السودان.. “عندما تسقط القصائد” يفوز بجائزة مهرجان الجونة في فاينل كت فينيسيا
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
أعلن مهرجان الجونة السينمائي، عن الفيلم الفائز بجائزة الجونة في ورشة فاينل كت ضمن مهرجان فينيسيا 2023. المبادرة التي تهدف لدعم الأفلام في مراحل ما بعد الإنتاج من أفريقيا ودول الشرق الأوسط.
وأوضح المهرجان أن الجائزة ذهبت هذا العام لمشروع “السودان: عندما تسقط القصائد”، من إنتاج تونسي فرنسي مشترك، للمخرجة هند المدب، وإنتاج إيكو فيلمز، حيث حصل على جائزة مالية قدرها 5000 دولار أمريكي لدعم مراحل ما بعد الإنتاج، بالإضافة إلى دعوة حصرية لحضور منصة الجونة 2023 كمشروع ضيف.
يقدم الفيلم قيد الإنجاز صورة عميقة للسودان، ناسجًا بسلاسة حكايات شجن ومزّمل ومها ورفيدة، أربعة شباب شاركوا في الثورة السودانية. يقدم هذا الفيلم الوثائقي إهداءً وقصيدة حب صادقة للبلاد، بينما تتشابك حكايات الشخصيات، ليعيد الفيلم من خلالها بناء صورة ثورة مستمرة وأصوات شباب يقاتل ضد قوى القمع.
يذكر أن ورشة فاينل كت تلعب في مهرجان فينيسيا دورًا حيويًا لصناع الأفلام في مرحلة الإنتاج، وتُسهل عمليات ما بعد الإنتاج وتعزيز الشراكات القيّمة مع المنتجين والموزعين وشركات ما بعد الإنتاج ومبرمجي المهرجانات.
الشروق نيوز
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
حكايات المؤسِّسين (2): ما حدث في نيروبي بداية تغيير حقيقي، وهذا ما يُغضب الحركة الإسلامية
د. احمد التيجاني سيد احمد
مقدمة: إرث الفشل السياسي والانهيار الوطني
منذ استقلال السودان في ١٩٥٦، تعاقبت أنظمة حكم مدنية وعسكرية على إدارة الدولة، إلا أن النتيجة كانت واحدة: فشل متواصل في بناء دولة وطنية قائمة على المواطنة والعدالة والتنمية. فقد أفضت الصراعات السياسية وانعدام الرؤية الوطنية إلى سلسلة من الانقلابات العسكرية، بدءًا من إبراهيم عبود (١٩٥٨)، إلى جعفر نميري (١٩٦٩)، ثم عمر البشير (١٩٨٩)، حيث تحولت الدولة السودانية إلى إقطاعيات حزبية ودينية وعسكرية، تدار بعقلية الاستحواذ لا بعقلية الحكم الرشيد.
السودنة: من مشروع وطني إلى هيمنة نخبوية قاتلة
عندما تم تنفيذ “السودنة” عقب خروج الاستعمار، لم تكن عملية لبناء مؤسسات دولة حديثة، بل كانت مجرد إعادة تدوير للنفوذ السياسي داخل نخب معينة، وتهميش لبقية مكونات السودان، خاصة في الجنوب ودارفور والمناطق المهمشة. فبدلاً من تأسيس دولة قائمة على التنوع، تم تكريس سلطة ضيقة على أساس الولاءات القبلية والدينية.
الأحزاب التقليدية: الفشل المستمر
الأحزاب التي ورثت السلطة بعد الاستقلال لم تكن قادرة على تطوير مشروع وطني حقيقي، بل انشغلت بصراعاتها الداخلية والبحث عن السلطة. لم يكن لديها برنامج سياسي واضح سوى توظيف الطائفية والقبلية والدين كأدوات للهيمنة، مما مهد الطريق للحكم العسكري، الذي أتى مدعومًا بفصائل عقائدية كرست سلطتها عبر القمع والتمكين الأيديولوجي.
