تفاعل رواد شبكات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع مع فيديوهات مسربة لقيادات بجماعة الإخوان المسلمين من داخل زنازين انفرادية، ونددوا بالأوضاع المزرية التي يعيشها المعتقلين في مصر بعد 10 سنوات من الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد (محمد مرسي).

ويظهر بإحدى الفيديوهات، الملتقطة من كاميرا مراقبة والتي نشرها المعارض المصري، علي حسين مهدي، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، محمود عزت، وهو في حالة صعبة من شدة المرض، ويحاول التحرك لتدفئة نفسه داخل محبسه لعدم وجود غطاء كاف.

ويظهر قيادي آخر بجماعة الإخوان، في فيديو ثان، وهو يؤدي الصلاة داخل زنزانته الانفرادية، وقال، علي حسين مهدي، إن هذا القيادي الإخواني يقضي وقته كله داخل محبسه في أداء الصلاة.

وفيما لم يكشف علي حسين مهدي عن مصدر حصوله على هذه التسريبات، فقد رجح ناشطون وحقوقيون أن تكون مسربة من بعض الأجهزة الداخلية في النظام المصري، وأثار ذلك حالة من التفاعل والتضامن الواسع مع المعتقلين من قبل المغردين والناشطين والحقوقيين.

وكتبت الناشطة شيرين عرفة: "بعد كفكفة الدموع، والتقاط الأنفاس.. يمكننا القول، إن هذا الفيديو المؤلم، الذي نشره الناشط، علي حسين مهدي، من داخل سجون السيسي إنما هو رسالة من بعض رجال النظام (الذين سربوه) للشعب المصري، عنوانها: لقد صار عبئا علينا وعليكم… فمتى تثوروا؟"

فيما دعا اليوتيوبر الشهير، عبد الله الشريف، إلى متابعة تسريبات سجون مصر التي نشرها علي حسين مهدي، حسبما روج في تغريدته.

واعتبر الحقوقي، هيثم غنيم، أن التسريبات تفتح أسئلة حول الخصوصية التي يتم من خلالها حماية تسجيلات النزلاء، في ظل أن المقاطع الدعائية لوزارة الداخلية، التي تضمنت مقاطعا يظهر وجود كاميرات للمراقبة والتسجيل في زنازين النزيلات النساء.

وأضاف أن التسجيلات تظهر إمكانية قيام النيابة العامة بالتحقق وبالأدلة من جميع حالات الإهمال الطبي داخل السجون عبر مراجعة المقاطع المسجلة، بدلا من الاكتفاء ببيانات هزلية من وزارة الداخلية تكتفي بتكذيب المنظمات الحقوقية دون إثبات.

اقرأ أيضاً

تحالف منظمات مصرية يستهجن تفشي التعذيب في السجون ويدعو للتحقيق بوفاة معتقل

ومن المرجح أن تشهد الأيام المقبلة المزيد من التسريبات، بعدما كشف، علي حسين مهدي، أن لديه 70 ساعة من التسريبات، منها تسريبات تعود لقيادات معروفة، مثل الشيخ، حازم صلاح أبو إسماعيل، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، والمهندس خيرت الشاطر، والدكتور محمد البلتاجي، وآخرين.

ومن جانبها نقل حساب قناة الشعوب على منصة إكس عن مصادر مطلعة أن التسريبات المنشورة لسجن بدر 3 منذ فصل الشتاء الماضي، وليست منذ أسبوع كما تداول بعض النشطاء، و"المسؤول عنها جهاز أمني رفيع لديه تحكم مباشر ورقابي يتابع فيه زنازين قيادات الإخوان والقادة السياسيين، بأمر من الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، شخصيا، وليس مجرد تفريغ لكاميرات داخل السجن تم تسريبها".

وأضافت المصادر أن الكاميرات الخاصة بالمراقبة وضعت بأوامر عليا، لفرض رقابة على قطاع السجون، ولا يسمح بأي تهاون من قبل ضباط السجن مع قيادات الإخوان المسلمين.

