لماذا ينظر المسلمون الغربيون إلى تركيا باعتبارها ملاذا آمنا؟
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
لقد ظهر اتجاه مثير للاهتمام بين المسلمين الغربيين، وهو أن عددا أكبر منهم ينتقل ويستقر في تركيا، وتهدف هذه الهجرة، إلى السماح لهم بممارسة الإسلام بشكل أكثر انفتاحًا ودون خوف أو قيود.
تتناول إزجي يارامان أوغلو بمقالها في "بوليتيكس توداي"، والذي ترجمه "الخليج الجديد"، الروابط التاريخية العميقة التي تربط تركيا بالعالم الإسلامي، وخاصة بالنسبة للمسلمين الغربيين الذين يبحثون عن مكان يمكن أن يمارسوا فيه دينهم بحرية.
ترى الكاتبة أنه في الماضي، كانت تركيا مركز الإمبراطورية العثمانية، وهي دولة قوية حكمت لأكثر من 600 عام، وغطت مناطق شاسعة عبر البلقان، وشمال أفريقيا، والشرق الأوسط.
ويمارس هذا الرابط التاريخي قوة جذب مغناطيسية على المسلمين الغربيين، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى التراث التركي، حيث أن دور تركيا في تاريخ الحضارة الإسلامية متجذر في وعيهم الجماعي.
تعتقد الكاتبة أن الدستور العلماني في تركيا، والذي يضمن الفصل الواضح بين شؤون الدولة والشؤون الدينية، قد خلق جواً من الحرية الدينية في العقدين الماضيين. وهذا الجو، جنبًا إلى جنب مع السكان ذوي الأغلبية المسلمة، يخلق بيئة مثالية لممارسة الإيمان دون عوائق.
تحديات كبيرة
وتشير الكاتبة إلى أنه في إحدى حلقات البودكاست "المسلم المفكر"، سلّط توماس عبدالقادر، المواطن الأمريكي والرئيس السابق لمجلس مسلمي إسطنبول، الضوء على الديناميكيات السياسية المتغيرة التي يعيشها المسلمون في العالم الغربي.
ويسلّط عبدالقادر الضوء على الطبيعة المعقدة للحياة في الغرب، حيث يواجه المسلمون تحديات مختلفة يوميًا، والتي غالبًا ما تجبرهم على السير على خط رفيع بخصوص تدينهم. وبالنسبة للكثيرين، قد يكون الجهد العقلي والطاقة العاطفية اللازمة للتنقل في هذه المياه المعقدة أمرًا مربكًا، خاصة في الأمور التي تبدو أساسية مثل تربية أطفالهم.
ووفقا للمقال، تؤكد ملاحظات عبدالقادر على نقطة مهمة؛ وهي أن المسلمين الذين يعيشون في الغرب غالبا ما يجدون أنفسهم عالقين في تعقيدات السياسة والحياة اليومية. وفي حين أن هذا قد يبدو مرهقًا، إلا أنه ليس نادرًا، بل هو تجربة مشتركة للمسلمين في الغرب.
اقرأ أيضاً
أردوغان يبحث مع وفد علماء المسلمين ظروف المهاجرين في تركيا
وفي تناقض صارخ، يشير عبدالقادر إلى أن هذا المستوى من التعقيد غائب بشكل ملحوظ في تركيا، حيث تبدو التحديات التي يواجهها المسلمون في الغرب أقل وضوحًا في السياق التركي، كما أن الحياة اليومية كمسلم أقل عبئًا بشكل ملحوظ. فالحياة الأكثر انسيابية وخالية من الأعباء تمنح المسلمين الأتراك إحساسًا بالسهولة والوضوح.
إن وجهة نظر عبدالقادر هي شهادة على جاذبية إسطنبول للمسلمين الغربيين، وتوفر نظرة ثاقبة للاتجاه المتزايد للمسلمين الغربيين الذين ينتقلون إلى تركيا.
التراث الإسلامي والمزايا الغربية
تشير الكاتبةإلى أنه مما يزيد جاذبية تركيا وجود العديد من المساجد والأضرحة والمعالم المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتاريخ الإسلامي.
