لقد ظهر اتجاه مثير للاهتمام بين المسلمين الغربيين، وهو أن عددا أكبر منهم ينتقل ويستقر في تركيا، وتهدف هذه الهجرة، إلى السماح لهم بممارسة الإسلام بشكل أكثر انفتاحًا ودون خوف أو قيود.

تتناول إزجي يارامان أوغلو بمقالها في "بوليتيكس توداي"، والذي ترجمه "الخليج الجديد"، الروابط التاريخية العميقة التي تربط تركيا بالعالم الإسلامي، وخاصة بالنسبة للمسلمين الغربيين الذين يبحثون عن مكان يمكن أن يمارسوا فيه دينهم بحرية.

ترى الكاتبة أنه في الماضي، كانت تركيا مركز الإمبراطورية العثمانية، وهي دولة قوية حكمت لأكثر من 600 عام، وغطت مناطق شاسعة عبر البلقان، وشمال أفريقيا، والشرق الأوسط.

ويمارس هذا الرابط التاريخي قوة جذب مغناطيسية على المسلمين الغربيين، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى التراث التركي، حيث أن دور تركيا في تاريخ الحضارة الإسلامية متجذر في وعيهم الجماعي.

تعتقد الكاتبة أن الدستور العلماني في تركيا، والذي يضمن الفصل الواضح بين شؤون الدولة والشؤون الدينية، قد خلق جواً من الحرية الدينية في العقدين الماضيين. وهذا الجو، جنبًا إلى جنب مع السكان ذوي الأغلبية المسلمة، يخلق بيئة مثالية لممارسة الإيمان دون عوائق.

تحديات كبيرة

وتشير الكاتبة إلى أنه في إحدى حلقات البودكاست "المسلم المفكر"، سلّط توماس عبدالقادر، المواطن الأمريكي والرئيس السابق لمجلس مسلمي إسطنبول، الضوء على الديناميكيات السياسية المتغيرة التي يعيشها المسلمون في العالم الغربي.

ويسلّط عبدالقادر الضوء على الطبيعة المعقدة للحياة في الغرب، حيث يواجه المسلمون تحديات مختلفة يوميًا، والتي غالبًا ما تجبرهم على السير على خط رفيع بخصوص تدينهم. وبالنسبة للكثيرين، قد يكون الجهد العقلي والطاقة العاطفية اللازمة للتنقل في هذه المياه المعقدة أمرًا مربكًا، خاصة في الأمور التي تبدو أساسية مثل تربية أطفالهم.

ووفقا للمقال، تؤكد ملاحظات عبدالقادر على نقطة مهمة؛ وهي أن المسلمين الذين يعيشون في الغرب غالبا ما يجدون أنفسهم عالقين في تعقيدات السياسة والحياة اليومية. وفي حين أن هذا قد يبدو مرهقًا، إلا أنه ليس نادرًا، بل هو تجربة مشتركة للمسلمين في الغرب.

اقرأ أيضاً

أردوغان يبحث مع وفد علماء المسلمين ظروف المهاجرين في تركيا

وفي تناقض صارخ، يشير عبدالقادر إلى أن هذا المستوى من التعقيد غائب بشكل ملحوظ في تركيا، حيث تبدو التحديات التي يواجهها المسلمون في الغرب أقل وضوحًا في السياق التركي، كما أن الحياة اليومية كمسلم أقل عبئًا بشكل ملحوظ. فالحياة الأكثر انسيابية وخالية من الأعباء تمنح المسلمين الأتراك إحساسًا بالسهولة والوضوح.

إن وجهة نظر عبدالقادر هي شهادة على جاذبية إسطنبول للمسلمين الغربيين، وتوفر نظرة ثاقبة للاتجاه المتزايد للمسلمين الغربيين الذين ينتقلون إلى تركيا.

التراث الإسلامي والمزايا الغربية

تشير الكاتبةإلى أنه مما يزيد جاذبية تركيا وجود العديد من المساجد والأضرحة والمعالم المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتاريخ الإسلامي.

وتعمل هذه البنى بمثابة تذكير ملموس بالتراث الروحي الغني لتركيا وتزيد من جاذبيتها للمسلمين الغربيين؛ مما يسمح لهم بممارسة شعائر دينهم بشكل علني مع البقاء على اتصال بأسلوب حياتهم الغربي.

