خلافا لما حدث عقب توقيع اتفاقيات إبراهيم لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين في عام 2020، أعادت سياسات حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتطرفة السعودية إلى لجهة أكثر تأييدا لفلسطين وأصلحت علاقات دول عربية خليجية ذات أغلبية سُنية مع إيران ذات الأغلبية الشيعية.

تلك القراءة قدمها ماثيو بيتي، في تحليل بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي (Responsible Statecraft) ترجمه "الخلج الجديد"، مضيفا أنه خلال السنوات القليلة الماضية، انخرطت بعض ممالك الخليج في وضع إيران محل إسرائيل كـ"عدو رئيس للشعوب العربية".

وكثيرا ما اتهمت دول خليجية وأخرى إقليمية وغربية، في مقدمتها السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة، إيران بامتلاك أجندة شيعية توسعية في الشرق الأوسط والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، بينما تقول طهران إنها تلتزم بمبادئ حُسن الجوار.

وبالنظر إلى اعتماد مملكة البحرين الصغيرة على الدعم السعودي اقتصاديا وسياسيا، يرى مراقبون أن تطبيع المنامة مع تل أبيب تم بموافقة الرياض، وأن إسرائيل تعتبر التطبيع مع البحرين بوابة خلفية لتطبيع رسمي مأمول مع السعودية ذات المكانة المرموقة دينيا في العالمين العربي والإسلامي إلى جانب الإمكانيات الاقتصادية الهائلة.

وأضاف بيتي أن لدولا خليجية "قمعت النشاط المؤيد لفلسطين وروجت لصورة الفلسطينيين على أنهم  ناكرون للجميل، وتصاعدت أصوات الإعلاميين السعوديين والإماراتيين بشأن ما اعتبروه "خيانة" فلسطينية".

وأردف: "وعلى حد تعبير إحدى شخصيات المسلسلات التلفزيونية السعودية، فإن الفلسطيني ناكر للجميل ولا يقدر وقوفك إلى جانبه ويلعنك ليل نهار أكثر من الإسرائيليين.. ونظرا للرقابة الشديدة على الإعلام السعودي والإماراتي، فإن هذا التغيير في اللهجة يعكس السياسة الرسمية".

وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها. وتتواتر منذ أشهر تصريحات رسمية أمريكية وإسرائيلية، مقابل صمت رسمي سعودي، عن أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بادين تناقش صفقة ضخمة لتطبيع محتمل للعلاقات بين الرياض وتل أبيب.

اقرأ أيضاً

الرغبة في التطبيع السعودي الإسرائيلي تتجاوز التحديات.. فهل تنجح؟

لعبة جيوسياسية

و"في الأوقات التي أكدت فيها السلطات الإسرائيلية سيادتها بقوة على الأماكن الإسلامية المقدسة (في مدينة القدس الشرقية المحتلة)، وخاصة في ظل الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، عاد الخليج إلى لهجة أكثر تأييدا لفلسطين"، كما تابع بيتي.

ومنذ 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تتولى حكومة نتنياهو الائتلافية السلطة، وتوصف بأنها "أكثر حكومة يمينية متطرفة في تاريخ إسرائيل"، لاسيما على مستوى سياساتها المعادية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف بيني أنه "بعد أن أصلحت السعودية علاقاتها مع إيران، خففت السلطات السعودية القيود المفروضة على الحجاج الشيعة".

وبوساطة الصين، استأنفت السعودية وإيران، بموجب اتفاق في 10 مارس/ آذار الماضي، علاقتهما الدبلوماسية، ما أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين دولتين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج صراعات عديدة في المنطقة.

واعتبر بيتي أنه "من المفارقات أن وسائل الإعلام الأمريكية (التي اعتبرت اتفاقيات إبراهيم بداية للتسامح بين المسلمين واليهود) لم تحتفل بالاتفاق السعودي الإيراني  باعتباره فجر الوئام الديني (بين السُنة والشيعة)، بل دقت ناقوس الخطر من أن واشنطن بدأت تفقد نفوذها في المنطقة".

وشدد على أن "الفهم الثقافي الأمريكي للشرق الأوسط يتمحور حول إسرائيل، ويتم تطبيع العنصرية ضد الفلسطينيين في السياسة الأمريكية، كما تنظر واشنطن إلى الطائفية بين السُنة والشيعة باعتبارها لعبة جيوسياسية".