وتعمل هذه البنى بمثابة تذكير ملموس بالتراث الروحي الغني لتركيا وتزيد من جاذبيتها للمسلمين الغربيين؛ مما يسمح لهم بممارسة شعائر دينهم بشكل علني مع البقاء على اتصال بأسلوب حياتهم الغربي.
وتشارك لورين بوث، وهي كاتبة وناشطة بريطانية مسلمة، وجهة نظرها حول جاذبية تركيا بالقول: "إنها مزيج رائع من الثقافة الإسلامية والتركية؛ وهذا ما لا يصدق بالنسبة لي كأوروبية.. أستطيع أن أشعر بأنني في بيتي هنا كمسلمة وكأوروبية.
وتضيف: "بالنسبة لي، يبدو الأمر كما لو أن جانبين من حياتي متطابقان أخيرًا".
اقرأ أيضاً
أردوغان: حققنا حلم أربكان في تركيا.. وهذا ما قدمه الراحل للمسلمين
ويشير بوث أيضًا إلى الاتجاه المتزايد للعديد من المسلمين الذين ينجذبون إلى تركيا من دول مثل الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة، وتصف هذا بأنه "لقاء مهم يعد بجو مفعم بالأمل من الرخاء والوحدة".
وتشير إلى تجاربها في تركيا، وخاصة زياراتها للمساجد الكبرى، وأثرها في إعادة تقييم أفكارها حول الإمبراطورية العثمانية والشعب التركي، والاعتراف بأن فهمها السابق قد تأثر بالاستشراق المتمركز في الغرب.
وترى الكاتبة أن إغراء الراحة الغربية والطابع الإسلامي يجعل من تركيا وجهة مثالية للطلاب الغربيين الذين يدرسون الإسلام. ويجد الطلاب من دول مثل الولايات المتحدة مزيجًا من المجتمع المتقدم والحرية السياسية والقيم الإسلامية جذابًا بشكل خاص.
وتقدم المؤسسات التعليمية في تركيا برامج دراسات إسلامية شاملة تجتذب المتعطشين للمعرفة المتعمقة في علم الدين والتاريخ والفنون الجميلة الإسلامية والفقه. المسلمون الغربيون الذين يريدون معرفة المزيد عن عقيدتهم وتاريخهم وثقافتهم يستجيبون لنقاط الجذب هذه أيضًا.
اقرأ أيضاً
تركيا والدبلوماسية السياحية مع المسلمين
الروابط الأسرية والجسور الثقافية
تؤثر الروابط العائلية والتراث الثقافي على قرار المسلمين الغربيين بجعل تركيا وطنهم الجديد، وتوفر هذه الروابط محكًا مألوفًا في أرض أجنبية وتعزز الشعور بالمجتمع والدعم. إن وجود شبكات راسخة يمكن أن يسهل عملية الانتقال ويساعد القادمين الجدد على التنقل في حياتهم الجديدة في تركيا.
كما أن الانفتاح الاجتماعي في تركيا، والدفء والترحيب من جانب السكان المحليين، يوفر الراحة والشعور بالقبول للمسلمين الغربيين الذين يواجهون التمييز في بلدانهم الأصلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التنوع داخل مجتمعات المغتربين يخلق بيئة داعمة للوافدين الجدد الذين يبحثون عن الرفقة والتفاهم المتبادل حيث تعمل التجارب المشتركة على سد الاختلافات الثقافية.
وفي هذا السياق، يؤكد محمد طاهري، المقيم في تركيا منذ فترة طويلة والذي يقود مجتمعًا من المسلمين الغربيين، على جاذبية التنوع الإسلامي والحداثة في إسطنبول.
وعلى عكس الدول الإسلامية الأخرى ذات التسميات الاستقطابية، تتمتع تركيا بأجواء متناغمة، حيث تكون التسميات مثل "السلفية" أو "الصوفية" أقل أهمية، وتضيف سهولة سماع الأذان في الشارع ثم التسوق في مراكز التسوق المجهزة جيدًا إلى هذه التجربة الفريدة.
