حكم كتابة الآيات القرآنية بالذهب على جدار قبلة المسجد النبوي الشريف
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
قال الدكتور علي جمعة، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، إنه يجوز كتابة الآيات القرآنية بالذهب على جدار قبلة المسجد النبوي الشريف والكعبة المشرفة، بشرط ألا تكون الكتابة بالذهب مُلْهِيَةً للمُصَلِّين عن صلاتهم.
علي جمعة: مجالسة من رؤيتهم تذكر بالله من عوامل بناء النفس علي جمعة يوضح أهم عوامل بناء النفسأضاف "جمعة" أنه إن كانت تشغلهم أو تلهيهم، فهي مكروهه، وأول مَن ذهَّب البيتَ في الإسلام: الوليد بن عبد الملك، ولمّا عمل الوليد ذلك كانت أئمة الإسلام من التابعين موجودين وبقايا الصحابة، ولم يُنْقَلْ لنا عن أحد منهم أنه أنكر ذلك، ثم جميع علماء الإسلام والصالحون وسائر المسلمين يحجون ويبصرون ذلك ولا ينكرون على ممَرّ الأعصار.
قام سيدنا عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى -وهو من أعلام التابعين، وكان يُلَقَّبُ بخامس الخلفاء الراشدين- بتوسعة المسجد النبوي الشريف بعد أن أمره بذلك الوليد بن عبد الملك؛ فكتب بالذهب سورةَ الفاتحة وقِصَارَ السُّوَر في قبلة مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ من سورة: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ [الشمس: 1] إلى آخر القرآن؛ كما رواه ابن زَبَالَةَ عن غير واحد من أهل العلم -فيما نقله عنه أبو علي بن رُسْته في "الأعلاق النفيسة".
وكان رحمه الله تعالى يأمر بكتابة الآيات القرآنية الكريمة بالذهب على جدار قبلة المسجد النبوي الشريف وتعجبه كتابة الخطَّاط حتى يطلب منه أن يكتب له مصحفًا على مثال ما كتب على المسجد.
ولم يَرِدْ عن أحد من الأئمة والعلماء من الصحابة أو التابعين أنه أنكر ذلك أو سعى في محوه أو تغييره، وقد كان الزوَّار والحجيج من العلماء وغيرهم، سلفًا وخلفًا، يقصدون المسجد النبوي لزيارة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم والسلام عليه والصلاة في مسجده، ولم ينكر ذلك أحدٌ منهم، وذلك على اختلاف العصور إلى عصرنا هذا؛ قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن": [ورُوِيَ عن عمر بن عبد العزيز أنه نقش مسجد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وبالغ في عمارته وتزيينه، وذلك في زمن ولايته قبل خلافته، ولم ينكر عليه أحدٌ ذلك].
وقد تتابع المسلمون جيلًا بعد جيل من غير نكير على تطريز كسوتها وبابها بالآيات القرآنية بالذهب وغيره، ووصف الأزرق في "أخبار مكة"؛ فذكر أنه كان مكتوبًا عليه: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ﴾.
الدكتور علي جمعةبل نقل الإمام تقي الدين السبكي رضي الله عنه إجماع المسلمين على ذلك، فقال في رسالته "تنزل السكينة على قناديل المدينة: [وأما تذهيب الكعبة: فإن الوليد بن عبد الملك بعث إلى خالد بن عبد الله والي مكة ستة وثلاثين ألف دينار وجعلها على بابها والميزاب والأساطين والأركان، وذكر في "الرعاية" عن أحمد: أن المسجد يُصان عن الزخرفة، وهم محجوجون بما ذكرناه من إجماع المسلمين في الكعبة،.
وعلى ذلك نص بعض فقهاء المذاهب:
ونقل الإمام الفقيه أبو علي سند بن عنان المالكي صاحب كتاب "الطراز" الذي شرح به "المدونة" في ثلاثين سفرًا: إجماع المسلمين على مشروعية تذهيب الكعبة، نقله عنه الإمام التقي السبكي في "تنزل السكينة" المطبوعة ضمن فتاواه.