وأشارت إلى أن "السيسي يستطيع أن يتابع بالكاميرات زنازين القيادات السياسية وحدث ذلك من قبل ليطمئن على عزلهم وتواجدهم في تلك المقرات".

وأكدت المصادر أن وزارة الداخلية المصرية فتحت تحقيقا في التسريبات، وأوقفت عددا من الضباط و"هي تعلم أنها ليست الجهة الوحيدة ذات التحكم في مشاهدة الكاميرات".

كما أكدت المصادر أن قيادات الإخوان المراقبين بالكاميرات رفضوا مرارًا تقديم أي طلبات لتحسين أوضاعهم ولا يعترفون بالنظام القائم، وإزاء ذلك صدرت "أوامر عليا" بمراقبتهم بالكاميرات من جهات خارج السجن، وزرع أجهزة تنصت بزنازينهم، ومنع تواصلهم مع بعضهم البعض، وكذلك منعهم من التريض أو الاختلاط بالآخرين.

وصدرت الأوامر أيضا بمنع دخول الأطباء عن قيادات الإخوان وحجب أي معلومات عنهم، ومنعهم عن التريض، وبث روح اليأس في نفوسهم وتقليل عدد وجبات الطعام بزنازينهم، وفتح الإضاءة 24 ساعة في اليوم، ومنع حضورهم المحاكمات.

اقرأ أيضاً

مصر.. 17 حالة وفاة داخل السجون ومقار الاحتجاز خلال 6 أشهر

ومن جانبها، زعمت وزارة الداخلية المصرية أن تسريبات الفيديو المتداولة لسجنو انفرادية "محرفة، ولا تمت بصلة للأشخاص الذين يدعي ناشر التسريبات أنهم من قادة الإخوان"، حسبما أورد موقع "العربية نت".

واعتبرت الوزارة أن "هذه المزاعم والتسريبات المفبركة، تأتي في إطار مخططات جماعة الإخوان لمحاولة إثارة البلبلة بعد أن فقدت مصداقيتها بأوساط الرأي العام"، مضيفة أن جميع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل بما فيهم الأشخاص الواردة أسماؤهم بتلك الادعاءات يتلقون الرعاية الطبية الكاملة ويستخدمون كافيتيريات المراكز ويحضرون جلسات المحاكمة في القضايا المتهمين فيها.

لكن غالبة المعلقين على مقاطع التسريب عبروا عن تصديقهم لصحة التسريبات، خاصة في ظل تكرار نفي وزارة الداخلية لعديد الانتهاكات الثابتة، ومنها واقعة قتل الباحث الإيطالي، جوليو ريجيني، تحت التعذيب.

وأكد الناشط الحقوقي، هيثم غنيم، تحققه من مقاطع الفيديو المسربة، مؤكدا أنها من داخل سجن "بدر 3" استنادا إلى صور أخرى سبق أن نشرتها محطات تلفزة تابعة للدولة المصرية.

وفيما يلي نماذج من تفاعل المعلقين عبر وسم #تسريبات_سجون_مصر:

 

#شـاهد: تسريبات من داخل سجون #السيسي لقيادات من جماعة الإخوان المسلمين في #مصر.. #تسريبات_سجون_مصر تنقل صورة المعاناة من داخل الجدران الخرسانية، وانعدام الآدمية في الزنازين!#محمود_عزت pic.twitter.com/UMauktD3gu

— The Lens - العدسة (@TheLensPost) September 12, 2023

 

احد رجال الاخوان المسلمين داخل معتقل بدر
#تسريبات_سجون_مصر pic.twitter.com/07C8tWXTcF

— Resist1 (@Resist100100) September 11, 2023

 

#تسريبات_سجون_مصر
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم حفظهم برحمتك وفك يارب أسرهم بقدرتك،
اللهم انتقم من الظالمين واعوانهم وأتباعهم وأشياعهم ومن رضى بظلمهم.

