جريدة الوطن:
2025-02-05@08:12:48 GMT

وما أدراك ما كركوك

تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT

وما أدراك ما كركوك

قفز اسم مدينة «كركوك» العراقيَّة إلى بؤرة الاهتمام والمتابعة السِّياسيَّة قَبل بضعة أيَّام، ليس بسبب ما قاله أعضاء لجنة الحكماء الأميركيَّة التي تشكَّلت بعد الاحتلال الأميركي للعراق 2003، بما يُفيد بأنَّ كركوك هي عبارة عن «قنبلة موقوتة» مزروعة في أحشاء الدَّولة العراقيَّة الحديثة. هُم لَمْ يخطئوا في هذه المخاوف، خصوصًا وأنَّ كركوك بَقِيَتْ ضحيَّة الشَّدِّ والجَذْب بَيْنَ بغداد العاصمة وأربيل، عاصمة إقليم «كردستان العراق».

ومَردُّ المخاوف من انفجار الأوضاع في «كركوك» هو أنَّها مدينة يسكنها موزائيك إثني وديني متناقض ومتنافر أحيانًا، بسبب رواسب الضغائن العنصريَّة التاريخيَّة، بل وحتَّى الدينيَّة والطائفيَّة المتواصلة منذ تأسيس الدَّولة العراقيَّة الحديثة، عام 1933: فسكَّان كركوك يتكوَّنُونَ من أقليَّات عربيَّة وتركمانيَّة وكرديَّة. وقَدْ عَدَّ الكُرد بقيادة مسعود البرزاني، والمرحوم والده (الملا مصطفى) كركوك مفتاحًا لانفصال كردستان عن العراق؛ نظرًا لأنَّ كركوك تحتضن أوَّل وأغزر حقول النفط العراقيَّة (حقول بابا كركر) التي اكتُشفت واستُثمرت منذ نهايات الدَّولة العثمانيَّة. إذًا كركوك تُشكِّل القلب الاقتصادي الذي لا يكلُّ من ضخِّ البترول للدَّولة العراقيَّة مذاك حتَّى اللحظة، ناهيك عن حقيقة أنَّها تُمثِّل الشريان الاقتصادي لكردستان العراق في حالة محاولة أربيل إعلان استقلال «كردستان» عن العراق، وهو الاستقلال الذي يُهدِّد الدولتَيْنِ التركيَّة والإيرانيَّة في آنٍ واحد؛ لأنَّهما تحتفظان بأقليَّات كرديَّة. ودلالة ذلك، أنَّ سكَّان كركوك العرب (الذين جاءت بهم حكومات بغداد المتتالية)، بهدف «تعريب» كركوك يُمكِن أن يقعوا ضحايا الانفصاليين الكُرد الذين يعدُّون كركوك حلمًا قوميًّا لا يُمكِن «تمرير» كردستان، كدَولة مستقلَّة، بِدونِه! أمَّا الضحيَّة السكَّانيَّة الأضعف، فهُمْ «التركمان»، وهُمْ أقليَّة من العنصر التركي استقرَّت في كركوك منذ حقب قديمة، هُمْ يتكلَّمون لهجة من لهجات اللُّغة التركيَّة ويطالبون بـ»حماية» الحكومة التركيَّة لوجودهم الاثني المجهري في كركوك، خشية محاولة أربيل «تكريد» كركوك من خلال تهجير العرب والتركمان وتمكين الكُرد من السيطرة على المدينة وما حَوْلَها من حقول نفطيَّة غزيرة لا تنضب! زِدْ على ما تقَدَّم أنَّ عمليَّات «تعريب» كركوك من قِبل حكومات بغداد المتعاقبة أدَّت كذلك إلى احتضانها ديانات متنوِّعة (سوى الإسلام) كالمسيحيَّة والمندائيَّة وربَّما اليهوديَّة، زيادة على السكَّان السنَّة والشيعة. وهذا عنصر تنافر إضافي لا يُمكِن تجاوزه، بقَدْر تعلُّق الأمْرِ بمستقبل هذه المدينة المهمَّة! أمَّا تساهل بغداد مع الكُرد اليوم (أي بعد الاحتلال الأميركي 2003)، فإنَّه يُنذر بانفجار الوضع وتفتُّت السِّلم الأهلي في هذه المدينة المتنوِّعة الأديان والأعراق؛ نظرًا لأنَّ الكُرد عملوا مذاك بمثابرة «لتكريد» كركوك حتَّى يهيمنَ العنصر الكردي على المدينة وأطرافها الزاخرة بآبار النفط.

أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء العراقي يتلقى دعوة لزيارة إيطاليا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 وجه سفير إيطاليا لدي العراق "نيكولو فونتانا" / اليوم الأحد / دعوة لرئيس الوزراء العراقي "محمد شياع السوداني " لزيارة إيطاليا والعمل على توقيع اتفاقية استراتيجية بين البلدين، على غرار الاتفاقيتين اللتين وقّعهما العراق مع كلّ من فرنسا والمملكة المتحدة.


جاء ذلك حسبما ذكرت الوكالة الوطنية العراقية للأنباء - خلال استقبال السوداني للسفير الإيطالي، حيث هنأه بمناسبة تسلم مهامه الجديدة.
وبحث الجانبان خلال اللقاء العلاقات الثنائية، ودعم التعاون المشترك في مختلف المجالات والقطاعات، كما تناول اللقاء تطورات الأوضاع في المنطقة، لاسيما ملف وقف إطلاق النار في كل من غزّة ولبنان.
 

مقالات مشابهة

  • استثمار 25 مليار دولار .. بي.بي تسعى لتطوير أربعة حقول نفط في كركوك
  • الأمم المتحدة تشيد بالمحطة في دعم الاقتصاد العراقي
  • وصل بغداد تمهيدا لتوقيع العقد.. المنتخب العراقي لكرة اليد يستعين بمدرب كرواتي
  • وزير مالية إقليم كردستان يعلن التوصل لاتفاق مع بغداد على صرف رواتب 2025
  • العثور على جثة مصابة بطلق ناري في الرأس شرقي كركوك
  • استقرار أسعار النفط العراقي في السوق العالمية
  • هجوم بمسيّرة على حقل للغاز في كردستان العراق
  • صحيفة إسرائيلية تكشف تفاصيل الهجوم على حقل في إقليم كردستان
  • برلمان العراق يقر تعديلا لتسوية النزاع بشأن نفط كردستان
  • رئيس الوزراء العراقي يتلقى دعوة لزيارة إيطاليا