د. محمد بن عوض المشيخي **

تتميز العلاقات العُمانية- السعودية بالانسجام التام والتوافق في وجهات النظر حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وكذلك تنسيق المواقف بين قيادتي البلدين الشقيقين منذ "قمة نيوم" التاريخية عام 2021، التي عُقدت بين حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.

هذه العلاقات الأخوية الصادقة وُلِدَتْ لكي تسمو وتتجذَّر في أعماق التاريخ وفي قلوب أبناء البلدين الذين يفتخرون بما تحقق من إنجازات على أرض الواقع؛ إذ تعد هذه العلاقات من النماذج الرائدة في المنطقة العربية قاطبةً والتي يجب أن يُحتذى بها بين الدول الشقيقة الأخرى والاستفادة من هذه التجربة الفريدة في مجال العلاقات الدولية؛ لكونها تنطلق من حسن الجوار وأواصر القُربى والتاريخ المشترك، وقبل ذلك كله مصالح الشعبين الشقيقين في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية. إنها بحق علاقات تكاملية بعيدًا عن المصالح الضيّقة والأطماع الانتهازية التي عفا عليها الزمن.

وتأتي زيارة الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية للعاصمة العُمانية مسقط؛ لكتابة صفحة مشرقة ومضيئة جديدة، مضمونها تحقيق طموحات الشعبين على وجه الخصوص وأبناء مجلس التعاون الخليجي بشكل عام، وذلك من خلال لقاء آخر من لقاءات الخير مع جلالة السلطان، الذي أسس واحدًا من المناهج الحكيمة في قنوات الحوار في السياسة الخارجية على المستوى الإقليمي والدولي؛ فالنظرة الثاقبة والخبرة المتراكمة والحكمة المعهودة للقيادة العُمانية المتمثلة في جلالة السلطان هيثم، جعلت من مسقط محطة لا غنى عنها في الحل والعقد لمختلف التحديات التي تواجه المنطقة.

وشهدت العلاقات العُمانية السعودية تطورات إيجابية تتوافق مع طموحات المواطنين في السلطنة وشقيقتها السعودية؛ ففي الملف الاقتصادي تضاعف التبادل التجاري بين البلدين عشرات المرات، مسجلًا 7 مليارات دولار العام الماضي 2022، بنسبة زيادة عن 2021 بلغت أكثر من 123 بالمائة، بينما سجلت قيمة الصادرات العُمانية إلى المملكة نحو 922 مليون ريال عُماني. أما المنفذ الحدودي عبر الربع الخالي الرابط بين البلدين، فقد بلغ التبادل التجاري بين البلدين عبر هذا المعبر حوالي 843 مليون دولار، وذلك العام الماضي 2022.

وتعمل القيادتان في البلدين بجهود مضاعفة وعزم منقطع النظير على تنفيذ استراتيجيات واعدة منذ مطلع هذا العقد، ففي السلطنة انطلقت رؤية "عُمان 2040" الطموحة التي تستهدف مختلف القطاعات التنموية في بلادنا الحبيبة؛ إذ تستهدف بالدرجة الأولى نقل السلطنة إلى مصاف الدول المتقدمة خلال الأعوام المقبلة، مع التركيز على تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط الذي لا يزال يشكل الجزء الأكبر من الدخل الوطني. بينما على الجانب الآخر تنفذ رؤية "المملكة 2030" التي تتقطاع مع الرؤية العُمانية في إيجاد مصادر أخرى بديلة عن النفط في المستقبل القريب. ويُعد الأمير الشاب محمد بن سلمان عرّاب المشاريع العملاقة في المملكة والمنطقة العربية، فمن أهم المشاريع العملاقة التي تضمنتها الرؤية السعودية الحالية مدينة نيوم (The Line)- التي يحلو للبعض تسميتها بمدينة العجائب- وتقع على ساحل البحر الأحمر غربي البلاد، والتي سترى النور في مرحلتها الأولى في نهاية هذا العام 2023 إن شاء الله، وهي واحدة من المنجزات الحضارية للقيادة السعودية؛ إذ تتميز بطولها الذي يمتد لمائة وسبعين كيلومترًا وبعرض مائتي متر فقط، فهي مدينة ذكية ولا توجد بها سيارات أو شوارع؛ بل يمكن التنقل عبر القطار الذي يربط كل أجزاء هذه المدينة بعضها ببعض والتي تستخدم الطاقة النظيفة فقط. هذه المدينة خطط لها بشكل استثنائي لتجذب الرواد والعلماء وأصحاب المبادرات الاقتصادية من المملكة والعالم. فمشروع "ذا لاين" هو مشروع ثقافي واقتصادي انبثق من قلب الصحراء ليقدم للعالم طرازا معماريا جديدا ويوفر لسكانه كل ما يخطر على البال من طفرة تكنولوجية ورقمية وحياة تسودها الرفاهية في بيئة صحية وهادئة بعيدا عن الضوضاء والتلوث والزحمة.