وتشارك لورين بوث، وهي كاتبة وناشطة بريطانية مسلمة، وجهة نظرها حول جاذبية تركيا بالقول: "إنها مزيج رائع من الثقافة الإسلامية والتركية؛ وهذا ما لا يصدق بالنسبة لي كأوروبية.. أستطيع أن أشعر بأنني في بيتي هنا كمسلمة وكأوروبية.

وتضيف: "بالنسبة لي، يبدو الأمر كما لو أن جانبين من حياتي متطابقان أخيرًا".

اقرأ أيضاً

أردوغان: حققنا حلم أربكان في تركيا.. وهذا ما قدمه الراحل للمسلمين

ويشير بوث أيضًا إلى الاتجاه المتزايد للعديد من المسلمين الذين ينجذبون إلى تركيا من دول مثل الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة، وتصف هذا بأنه "لقاء مهم يعد بجو مفعم بالأمل من الرخاء والوحدة".

وتشير إلى تجاربها في تركيا، وخاصة زياراتها للمساجد الكبرى، وأثرها في إعادة تقييم أفكارها حول الإمبراطورية العثمانية والشعب التركي، والاعتراف بأن فهمها السابق قد تأثر بالاستشراق المتمركز في الغرب.

وترى الكاتبة أن إغراء الراحة الغربية والطابع الإسلامي يجعل من تركيا وجهة مثالية للطلاب الغربيين الذين يدرسون الإسلام. ويجد الطلاب من دول مثل الولايات المتحدة مزيجًا من المجتمع المتقدم والحرية السياسية والقيم الإسلامية جذابًا بشكل خاص.

وتقدم المؤسسات التعليمية في تركيا برامج دراسات إسلامية شاملة تجتذب المتعطشين للمعرفة المتعمقة في علم الدين والتاريخ والفنون الجميلة الإسلامية والفقه. المسلمون الغربيون الذين يريدون معرفة المزيد عن عقيدتهم وتاريخهم وثقافتهم يستجيبون لنقاط الجذب هذه أيضًا.

اقرأ أيضاً

تركيا والدبلوماسية السياحية مع المسلمين

الروابط الأسرية والجسور الثقافية

تؤثر الروابط العائلية والتراث الثقافي على قرار المسلمين الغربيين بجعل تركيا وطنهم الجديد، وتوفر هذه الروابط محكًا مألوفًا في أرض أجنبية وتعزز الشعور بالمجتمع والدعم. إن وجود شبكات راسخة يمكن أن يسهل عملية الانتقال ويساعد القادمين الجدد على التنقل في حياتهم الجديدة في تركيا.

كما أن الانفتاح الاجتماعي في تركيا، والدفء والترحيب من جانب السكان المحليين، يوفر الراحة والشعور بالقبول للمسلمين الغربيين الذين يواجهون التمييز في بلدانهم الأصلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التنوع داخل مجتمعات المغتربين يخلق بيئة داعمة للوافدين الجدد الذين يبحثون عن الرفقة والتفاهم المتبادل حيث تعمل التجارب المشتركة على سد الاختلافات الثقافية.

وفي هذا السياق، يؤكد محمد طاهري، المقيم في تركيا منذ فترة طويلة والذي يقود مجتمعًا من المسلمين الغربيين، على جاذبية التنوع الإسلامي والحداثة في إسطنبول.

وعلى عكس الدول الإسلامية الأخرى ذات التسميات الاستقطابية، تتمتع تركيا بأجواء متناغمة، حيث تكون التسميات مثل "السلفية" أو "الصوفية" أقل أهمية، وتضيف سهولة سماع الأذان في الشارع ثم التسوق في مراكز التسوق المجهزة جيدًا إلى هذه التجربة الفريدة.

اقرأ أيضاً

تركيا تدعو فرنسا للتراجع عن مشروع قانون يستهدف الجالية المسلمة

المصدر | إزجي يارامان أوغلو/ بوليتيكس توداي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تركيا المسلمون الغرب اقرأ أیضا فی الغرب

إقرأ أيضاً:

ولاية في الهند تمنع المسلمين من حقهم الانتخابي

قبيل الانتخابات التشريعية في ولاية ماهاراشترا، وفي ثالث أكبر ولايات الهند، المقرر إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني، أصدرت إحدى القرى في منطقة كولهابور في ولاية ماهاراشترا قرارا غير دستوري يمنع المجتمع المسلم من التسجيل في قائمة الناخبين، حسبما ذكرت التقارير.

