عدن الغد:
2024-12-23@09:16:11 GMT

الأزمة اليمنية.. بين المراوحة السياسية والعسكرية

تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT

الأزمة اليمنية.. بين المراوحة السياسية والعسكرية

(عدن الغد) العربي الجديد:

حالة من المراوحة السياسية والعسكرية يعيشها اليمن، منذ الإعلان عن هدنة برعاية أممية في إبريل/نيسان 2022، أفضت بالبلد إلى حالة من اللاسلم واللاحرب، بالتزامن مع تهديدات للحوثيين، بين الحين والآخر، بالتصعيد العسكري.

 

وعلى الرغم من انتهاء الهدنة في أكتوبر/تشرين الأول 2022 من دون تمديدها مرة أخرى، إلا أن العمل بقي سارياً بها بشكل غير رسمي، مع تسجيل خروقات، تحديداً على الجبهات الداخلية.

 

ومنذ ذلك الحين، يتحرك المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في أكثر من اتجاه، من أجل العمل على إحياء الهدنة، لكنه دائماً ما يصطدم بعقبات عدة.

 

ولم تكن زيارة غروندبرغ الأخيرة إلى اليمن، والتي شملت العاصمة المؤقتة عدن ومأرب من دون التوجه إلى صنعاء، إلا مؤشراً إضافياً على تعثر المشاورات التي يجريها، والتي تضم القوى الفاعلة في الملف اليمني، إذ سجلت له زيارات إلى الرياض وطهران ومسقط وأبوظبي.

 

واختتم غروندبرغ، قبل أيام، زيارة إلى أبوظبي، حيث التقى بعدد من كبار المسؤولين الإماراتيين ومجموعة من الفاعلين اليمنيين، كجزء من جهوده "المبذولة لتعزيز الحوار البنّاء مع الجهات اليمنية والإقليمية الفاعلة، لاستئناف عملية سياسية جامعة، بقيادة يمنية وبرعاية الأمم المتحدة" على حد تعبير بيان صادر عن مكتبه.

 

ربط الحوثيون التفاوض بمعالجة الملفات الإنسانية

كما تنخرط سلطنة عُمان في جهود الوساطة لاستئناف العملية التفاوضية، والتي يربطها الحوثيون بـ"معالجة الملفات الإنسانية"، وتحديداً ملف الرواتب للموظفين الحكوميين في مناطق خاضعة لسيطرة الجماعة، التي تمتنع عن صرفها لهم رغم الإيرادات الكبيرة التي تجبيها، وتريد أن يكون صرفها من عائدات النفط والغاز، أو أن تدفعها السعودية.

 

ولم تسفر الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد من السلطنة إلى صنعاء في أغسطس/آب الماضي عن اختراق في المحادثات. كذلك ينخرط المبعوث الأميركي لليمن تيم ليندركينغ في محاولات الدفع بإطلاق عملية سياسية شاملة بوساطة الأمم المتحدة.

 

وفي موازاة التعثر السياسي، تغير مسار المعارك العسكرية، على مدى السنوات الماضية، ما أدى إلى تقاسم السيطرة بين طرفي النزاع. فمع بدء العمليات العسكرية، التي شنها التحالف لاستعادة الشرعية، نهاية مارس/آذار 2015، تشكلت مجاميع مسلحة للمقاومة الشعبية، عملت جنباً إلى جنب مع الألوية العسكرية التي ناصرت الشرعية، وشكلت نواة الجيش الوطني.

 

وخلال العمليات المسلحة في 2015 و2016، نجحت المقاومة الشعبية والجيش الوطني في تحرير المحافظات الجنوبية ومأرب والجوف وجزءاً من محافظة تعز. كما نجحت القوات التابعة للحكومة في الوصول إلى جبهة نهم في محافظة صنعاء، والتي تبعد 60 كيلومتراً عن العاصمة صنعاء.