لقد أثمرت الجهود العُمانية بالتوافق مع الأشقاء في السعودية في وقف حرب اليمن التي استمرت أكثر من 8 سنوات، فعملت القيادة العُمانية بالتنسيق مع مختلف الأطراف اليمنية لوقف الصراع ونزيف الدماء بين أبناء الشعب الواحد، فكانت البداية بهدنة قبل عامين ثم تبعتها هدنة ثانية وثالثة، وأخيرا وقف إطلاق النار في أنحاء اليمن الشقيق. فقد أشادت وباركت الأمم المتحدة والدول الكبرى بما قامت به السلطنة من جهود جبارة في ملف اليمن.

في الختام.. نتطلع خلال الأيام المقبلة لتسهيل إجراءات المستثمرين السعوديين للوصول إلى مختلف المناطق الاقتصادية العُمانية وخاصة الصناعية الواعدة؛ لإقامة المشاريع التي سبق أن أُعلن عنها، وكذلك التعجيل بتدفق الاستثمارات التي أعلن عنها صندوق الاستثمارات العامة في المملكلة، وتقدر بـ 5 مليارات دولار.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزير الصحة يستقبل نظيره من جمهورية لاتفيا لبحث سبل التعاون بين البلدين

استقبل الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، اليوم الخميس، الدكتور حسام أبو مرعي، وزير صحة جمهورية لاتفيا، وسفير جمهورية لاتفيا لدى مصر، أندريس رازانس لبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين فى القطاع الصحي.

الإرتقاء بالمنظومة الصحية

وأوضح الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، أن الوزير استهل الاجتماع بالترحيب بنظيرة اللاتفي مؤكداً على أهمية تعزيز سبل التعاون المشترك بين الدولتين في مختلف المجالات الصحية، بما يضمن الإرتقاء بالمنظومة الصحية وتحقيق الأمن الصحي للشعوب.

وأضاف "عبدالغفار" أن الاجتماع تناول مناقشة سبل التعاون في مجال تدريب الكوادر البشرية من أطباء وتمريض على مختلف المجالات الصحية، من خلال برامج تدريبة متخصصة، في العديد من التخصصات من بينها (الرعاية الصحية الأولية، طب الطوارئ، الأورام، طب الأطفال، التصدي للأمراض المعدية والوبائية)، فضلاّ عن باقي المجالات الصحية وفقاً للاحتياجات، وذلك بما يضمن تعزيز وصقل مهارات الكوادر الطبية لتقديم أفضل خدمات طبية للمرضى في المنشآت الصحية.

تبادل الكوادر الطبية من الأطباء

وتابع "عبدالغفار" أن الاجتماع تناول مناقشة آلية تبادل الكوادر الطبية من الأطباء والفرق التمريضية، من خلال إرسال الفرق الطبية من مصر لدولة لاتفيا لتقديم ونقل الخبرات في مختلف المجالات الصحية وفقاً للاحتياجات، فضلاً عن استقبال كوادر طبية من دولة لاتفيا لتدريبهم في المنشآت الصحية المصرية على مختلف التخصصات الطبية، تحقيقاً للارتقاء في القطاع الصحي بالدولتين، وتحقيق الاستثمار في رأس المال البشري وصقل مهاراته.

ولفت "عبدالغفار" إلى مناقشة آليات تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الصناعات الدوائية ونقل الخبرات المصرية في هذا الشأن لجمهورية لاتفيا، فضلاً عن بحث سبل تعزيز الشراكة في مجال رقمنة القطاع الصحي في البلدين.

حضر الاجتماع اللواء أشرف عبدالعليم، مساعد وزير الصحة لنظم المعلومات والتحول الرقمي، الدكتور أحمد سعفان، مساعد وزير الصحة والسكان لشئون المستشفيات، والدكتورة علا خير الله، رئيس قطاع تنمية المهن الطبية، والدكتورة مها إبراهيم، رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة، والدكتورة سوزان، مدير إدارة العلاقات الصحية الخارجية.

مقالات مشابهة

  • وزير الصحة يستقبل نظيره من جمهورية لاتفيا لبحث سبل التعاون بين البلدين
  • الأمير ‘‘بن سلمان’’ يهاتف ‘‘طارق صالح’’
  • بن سلمان مهنئاً ترامب: نتطلع لتعزيز العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين البلدين
  • قائمة منتخب السعودية لتصفيات كأس العالم.. رينارد يضم مفاجأة
  • الأمير سلطان بن سلمان يتحدث مع عمال بتواضع ويدعوهم للغداء على حسابه.. فيديو
  • رينارد يعلن أول قائمة لمنتخب السعودية قبل مواجهة أستراليا وإندونيسيا
  • الأمير تركي بن سلمان يتفاعل مع مشجع نصراوي ويلتقط معه صورة .. فيديو
  • الأمير تركي بن سلمان يحتفل بهدف رونالدو .. فيديو
  • مجلس الوزراء السعودي برئاسة الأمير محمد بن سلمان يصدر قرارات هامة| تفاصيل
  • ضبط 7 مخالفين لاستغلالهم الرواسب في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية