الذي يبلغ ارتفاعه 924 مترًا، بحسب موقع «Volcanodiscovery».

نيلو موسوميسي، وزير الحماية المدنية قال إن الجزيرة باتت تحت المراقبة، مضيفا أن السلطات تتأكد من أن خطط الإخلاء جاهزة، كما قامت إدارة الإطفاء بمضاعفة عدد رجال الإطفاء في سترومبولي بشكل استباقي.

وواصل المعهد الوطني للجيوفيزياء وعلم البراكين، ومرصد إتنا في كاتانيا، مراقبة ظاهرة البركان، حيث لاتزال التذبذبات البركانية عند مستويات عالية.

كان بركان إتنا، أحد أكثر البراكين نشاطًا في العالم، في فترة من الشدة في الأيام الأخيرة، حيث أضاء السماء بالقرب من مدينة كاتانيا.

وكانت تسببت سحابة من الرماد البركاني، الذي أحدثها بركان إتنا في إغلاق مؤقت لمطار المدينة، بسبب سقوطها على مدينة كاتانيا.

مقالات مشابهة

  • الفنان محمد مود: علينا كفنانين أن نكون صوتاً لأهل غزة وأن نوصل معاناتهم إلى العالم
  • عضو بـ«الشيوخ»: برنامج الحكومة يدعم الاقتصاد ويجذب الاستثمار الأجنبي والمحلي
  • أبو الغيط في طوكيو: أدعو اليابان للاعتراف بالدولة الفلسطينية لأن ذلك يمنح الملايين الأمل في ضوء في آخر النفق
  • تحذير من تدهور كارثي بسبب بركان إتنا وتهديد بالإخلاء.. ماذا يحدث في إيطاليا؟
  • ماذا يحدث لجسمك عند تناول عصير القصب بالبرتقال؟.. منجم غني بالفوائد
  • أزيد من 100 ألف شخص حضروا السهرة الختامية لمهرجان تيميتار بساحة الأمل اكادير
  • 2,5 مليون متفرج شاهدوا موازين هذه السنة
  • أمريكا ليست قدراً
  • من الطبيعي أن ترفض قحت/تقدم إدانة مليشيا الدعم السريع في بيان القاهرة
  • العالم على بعد خطوة من حرب مدمرة..!