 

في 2 ديسمبر/كانون الأول 2017، انشق الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح عن تحالفه مع الحوثيين، لتقوم الجماعة بإطباق الحصار عليه في منزله وسط العاصمة صنعاء، في معارك عنيفة، انتهت بمقتل صالح في 4 ديسمبر، لينتج عن ذلك تشكيل ما بات يعرف بالقوات المشتركة، والتي تألفت من ثلاثة تشكيلات، هي "حراس الجمهورية" أو "المقاومة الوطنية"، و"ألوية العمالقة"، و"الألوية التهامية"، والتي اتخذت من الساحل الغربي مقراً لها.

 

ضغط أممي لوقف معارك الحديدة

في 2018 نجحت القوات المشتركة في تحرير مديريات تعز الساحلية، وفي مقدمتها باب المندب والمخا، بالإضافة إلى عدد من مديريات محافظة الحديدة غربي البلاد. كما سيطرت على عدد من المناطق داخل مدينة الحديدة، حيث بات يفصلها عن السيطرة على ميناء الحديدة ثلاثة كيلومترات فقط، لتتحرك الأمم المتحدة والدول الغربية وتضغط من أجل إيقاف العمليات العسكرية، ورعاية مفاوضات بين الأطراف في السويد، أفضت إلى توقيع اتفاق استوكهولم.

 

ووافق طرفا النزاع على اتفاق استوكهولم، نتيجة الضغوط التي مورست عليهما. فالحوثيون كانوا تحت ضغط عسكري غير مسبوق من قبل القوات الحكومية، التي كادت أن تسيطر على موانئ الحديدة الثلاثة، الحديدة، والصليف، ورأس عيسى، وقوات الحكومة كانت تحت ضغط الأمم المتحدة والدول الغربية، وفي مقدمتها أميركا، التي طالبت بإيقاف العمليات العسكرية في الحديدة.

 

وفي 13 ديسمبر 2018 تم التوقيع بين الحكومة والحوثيين على اتفاق استوكهولم، أو ما يعرف باتفاق الحديدة، برعاية أممية. ونص الاتفاق على عقد هدنة في محافظة الحديدة، وانسحاب الحوثيين من مدينة الحديدة والموانئ الثلاثة في المحافظة، وانسحاب القوات الحكومية من المدينة، على أن يتم تسليم مهمة الحفاظ على الأمن في المدينة والموانئ إلى قوات خفر السواحل والأمن المحلية، التي كانت منتشرة هناك في عام 2014.

 

وعقب اتفاق استوكهولم تحولت القوات الحكومية من الهجوم إلى الدفاع، واستعاد الحوثيون زمام المبادرة من خلال شن هجمات في أكثر من جبهة. وأبرز المعارك، التي نجح فيها الحوثيون في السيطرة على مواقع جديدة، هي معركة السيطرة على نهم والجوف ومديريات من مأرب مطلع عام 2020، حيث قاموا بتنفيذ هجمات، هي الأعنف، على مواقع الجيش من جميع الاتجاهات، بعد نجاحهم في اختراق شبكة الاتصالات اللاسلكية الخاصة بالجيش الوطني، وإصدار أوامر وهمية إليهم بالانسحاب من مواقعهم.

 

واستمرت محاولات الحوثيين الهادفة للسيطرة على ما تبقى من مديريات محافظة مأرب، الغنية بالنفط والغاز، من خلال شن هجمات مكثفة، غير أنهم فشلوا في ذلك، لتأتي هذه الهجمات بالتزامن مع شبه توقف لبقية الجبهات، خاصة مع توقيع اتفاق الهدنة في إبريل 2022، والذي جاء برعاية أممية، لتدخل البلاد في حالة من اللاسلم واللاحرب.