و"خلال احتلال العراق (بداية من 2003)، تعامل صناع السياسات في الولايات المتحدة مع السُنّة والشيعة وكأنهم قطع على رقعة الشطرنج، حيث ناقشوا الجانب الذي سيفضلونه في أي وقت"، وفقا لبيتي.

وأردف: "وبدلا من النظر إلى هذه الطائفية باعتبارها فشلا ذريعا في السياسات، ألقى الساسة الأمريكيون اللوم على ارتباط المسلمين بـ"القبلية" و"الصراعات التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين"، على حد تعبير الرئيس الأسبق باراك أوباما (2009-2017)".

اقرأ أيضاً

ليتم التطبيع في 2025.. ماذا سيتغير في إسرائيل والسعودية وأمريكا؟

اتفاقيات مضللة

و"بالتالي فإن اتفاقيات إبراهيم، تساعد في التملق الذي تمارسه النخب الأمريكية (...) ويعتبر الأمريكيون أن التوترات بين المسلمين واليهود هي المسألة الأخلاقية المركزية في الشرق الأوسط"، كما أضاف بيتي.

ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 6 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسودان علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تواصل احتلال أراضٍ عربية في كل من فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967.

بيتي تابع: "نريد من الدبلوماسيين الأمريكيين أن يحلوا النزاعات ويعززوا الوئام بين الأديان، لكن اتفاقيات إبراهيم مضللة عمدا في هذا الصدد".

وختم بأنه "تحت ستار صنع السلام، تساعد (الولايات المتحدة وحلفاؤها) الحكومات الاستبدادية في الحفاظ على الانقسامات في المجتمعات التي لا تهتم بها النخب الأمريكية (...) بينما الطريق الحقيقي للسلام يأتي من خلال العدالة والاحترام المتبادل، وليس مجرد إعادة ترتيب قوائم الأعداء".

اقرأ أيضاً

تبادل السفراء بين السعودية وإيران.. ماذا يعني؟

المصدر | ماثيو بيتي/ ريسبونسبل ستيتكرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تطبيع اتفاقيات إبراهيم الخليج السعودية الإمارات نتنياهو اتفاقیات إبراهیم

إقرأ أيضاً:

الكرملين: أمريكا وروسيا ناقشا ملف إيران النووي خلال محادثات السعودية

(CNN)-- ناقش مسؤولو الولايات المتحدة وروسيا البرنامج النووي الإيراني خلال اجتماعهم في المملكة العربية السعودية الشهر الماضي، وفقًا للكرملين.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الأربعاء، في إفادة صحفية دورية: "كان موضوع إيران على جدول الأعمال (في الرياض). لقد تم التطرق إليه، ولكن ليس بالتفصيل. نتوقع مناقشات منفصلة حول هذا الموضوع".

طُلب من بيسكوف التعليق على قصة شبكة بلومبرغ نيوز المنشورة الثلاثاء، والتي ذكرت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن وافق على الوساطة في محادثات بين الولايات المتحدة وإيران، بعد طلب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نقلاً عن أشخاص مطلعين على الوضع.

لم يؤكد المتحدث باسم الكرملين أو ينفي موافقة روسيا على الوساطة، لكنه أكد أن البلاد مستعدة "لفعل كل ما هو ممكن" لتسهيل الجهود الدبلوماسية.

مقالات مشابهة

  • شراكة لتعزيز الاستثمارات السعودية بدول الخليج
  • الكرملين: أمريكا وروسيا ناقشا ملف إيران النووي خلال محادثات السعودية
  • تنويع الاقتصاد وتطوير الأسواق المالية.. “السيادي” يعزز الاستثمار في السعودية ودول الخليج
  • إيكونوميست: إسرائيل أفشلت كل اتفاقيات الهدنة وتواصل قضم أراضي الدول العربية
  • روبيو يبحث مع نتنياهو وقف إطلاق النار في غزة ومواجهة إيران
  • ما هي الرسائل السياسية التي تحملها زيارة الرئيس اللبناني إلى السعودية اليوم؟
  • الحريري: التلاقي العربي - التركي يحفظ وحدة سوريا من خطر إسرائيل وإيران
  • إيران: لن نقبل تجربة الإهانة التي تعرض لها زيلينسكي
  • هيغسيث: ملتزمون بأمن إسرائيل.. وإيران تهديد للأمن الإقليمي
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