الإخوان المسلمون وتحويل الدولة إلى أداة للتمكين
مع انقلاب البشير في ١٩٨٩، دخل السودان في مرحلة الحكم العقائدي الأكثر قسوة، حيث تم تصفية الجيش وتحويله إلى مؤسسة اخوانية مؤدلجة تماما، وإنشاء أجهزة أمنية سرية، وتشكيل ميليشيات مسلحة، مثل الدفاع الشعبي، وامثال مليشيات البراء الإرهابية، وأخيرًا قوات الدعم السريع، التي أصبحت تدريجيا بعد سقوط البشير لاعبًا مستقلاً يومن بالتحول الديمقراطي المدني، و بالعلمانية الفدرالية.
حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣: حصاد الفشل والتفكك
بعد سقوط البشير في ٢٠١٩، لم تتمكن النخبة السياسية من الاتفاق على رؤية موحدة لإدارة السودان، مما خلق فراغًا استغله العسكريون لإعادة فرض سيطرتهم. ومع تفاقم الخلاف بين الجيش وقوات الدعم السريع، اندلعت حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣، وهي حرب لم تكن مجرد صراع على السلطة، بل إعلانًا رسميًا لانهيار الدولة السودانية، حيث تحولت البلاد إلى ساحة حرب مفتوحة بين الفصائل المسلحة، دون أي سلطة مركزية قادرة على فرض النظام.
ما حدث في نيروبي: بداية تغيير حقيقي
وسط هذا الخراب، برزت مبادرة **مشروع تأسيس السودان الجديد** في نيروبي تحت رعاية الحكومة الكينية، كأمل جديد لاستعادة السودان من براثن العسكر والمليشيات. اجتمع ممثلو القوى (التي اختارت الديمقراطية والحرية ومناهضة انقلاب البرهان) الحزبية، والمهنية، والشخصيات المستقلة، والإدارات الأهلية، وحركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاقية سلام جوبا، وقوات الدعم السريع، والحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، وآخرون.
الميثاق التأسيسي يهدف إلى بناء دولة مدنية
الميثاق التأسيسي يهدف إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية علمانية تعتمد على التعددية السياسية والإثنية والدينية وحكم القانون، والمواطنة المتساوية، بدلًا من دولة الطوائف والمليشيات. وقد تم الاتفاق على عدة خطوات مفصلية، منها:
١. صياغة الميثاق الذي ينادي بالعلمانية بشكل نهائي والتوقيع عليه.
٢. عرض الميثاق على الدول الإقليمية والدولية لكسب الدعم والتأييد.
٣. مناقشة الدستور وإكمال هياكل الحوكمة.
٤. تكوين حكومة قومية لكل السودان: انتقالية تقنية إسعافية (هدفها الاول ايقاف الحرب وحماية المواطنين و عودتهم الفورية) وإعلانها داخل السودان.
لماذا يُغضب هذا الإسلاميين؟
إن الخطوة التي جرت في نيروبي تمثل تهديدًا وجوديًا للحركة الإسلامية في السودان، لأنها تنسف مشروعهم القائم على استغلال الدولة لصالح فئة أيديولوجية ضيقة. فالإسلاميون يدركون أن نجاح هذا الميثاق يعني نهاية نظام “التمكين”، وانهيار التحالفات العسكرية التي كانوا يستخدمونها للحفاظ على نفوذهم. لهذا، يسعون بكل الوسائل إلى إفشال أي حل سياسي حقيقي، واستمرار الفوضى الأمنية، حتى يظل السودان رهينة للمليشيات والفساد والتقسيم.
خاتمة: هل يكون نيروبي بداية الخلاص؟
بينما يقف السودان على حافة الانهيار الكامل، تمثل مبادرة نيروبي فرصة نادرة لتصحيح أخطاء الماضي وبناء دولة حديثة قائمة على المواطنة والعدالة. ولكن النجاح ليس مضمونًا، فالقوى المتضررة من هذا التغيير ستحارب بكل الوسائل للحفاظ على امتيازاتها. يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيتحد السودانيون لإنقاذ وطنهم، أم ستظل الحروب والانقسامات هي القدر المحتوم؟
نواصل
د . أحمد التيجاني سيد أحمد
٢٦ فبراير ٢٠٢٥ هلسنكي، فنلندا
Sent from my iPhone
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com