 

عام ونصف العام من اللاحرب واللاسلم في اليمن

وقال الكاتب والمحلل السياسي خالد بقلان، لـ"العربي الجديد"، إن "الجميع يدرك أن اليمن يعيش لأكثر من عام ونصف العام حالة من اللاحرب واللاسلم، وهذا له أسباب عدة، منها أن الملف تجاوز الإقليم - أي التحالف العربي - لأن الكثير من الجهات أو المنظمات وجدت مدخلاً للتربح من المساعدات وغيرها، ناهيك عن أن تفويت الفرص أهم سبب، لأنه كان بإمكان الشرعية حسم المعركة مبكراً، لكن الفساد وهيمنة طرف سياسي عليها، إلى جانب اتفاق استوكهولم أدى إلى منح الحوثي رئة ثالثة للتنفس".

 

ورأى بقلان أن "الشرعية قادرة على الحسم العسكري، خصوصاً في ظل الوضع الحالي الذي يعاني فيه الحوثيون من أزمة، وغضب شعبي واسع في مناطق نفوذهم، ومطالبات بالرواتب، وعدم قدرة على الحشد، وتغطية كافة المحاور في حال اتجهت الأمور للتصعيد". وأضاف: "أما عن جاهزية الشرعية للحسم، فإن هذا يعود لمن يقود اليوم دفّتها، إذا كان لديه قرار ذاتي، يمكننا القول إن الجاهزية في أعلى مستوياتها".

 

وأشار بقلان إلى أن "ما يمنع اتخاذ القرار بحسم المعركة عسكرياً هو جهات إقليمية ودولية فاعلة، ترى أن الفعل السياسي والتفاوض هو الحل، وهذه من الضغوط التي تواجهها الشرعية من قبل الأمم المتحدة وآخرين. لكن هذا لا يعني التسليم بها، ويراها الكثير من ضمن المبررات، لكن من الواضح أن الشرعية أصبحت في موقف دفاعي، وهذا يعني أن قرار الحرب والحسم ليس بيدها وحدها".

 

أسباب دخول اليمن مرحلة اللاسلم واللاحرب

من جهته، تطرّق المحلل العسكري العميد جمال الرباصي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى جملة أسباب تفسر الواقع الراهن، من بينها "الخلافات بين المكونات السياسية للشرعية"، إلى جانب "فشل وزارة الدفاع ورئاسة الأركان في لملمة المكونات العسكرية المختلفة"، وما أسماه "اختراق الانقلاب لرئاسة الأركان وقواتها"، فضلاً عن "طول فترة الصراع، وإنشاء قوات متنوعة الولاء للإقليم، ودخول الإقليم وصراعاته والأجندة الدولية المشبوهة، وإرهاق الطرفين المتحاربين".

 

واعتبر الرباصي أن "الشرعية ليست جاهزة للحسم العسكري. فمن شروط الجاهزية وحدة القيادة والسيطرة للقوات، وهذا غير متوفر بسبب تبعية القوات لقادتها ومموليها، مثلاً قوات الانتقالي، وقوات العمالقة، وقوات المقاومة الوطنية، وكذلك قوات وزارة الدفاع، وكل طرف له أجندته الخاصة".

 

وأشار الرباصي إلى أن "هناك مانعا محليا وإقليميا ودوليا من اتخاذ قرار الحسم العسكري". وأوضح أن "المانع المحلي أن هناك قوى لها نفوذ قوي داخل الشرعية لا ترغب في الحسم العسكري، وطرفا آخر غير مهتم، وأولوياته مختلفة عن الهم الوطني العام".

 

وأشار إلى أن "المانع الإقليمي أنه بعد ثماني سنوات من الفشل لا يرغب التحالف العربي في المزيد منه، وغير مستعد لتمويل معارك قادمة، ويسعى إلى حوار مع الآخر المنقلب لإبعاد دولته عن الأضرار، والتي وصلت إلى أراضيه ومصالحه الحيوية، والتخلص من الضغوط الدولية، بينما أطراف إقليمية أخرى سعيدة بما آل إليه الوضع في الميدان. وهناك أطراف دولية، لها أجندة واضحة في استمرار الوضع كما هو، وتسعى إلى تعليق المشهد اليمني، واستخدامه في أجندتها المحلية".