— دكتور مصطفى جاويش (@drmgaweesh) September 11, 2023

 

د. محمود عزت الأستاذ الجامعي المرموق الذي تجاوز الثمانين عاما يتحرك في زنزانته باحثا عن الدفء.
بصرف النظر عن سبب نشرها الآن، وأنها تحرك الجبل، وتحرض من لا ضمير له، فإن هذا التسريب يوجب على كل من لديه أي سبب وأي قدرة على استنقاذهم أن يفعل، وأن يبذل ما يستطيع.#تسريبات_سجون_مصر pic.twitter.com/Mqy2i51XYd

— د.وصفي عاشور أبو زيد (@dr_wasfy) September 12, 2023

 

د. #محمود_عزت الأستاذ بكلية الطب وأحد كبار شيوخ التربية، ذكر أمام المحكمة جانبا مما يتعرض له في محبسه الانفرادي وهو شيخ ثمانيني، وجاءت #تسريبات_سجون_مصر لتنقل صورة المعاناة من داخل الجدران الخرسانية، وانعدام كل مقومات الحياة في الزنزانة ! pic.twitter.com/QKdKJ0YYfB

— د. محمد الصغير (@drassagheer) September 12, 2023

 

صديق بالخارج أرسل لي فيديو يتضمن ما اسماه #تسريبات_سجون_مصر، وطلب مني التحقق من صحة الفيديوهات الواردة به وهل هي من مجمع سجون #بدر أم لا؟

بالتحقق: نعم الفيدوهات من داخل زنازين الاحتجاز بالسجون الجديدة نظراً لتطابق الفيديوهات المسربة مع الفيدوهات التي نشرتها الدولة رسميًا.

(1/5) pic.twitter.com/HF4lahde4p

— هيثم غنيم (@HaithamGhoniem) September 12, 2023

 

تسريبات خطيرة ودامية من داخل السجون المصرية، لقيادات جماعة الإخوان المسلمين في أوضاع صعبة وحالة مزرية، وقد بلغوا الـ 80 من العمر!#تسريبات_سجون_مصر pic.twitter.com/rIfHBvLtt6

— نحو الحرية (@hureyaksa) September 12, 2023

 

هذه التسريبات لم تكن صادمة بالنسبة لي
فهناك الكثير من الاهوال التي عانتها البنات والنساء والتي يندى لها الجبين في سجون السفااااح الخاااين ابن المغضوب عليهم #السيسي عليها كل لعاااائن السموات والارض#تسريبات_سجون_مصر #يسقط_حكم_العسكر pic.twitter.com/NQceYnRIOw

— ✍️ أمل .*. ???????????? (@Amol_A303) September 12, 2023

 

تسريب زنزانة محمود عزت فك الله اسره شوفوا الزنزانة عملة ازاي وفي الشتا من كتر البرد بيلف في الزنزانة عشان يدفا اقسم بالله حنرحمكوا يا ولاد الكلب #تسريبات_سجون_مصر pic.twitter.com/zo8JQfxx5T

— عمرو بالواوⓂ️ (@AmrElSherif0) September 12, 2023

 

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر الإخوان محمود عزت خيرت الشاطر عبدالمنعم أبو الفتوح سجون مصر الإخوان المسلمین قیادات الإخوان وزارة الداخلیة داخل السجون محمود عزت من داخل

إقرأ أيضاً:

في كتاب "العودة إلى للتصوف".. حسام الحداد يطرح الأسئلة الشائكة في توظيفه السياسي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

الكتاب نفذ بعمق إلى جوهر الإشكالية وتجنب تقديم الإجابات السهلة.

كيف تلاعب الإخوان والسلفيون بجبة التصوف؟

ما بين البحث المعرفي والتفكيك الأيديولوجي، يطرح الباحث الكبير حسام الحداد في أحدث كتبه "العودة إلى التصوف" قضايا جوهرية، محورها مدى إمكانية اعتبار التصوف بديلًا لحركات الإسلام السياسي.

لم يتعامل حسام الحداد مع هذا التساؤل ببساطة، كما فعل آخرون وجدوا في ذلك حلًا سحريًا، بل تناوله بعمق الخبير، موضحًا كيفية معالجة العنف والتطرف في الفكر السياسي الإسلامي عبر العودة إلى التصوف كتيار روحي وفكري.

