نزع قائد الانقلاب في السودان، الجنرال عبد الفتاح البرهان، ثوب الشرعية عن قوات الدعم السريع شبه العسكرية، ما يطرح تساؤلات عديدة عن قدرة القرار في إحداث اختراق في حلحلة المشهد المعقد، وآثاره على الوضع في الميدان، وليس نهاية بسؤال هل سيفاوض الجيش كياناً لا يعترف بوجوده؟. 

الخرطوم: التغيير

بعد  أشهر من اندلاع الحرب بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، اتخذ رئيس مجلس السيادة الانقلابي، قائد الجيش، الجنرال عبد الفتاح البرهان، قراراً سيادياً بحل قوات الدعم السريع وإلغاء قانونها المجاز في 2017 من قبل حكومة المعزول عمر البشير، مع إلغاء التعديل الذي أجراه –البرهان- بنفسه في العام 2019 ومنح القوات استقلالية كاملة عن الجيش.

نقل ميدان المعركة

الوضع الميداني العسكري في الحرب التي تقارب من شهرها السادس؛ لا يزال تشوبه حالة من الضبابية، جراء عجز كل طرف في إنفاذ تهديداته بالحسم العسكري.
وفي ظل وضع شديد الحركية والديناميكية، تقول معظم المشاهدات بانتشار قوات الدعم السريع في معظم أحياء العاصمة الخرطوم، مع امتدادات نواحي ولايات جديدة، لم تكن ضمن ساحة المعركة السابقة، مثل الجزيرة، جنوبيّ العاصمة.

توقيت القرار

القرار الذي جاء متأخراً وعقب 5 أشهر منذ اندلاع الحرب؛ أثار تساؤلات بشأن قدرة الجيش على تحقيق انتصار فعلي في ميدان المعركة، ما جدا البرهان إلى نقل ساحة المعركة إلى سؤال الشرعية، مستفيدا من الضوء الأخضر الذي منحته له الحكومة الأمريكية بتوقيع عقوبات على بعض قيادات الدعم السريع شملت قائد ثاني القوات، الجنرال عبد الرحيم دقلو.

تأثيرات ونتائج

قرارات حل الدعم السريع وتعديل قانونه، وصفها أستاذ السياسة العامة والإدارة بجامعة (لونق ايلند)، بكري الجاك بأنها بلا قيمة. مضيفاً: “ليس بمقدور الجيش حلها بالحرب، وإلا كان قد فعل”.

اتفق مع الجاك في عدم جدوى القرار؛ مدير مركز الخاتم عدلان، الباقر العفيف، الذي زاد على ذلك بأن البرهان لا يملك أي شيء لتحريك الميدان، فاتخذ قراره بحل الدعم السريع، مذكراً بأنه قرار تم اتخاذه من قبل.
وأكد العفيف على أن “ورقة” تحمل توقيع البرهان بقرار الحل تمثل حالة خداع للنفس والعالم، مؤكداً ضرورة امتلاك الجيش قدرة هزيمة الدعم السريع على الأرض. وزاد: “هذا هو الحل”.

على أرض الميدان

تساؤل آخر يجول في الأذهان حول تأثير هذا القرار على أرض المعركة، وإمكانية إنفاذه.
يؤكد العفيف عدم تأثيره القرار على الميدان، وعلل رؤيته بضرورة وجود قوة لإنفاذ القانون، الذي يبدو أنه في “النزع الأخير”، في ظل حالة اللادولة التي تعيشها البلاد منذ منتصف أبريل الماضي.
وتابع العفيف: “الدولة الموجودة حالياً هي دولة الكيزان الذين يستخدمون سخائم نفوسهم وانتقاماتهم الصغيرة ضد من لا يحبون، وحادثة جواز ابنة القيادي بالحرية والتغيير طه عثمان أكبر دليل”!
وأضاف مدير مركز الخاتم عدلان: “كان على البرهان أن يلتزم فضيلة الصمت بدلاً عن قراره الذي أثار السخرية”.

الحافر على الحافر

ضم الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير، جعفر حسن، صوته لصوت العفيف حول عدم تأثير القرار ميدانياً، مؤكدا أن الطرفين اتخذا قرار خوض الحرب، وأضاف: “هذا ما يقومان به حالياً”.
طاولة التفاوض
سمت معظم المبادرات التي انطلقت إقليميا ودولياً المتحاربين في السودان بـ”طرفي النزاع”، وهو الأمر الذي اعترضت عليه بصورة متكررة الخارجية السودانية والجيش مطالبين الجميع بالتعامل مع قوات الدعم السريع باعتبارها قوات متمردة.
وقبيل القرار؛ كان الدعم السريع يستمد شرعيته من القانون المجاز بالبرلمان الذي جعلها تابعة للجيش السوداني؛ إلى جانب الاستقلالية الكاملة التي منحها له قرار “البرهان” بالتعديلات التي قام بها  على قانون العام 2019، بمنحها صفة الاستقلالية والتبعية لقائدها محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
وكان نص المادة 5 التي لغاها البرهان تنص على تبعية الدعم السريع للقوات المسلحة وتأتمر بأمر القائد الأعلى للجيش.