 

وبرأي الرباصي، فإن "معسكر الشرعية ممزق عسكرياً وأمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وقد أدى هذا إلى سخط شعبي صامت قابل للانفجار بسبب تدهور الأوضاع المعيشية للناس، والفساد والفشل في الخدمات العامة، وتدهور الأوضاع الأمنية والقضائية والصحية، وفشل مجلس القيادة الرئاسي في المهمة الأصعب، وهي توحيد القوات المسلحة تحت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة الأركان العامة، ومناطقها العسكرية ودوائرها".

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: الأمم المتحدة حالة من

إقرأ أيضاً:

زيارة أممية لمواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الإسرائيلي بميناء الحديدة

واطلع الفريق الأممي ومعه وزير النقل والأشغال العامة محمد عياش قحيم، وعضو الفريق الوطني بلجنة إعادة الانتشار اللواء محمد القادري، ورئيس مؤسسة موانئ البحر الأحمر زيد الوشلي، وضابط الارتباط بلجنة دعم اتفاق الحديدة، على الكرين العائم والكرينات الجسرية واللنشات البحرية الخاصة بقطر السفن، التي طالها القصف الإجرامي الذي أدى إلى خروج البعض منها عن الخدمة والغرق في البحر.

واستمع الفريق الأممي من المختصين في الميناء، إلى شرح حول هذه الجريمة وتبعاتها على الوضع التشغيلي للميناء، ومدى الالتزام بمعايير الأمم المتحدة والإجراءات المتعلقة بخلو الموانئ من أي مظاهر عسكرية، خصوصا وأنها تخضع للرقابة من قبل بعثة الأمم المتحدة، وثلاث دوريات ميدانية.

وأكد وزير النقل والأشغال أن القوانين والتشريعات الدولية المتصلة بهذا الجانب تجرم بشكل واضح استهداف المدنيين والمنشآت المدنية.

وطالب بعثة الأمم المتحدة بالاضطلاع بدورها ومسؤولياتها وفق قرار ومهام تشكيلها، وإدانة تكرار العدوان الإسرائيلي على موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، ورفع تقرير للبعثة عن حجم الأضرار والانتهاك السافر، الذي تعرضت له هذه المنشآت الحيوية.

كما أكد الوزير قحيم، أن الأمم المتحدة تتحمل المسؤولية الكاملة لعدم قيامها بدورها تجاه هذه التداعيات الكارثية، والأضرار التي تمس مصالح الشعب اليمني، كون هذه المرافق الحيوية منشآت مدنية تقدم خدماتها لملايين اليمنيين.

وأشار إلى أن الكيان الصهيوني المتغطرس، لم يراعِ أي معاهدة أو قاعدة من قواعد القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بعدوانه على شعوب المنطقة.

مقالات مشابهة

  • شاهد | ردود فعل الشارع العربي على المواقف اليمنية الشعبية والعسكرية
  • المتحدث العسكري: القوات البحرية توقع عقد اتفاق مع إدارة الهيدروجرافيا البحرية الفرنسية
  • فريق الأمم المتحدة يزور مواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الصهيوني بميناء الحديدة
  • بعثة الأمم المتحدة تزور مواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الإسرائيلي بميناء الحديدة
  • زيارة أممية لمواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الإسرائيلي بميناء الحديدة
  • مسير لطلاب مدرسة الهداية للعلوم الشرعية في الزيدية بالحديدة
  • خلال تدشينه استئناف العمل في ميناء الحديدة.. وزير النقل يؤكد: سنستهدف الصهاينة في مقراتهم الحيوية والعسكرية
  • كاميرون هدسون: لا يوجد مؤشرات تلوح في الآفق بشأن اتفاق للتهدئة في السودان
  • انقسام ليبي بشأن مبادرة المبعوثة الأممية لحل الأزمة السياسية
  • ما الذي يجري وراء الكواليس!!