تقرير :تصاعد معاداة الأجانب في قبرص بعد سلسلة هجمات على مهاجرين
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
ليماسول"ا.ف.ب ": قبل ساعات من وصول ملثّمين يحملون أعلامًا قبرصية ويرمون قنابل مولوتوف على متاجر يديرها مهاجرون، انتشرت بينهم همسات خافتة في مدينة ليماسول الساحلية عن العنف الوشيك الذي سيلحق بهم وسط تفاقم معاداة المهاجرين في الجزيرة الأوروبية.
هرع أصحاب مطعم مصري لإدخال مقتنياتهم الخارجية، فيما أزالت بائعة فيتنامينة بسرعة خضارها من الشارع.
غير أنّهم لم يتمكّنوا من إخفاء تراثهم الثقافي الذي يميّزهم ويفخرون به منذ انتقالهم إلى جزيرة قبرص الواقعة في البحر الأبيض المتوسط.
يقول محمد البصراتي (38 عامًا) الذي يملك مطعمًا مصريًا "كنت واقفًا مع جارتي وطلبت مني المغادرة قائلة: إذا رأوك، سيضربونك لأنك أجنبي".
حين وصل الملثمون إلى مطعمه، اختبأ في الجزء الخلفي بينما حطّموا نوافذ المكان الذي بناه بكلّ ما لديه من مدّخرات.
ويضيف "بدأنا نسمع صوت زجاج يتكسّر... بعدها شممت رائحة دخان ونار".
حصل هذا الهجوم في مطلع سبتمبر الجاري وسط موجة عنف ضدّ المهاجرين في قبرص التي سجلّت العام الماضي أعلى عدد من طلبات اللجوء للمرة الأولى بالنسبة لعدد السكان على مستوى الاتحاد الأوروبي.
يعزو الخبراء زيادة العنف إلى تفاقم رهاب الأجانب في السياسة ووسائل الإعلام القبرصية، يغذّيه انتشار المعلومات المضللة وسوء إدارة العدد الكبير من الأشخاص الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عن طريق الجزيرة.
قبل أيام من الهجوم على مطعم البصراتي، شنّ سكان في بلدة قريبة من مدينة بافوس في الغرب هجومًا مماثلًا على مهاجرين بعد سنوات من الاحتكاك مع مئات المهاجرين.
وكانت الشرطة قد داهمت في وقت سابق المبنى لإخلائه بعد انتشار مزاعم بسرقة الكهرباء على شبكات التواصل الاجتماعي.
ورغم الانتشار الكثيف للشرطة في ليماسول قبيل التظاهرة المعادية للمهاجرين يقول سكان إن السلطات لم تتدخّل بما فيه الكفاية لمنع العنف.
ويقول عادل حسن (76 عامًا) "كانوا أكثر من 600. كم شخصًا أوقفتهم الشرطة؟ 13 فقط؟" ولم تردّ الشرطة على طلب التعليق من وكالة فرانس برس، غير أن رئيس الشرطة ستيليوس باباتيودورو أقرّ أمام البرلمان القبرصي بأن الاستجابة كانت "بطيئة".
ورجح بعض المراقبين أن يكون الملثّمون منتمين لحزب الجبهة القومية الشعبية "إيلام" اليميني المتطرّف، وهو حزب وُلد في الأساس من حزب "الفجر الذهبي" المحسوب على النازيين الجدد في اليونان.
ولم يردّ حزب "إيلام" على طلب التعليق من وكالة فرانس برس، لكنه نفى مرارًا ضلوعه في أعمال العنف هذه.
وتمكّن الحزب من استقطاب مؤيدين بخطابه المعادي للمهاجرين، وتجلّى ذلك بحصول زعيمه كريستوس كريستو على 6% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي جرت في فبراير 2023.
لكن يمكن أن تُنسب أعمال العنف هذه أيضًا إلى مجموعات يمينية متطرفة أصغر تتهم حزب "إيلام" بالتساهل مع مسألة الهجرة منذ تحقيق قاعدة شعبية مهمّة، حسبما يرى الأستاذ في سياسات الأحزاب الأوروبية في جامعة نيقوسيا يورغوس خارالامبوس.
ويشير خارالامبوس إلى أن "خطاب الكراهية" أصبح معمّمًا وشائعًا لدى مختلف مكونات الطيف السياسي، ما خلق مناخًا مؤاتيًا لهجمات وصفها بأنها "مذابح منظمة" تستهدف أعراقًا معينة.
ويقول لوكالة فرانس برس "ينبثق الأفراد والسياسيون الذين ينشرون أخبارًا زائفة وخطابًا عنصريًا حول الهجرة من أحزاب يمين الوسط أيضًا".
في السنوات الأخيرة، استقبلت قبرص أعدادًا كبيرة من المهاجرين، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة بينها زيادة عمليات الصدّ والرفض، بحسب منظمة "المجلس القبرصي للاجئين".
الشهر الماضي، أعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن قلقها بعد ترحيل أكثر من 100 سوري إلى لبنان دون فحص طلبات اللجوء التي قدموها بعناية.