ما يريده الجنرال

نزع الشرعية عن الدعم السريع هو مقصد قرار البرهان وفق الجاك، الذي قال إنه نقل القوة من كونها قوات نظامية متمردة إلى قوات “خارج القانون” وبات يمكن وصفها بالمليشيات.
وأكد أستاذ السياسة العامة والإدارة بالجامعات الأمريكية بأن هذا القرار يجب أن يغير من الطريقة التي تمثل بها قوات الدعم السريع في المفاوضات، مستدركا: “مع العلم أن الوسطاء كانوا يتعاملون مع ممثلي القوات المسلحة كـ”قادة للجيش” لا كقادة حكوميين.
وأعرب الجاك عن تخوفه من أن يعقد قرار البرهان المشهد في عملية التفاوض، مؤكدا أن أزمة التفاوض الحقيقية تكمن في أن جميع الوسطاء لا يملكون تصورا واضحا لأي عملية سياسية.

العسكر للثكنات

من جانبه، أكد الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير، جعفر حسن على وجود تصور واضح للواقع السياسي بعد انتهاء مفاوضات إيقاف الحرب، يتمثل في عودة العسكر للثكنات والبعد عن العمل السياسي. مؤكداً في الوقت نفسه على ضرورة بناء جيش قومي ومهني.
وحول تأثير قرار البرهان على مسار التفاوض، يرى حسن أن الحديث حول منبر جدة، غض النظر عن قرار البرهان يدفع للتساؤل: هل يوجد خصم أم لا؟ هل ستتفاوض معه أم لا؟
حتمية المضي في هذا الاتجاه جعلت القيادي بالحرية والتغيير يؤكد على عدم تأثير قرار حل الدعم السريع على مسار التفاوض.
وقال حسن لـ(التغيير): إذا كان القرار يعني “عدم الاعتراف” فهو متبادل بدليل أنهم يتقاتلون حالياً.
من جهته قطع مدير مركز الخاتم عدلان، الباقر العفيف بأن التأثير على المفاوضات يصنعه الطرف الذي يحاصر الآخر، ويقطع خطوط إمداد الآخر ومن يستلم الأرض ويقرر فيها، هذا ما يؤثر على المفاوضات.

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع قرار البرهان

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يعلن تطهير الخرطوم ويقصف الدعم السريع بالفاشر

أعلن الجيش السوداني اليوم الجمعة أنه شن قصفا جويا على تجمعات قوات الدعم السريع في الفاشر، مؤكدا أنه سيطر على العاصمة الخرطوم بشكل كامل.

وقال الجيش إن طائراته أغارت على تجمعات وآليات "لمليشيا الدعم السريع" على تخوم الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

وأعلن سقوط عناصر من مليشيا الدعم السريع بين قتيل وجريح وتدمير مركبات وشاحنات تابعة لها في كمين بالفاشر.

وفي السياق ذاته، جدد الجيش إعلان سيطرته بالكامل على العاصمة الخرطوم بعد أيام من استعادته القصر الرئاسي والمراكز الحيوية.

وقال المتحدث باسم الجيش نبيل عبد الله "تمكنت قواتنا اليوم من تطهير آخر جيوب لشراذم مليشيا آل دقلو الإرهابية بمحلية الخرطوم".

وأشار البيان إلى أن مليشيا الدعم السريع تروج إلى إشاعة انسحابها من الخرطوم نتيجة لاتفاق مع الحكومة السودانية، نافيا ذلك.

وأضاف أن هذه الإشاعة يفضحها "هروبهم المخزي أمام قواتنا الظافرة وتركهم قتلاهم ومعداتهم في ميادين القتال بمختلف المواقع".

ولم تعلق قوات الدعم السريع فورا على بيان الجيش السوداني.

سودانيون يحتفلون بسيطرة الجيش على العاصمة الخرطوم (الفرنسية) مكاسب متتالية

وخلال الأيام الأخيرة واصل الجيش السوداني تقدمه في الخرطوم واستعاد السيطرة على المطار ومقرات أمنية وعسكرية وأحياء عدة شرق وجنوب العاصمة للمرة الأولى منذ أبريل/نيسان 2023.

إعلان

وفرض الجيش سيطرته على معظم مباني الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة وسط الخرطوم ومنطقة المقرن.

ومنذ أبريل/نيسان 2023 يخوص الجيش وقوات الدعم السريع حربا أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء نحو 15 مليونا آخرين، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

وفي الآونة الأخيرة، تسارعت وتيرة تراجع قوات الدعم السريع في ولايات عدة، منها الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض وشمال كردفان وسنار والنيل الأزرق.

ومن أصل 18 ولاية تسيطر قوات الدعم السريع فقط على جيوب غرب وجنوب مدينة أم درمان غربي الخرطوم وأجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان، إلى جانب 4 ولايات في إقليم دارفور.

مقالات مشابهة

  • البرهان: لا مصالحة مع "الدعم السريع".. وحميدتي: الحرب لم تنته بعد
  • البرهان: السلام ممكن إذا وضعت قوات الدعم السريع سلاحها
  • البرهان: الجيش السوداني لن يتراجع عن هزيمة وسحق الدعم السريع
  • البرهان يمنح فرصة أخيرة لـ” الدعم السريع”.. إلقاء السلاح أو على الباغي ستدور الدوائر
  • كيف جهّزت قوات الدعم السريع للحرب قبل اندلاعها؟
  • استعادة الجيش للخرطوم هل تكشف حالة «الإنهاك» في صفوف الدعم السريع؟
  • الجيش السوداني يضع يده على أحدث منظومة جوي تركتها قوات الدعم السريع
  • أسرى يكشفون عن ترحيل الدعم السريع لـ «200» من ضباط الجيش إلى دارفور
  • الجيش السوداني يقضي على آخر خلايا الدعم السريع
  • الجيش السوداني يعلن تطهير الخرطوم ويقصف الدعم السريع بالفاشر