جريدة الوطن:
2024-10-03@09:47:42 GMT

وما أدراك ما كركوك

تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT

وما أدراك ما كركوك

قفز اسم مدينة «كركوك» العراقيَّة إلى بؤرة الاهتمام والمتابعة السِّياسيَّة قَبل بضعة أيَّام، ليس بسبب ما قاله أعضاء لجنة الحكماء الأميركيَّة التي تشكَّلت بعد الاحتلال الأميركي للعراق 2003، بما يُفيد بأنَّ كركوك هي عبارة عن «قنبلة موقوتة» مزروعة في أحشاء الدَّولة العراقيَّة الحديثة. هُم لَمْ يخطئوا في هذه المخاوف، خصوصًا وأنَّ كركوك بَقِيَتْ ضحيَّة الشَّدِّ والجَذْب بَيْنَ بغداد العاصمة وأربيل، عاصمة إقليم «كردستان العراق».

ومَردُّ المخاوف من انفجار الأوضاع في «كركوك» هو أنَّها مدينة يسكنها موزائيك إثني وديني متناقض ومتنافر أحيانًا، بسبب رواسب الضغائن العنصريَّة التاريخيَّة، بل وحتَّى الدينيَّة والطائفيَّة المتواصلة منذ تأسيس الدَّولة العراقيَّة الحديثة، عام 1933: فسكَّان كركوك يتكوَّنُونَ من أقليَّات عربيَّة وتركمانيَّة وكرديَّة. وقَدْ عَدَّ الكُرد بقيادة مسعود البرزاني، والمرحوم والده (الملا مصطفى) كركوك مفتاحًا لانفصال كردستان عن العراق؛ نظرًا لأنَّ كركوك تحتضن أوَّل وأغزر حقول النفط العراقيَّة (حقول بابا كركر) التي اكتُشفت واستُثمرت منذ نهايات الدَّولة العثمانيَّة. إذًا كركوك تُشكِّل القلب الاقتصادي الذي لا يكلُّ من ضخِّ البترول للدَّولة العراقيَّة مذاك حتَّى اللحظة، ناهيك عن حقيقة أنَّها تُمثِّل الشريان الاقتصادي لكردستان العراق في حالة محاولة أربيل إعلان استقلال «كردستان» عن العراق، وهو الاستقلال الذي يُهدِّد الدولتَيْنِ التركيَّة والإيرانيَّة في آنٍ واحد؛ لأنَّهما تحتفظان بأقليَّات كرديَّة. ودلالة ذلك، أنَّ سكَّان كركوك العرب (الذين جاءت بهم حكومات بغداد المتتالية)، بهدف «تعريب» كركوك يُمكِن أن يقعوا ضحايا الانفصاليين الكُرد الذين يعدُّون كركوك حلمًا قوميًّا لا يُمكِن «تمرير» كردستان، كدَولة مستقلَّة، بِدونِه! أمَّا الضحيَّة السكَّانيَّة الأضعف، فهُمْ «التركمان»، وهُمْ أقليَّة من العنصر التركي استقرَّت في كركوك منذ حقب قديمة، هُمْ يتكلَّمون لهجة من لهجات اللُّغة التركيَّة ويطالبون بـ»حماية» الحكومة التركيَّة لوجودهم الاثني المجهري في كركوك، خشية محاولة أربيل «تكريد» كركوك من خلال تهجير العرب والتركمان وتمكين الكُرد من السيطرة على المدينة وما حَوْلَها من حقول نفطيَّة غزيرة لا تنضب! زِدْ على ما تقَدَّم أنَّ عمليَّات «تعريب» كركوك من قِبل حكومات بغداد المتعاقبة أدَّت كذلك إلى احتضانها ديانات متنوِّعة (سوى الإسلام) كالمسيحيَّة والمندائيَّة وربَّما اليهوديَّة، زيادة على السكَّان السنَّة والشيعة. وهذا عنصر تنافر إضافي لا يُمكِن تجاوزه، بقَدْر تعلُّق الأمْرِ بمستقبل هذه المدينة المهمَّة! أمَّا تساهل بغداد مع الكُرد اليوم (أي بعد الاحتلال الأميركي 2003)، فإنَّه يُنذر بانفجار الوضع وتفتُّت السِّلم الأهلي في هذه المدينة المتنوِّعة الأديان والأعراق؛ نظرًا لأنَّ الكُرد عملوا مذاك بمثابرة «لتكريد» كركوك حتَّى يهيمنَ العنصر الكردي على المدينة وأطرافها الزاخرة بآبار النفط.

أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

استشهاد وإصابة سبعة جنود من الجيش العراقي بكمين لداعش في كركوك

الثورة نت/
أعلنت وزارة الداخلية العراقية اليوم الأربعاء، استشهاد وإصابة سبعة جنود من الجيش العراقي بكمين نفذه تنظيم داعش الإرهابي في منطقة وادي زغيتون بمحافظة كركوك شمالي البلاد .
وقال الناطق باسم الداخلية وخلية الإعلام الأمني العميد مقداد ميري في بيان، إنه “بالساعة 10.00 من اليوم الأربعاء وأثناء خروج قوة من استخبارات اللواء 42 الفرقة 11 لتنفيذ واجب استطلاع وتفتيش في وادي زغيتون ضمن قاطع قيادة عمليات كركوك، تعرضت القوة إلى كمين من قبل عناصر عصابات داعش الإرهابية، مما أدى إلى استشهاد أربعة مقاتلين وإصابة ثلاثة آخرين بجروح متوسطة وخفيفة”

وأضاف أنه “تم تعزيز القوة ومحاصرة وتعقب المفرزة الإرهابية وإسنادها جوا بحضور قائد الفرقة، وتم تشكيل مجلس تحقيقي بالحادث”.
يشار إلى أن القوات العراقية لا تزال تلاحق فلول تنظيم داعش وخلاياه النائمة في مختلف محافظات البلاد.

مقالات مشابهة

  • بغداد وواشنطن تبحثان ضرورة حماية الممرات البحرية لضمان تصدير النفط العراقي
  • الحكيم يثمّن قرار الحكومة بإيقاف الاحتفال بالعيد الوطني العراقي
  • كردستان: المباشرة بصرف رواتب شهر آب للموظفين يوم غد الجمعة
  • بعد اجتماع الجيش العراقي.. هل تدرس بغداد استعداداتها للدخول بحرب مع تل أبيب؟
  • بعد اجتماع الجيش العراقي.. هل تدرس بغداد استعداداتها للدخول بحرب مع تل أبيب؟ - عاجل
  • استشهاد وإصابة 7 جنود من الجيش العراقي بكمين لداعش بمحافظة كركوك
  • استشهاد وإصابة سبعة جنود من الجيش العراقي بكمين لداعش في كركوك
  • أزمة الفرار من بلاد الأرز.. عين كردستان على المستثمرين اللبنانيين ولكن!
  • أزمة الفرار من بلاد الأرز.. عين كردستان على المستثمرين اللبنانيين ولكن! - عاجل
  • بعد اغتيال نصر الله.. هل يدخل إقليم كردستان في دائرة الصراع؟