العودة إلى سيرتها الأولى.. انطلاقة جديدة لمجلة "منبر الإسلام" منتج فيلم "الملحد" يهاجم المنتقدين .. إحنا ناس مسلمين وموحدين بالله (فيديو)

 

 يمنع المجتمع المسلم من التسجيل في قائمة الناخبين

ونقلاً موقع "the new indian express" الهندي، قد تم إقرار القرار في 28 أغسطس، وتم الإعلان عنه رسميًا في 5 سبتمبر، وقد تم التوقيع عليه من قبل ساربانش راسيكا باتيل وينص على أن القرار تم اتخاذه بعد "مناقشة مفصلة"، وفقًا لـ The Wire.

ونص القرار على أنه لا ينبغي إدراج أسماء المسلمين الذين "وصلوا مؤخرًا إلى القرية" في قائمة الناخبين، كما أعلنت البانشيات أنها ستزيل أي أسماء من هذا القبيل إذا تم العثور عليها أثناء نشر قائمة الناخبين.

وقد أثار القرار غضبًا بين المنظمات الإسلامية المحلية التي قدمت شكوى رسمية إلى قاضي المنطقة تطالب بتقديم بلاغ ضد الساربانش وأعضاء البانشيات المعنيين. وقالت شركة كلاريون إنديا إن جمعية التعليم الإسلامي (MES) قدمت شكواها يوم الأحد تدين القرار باعتباره تمييزيًا وغير دستوري.

ردود فعل عنيفة

وردًا على ردود الفعل العنيفة، أصدرت رئيسة بلدية شانجانابور راسيكا باتيل بيانًا مصورًا، زعمت فيه أن القرار قد أسيء فهمه، وأوضحت: "قبل بضعة أسابيع، وصلت امرأتان مسلمتان "بنغلاديشيتان" إلى القرية ببطاقات "أدهار"، ويبدو أنهما تعيشان كمواطنتين هنديتين، وقد أثيرت القضية في مجلس القرية، وكان الهدف من هذا القرار معالجة هذا الوضع المحدد. ومع ذلك، يتم تصويره الآن بطريقة تهدد السلام والنظام في المجتمع".

كراهية الإسلام وإمكانية الخلاف الاجتماعي

على الرغم من التوضيح، تظل المنظمات الإسلامية مصرة على أن القرار غير دستوري وطالبت باتخاذ إجراءات قانونية فورية. أثار الحادث مخاوف بشأن الاتجاه المتزايد لكراهية الإسلام وإمكانية الخلاف الاجتماعي.

ومع استمرار القضية في التكشف، لم تتخذ السلطات بعد إجراءات رسمية ضد أعضاء البانشيات. كما أعرب القادة السياسيون والمجتمعيون المحليون عن قلقهم بشأن الوضع، وحثوا البانشيات على دعم الحقوق الدستورية لجميع المواطنين.

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر: القتال في شريعة الإسلام لا يباح للمسلمين إلا إذا كان لرد العدوان
  • ولاية في الهند تمنع المسلمين من حقهم الانتخابي
  • وزارة الخارجية عن طريق التنمية: سيكون ممراً آمناً لنقل البضائع اقليمياً
  • المصري يشكو حسام حسن في المحكمة الرياضية الدولية.. عاجل
  • رجب عبدالقادر: المصري سيتقدم بشكوى ضد حسام حسن في المحكمة الرياضية الدولية 
  • وزير الخارجية: طريق التنمية سيكون ممراً آمناً لنقل البضائع على المستوى الإقليمي
  • ديلور: “الذين لم يُؤمنوا بي منحوني قوّة سأضعها في خدمة المولودية”
  • أبرز النجوم الذين تعرضوا للنصب عن طريق المنتجين(تقرير)
  • رغم قلة أصواتهم.. المسلمون يدفعون بمرشحة ثالثة نحو الأضواء في الانتخابات الأميركية
  • الهاشمية.. التقديس والاحتلال الناعم للمسلمين (الحلقة الأخيرة)