متى يتقدم العرب؟
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
حمد بن سالم العلوي
يبدأ تقدم العرب عندما يشعر المواطن العربي، أنَّه يخدم وطنًا قوميًا الجميع فيه سواء، وأنَّ الوطن وطنه هو وعشيرته وأهله من أبناء جلدته، وليس وطن أناس غرباء، وهو محض شريك لهم، أو هو مجرد أجير في هذا الوطن.
البعض يشعر أنه مجرد أجير في وطنه، أو أنه أحد السكان الذين يدفعون الضرائب في نهاية كل شهر، لذلك أصبح الانتماء للأوطان ضعيفًا إلى أمد بعيد، فهذا الأمر يشكل عائقًا كبيرًا في نهضة الأوطان العربية؛ فالتطور في المجتمعات العربية يحتاج إلى عقيدة راسخة، وشعور قوي بالانتماء إليه، وأيضًا من الجانب الآخر يتوجب على الحكومات العربية، أن تُشعر هذا المواطن بأنه جدير بالاحترام والتقدير، وجدير بالثقة وتحمل المسؤولية؛ فهناك اختلاف كبير في وجهات النظر، وذلك بين الدول والشعوب العربية، فهناك من يُخوّن الآخر، والمواطن دائمًا يشكو الحكومة، ويتهمها بأنها لا تعطي له التقدير المُناسب.
هذا الحال هو الشائع في العالم العربي، على طول الجغرافيا العربية وعرضها، فالماسك بالوظيفة يتقمص شخصية المسؤول وقداسته، كما هو يتصورها وليس كما هو بالفعل، فيضفي على نفسه جلباب السُلطة، ويمسك بالوظيفة مسكة فرعونية تربصية، فإذا أتاه المراجع لا ينظر إليه نظرة صاحب الحق، أو كما يفرض الواجب على الموظف والمسؤول في خدمة المراجع، وتذليل الصعاب أمامه، فهو يفعل ذلك لأنَّ المراجع مجرد "رقم" لا أكثر، فقد يحسب له ذلك الرقم كإنجاز، أو يحسب عليه كتقصير في نهاية اليوم، وهو يُلزم المراجع به، فيأمره بسحب رقم من الجهاز المركون عند الباب، فيلتغي بموجب ذلك الرقم اسمك وقدرك كإنسان.. ووقتك كذلك، فتتحول إلى مجرد رقم في طابور الانتظار، فالجيد من بعض الموظفين، أنهم يقدرون لك دورك، وذلك عندما ينادي عليك بالجهاز الآلي، وهذا الجهاز مربوط بزر في يد الموظف، فبعضهم يشغل نفسه بأي شيء آخر، إلا مسألة الضغط على ذلك الزر.
وهناك صنف من الموظفين، يستغل الوظيفة العامة أو حتى الخاصة، لكسب منفعة شخصية له، فهناك من يتكتم على طريقة تكسبه "اللامشروع" وربما يوظِّف طرفا ثالثا للقيام بالمهمة، وهو يفعل ذلك زيادة في الحذر حتى لا ينكشف أمره، وفي بعض الدول العربية، يكون التكسب علنًا، ودون أية مواربة أو خجل، أو خوف من مساءلة، وقد تضفى عليه الشرعية، بأن الدول الأخرى غنية، ودولتهم فقيرة، وربما يفعلون ذلك بالنظر إلى ضعف حوافز التقاعد، أو ضعف الرقابة، وقد نستبعد مؤقتًا الضوابط الذاتية، وذلك بالنظر إلى غياب الضمير، وضعف الوازع الديني والأخلاقي.
