واشنطن- اختتمت مذكرة التفاهم الصادرة من البيت الأبيض حول تطوير ممر اقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا بعبارة غامضة مفادها أن المذكرة جاءت نتيجة مشاورات أولية، لتحديد الالتزامات السياسية للمشاركين، دون أن تنشئ حقوقا أو التزامات بموجب القانون الدولي.

ويعتزم المشاركون الاجتماع في غضون 60 يوما القادمة وضع خطة عمل ذات جداول زمنية يتم الالتزام بها.

وتشير الجملة الختامية من الإعلان الرسمي عن المبادرة إلى غياب أهم التفاصيل المتعلقة بالمشروع الطموح، الذي سارع رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو للاحتفاء به كخطوة كبيرة واختراق جديد بمسار التطبيع مؤكدا أن إسرائيل ستكون "مفترق طرق مركزي" في الخطة وستسخر جميع الموارد لتحقيق ذلك.

وفي حديث للجزيرة نت، قالت خبيرة الشؤون الدولية بمعهد ستيمسون في واشنطن باربرا سلافين "لم أر التفاصيل مثل مسار خطوط الأنابيب، والطرق الجديدة على سبيل المثال، وبصراحة أنا متشككة في أن المشروع سيؤتي ثماره خلال الوقت قريب".

وأضافت "يبدو الأمر أشبه بلعبة علاقات عامة للتنافس مع مبادرة الحزام والطريق الصينية، وسيتطلب الأمر تطبيعا بين السعودية وإسرائيل كبداية، وهذا أمر غير مضمون حتى الآن".

المبادرة تتماشى مع نهج إدارة بايدن (يسار) تجاه الحلفاء والشركاء الشرق أوسطيين (الأناضول) خدمة مصالح واشنطن

ويمتد نطاق المبادرة الجغرافي ليبدأ من الهند، وينتهي في أوروبا مرورا بالشرق الأوسط، وهو ما يبعد كثيرا عن الأراضي ومسارات التجارة الأميركية الرئيسية مما دفع لطرح أسئلة حول حماس الولايات المتحدة للمبادرة والاحتفاء بها خاصة مع غياب وجود أهداف واضحة تخدم مصالحها المباشرة مع دول تجمعها بها علاقات جيدة سياسيا واقتصاديا.

وأشار ديفيد ماك السفير السابق بالخارجية الأميركية -في حديث للجزيرة نت- إلى أن المبادرة "تتماشى مع نهج إدارة بايدن تجاه الحلفاء والشركاء في الشرق الأوسط وأوروبا، فضلا عن المصالح المتبادلة المتنامية مع الهند، والتأكيد على دور الولايات المتحدة كشريك وليس شرطيا للمنطقة".

وأضاف أن بلاده "تحاول تكرار ما فعلته بعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا الغربية، إلى جانب المؤسسات العالمية مثل الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي حيث تمارس جميع الدول ذات السيادة أدوارا متساوية".

من جانبه، أوضح ديفيد دي روش المسؤول السابق بالبنتاغون، والمحاضر بكلية الدفاع الوطني في واشنطن، أهمية المبادرة قائلا "لقد أهملت الولايات المتحدة جهود التنمية العالمية، وخاصة تطوير البنية التحتية، منذ نهاية الحرب الباردة، وركزت بدلا من ذلك على بناء نظام عالمي ليبرالي يسهل التجارة".

وأضاف روش للجزيرة نت "كانت وجهة نظر واشنطن تتمثل في أن زيادة التجارة العالمية تعد أفضل طريقة للتخفيف من حدة الفقر، ومن المفارقات أن أفضل مثال على ذلك هو صعود الصين، والذي كان مستحيلا بدون موافقة واشنطن على انضمامها إلى مختلف هيئات التجارة العالمية".

وتابع "لكن الولايات المتحدة أدركت، السنوات الأخيرة، أن بكين تسعى لبناء نفوذ سياسي (وربما شبكة من القواعد العسكرية) من خلال مشروعات البنية الأساسية".

الطريق الجديد بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط (الجزيرة) منافسة مشروع الحزام الصيني

واعتبر عدد من المراقبين أن أهداف المشروع تركز على مواجهة مشروع "الحزام والطريق" الصيني، والتي تحتفل بكين العام الجاري بمرور 10 سنوات على تدشينه.

وغرد موريتز رودولف (خبير الشؤون الصينية بجامعة ييل) -عبر منصة إكس- وقال "قد ينظر للمشروع على أنه استجابة إلى أحد العاملين التاليين، أو كليهما، مبادرة الحزام والطريق الصينية، والتطوير الكبير في العلاقات السياسية والاقتصادية بين بكين ودول الشرق الأوسط ".

وفي حديث للجزيرة نت، أشار رودولف إلى أن الخطوة بالنسبة للولايات المتحدة تعالج المخاوف من زيادة النفوذ الصيني بالشرق الأوسط.

وأكد وجود مصلحة مباشرة لواشنطن بهذا الممر العالمي وقال "الأمر يتعلق أكثر بالرمزية ووضع سرد مضاد للصين كونها راعية الجنوب العالمي، وسيكون التنفيذ أكثر أهمية من مجرد أخذ الصور الاحتفالية".

نتنياهو: رؤية المشروع تعيد تشكيل ملامح الشرق الأوسط (نتنياهو على منصة إكس) إسرائيل ومسار التطبيع

واختلفت آراء المعلقين حول تأثير المشروع على ملف التطبيع العربي الإسرائيلي، واعتبر جوناثان شانزر (نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن) أن إسرائيل أمام مفترق طرق مهم عبر هذا المشروع المترامي الأطراف مع دول عربية إقليمية.

من جهته أشار السفير ماك إلى أن الجمهور الإسرائيلي سيرغب في أن يكونوا جزءا من المبادرة التي ستسهم في جهد نهائي لتحويل السيطرة السياسية الإسرائيلية من الجناح اليميني إلى الوسط.

وتابع "أعتقد أن الصفقة الضخمة بين إسرائيل والسعودية لا تزال غير مواتية، نظرا للخلافات والتباعد الكبير بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

في المقابل، أشار دي روش إلى عدم اعتقاده أن المبادرة الجديدة مرتبطة بآمال إدارة بايدن في أن تقدم السعودية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، موضحا أن مطالب الرياض تتجاوز بكثير ما تستعد الولايات المتحدة لتقديمه كجزء من المبادرة الجديدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الشرق الأوسط للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

روسيا: إسرائيل لن تسمح للأمم المتحدة بلعب أي دور في تسوية صراع الشرق الأوسط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية "الكرملين" دميتري بيسكوف، اليوم الأربعاء، إن إسرائيل يبدو أنها لن تسمح للأمم المتحدة بلعب أي دور في تسوية الصراع القائم في منطقة الشرق الأوسط، وذلك عقب إعلان إسرائيل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، شخصا غير مرغوب به.

وقال بيسكوف في تصريحات صحفية، معلقا على إعلان وزير الخارجية الإسرائيلي في وقت سابق من اليوم الأمين العام للأمم المتحدة شخصا غير مرغوب فيه: "نحن نرى وجهة النظر الإسرائيلية، وهي أن إسرائيل لا تسمح بأي دور للأمم المتحدة. وبالفعل فإن الوضع متوتر للغاية في المنطقة، وندعو الجميع إلى ضبط النفس"، حسبما أوردت وكالة أنباء /تاس/ الروسية.

في وقت سابق من اليوم، أفادت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية نقلا عن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بأن إسرائيل منعت جوتيريش من دخول أراضيها وأعلنته شخصا غير مرغوب به، بسبب عدم إدانته للهجوم الإيراني على إسرائيل.

ومن ناحية أخرى، أفادت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا اليوم الأربعاء، بأن موسكو تبذل كل ما في وسعها لمنع التطورات الكارثية في الشرق الأوسط، وتجري اتصالات مع الشركاء الدوليين والإقليميين بهذا الشأن، موضحة أن حل هذا الصراع الطويل الأمد يكمن حصريا في المستوى السياسي والدبلوماسي، ويجب أن يستند إلى الإطار والأعراف القانونية الدولية القائمة.

وقالت زاخاروفا - في تصريح بثته وكالة الأنباء الروسية "سبوتنك" -: "نحن حقا نبذل كل ما في وسعنا، واليوم الممثلون والسفراء ورؤساء البعثات الدول العربية في موسكو اتفقوا على ذلك لمنع حدوث سيناريو كارثي".

وأردفت قائلة: " روسيا تحافظ على اتصالات مع الشركاء الإقليميين والدوليين، وروسيا تنشط في الأمم المتحدة".

وقالت زاخاروفا، بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل أمس، عبر تطبيق "تلجرام": "فشل كامل لإدارة بايدن في الشرق الأوسط، دراما دموية تكتسب زخمًا متزايدًا. تُظهر تصريحات البيت الأبيض، غير الواضحة، عجزا تاما عن حل الأزمات".

مقالات مشابهة

  • الغموض يحيط بمصير «صفى الدين» المرشح لرئاسة حزب الله بعد استهدافه.. الاحتلال يُنذر سكان 35 بلدة فى جنوب لبنان بالإخلاء الفورى
  • باحثة سياسية: الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تسير الأمور في الشرق الأوسط
  • الولايات المتحدة وإسرائيل.. الأولويات بشأن التصعيد في الشرق الأوسط
  • واشنطن: نسعى لتجنب التصعيد في الشرق الأوسط
  • العالم يتخلى عن بايدن ويتجاوزه.. مايكل هيرش: خطاب الرئيس الأمريكى حول النظام العالمى عكس فشل دبلوماسية واشنطن فى الشرق الأوسط
  • نيبينزيا: إسرائيل تخطط لإشعال صراع بين إيران والولايات المتحدة
  • روسيا: إسرائيل لن تسمح للأمم المتحدة بلعب أي دور في تسوية صراع الشرق الأوسط
  • سفير روسيا لدى إسرائيل: ندعو لإنهاء العمليات القتالية في المنطقة فورا
  • الخارجية الروسية: واشنطن مسؤولة بشكل مباشر عن التطورات في الشرق الأوسط
  • بوريطة يلتقي بلينكن في واشنطن ويؤكد على الشراكة من أجل السلام في الشرق الأوسط