وتقول كورينا دروسيتيو من "المجلس القبرصي للاجئين" إن "لم نشهد من قبل مثل هذا المستوى" من العنف في قبرص، مع تأكيدها أنه كان متوقعًا.
وتشير إلى أن "اللغة المستخدمة في البيانات الرسمية... معادية للأجانب بوضوح"، ملقية باللوم خصوصًا على التدابير غير المناسبة لا سيما تلك التي اتخذتها الحكومة القبرصية السابقة.
من جهتها، تقول الناطقة باسم وزارة الداخلية إيلينا فيسينتزو لوكالة فرانس برس إن الاضطرابات سببها "مشاكل متراكمة استغلتها حسابات مجهولة على شبكات التواصل الاجتماعي".
وتضيف "لم تعتمد السلطات أبدًا خطابًا عنصريًا".
مع ذلك، يعتبر العديد من الأجانب المقيمين في الجزيرة أن الضرر قد حصل بالفعل.
وفي حديث مع وكالة فرانس برس، يقول سيد سمير وهو صاحب مطعم تعرّض للنهب "تغيّر الوضع. لم نعد نعرف الشعور بالأمان الذي كنّا نشعر به".
استغرق الأمر من تشو ثي داو (35 عامًا) سنوات من العمل الشاق لجمع ما يكفي من المال لفتح متجرها الصغير المطل على الواجهة البحرية في ليماسول.
تقول ابنتها فلورا (17 عامًا) لوكالة فرانس برس "أرادت حياة أفضل لأطفالها".
سرعان ما انتشر مقطع فيديو للسيدة الفيتنامية وهي تبكي بعد تعرّض متجرها للهجوم، ما أثار تضامنًا ودعمًا واسعًا من السكان في قبرص ومن الحكومة.
وتضيف فلورا، وعيناها مغرورقتان بالدموع، "أريد أن أبقى هنا وأن أعيش مع أمّي وعائلتي".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فرانس برس فی قبرص
إقرأ أيضاً:
وزير خارجية تركيا يشارك بمباحثات أزمة قبرص في جنيف
أنقرة (زمان التركية) – يشارك وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في الاجتماع غير الرسمي الموسع لبحث أزمة قبرص المقرر عقده الثلاثاء في جنيف.
وتشير المعلومات الواردة عن مصادر بوزارة الخارجية التركية إلى أن الاجتماع سيشهد تبادل الرؤى بشأن مستقبل الأزمة، وأن الاجتماع لا يمثل استمرارا للمفاوضات السابقة أو بداية لعملية تفاوض جديدة.
وسيترأس الاجتماع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بمشاركة رئيس جمهورة قبرص التركية -المعترف بها مقبل تركيا فقط-، أرسين تاتار، ورئيس جمهورية قبرص اليونانية، نيكوس كريستودوليديس، ووزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، ووزير الخارجية اليوناني، جورج جيرابتريتيس، ووزير الدولة البريطاني المعني بشؤون أوروبا وأمريكا الشمالية، ستيفين دوتري.
وكان فيدان قد أجرى زيارة إلى قبرص التركية يومي 8و9 يناير/ كانون الثاني والتقى آنذاك برئيس قبرص التركية بجانب رئيس الوزراء، أونال أوستال.
وخلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس قبرص التركية عقب اللقاء أكد فيدان أن تركيا ستواصل تطوير التضامن والتعاون مع قبرص التركية في جميع المجالات وأن حل الدولتين بالجزيرة هو مسار الحل الواقعي الوحيد وأن تركيا مستعدة للإسهام البناء في هذا الحل.
وفي الخامس عشر من أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2024، أقيمت مأدبة عشاء غير رسمية في ضيافة الأمين العام للأمم المتحدة بمشاركة رئيسي قبرص التركية واليونانية.
أزمة قبرص
خلال الاجتماع غير الرسمي لصيغة الأمم المتحدة +5 الذي عقد في جنيف في 27-29 أبريل/ نيسان من عام 2021، أعلن رئيس جمهورية قبرص التركية دعمه لنموذج الاتحاد بين مجتمعين وفصيلين وطرح رؤيته جديدة لحل القضية القبرصية (حل الدولتين).
في إطار هذه الرؤية، التي تدعمها تركيا بشكل كامل، يتم التأكيد على أن عمليات التفاوض القائمة على نموذج الاتحاد بين مجتمعين، التي تمت تجربتها منذ نصف قرن، لم تتمكن من التوصل إلى حل للجزيرة حتى الآن وأن هناك بالفعل شعبين منفصلين ودولتين منفصلتين على الجزيرة وأن الحقوق المتأصلة للقبارصة الأتراك ألا وهى المساواة في السيادة والوضع الدولي المتساوي يجب أن يسجلها المجتمع الدولي من أجل الشروع في مفاوضات رسمية من شأنها أن تمهد الطريق لحل عادل ودائم ومستدام لقضية قبرص وفقا لواقع الجزيرة.
هذا ودعا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، المجتمع الدولي إلى الاعتراف بجمهورية قبرص التركية في أقرب وقت ممكن وذلك خلال خطاباته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دوراتها 77 و 78 و 79.
Tags: أزمة جزيرة قبرصحل الدولتينقبرص التركيةقبرص اليونانيةهاكان فيدان