احتفلت الكنائس اليوم الثلاثاء، بمناسبة رأس السنة القبطية وبدء تقويم العام الجديد ويعرف كنسيًا بـ"عيد النيروز أو عيد الشهداء"،  ذلك بصلوات القداس الإلهي بمختلف الإيبارشيات المصرية ويستمر في الإحتفال لمدة 17 يومًا يختتم بـ"عيد الصليب"  المقرر في 27 سبتمبر الجاري.  

 

كهنة كنيسة مارمينا بفلمنج يترأسون "رأس السنة القبطية" كهنة كنيسة مارجرجس بشبرا مصر يترأسون "عيد النيروز"

تستمر احتفالات الأقباط 17 يومًا، بما يعرف بـ"أعياد سيدية" تبدأ من يوم النيروز حتى عيد الصليب، متبعين بعض الطقوس التي تندرج ضمن المظاهر الاحتفالية  من أشهرها بـ"الطقس الفريحي" الذي يرجع استخدامه في هذه المناسبة إلى أكثر من ثلاثة قرون حسب ماذًكر في المخطوطات المحفوظة من القديس الأنبا أنطونيوس وداخل دير المحرق والمخطوطات المحفوظة في مكتبة فيينا قادمة من دير الانبا بيشوي بوادي النطرون".

 

سبب شهرة النيروز بـ"عيد الشهداء"

يستقبل الأقباط العام الجديد بشهر "توت" وهو بداية  موسم الفيضان في مصر القديمة لذا تعرف أيضًا بـ"راس السنة المصرية"، وتُوفي وتُكرم الكنيسة القبطية كل من رحل في سبيل المسيحية وخصصت تقويمًا خاصًا يحمل إسم "الشهداء"، وامتزج النيروز بالمصري القديم باعتباره مثال حي للحفاظ على التقويم لدى المصريين والتي كانت متعلقة بفيضان النيل وبدء مواسم الزراعة، وأعادت المصادر التاريخية  السبب في تلقيب الكنيسة المصرية بـ"الشهداء" وتخصيص تقويمًا لهم يرتبط ببدء العام المصري القديم، إلى عصر الإمبراطور الروماني "دقلديانوس"، الذي تولى عام282 بالتزامن مع عام "4525 توتية حسب التاريخ الفرعوني" جعلته الكنيسة هو العام القبطي الأول.

 ولعل السبب وراء هذا التخصيص يمكن في شهرة " دقلديانوس" ببغض الإيمان بغير الأوثان وعرف حكمه لدى الأقباط بـ"مرحلة الظلام" باعتبارها أقصى العصور التي شهدت فيه الكنيسة إضطهادًا للمسيحية ووصل عدد الشهداء بالكنيسة المصرية ما يقرب من 840 ألف "بحسب المراجع القبطية"، ذلك بعدما تحولت سياسته في أواخر حكمه وأصدر أربعة مراسم تنص على رفض الإيمان المسيحي وهدم الكنائس وحرق الأناجيل. 

 النيروز وعلاقته برأس السنة المصرية 

تأخذ  رأس السنة القبطية  عدة تعريفات وتشتهر كنسيًا بـ"عيد النيروز" وهى كلمة تعني "العيد" في اللغة السريانية، وباللغة القبطية تعني "الأنهار"، وتعكس مدى ترابط وإتصاق العلاقة بين الحضارتي الفرعونية والقبطية.  

الجوافة والبلح الأحمر..أشهر أطعمة الأقباط في النيروز

تغيرت مظاهر الاحتفال فى هذا اليوم على مر الأعوام، فكانت قديمًا تتوافد العائلات إلى مواضع أجساد الشهداء المدوفنه في بلدتهم، حتى بدأت تستضيف الكنائس الترانيم والألحان والمظاهر الإيمانية المختلفة، بالإضافة إلى انتشار الأطعمة وتوزيع "الجوافة والبلح الأحمر" على بعضهم البعض بمناسبة النيروز. 

ارتبط هذا العيد ارتباط وثيق ببعض الأطعمة  التي تحمل رموزًا معنويه وتوارثتها الأجيال المتعاقبة، ومن أبرزهم فاكهة "الجوافة والبلح الأحمر"، وتأخذ الكنيسة  فاكهة "الجوافة"  في لونها الأبيض وبذوزها الكثيرة إلى لسيرة الشهداء وعددهم، وعرفت قديمًا لدى الأقباط أنها فاكهه  مباركة ومحببة  بسبب رسم الصليب في داخلها حين تُقطع من المنتصف. 

