محمد بن رامس الرواس
اليوم تتعدى مرحلة العلاقات العُمانية- السعودية الحديث عن ذكر ديباجة ما يربطهما من أواصر الدين والثقافة واللغة والتقاليد والقيم والأعراف المجتمعية والتواصل الحضاري؛ حيث إن هذه الأمور لا يختلف عليها اثنان؛ إنما الحديث حاليًا عن روح توافقية واقعية يسودها عمق استراتيجي جديد يتبناه البلدان بحكم رؤية القادة من خلال المتغيرات العالمية الجديدة، بجانب تثمينهما لموقعهما الجغرافي عن طريق ربط بعضهما البعض اقتصاديًا وسياسيا وجغرافيًا.
عُمان بإطلالتها على مضيق هرمز والخليج العربي وبحر عُمان وبحر العرب ومن ورائهما المحيط الهندي، تُشكِّل عمقًا استراتيجيًا لدول مجلس التعاون وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، من حيث الأهمية الاقتصادية والأمنية لضمان انسياب ثروات دول الخليج عبر الطرق البحرية والبرية والجوية. والهاجس الأمني بلا شك يأتي ضمن أولويات وتطلعات دول مجلس التعاون، فلا انتعاش اقتصادي دون مسالك بحرية آمنة وأمن استراتيجي مشترك يحققان نجاح الأعمال التجارية لدول المجلس خاصة التجارية منها، لذلك أصبحت التفاهمات وروح الانسجام من متطلبات المرحلة بين السلطنة والمملكة لخدمة بلديهما والمنطقة عامة.
وعليه.. فإن الفكر التوافقي للقادة ليس بجديد؛ حيث إن ترسيم الحدود العُمانية السعودية عام 1990م يُعد من أنجح التفاهمات الإقليمية والدولية؛ فالسياسة والاقتصاد والثقافة تربطان البلدين بروح واحدة وجذور أصيلة مشتركة لأجل قيام ووجود منطقة دولية آمنة، فلقد كان ولا يزال رسوخ مضامين مبادئ القيم والسلام بين السلطنة والمملكة من المميزات العديدة التي تم بناء جسور الثقة من خلالها بين البلدين.
وخلال ما نشهده من مشاريع مشتركة في الطاقة والخدمات اللوجستية والموانئ والمشاريع السياحية، والأمن الغذائي إنما يفرد مساحات أوسع لتطوير منظومة الاستثمارات، وهي في الواقع ملموسة؛ كمشروع الطريق البري الذي يربط البلدين والذي يبلغ طوله 725 كيلومترًا بجانب الاستثمارات المشتركة لمشاريع الطاقة الشمسية، والهيدروجين والصناعات الأخرى، حيث إن المسار التوافقي أوجد السعي الحثيث بين البلدين للوصول إلى برامج تكامل اقتصادي توجه قيام مجلس التنسيق العُماني- السعودي.
إن رؤى البلدين "عُمان 2040" و"السعودية 2030" تحتلان غاية الأهمية والمتابعة من قادة البلدين؛ حيث تشتركان وتتقاطعان في كثير من المحاور، منها: الصناعة خاصة صناعات الأمن الغذائي، والسياحة، وتحديث التشريعات وهو من الأهداف الجوهرية للرؤيتين، هذا بجانب الالتزام بالمعايير الدولية، وانتهاج نمو الاستدامة الاقتصادية، وجذب رؤوس الأموال الخارجية والاهتمام بالصناديق السيادية وقوة استثماراتها واستغلال ميزات وثروات البلدين وغيرها العديد من البرامج خاصة برامج الشباب والإنسان والمجتمع.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سوريا.. حرق شجرة عيد الميلاد وما قاله مسلح بالفصائل بجانب قساوسة.. إليكم ما حصل
(CNN)-- اندلعت احتجاجات في الأحياء المسيحية بالعاصمة السورية، دمشق، بعد أن أضرم مجهولون النار في شجرة عيد الميلاد، مساء الاثنين، إذ ظهر على الإنترنت مقطع فيديو لرجال يشعلون النار في شجرة عيد الميلاد معروضة علناً في بلدة السقيلبية ذات الأغلبية المسيحية، بالقرب من مدينة حماة، مما أدى إلى اندلاع الاحتجاجات.
لقطة من مقطع فيديو يظهر رجالاً يضرمون النار في شجرة عيد الميلاد المعروضة علناً في بلدة السقيلبية ذات الأغلبية المسيحية قرب مدينة حماة.Credit: Social mediaوليس من الواضح من الذي أشعل النار في الشجرة، ولكن ظهر مقطع فيديو مسلح بالفصائل يقف بجانب قساوسة مسيحيين متعهداً بمعاقبة الجناة، وقال المسلح المجهول لمجموعة محتجة بجوار شجرة عيد الميلاد المحترقة: "في صباح اليوم التالي، سترون الشجرة وقد تم ترميمها بالكامل".
وسار المتظاهرون في العاصمة نحو الكنائس للمطالبة بحماية أفضل للمسيحيين في البلاد، حسبما قال جورج، وهو كاثوليكي مقيم في دمشق يبلغ من العمر 24 عامًا، اختار ذكر اسمه الأول فقط للتحدث بحرية، لشبكة CNN.
وعندما اجتاحت الفصائل المسلحة الإسلامية ثاني أكبر مدينة في سوريا في عملية أدت في نهاية المطاف إلى الإطاحة بنظام الأسد الوحشي، حصل المسيحيون على تأكيدات بأن كنائسهم وممتلكاتهم ستظل محمية.
وتسيطر الفصائل المسلحة الآن على معظم أنحاء سوريا بقيادة "هيئة تحرير الشام"، التي يرأسها، أحمد الشرع، المعروف بلقب "أبو محمد الجولاني"، وهو الرجل الذي أنشأ فرعًا لتنظيم القاعدة (جبهة النصرة) في سوريا قبل إعادة تسمية مجموعته في عام 2016.
مسيحيون في دمشق يحيون ليلة عيد الميلاد في 24 ديسمبر 2024Credit: ANWAR AMRO/AFP via Getty Images)وأكد الشرع أن جماعته ستحمي الأقليات والطوائف الدينية في سوريا، لكنه لم يدع بعد إلى حماية المسيحيين على وجه التحديد قبل احتفالات عيد الميلاد، وقالت الحكومة التي تقودها هيئة تحرير الشام إن الأربعاء (25 ديسمبر/ كانون الأول) والخميس (26 ديسمبر/ كانون الأول) سيكونان عطلة رسمية.
وقال سكان العاصمة السورية دمشق لشبكة CNN إن هيئة تحرير الشام لم تفرض أي قيود على الاحتفالات أو الصلوات هذا العام، لكن المسيحيين ما زالوا يخشون من أن تهاجمهم عناصر مسلحة مارقة من غير هيئة تحرير الشام.
في عهد الأسد، سُمح للمسيحيين بالاحتفال بأعيادهم وممارسة شعائرهم، لكن مثل كل السوريين واجهوا قيودًا استبدادية على حرية التعبير والنشاط السياسي.
ويأتي الحادث بعد ثلاثة أسابيع من قيام الفصائل المسلحة بقيادة حملة ناجحة للإطاحة بالرئيس السوري، بشار الأسد، وينضم المسيحيون السوريون الآن إلى المسيحيين في لبنان والأراضي الفلسطينية الذين يحتفلون بعيد الميلاد وسط قدر كبير من عدم اليقين والخوف في المنطقة.