وأكد  أن التصوف ليس مجرد طقوس دينية أو تأملات فردية، بل يحمل أبعادًا فكرية وإنسانية عميقة، ويُقدَّم باعتباره نموذجًا للتعايش السلمي ومواجهة التشدد. فالتصوف بمفاهيمه التي تركز على قيم التسامح والمحبة والسلام، يسعى ليكون بديلًا إيجابيًا بعيدًا عن العنف والانتقام الذي اتسمت به بعض الحركات الإسلامية المعاصرة.

لكن هذه الرؤية ليست بهذه السطحية ولا تخلو من تساؤلات وتحديات حقيقية؛ طرحها الكاتب بذكاء شديد  فهل يمكن للتصوف فعلًا أن يواجه التشدد الديني؟ وهل يملك القدرة على احتواء التيارات السياسية المتطرفة؟ وهل له تأثير على مفاصل السلطة في المجتمعات التي تشهد نشاطًا للحركات السياسية المتشددة؟ هذه التساؤلات تنبع من واقع معقد في العديد من الدول الإسلامية، حيث تُلقي التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية بظلالها على إمكانية تحقيق أي إصلاح جذري. قلم حسام لم يري في التصوف يوتوبيا إنقاذ، فالتصوف يواجه تحديات واقعية كبيرة تتعلق بمدى قدرته على اختراق التيارات السياسية أو التأثير على مفاصل الدولة في بيئات تعاني من أزمات شديدة التعقيد.

الجدل حول التصوف كبديل لا يخلو من أهمية في سياقات الحاضر، فهو يمثل نوعًا من العودة إلى الأصول الروحية والتسامح، وهي قيمة ملحة في عصرنا. ومع ذلك، الكتاب  يثير أسئلة مشروعة حول مدى واقعية تطبيق هذا الطرح، خاصةً عندما يتعلق الأمر بتأثيره الفعلي في عالم السياسة والأمن. لذا فإن الكتاب لم يقدم إجابات معلبة تريح القارىء الكسول بل الكتاب يجعلنا نتساءل: هل يمكن للتصوف أن يقدم حلًا عمليًا ومستدامًا في ظل تعقيدات الواقع الحالي؟ وهل يستطيع هذا التيار الفكري أن يتجاوز الحدود الروحية ليصبح قوة فاعلة في تغيير البنية السياسية والمجتمعية؟

إن العبور إلى سطور حسام الحداد العميقة في كتابه المدهش يأخذنا بقوة إلى تاريخ توظيف التصوف ومدى قابليته للتوظيف في الوقت الحاضر.

كتب الحداد يقول:

نشطت الأفكار المطالبة بتسييس التكتلات الدينية على مر التاريخ؛ فمنها من التقط الخيط وتحول من صومعة الحركة الفكرية، إلى حلبة المصارعة السياسية، بل وتخطاها ليستخدم العنف باحثًا عن السلطة، مثل جماعة الإخوان، ومنها من لم يتقبل الأمر، مثل الصوفيين، ولكلٍّ تحوّل أدواته ودوافعه.

ومن وقت ليس بالقليل طرحت تقارير بحثية واستخباراتية فكرة استخدام «الحركات الدينية الإسلامية» لأغراض سياسية، وأحد البدائل التي طرحت حينها كانت «الصوفية»؛ خاصة مع صعود الفكر السلفي والمتطرف واستحواذه على أتباع حول العالم، والبحث عن بديل لتحسين صورة الإسلام، لكن سرعان ما عاد هذا الاقتراح حبيس الأدراج والأطروحات غير الجدية.

لكن مع إعادة تقديم الصوفية باعتبارها البديل الأنسب لتحسين صورة الإسلام، بعد أعوام دامية من الإرهاب المتطرف في دول العالم؛ يعاد هذا الطرح إلى الأذهان، وقبل الدخول في جدوى هذا الطرح نحاول في هذه القراءة التعرف على علاقات جماعات الإسلام السياسي بالتصوف بين استغلال الإخوان وعداء الإسلام الحركي.

وقدم "الحداد" حسن البنا ومحاولة التوظيف كنموذج فكتب يقول: 

تفاوتت التأويلات حول السبب الذي دفع مؤسس جماعة الإخوان، حسن البنّا (1906-1949) لوضع تعريف لجماعته، التي أسسها عام 1928، ينص على كونها «دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية،..»، فأحسن هذه التأويلات ظنًّا ذهب إلى أن «البنّا» كان يدرك متطلبات المرحلة التي أسس فيها جماعته، والتي كانت تشهد تداعيات سقوط الخلافة العثمانية، في 1924م، أي قبل تأسيس «الإخوان» بأربع سنوات فقط، ما يطرح حقيقة أن المسلمين يعيشون لأول مرة بدون خلافة، وهو ما دفع باتجاه التفكير في تكوين جماعة دينية توافقية، أما التأويل الثاني، فيقول: إن مؤسس جماعة الإخوان ومرشدها الأول سعى من خلال تعريفه هذا إلى زيادة أعضاء جماعته حتى لو كلفه ذلك ضم أصحاب تيارات فكرية تتعارض مع أفكار الجماعة.

ويشير تاريخ جماعة الإخوان إلى واقعية الرواية الثانية، التي تشكك في نوايا «البنّا»؛ إذ تبنت جماعته سياسات تهدف لاختراق الطرق الصوفية والتيارات السلفية لاستقطاب أفرادها، ومن ثم إدخالهم لـ«الإخوان»، ثم يأتي بعد ذلك التفكير في تطويع فكرهم بما يتلاءم مع أفكار الجماعة.

 ويؤكد حسام  أن  جماعة الإخوان تمكنت أكثر من مرة من زرع عناصر تابعة لها داخل طرق صوفية، وذلك بإقرار الطرق نفسها التي اشتكت من رصد مظاهر غير صوفية بين أتباعها.

وفي كتابه «حتى لا تضيع الهوية الصوفية بين الإخوان المسلمين والشيعة وبني أمية الجدد»، أقرَّ المفكّر الصوفي محمود صبيح بواقعةٍ انضم فيها شاب إخواني لطريقة صوفية في محافظة بني سويف، جنوب القاهرة، ونجح في إخراج 30 صوفيًّا من الطريقة وضمهم لجماعة الإخوان.

حتى لا تضيع الهوية الصوفية بين الإخوان المسلمين والشيعة وبني أمية الجدد

حتى لا تضيع الهوية الصوفية بين الإخوان المسلمين والشيعة وبني أمية الجدد

وتابع «صبيح»، أن الجماعة نجحت في طنطا (شمال القاهرة، مدينة تُعرف بتوجهها الصوفي لاحتضانها ضريح القطب الصوفي أحمد البدوي) في الدفع بعضو فيها داخل إحدى الطرق، وتدرج حتى أصبح نائب شيخ الطريقة، بالإضافة لمحاولات قال «صبيح» إن الجماعة تبذلها للسيطرة على نقابة الأشراف (نقابة تضم المنحدرين من نسل البيت النبوي).

وفي فصل عنونه بـ«كيف يدعو الإخوان أحدًا من المتصوفة؟»، تناول «صبيح» التبريرات التي تقدمها جماعة الإخوان عندما تحاول استقطاب أحد أبناء الصوفية.

وتعتمد الجماعة بالأساس في ذلك على تعريف «البنّا» لها بكونها «حقيقة صوفية»، مستدعية تجربة «البنا» الصوفية التي سردها في مذكراته «الدعوة والداعية»، وقال فيها: “إنه نشأ تنشئة صوفية، عندما تعلق في طفولته بالطريقة الحصافية وشيخها حتى كان يأتيه في المنام”.

كما تحاول الجماعة -بحسب «صبيح» الذي كانت له تجربة داخل «الإخوان»- احتواء أية أسباب يطرحها الصوفي، ويرفض من خلالها عروض الانضمام للجماعة، فمثلًا إذا قال إنه لن يلتحق بجماعة متسلفة، يكون الرد «ادخل معنا وأصلحها»، أو “ادخل معنا وابقَ في طريقتك”.

ويضيف حسام قائلا:

تبدّل موقف مؤسس الجماعة وأتباعه من الصوفية، بعد العام 1928، فلم يتوان الإخوان من وقتها عن الأسطوانة المشروخة، التي تفيد بأن شيخهم أخذ من الصوفية ما يتناسب مع الدين، فلم يزر القبور أو يتبرك بالموتى، ولو قرأوا فيما خطَّه البنّا بيده في سيرته الذاتية لتساقطت مزاعمهم كالغبار.

جعلت الجماعة من مرشديها حَمَلَةً لمشاعل التنوير؛ فكتب البنّا مقالات ملأ بها مجلة الإخوان المنبثقة عن الجماعة، يطالب الطرق الصوفية بالإصلاح، وجاء المحتوى مناقضًا لموقفه القديم من الصوفية، فتساءل: “أيرضى النبي بهذه الخزعبلات التي ابتدعها القوم بعده، فجاءت مهزلة وأية مهزلة بهذه الجماعات الكسولة التي لا تجتمع في الميادين لتخيف العدو أو تنصر الدين، بل لتزعج السكان ليلًا بالصياح وقرع الطبول، فليجمع أهل الطرق رأيهم وليخططوا هذه الخطوة الصائبة، ولينظموا صفوفهم ويهذبوا نشيدهم أو يخلقوه خلقًا جديدًا”.

وعن السلفية والتصوف كتب الحداد يقول: 

بين الحين والآخر، تتجدد المعارك الكلامية، والفتاوى الدينية، ما بين التحريم والتجريم والتكفير تارة أخري، بين مشايخ الدعوة السلفية وقياداتها، وبين أنصار وأبناء الطرق الصوفية ومشايخها، فى حرب فتاوى ومعارك، الخاسر الوحيد فيها، هو الدين الإسلامي الحنيف، ووسطيته.

ويروج «السلفيون» إلى أن عددا من كبار المتصوفة، أمثال، الصيرفي، والغزالي، والزجاجي، والنساج، والقصار، والوراق، والخراز، والحلاج، ومن بعدهم المريدين، هم أصحاب بدع وشركيات ومنكرات ترتكب، جهارا نهارا باسم التصوف وباسم الأولياء، وباسم المرجعية وباسم الهوية، وتخالف الدين بل وتحاربه أيضا، بأن جعلت الشرك مكان التوحيد، والبدعة مكان السنة، والمنكر مكان المعروف، وحولت الناس إلى الجهل والخرافة، مما يُخرج المنتمين للطرق الصوفية من الإيمان للكفر، وبالتالي يستحل أعراضهم وأموالهم ودماءهم.

وتقوم «السلفية» بتقسيم «الصوفية» إلى ثلاث طبقات: الأولي، يغلب على أكثرهم الاستقامة فى العقيدة، والإكثار من دعاوى التزام السنة ونهج السلف، ومن أشهر رموز هذا التيار، أبو القاسم الخراز المعروف بـ«الجنيد»، ويلقبه الصوفية بـ«سيد الطائفة»، ومن أهم سماتهم كثرة الوعظ، والقصص مع قلة العلم والفقه والتحذير من تحصيلهما فى الوقت الذى اقتدى أكثرهم بسلوكيات رهبان أهل الكتاب ونساكهم حيث حدث الالتقاء ببعضهم.

مما زاد فى البُعد عن سمات الصحابة وأئمة التابعين، ونتج عن ذلك اتخاذ دورٍ للعبادة غير المساجد، يلتقون فيها للاستماع للقصائد الزهدية أو قصائد ظاهرها الغزل بقصد مدح النبي الكريم، مما سبب العداء الشديد بينهم وبين السلف، كما ظهرت فيهم ادعاءات الكشف والخوارق.

أما الطبقة الثانية، فهي التي خلطت الزهد بعبارات الباطنية، وانتقل فيها الزهد من الممارسة العملية والسلوك التطبيقي إلى مستوى التأمل التجريدي والكلام النظري؛ ولذلك ظهر فى كلامهم مصطلحات: «الوحدة، والفناء، والاتحاد، والحلول، والسكر، والصحو، والكشف، والبقاء، والمريد، والعارف، والأحوال، والمقامات»، وشاع بينهم التفرقة بين الشريعة والحقيقة، وتسمية أنفسهم أرباب الحقائق وأهل الباطن، وسموا غيرهم من الفقهاء أهل الظاهر والرسوم، وغير ذلك مما كان غير معروف عند السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة ولا عند الطبقة الأولى من المنتسبين إلى الصوفية، ومن أهم أعلام هذه الطبقة، أبو اليزيد البسطامي، ذو النون المصري، الحلاج، الترمذي.

والطبقة الثالثة، فيها اختلط التصوف بالفلسفة اليونانية، وظهرت أفكار الحلول والاتحاد ووحدة الوجود موافقة لقول الفلاسفة، كما أثرت فى ظهور نظريات الفيض والإشراق على يد الغزالي والسهروردي، ويعتبر «السلفيون» هذه الطبقة من أخطر الطبقات والمراحل التي مر بها التصوف، والتي تعدت مرحلة البدع العملية، إلى البدع العلمية، التي بها يخرج التصوف عن الإسلام بالكلية، ومن أشهر رموز هذه الطبقة، السهروردي، ابن عربي، ابن الفارض، وابن سبعين.

هذا التقسيم جعل «السلفيين» ينظرون إلى «الصوفية» و«التصوف»، بازدراء بل ويصل الأمر إلى التكفير والقتل، كما حدث في العديد من الوقائع، وآخرها حادث مسجد «الروضة» فى شبه جزيرة سيناء، وهو الذى يدفعنا إلى التساؤل عن أسباب هذا العداء بين فصيلين كلاهما يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.

ولفهم هذا العداء يجب أن نتعرف على الاتهامات التي يوجهها السلفيون للصوفية، والتي يأتي فى مقدمتها «التقية»؛ فالسلفيون يعتبرون «الصوفية» تمارس «التقية الشيعية» وأنها مجرد «مخرج» من مخرجات التشيع، وأن فكرهم يعتمد على الكذب على الخصوم وعدم الرغبة فى الحوار والمصارعة بالألفاظ بعيدًا عن الحجة بالدليل والبرهان كالكتاب والسنة.

كما يتهم أصحاب الفكر السلفي دائما، أهل التصوف بـ«الخنوع» و«الجبن» تحت دعوى التكيف والعيش في مجتمع مدني، وأنهم لا يبغون التسيد على المشهد السياسي والاجتماعي على خلاف التيار السلفي، الذى يسعى بشكل دائم إلى تكريس خطابهم وإعلاء كلمة «السلفية» التي يجب أن تنازع الملك في السيطرة على قلوب وعقول المواطنين.

كما يعتبر السلفيون أن حياة التصوف لا تليق بالمسلم الحق الذى يجب أن يكون عالي الهمة وليس ذليلا وضعيفا وزاهدا في الحياة، ويعيش داخل المجتمع يعانى الانطواء والاستبعاد الاجتماعي، وكراهية الحياة، وحب الخمول والكسل حتى يصل إلى التسول.

ويعتبر السلفيون «الصوفية» وأنصارهم قوة كبيرة معطَّلة، ويريدون استغلالها أو القضاء عليها حتى يحتلوا المشهد الديني وحدهم، ليتفرغوا لمواجهة الدولة وتحقيق أهدافهم السياسية، وهو ما حدث فى عهد المعزول محمد مرسى.

وحول الصراع بين السلفية والصوفية كتب الحداد يقول لا يقف عند القضايا الفقهية العقائدية، بل كلا الطرفين يسعى كل منهما لاستقطاب أكبر عدد من الأتباع، ويرى كل طرف منهما أن لديه القوة لابتلاع الآخر وإلغائه وإنهاء وجوده إلى الأبد من خلال تكثيف الدعوة ومحاولة اجتذاب أتباع جدد.