اقرأ أيضاً
تركيا تدعو فرنسا للتراجع عن مشروع قانون يستهدف الجالية المسلمة
المصدر | إزجي يارامان أوغلو/ بوليتيكس توداي – ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تركيا المسلمون الغرب اقرأ أیضا فی الغرب
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر يترأس الاجتماع الثامن عشر لمجلس حكماء المسلمين
عقد مجلس حكماء المسلمين اجتماعَه الثامن عشر، برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، وبحضور أعضاء المجلس.
ودُعِيَ إلى الاجتماع الذي عقد في العاصمة البحرينيَّة المنامة، نخبة من كبار العلماء والمرجعيات الدينية من المذاهب الإسلامية المختلفة حول العالم، وذلك لدراسة قضايا الحوار الإسلامي الإسلامي، في ظل التحديات التي تواجه الأمة اليوم، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وأجمع المشاركون على رفض محاولات التهجير كافَّة التي تستهدف تصفية القضيَّة الفلسطينيَّة، وعلى تأكيد دعم الموقف العربي والإسلامي الرافض لهذه المحاولات.
وحيا المجتمعون صمود الشعب الفلسطيني وتشبثه البطولي بأرضه وتراب وطنه، في ظل عدوان لا يعلم قيمةَ الأرض والانتماء للوطن وفداءه، مؤكِّدين أنَّ السبيل الوحيد لاستنهاض إمكانات الأمة في مواجهة هذه التحديات هو وحدة الصف والانطلاق من المشتركات الجامعة في مواجهة الأخطار المحدِقة التي تهددها في أماكن كثيرة.
أخبار ذات صلةوأعرب المجتمعون عن تأييدهم وتبنيهم الكامل ودعمهم لمخرجات مؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي، وما تضمَّنه ميثاق «نداء أهل القبلة» الَّذي صدرَ عن هذا المؤتمر المهم، والذي يُقدم لعالم المسلمين رؤية مستقبليَّة متكاملة لمنطلقات الحوار الإسلامي، وأولوياته وقضاياه الملحة خلال المرحلة القادمة من أجل تحقيق الأخوَّة الإسلامية بين مكوِّنات الأمة في ظل أجواء يسودها التفاهم والاحترام المتبادل ووقف أشكال السب وخطابات الكراهية والتكفير كافة.
وانطلاقًا من هذا النداء، قرَّر العلماء المشاركون مواصلة العمل الجماعي في مجال الحوار الإسلامي، من خلال تطبيق تلك الرؤى في مبادرات عملية، في مقدِّمتها تشكيل رابطة للحوار الإسلامي تضم ممثلينَ عن جميع المذاهب الإسلامية، لمتابعة تنفيذ توصيات المؤتمر، بالتشاور والتنسيق مع الشركاء من مدارس الفكر الإسلامي في كل أنحاء العالم، مؤكِّدين دعمهم الكامل لمؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي المزمع عقدُه في الأزهر الشريف في جمهوريَّة مصر العربية العام المقبل.
كما ناقش المجتمعون إيجابيَّات الذكاء الاصطناعي وسلبياته على منظومة القيم والأخلاق، وضرورة أن يواكب هذا التطور ميثاق أخلاق مواز يحكم عمل القائمين على هذه الأدوات التكنولوجية، ويرشد مستخدميها إلى السبيل الأمثل للاستفادة منها بشكل إيجابي، مؤكِّدين ضرورة مبادرة المؤسسات الإسلامية وتضافر جهود علماء المسلمين للاستفادة منها وتوظيفها بما يخدم التواصل الفعال مع الأجيال النَّاشئة والشباب، خاصةً فيما يتعلق بالحصول على المعلومات الدينية الصَّحيحة والفتاوى السَّليمة.
وقدَّمَ المجتمعون الشكر إلى دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة على الدعم الدائم لجهود مجلس حكماء المسلمين العالمية في خدمة السَّلام وتعزيز الأخوَّة الإسلاميَّة والتعايش الإنساني.