وتأخذ الكنيسة البلح الأحمر أيضًا رمزًا  لدماء الشهداء  في عهد "دقلديانوس"، وتعتبر اللون الأبيض من الداخل هى سيرتهم، أما "النواة" فهي تعكس مدى صلابتهم أمام الإضطهاد الذي اعترض إيمانهم، وتردد الكنائس القبطية حفل النيروز ترنيمة شهيرة وهى "يابلح لونك أحمر، دم غزير روى أرضنا رى، دم كريم دم الشهداء، يابلح قلبك أبيض زى قلب نظيف بيضوي ضوي قلب جريء قلب الشهداء، يابلح بذرك ناشف زى الإيمان الصلب الحى". 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الكنائس عيد النيروز عيد الشهداء الكنيسة القبطية رأس السنة القبطية عيد رأس السنة القبطية

إقرأ أيضاً:

ذكرى رحيل البابا شنودة الثالث.. حكيم الكنيسة وصوت الوطنية

في السابع عشر من مارس 2012، رحل عن عالمنا البابا شنودة الثالث، البطريرك الـ117 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تاركًا خلفه إرثًا من الحكمة والوطنية والمواقف الحاسمة التي جعلت منه أحد أبرز الشخصيات الدينية والسياسية في تاريخ مصر الحديث. لم يكن مجرد قائد روحي، بل كان مفكرًا ومثقفًا وصاحب رؤية، لعب دورًا محوريًا في الحياة السياسية والاجتماعية على مدار عقود.

وُلد البابا شنودة الثالث، واسمه الحقيقي نظير جيد روفائيل، في 3 أغسطس 1923، بقرية سلام بمحافظة أسيوط. فقد والدته وهو طفل صغير، وانتقل مع أسرته إلى القاهرة، حيث تلقى تعليمه الأولي، ثم التحق بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا)، ودرس التاريخ وتخرج عام 1947. كان منذ صغره محبًا للعلم والأدب، فاهتم بالشعر والكتابة، حتى أصبح واحدًا من أبرز الشعراء المسيحيين في القرن العشرين. كما عمل مدرسًا للغة العربية والتاريخ، ثم اتجه للصحافة، حيث تولى تحرير مجلة "مدارس الأحد"، وهي المجلة التي كانت منبرًا لفكر التجديد في الكنيسة القبطية.

البابا شنودة الثالث

كان نظير جيد مهتمًا بالقضايا الوطنية والسياسية، وتأثر بشخصية مكرم عبيد، الذي كان أحد رموز الحركة الوطنية وقياديًا بارزًا في حزب الوفد.كان يرى فيه نموذجًا للسياسي الوطني الذي يسعى لخدمة بلاده بعيدًا عن المصالح الضيقة، كما أعجب بأفكاره حول الوحدة الوطنية وأهمية التكاتف بين المسلمين والمسيحيين من أجل نهضة مصر. انعكس هذا الاهتمام على مواقفه لاحقًا كبطريرك للكنيسة، حيث كان دائم التأكيد على أن الأقباط جزء لا يتجزأ من نسيج الوطن، وأن الكنيسة ليست كيانًا منعزلًا عن قضايا الأمة.

قبل أن يدخل الرهبنة، التحق نظير جيد بالجيش المصري وأدى الخدمة العسكرية، وكان ضابطًا احتياطيًا في سلاح المشاة. ورغم أن فترة خدمته لم تكن طويلة، فإنها أسهمت في تشكيل وعيه الوطني. وعندما اندلعت حرب أكتوبر 1973، لعب البابا شنودة الثالث دورًا مهمًا في دعم المجهود الحربي، إذ حث الأقباط على المشاركة الفاعلة في الجيش والتبرع لصالح القوات المسلحة، مؤكدًا أن المعركة معركة كل مصري وطني.

البابا شنودة

في عام 1954، قرر نظير جيد أن يترك الحياة المدنية ويتفرغ للروحانية، فالتحق بدير السريان بوادي النطرون، وأصبح الراهب أنطونيوس السرياني. وفي عام 1962، اختاره البابا كيرلس السادس ليكون أسقفًا للتعليم، ومن هنا بدأ رحلته الحقيقية في نهضة الكنيسة، حيث كرّس جهوده لإعادة إحياء التعليم الكنسي ونشر الفكر الديني المستنير.