وقال العلامة الدسوقي في "حاشيته على الشرح الكبير": [واعلم أن تزويق الحيطان والسقف والخشب والساتر بالذهب والفضة جائز في البيوت، وفي المساجد مكروه إذا كان بحيث يشغل المصلي، وإلا فلا].
فكراهية الكتابة بالذهب عند المالكية منوطة بكونها مُلْهِيَةً للمُصَلِّين عن صلاتهم، فإن كانت بحيث لا تشغلهم ولا تلهيهم فالمعوَّل عليه عندهم أنها جائزة.
واحتج الإمام التقي السبكي على جواز تذهيب الكعبة وفرشها بالرخام؛ حيث يقول في رسالته "تنزل السكينة على قناديل المدينة": [وقد قيل: إن أول مَن ذهَّب البيتَ في الإسلام: الوليد بن عبد الملك..، ولمّا عمل الوليد ذلك كانت أئمة الإسلام من التابعين موجودين وبقايا الصحابة، ولم يُنْقَلْ لنا عن أحد منهم أنه أنكر ذلك، ثم جميع علماء الإسلام والصالحون وسائر المسلمين يحجون ويبصرون ذلك ولا ينكرون على ممَرّ الأعصار.. وقد تولى عمر بن عبد العزيز عمارة مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الوليد، وذهَّب سقفه، وإنْ قيل: إن ذلك امتثال أمر الوليد، فأقول: إن الوليد وأمثاله من الملوك إنما تصعب مخالفتهم فيما لهم فيه غرض يتعلق بملكهم ونحوه، أما مثل هذا -وفيه توفيرٌ عليهم في أموالهم- فلا تصعبُ مُراجعتُهم فيه؛ فسكوت عمر بن عبد العزيز وأمثاله وأكبر منه؛ مثل سعيد بن المسيب، وبقية فقهاء المدينة، وغيرها: دليلٌ لجواز ذلك].
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الآيات القرآنية المسجد النبوي مجلس النواب صلى الله علیه وآله وسلم علی جمعة
إقرأ أيضاً:
أستاذ بجامعة الأزهر: العنصرية قضية تؤرق البشرية وحاربها الإسلام بكل شدة
قال الدكتور عبد المنعم فؤاد، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، إن مفهوم العنصرية ليس له أي أساس في تعاليم الإسلام أو في قاموس المسلمين، فقد حذّر القرآن الكريم من العنصرية، مبيّنًا أن أول من أسس لها كان إبليس عليه لعنة الله، عندما أمره الله سبحانه وتعالى بالسجود لآدم عليه السلام، قال تعالى: " فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ(٧٣) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ"، فرفض قائلاً: " قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ "، إذ اعتبر نفسه أفضل منه ، ولم يلتزم بأدب الطاعة تجاه خالقه، وكان جزاء هذا السلوك أن قال الله تعالى له: " قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ"، ومن هنا، ينبغي للإنسان العنصري أن يتأمل في قصة إبليس ويعتبر منها.
وأضاف فؤاد، أن العنصرية قضية تؤرق البشرية، وقد حاربها الإسلام بكل شدة، مؤكّدًا على أن البشر جميعًا متساوون، كأنهم أسنان المشط، ولا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح، وقد أوضح النبي ﷺ هذه الحقيقة بقوله: "كلكم لآدم وآدم من تراب"، كما قال الله تعالى" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ "، مشيرا إلى أن العنصرية ظاهرة قديمة وثابتة حتى في أكثر الدول تقدمًا، حيث تظل موجودة ويحدث فيها تمييز بين البيض والسود، وكان هذا التمييز العنصري أحد أسباب النزاعات والحروب على مر التاريخ، حتى بعث النبي ﷺ برسالة الإسلام التي طهّرت العقول وحررت البشرية من هذه الآفة الاجتماعية.
وشدد على أن الإسلام أكد على المساواة بين جميع الناس، مبيّنًا أن الإسلام ليس دينًا محليًا بل هو رسالة عالمية تعزز كرامة الإنسان وترفع من شأنه، حيث قال الله تعالى : ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ .