ولنا كلمة : لماذا لا تخفون الصدقة؟
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
عن النبي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن السبعة الذين يُظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّه، ورجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها، حتى لا تعلم شمالُه ما تُنفق يمينه، هذا النهج الرباني الذي أخبر به رسولنا الكريم عن المغزى الحقيقي للصدقة بأن لا تكون علنية يتفاخر بها الإنسان ليقال إنَّه متصدق، تلك هي القيمة الحقيقية للصدقة وليس ما درج عليه البعض في وقتنا الحاضر ممَّن يتصدقون رياءً، بل وصل بهم الحال لتسخير وسائل التواصل الاجتماعي ليس للشهرة بالنسبة لهم، من خلال المغردين على هذه الوسائل وإنَّما للتشهير بمن يتصدقون عليهم.
                
      
				
إن الإعلان عن المتصدق عبر وسائل التواصل إذا كان موافقًا على ذلك يفقده أجر الصدقة، وإذا كان غير ذلك فليعلم أولئك الذين يروِّجون لمِثل هذه المواقف الإنسانية الخاصة، أنَّهم يتسببون في إيذاء مشاعر ليس فقط المتصدِّق أو المتصدَّق عليه، وإنَّما شريحة كبيرة من المجتمع التي لا تقبل مِثل هذه التصرفات. وعلى الجانب الآخر لربَّما مِثل هذه التصرفات تتسبب في تراجع البعض ممَّن يحتاج إلى مِثل هذه المساعدات، اللجوء لطلب المساعدة لكي لا يريق ماء وجهه، ويفضل أن يكونَ عفيفًا لكي لا يفضحه متصدِّق أو مغرِّد، فأين أنتم من جابر عثرات الكرام؟ ومن السارين بالليل يتلمسون أوضاع الناس لقضاء حوائجهم؟ وهنا لا ندَّعي بأنَّ المجتمع لا توجد به ممَّن لديهم أوضاع اجتماعية صعبة، وأن هناك فعلًا بعض التقصير من بعض الجهات المعنية في إصلاح تلك الأوضاع بما يتوافق والمستوى المعقول من احتياجات وضرورات الحياة، وأن هناك أشخاصًا يمنعهم الحياء والعفَّة من السؤال أو اللجوء إلى الجهات المعنية، التي ربَّما لا تعْلَم عن أوضاعهم شيئًا، إلَّا أنَّ ذلك يفترض أن لا يكونَ مادَّة للمروِّج يستغلُّها عبر منصَّاته التفاعلية حتى وإن كان بدافع إنساني.
إنَّ الأمل في إصلاح الأحوال المعيشية للناس وإن كان دون المستوى المطلوب حتى الآن، إلَّا أنَّ هناك مؤشرات تدفع الكثير منَّا إلى التمسك بذلك المستوى لعِلْمنا يقينًا بأنَّ قائد الوطن، كلُّ ذلك يقع في دائرة اهتمامه وشغله الشاغل ليحظى شَعبه بسعادة ورغد العيش، وحياة كريمة تعوضه عمَّا عاناه من ظروف صعبة وقاسية خلال السنوات القليلة الماضية، لأسباب بعضها عدم التوفيق في الجانب الخدمي والإداري، والبعض الآخر خارجة عن الإرادة ومرتبطة بنظام عالمي غير مستقر في جوانبه الاقتصادية والسياسية والصحية، فيا أيُّها المتصدقون احرصوا على أن تكونَ صدقاتكم لوجْه الله وليس رياءً أو من أجل الشهرة، ولا تسيئوا لبلدكم ومجتمعكم.
 طالب بن سيف الضباري
 dhabari88@hotmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
«لا للحرب».. كلمة حق أُريد بها الحق
التقي البشير الماحي
أثبت الواقع أن عبارة «لا للحرب» لم تكن شعارًا سياسيًا عابرًا، بل كلمة حق أُريد بها الحق، هي صوت الفطرة السليمة التي ترفض الحرب منذ أول رصاصة.
 لم ترتبط هذه الكلمة بموقفٍ ميداني أو اصطفافٍ سياسي، بل انبثقت من ضميرٍ جمعيٍّ يدرك أن هذه الحرب لا منتصر فيها، وأن وقودها الأبرياء من أبناء هذا الوطن المنكوب.
مع ذلك واجهت الدعوة إلى السلام حملات تشويهٍ من أبواق الحرب ونافخي كيرها الذين رددوا أن كل من يرفع شعار «لا للحرب» إنما يسعى لإنقاذ المليشيا. كنا نتحدث عن السلام، بينما كانوا يحدثوننا عن بحثٍ دؤوبٍ عن “مصرانٍ آخر قحّاطي” يخنقون به “آخر دعامي”، في مفارقةٍ مؤلمةٍ لواقعٍ يتغذّى على الكراهية.
في تلك الأيام، كانت الجزيرة تشدّ مئزرها لتغيث الملهوف وتؤوي الفارين من جحيم الجنجويد لم يكن كثيرٌ من السودانيين قد سمعوا ببلدةٍ تسمى ود النورة، تلك القرية الوادعة التي لم تعرف صوت الرصاص إلا مقرونًا بالزغاريد إعلانًا لعرسٍ جديد لكنها سقطت فجأةً ضحيةً للاجتياح فاستُبيحت دماؤها وتعالت أبواق التحريض تارةً بالدعوة إلى مواجهةٍ غير متكافئة وتارةً أخرى بدموع التماسيح.
اليوم يتكرر المشهد في الفاشر حيث يُسدل الستار على واحدةٍ من أكبر الجرائم في تاريخ السودان الحديث جريمة ترويعٍ وقتلٍ ببطءٍ ارتُكبت في حق المدنيين بالتغافل والتواطؤ والنسيان وللمفارقة وإمعانًا في قتلها، تم تكوين لجنةٍ لفك حصارها قبل أن يقضي عليها تتار العصر.
ما زلنا نتحدث عن السلام بينما يواصل الآخرون الحديث عن “مصرانٍ آخر قحّاطي”، مبرّرين جرائمهم بذات الخطاب المريض الذي شرعن العنف وأطعم المليشيا من دماء الأبرياء. يحدثون الناس عن الأخلاق وهم من فقدوا كل معنى لها.
لقد كشف الروائي السوداني في رواية «مسيح دارفور» عن أخلاق الجنجويد وبشاعة أفعالهم ومُنعت الرواية من دخول السودان لأنها عرّت حقيقتهم التي حاولوا حجبها.
 اليوم، يستشهد بها البعض ليثبت للعالم أن الجنجويد محض شرٍّ خالص، في عالمٍ حرٍّ طالب بمثول صانعيهم أمام العدالة ذلك العالم الذي يحاكم اليوم شبيهَ سفاح اليوم المدعو ابو لولو، علي كوشيب الذي وقف يوما مفاخرا بجرائمه التي ارتكبها وصفق له البعض
 لم يعملوا على تسليمه حتى سلّم نفسه طوعًا.
الجميع يدرك أن الجنجويد لا أخلاق لهم حقيقةٌ يعلمها القاصي والداني. يقاتلون بحثًا عن غنائم المعارك ويحاربهم الإسلاميون بحثًا عن غنائم ما بعد المعارك
 فـ بِئس الطالب والمطلوب.
 الجالية المصرية في فرانكفورت تتابع باهتمام المتحف المصري الكبير عبر بث مباشر
الجالية المصرية في فرانكفورت تتابع باهتمام المتحف المصري الكبير عبر بث مباشر