في 14 نوفمبر 1971، تم تنصيب البابا شنودة الثالث بطريركًا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية. منذ اللحظة الأولى، حمل على عاتقه مسؤولية الدفاع عن حقوق الأقباط، لكنه كان يرى أن الحل يكمن في الوحدة الوطنية وليس في الانفصال أو العزلة. كان للبابا شنودة مواقف سياسية جريئة، أبرزها رفضه اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، حيث اعتبرها اتفاقية لا تحقق العدالة للفلسطينيين، وأعلن موقفه الرافض للتطبيع مع إسرائيل، قائلًا: "لن ندخل القدس إلا مع إخوتنا المسلمين". هذا الموقف دفع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إلى وصفه بأنه "البابا العربي المدافع عن القضية الفلسطينية"، وأكد أن "موقفه المشرف كان نموذجًا للوطنية الصادقة التي لا تفرّق بين مسلم ومسيحي".

البابا شنودة الثالث يتأمل في صورة الشيخ الشعرواي خلال إحدى زياراته

كما أشاد به العديد من القادة العرب، حيث قال الرئيس السوري بشار الأسد إن "البابا شنودة كان صوتًا عاقلًا في زمن الأزمات"، بينما وصفه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بأنه "رجل الحكمة الذي عمل دائمًا على تعزيز التفاهم بين الشعوب". أما الشيخ خليفة بن زايد، رئيس دولة الإمارات آنذاك، فقد قال عنه: "كان نموذجًا لرجل الدين الذي يدرك أن دوره يتجاوز حدود الكنيسة إلى خدمة مجتمعه ووطنه".

على المستوى الفكري والثقافي، كان البابا شنودة يحظى باحترام واسع بين المثقفين العرب. وصفه الكاتب محمد حسنين هيكل بأنه "رجل دولة بحكمة كاهن"، فيما قال عنه جمال الغيطاني إنه "كان شخصية تاريخية لعبت دورًا محوريًا في الدفاع عن الهوية المصرية". أما فرج فودة، فقد أشاد بموقفه الرافض للانعزال الطائفي، ورأى فيه نموذجًا لرجل الدين المستنير.

عاصر البابا شنودة اندلاع ثورة 25 يناير 2011، وكان يدعو دائمًا إلى الاستقرار والحوار الوطني. كان يدرك أن مصر ستواجه تحديات كبيرة بعد الثورة، وكان يخشى من تصاعد الفتن الطائفية، لكنه ظل مؤمنًا بأن وحدة المصريين قادرة على تجاوز الأزمات. في 17 مارس 2012، رحل البابا شنودة الثالث بعد صراع مع المرض، مخلفًا وراءه إرثًا روحيًا وفكريًا ووطنيًا لا يُنسى. شيّعه الملايين في جنازة مهيبة، ودفن في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، حيث كان يقضي سنوات نفيه الإجباري.

البابا شنودة

كان البابا شنودة كاتبًا غزير الإنتاج، ومن أهم كتبه: "كلمة منفعة"، "الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي"، "الحب المسيحي"، "معالم الطريق الروحي"، و"بدعة الخلاص في لحظة". رحل البابا شنودة، لكنه بقي في ذاكرة المصريين والعرب رمزًا للوطنية والحكمة، ورجلًا لم يخشَ قول الحق مهما كلفه الأمر.

نشر موائد الرحمن بالكنائس.. محطات في حياة البابا شنودة الثالث في ذكرى رحيله

في ذكرى وفاته.. مقولات البابا شنودة الثالث التي دخلت قلوب المصريين

في ذكرى رحيل البابا شنودة الثالث.. كيف كانت حياة «معلم الأجيال»؟

مقالات مشابهة

  • هذه قيمة زكاة الفطر لهذه السنة
  • البابا تواضروس يدعو كنائس العالم بتوحيد احتفال عيد القيامة وفق الكنيسة القبطية
  • ذكرى رحيل البابا شنودة الثالث.. حكيم الكنيسة وصوت الوطنية
  • الصراع بين الكنيسة المصرية ومخطط الشرق الأوسط الجديد
  • اللجنة الأسقفية للتعليم المسيحي تهنئ بطريرك الأقباط الكاثوليك بالذكرى 12 للتنصيب البطريركي
  • خدمات تعليمية وتنموية للكنيسة القبطية في نيبال.. صور
  • مدحت الكمار: الدولة المصرية تقدر تضحيات أبنائها
  • خدمات تعليمية وتنموية للكنيسة القبطية في نيبال
  • الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تشارك بإفطار السفارة المصرية بروما
  • استشاري تغذية: الهرمون الموجود بأدوية التخسيس هنلاقيه في البلح