في البلاد العربية، يكتم المتقاعد تقاعده، لأنه يتحاشى أن يخبر أحدًا أنَّه متقاعد، حتى لا يتعرض للإهانة والإهمال، ولأن الناس ينظرون إلى المتقاعد نظرة سلبية، وهم يفعلون ذلك في ظل عدم الاهتمام بالمتقاعدين، وكأن لسان حالهم يقول "لو أُريد احترامه، لجعلت له الدولة تقديرًا وشأنًا"، بما يتناسب ويليق بمقامه، ولرأينا ذلك عمليًا، وعلنًا في المناسبات العامة، والاستقبالات الرسمية، فقد أصبح المتقاعد العربي حكمًا بشريًا عليه، بعلة تسمى "مُت.. قاعدًا" أو حتى نائمًا أو مضطجعًا.. لكن لا تمت وافقًا، فذلك يُخيف البعض، كما أخاف موت نبي الله سليمان بن داود- عليه السلام- الجن وهو ميت واقفًا.
أما هذا الحال في الدول المتقدمة، فإنَّ الموظف، يخدم الناس، على أساس أن الوظيفة تكليف وليست سُلطة، إلا بالقدر الذي تخوله تنفيذ عمله الرسمي، فإذا أتاه المراجع قام بتأدية الواجب المطلوب منه باتجاهه، وذلك بوازع من ضمير حي، أو بوازع من محاسبة ذلك المراجع له، لأنه إذا ما راح يشكوه لممثله في برلمان الدولة، أو مجلس النواب، فإنه سيتعرض الموظف للمساءلة والعقاب، وقد يصل الأمر إلى دفع تعويض مادي، وقد تصل المحاسبة والمساءلة إلى رئيس الوحدة، وربما يفقد الرئيس الوظيفة إذا وُجد أنه مقصّر في الإشراف والمراقبة، أو تأهيل العاملين.
والموظف في الدول المتقدمة يظل يحسب الساعات والأيام، حتى يصل إلى يوم التقاعد، فهو يخرج إلى التقاعد لكي يحصل على وظيفة استشارية، وبراتب أفضل، وساعات عمل أقل، إضافة إلى امتيازات وتخفيضات في الأسعار، واحترام أكبر كونه يمثل خبرة كبيرة لأنه متقاعد، وبلده تجعل للمتقاعد تقديرا واهتماما، ويمكن أن يبتعث كخبير في بلاد أخرى، فيمثل بلده ويستفيد ماديًا ومعنويًا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الجامعة العربية تعلن دعمها لإنشاء تحالف عالمي ضد الجوع والفقر
أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن دعم الجامعة العربية للمبادرة البرازيلية لإنشاء التحالف العالمي ضد الجوع والفقر، باعتبارهما من أكثر التحديات إلحاحًا التي تواجه العالم اليوم، الثلاثاء.
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية خلال كلمته أمام قمة مجموعة العشرين أن الجوع والفقر مترابطان بشكل عميق، ويشعر السكان الأكثر ضعًا بتأثيرهما بشكل أكثر حدة، مشيرا إلى أن العديد من الدول العربية تكافح الفقر والجوع.
وقال أبو الغيط إن الشعوب التي تعيش تحت الاحتلال ليس لديها أي فرصة للانضمام إلى النضال المشترك أو تحقيق نجاحات حقيقية لأن الاحتلال هو السبب الرئيسي للفقر، مستشهدا بفلسطين.
وشدد الأمين العام لجامعة الدول العربية على أن ما يحدث في فلسطين "وضع غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره".
وشاركت جامعة الدول العربية الاثنين في أعمال قمة مجموعة العشرين لأول مرة في تاريخها، وهو ما وصفه الأمين العام للجامعة العربية بأنها "لحظة تاريخية" لجامعة الدول العربية.
ووجه أبو الغيط الشكر لدولة البرازيل على دعوتها وعلى توفير الفرصة للجامعة العربية التي تمثل 22 دولة عربية، للتعامل بشكل مباشر مع أعضاء مجموعة العشرين بشأن القضايا الرئيسية والتحديات العالمية، في مثل هذا الوقت الذي يواجه فيه العالم أزمات متعددة ومتتالية تعزز بعضها البعض ويتطلب حلها تعاونا دوليًا أقوى.