فالسلفية والصوفية لديهما إحساس بالاصطفاء، فالسلفيون يعتبرون أفكارهم ومنهجهم الدعويّ، قائم على صحيح الدعوة الإسلامية ويركزون على إطلاق اللحى وتقصير الثوب للرجال ولبس النقاب للسيدات، وهو الأمر الذى يرى الصوفيون أنه تركيز على الشكل والمظهر دون الجوهر، وأن السلفية هي شكل بلا روح، وأنهم جماعات متشددة ومتجهمة تحتفل وتحتفى بالطقوس على حساب الحقيقة الدينية، وتتعامل مع الإسلام بشكل لا يقوم على الحب بقدر ما يقوم على المنفعة، كما يتهم الصوفية السلفيين بأنهم مصابون بمرض التعالي على المجتمع الذى يعيشون فيه ولديهم شعور زائف.

وهناك خلاف محتدم بين السلفية والصوفية لم يتوقف حول «ابن تيمية» الذى انتقد الصوفية، وما سماها بـ«البدع»، وشن عليهم حملة شعواء لا هوادة فيها، واتهمهم بالتآمر مع التتار، فى إسقاط الخلافة العباسية، وهو ما رد عليه الصوفية بتأليب الناس ضده واتهام أتباعه بالتطرف، واتهامه بالنصب والنفاق.

وفيما يتعلق بإثبات صفة الله، اعتمدت الصوفية على العقل فى تأويل الآيات القرآنية التى تفيد التشبيه والتجسيم وغيرها من الصفات التي لم يروها تليق بذات الله، وهو ما يرفضه السلفيون رفضا قاطعا، ونتيجة لموقف هؤلاء القاطع من عملية التأويل التي مارسها المتصوفة، يناصبونهم العداء، ويهاجمون ممارساتهم وطقوسهم وحتى عقائدهم، بل ويعتبرها بعضهم من تلابيس إبليس، وهو ما يعنى عدم وجود أية مساحة مشتركة للتلاقي مع المتصوفة.

دائما ما يتهم «السلفية» أتباع الطرق الصوفية، بممارسة الشرك الخفي، وأنهم يتبركون بالأضرحة ويلجأون للأولياء الصالحين لقضاء حاجاتهم، ويصل بهم الأمر إلى تقديم الولي على النبي، والإيمان بالحقيقة على حساب الشريعة، وعدم الالتزام بالفرائض المعلومة من الدين بالضرورة، كما يوجه السلفيون نقدًا حادًا للسلوكيات التي تحدث في موالد الأولياء الصالحين التي يرتادونها، ويحتفى بها الصوفيون، ويؤكد السلفيون أن الموالد يحدث بها اختلاط بين النساء والرجال، مما يترتب على ذلك شيوع أعمال الفسق والفجور في زحام الموالد، وأن حلقات الذكر تقوم على حساب الصلاة المفروضة

مقالات مشابهة

  • في كتاب "العودة إلى للتصوف".. حسام الحداد يطرح الأسئلة الشائكة في توظيفه السياسي
  • بعد 24 عيدا في السجون.. عائلات المعتقلين السياسيين في مصر: القهر أنهكنا
  • عيد الفطر في اليمن.. فرحة سرقتها السجون والقبور
  • الرئيس التونسي: عهد «اللوبيات» يجب أن ينتهي
  • قبل الحلقة الأخيرة.. صورة مسربة تكشف مصير نيكول سابا في "وتقابل حبيب"
  • هذا هو العيد في غزة .. شهداء وجرحى ومشاهد مؤلمة / فيديوهات
  • تفاعل واسع مع هاشتاغ ” #عيدنا_لغزة “.. ” #لا_فرحة_في_ظل_المجازر “
  • تفاعل واسع مع هاشتاغ عيدنا لغزة.. لا فرحة في ظل المجازر
  • قصف أميركي على صعدة.. استهدف اجتماعاً لقيادات حوثية
  • قصف أميركي على صعدة .. استهدف اجتماعاً لقيادات حوثية