يحيط به الغموض.. أسئلة أكثر من الإجابات عن الممر الاقتصادي الجديد
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
واشنطن- اختتمت مذكرة التفاهم الصادرة من البيت الأبيض حول تطوير ممر اقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا بعبارة غامضة مفادها أن المذكرة جاءت نتيجة مشاورات أولية، لتحديد الالتزامات السياسية للمشاركين، دون أن تنشئ حقوقا أو التزامات بموجب القانون الدولي.
ويعتزم المشاركون الاجتماع في غضون 60 يوما القادمة وضع خطة عمل ذات جداول زمنية يتم الالتزام بها.
وتشير الجملة الختامية من الإعلان الرسمي عن المبادرة إلى غياب أهم التفاصيل المتعلقة بالمشروع الطموح، الذي سارع رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو للاحتفاء به كخطوة كبيرة واختراق جديد بمسار التطبيع مؤكدا أن إسرائيل ستكون "مفترق طرق مركزي" في الخطة وستسخر جميع الموارد لتحقيق ذلك.
وفي حديث للجزيرة نت، قالت خبيرة الشؤون الدولية بمعهد ستيمسون في واشنطن باربرا سلافين "لم أر التفاصيل مثل مسار خطوط الأنابيب، والطرق الجديدة على سبيل المثال، وبصراحة أنا متشككة في أن المشروع سيؤتي ثماره خلال الوقت قريب".
وأضافت "يبدو الأمر أشبه بلعبة علاقات عامة للتنافس مع مبادرة الحزام والطريق الصينية، وسيتطلب الأمر تطبيعا بين السعودية وإسرائيل كبداية، وهذا أمر غير مضمون حتى الآن".
ويمتد نطاق المبادرة الجغرافي ليبدأ من الهند، وينتهي في أوروبا مرورا بالشرق الأوسط، وهو ما يبعد كثيرا عن الأراضي ومسارات التجارة الأميركية الرئيسية مما دفع لطرح أسئلة حول حماس الولايات المتحدة للمبادرة والاحتفاء بها خاصة مع غياب وجود أهداف واضحة تخدم مصالحها المباشرة مع دول تجمعها بها علاقات جيدة سياسيا واقتصاديا.
وأشار ديفيد ماك السفير السابق بالخارجية الأميركية -في حديث للجزيرة نت- إلى أن المبادرة "تتماشى مع نهج إدارة بايدن تجاه الحلفاء والشركاء في الشرق الأوسط وأوروبا، فضلا عن المصالح المتبادلة المتنامية مع الهند، والتأكيد على دور الولايات المتحدة كشريك وليس شرطيا للمنطقة".
وأضاف أن بلاده "تحاول تكرار ما فعلته بعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا الغربية، إلى جانب المؤسسات العالمية مثل الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي حيث تمارس جميع الدول ذات السيادة أدوارا متساوية".
من جانبه، أوضح ديفيد دي روش المسؤول السابق بالبنتاغون، والمحاضر بكلية الدفاع الوطني في واشنطن، أهمية المبادرة قائلا "لقد أهملت الولايات المتحدة جهود التنمية العالمية، وخاصة تطوير البنية التحتية، منذ نهاية الحرب الباردة، وركزت بدلا من ذلك على بناء نظام عالمي ليبرالي يسهل التجارة".
وأضاف روش للجزيرة نت "كانت وجهة نظر واشنطن تتمثل في أن زيادة التجارة العالمية تعد أفضل طريقة للتخفيف من حدة الفقر، ومن المفارقات أن أفضل مثال على ذلك هو صعود الصين، والذي كان مستحيلا بدون موافقة واشنطن على انضمامها إلى مختلف هيئات التجارة العالمية".
وتابع "لكن الولايات المتحدة أدركت، السنوات الأخيرة، أن بكين تسعى لبناء نفوذ سياسي (وربما شبكة من القواعد العسكرية) من خلال مشروعات البنية الأساسية".
واعتبر عدد من المراقبين أن أهداف المشروع تركز على مواجهة مشروع "الحزام والطريق" الصيني، والتي تحتفل بكين العام الجاري بمرور 10 سنوات على تدشينه.
وغرد موريتز رودولف (خبير الشؤون الصينية بجامعة ييل) -عبر منصة إكس- وقال "قد ينظر للمشروع على أنه استجابة إلى أحد العاملين التاليين، أو كليهما، مبادرة الحزام والطريق الصينية، والتطوير الكبير في العلاقات السياسية والاقتصادية بين بكين ودول الشرق الأوسط ".
وفي حديث للجزيرة نت، أشار رودولف إلى أن الخطوة بالنسبة للولايات المتحدة تعالج المخاوف من زيادة النفوذ الصيني بالشرق الأوسط.
وأكد وجود مصلحة مباشرة لواشنطن بهذا الممر العالمي وقال "الأمر يتعلق أكثر بالرمزية ووضع سرد مضاد للصين كونها راعية الجنوب العالمي، وسيكون التنفيذ أكثر أهمية من مجرد أخذ الصور الاحتفالية".
واختلفت آراء المعلقين حول تأثير المشروع على ملف التطبيع العربي الإسرائيلي، واعتبر جوناثان شانزر (نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن) أن إسرائيل أمام مفترق طرق مهم عبر هذا المشروع المترامي الأطراف مع دول عربية إقليمية.
من جهته أشار السفير ماك إلى أن الجمهور الإسرائيلي سيرغب في أن يكونوا جزءا من المبادرة التي ستسهم في جهد نهائي لتحويل السيطرة السياسية الإسرائيلية من الجناح اليميني إلى الوسط.
وتابع "أعتقد أن الصفقة الضخمة بين إسرائيل والسعودية لا تزال غير مواتية، نظرا للخلافات والتباعد الكبير بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
في المقابل، أشار دي روش إلى عدم اعتقاده أن المبادرة الجديدة مرتبطة بآمال إدارة بايدن في أن تقدم السعودية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، موضحا أن مطالب الرياض تتجاوز بكثير ما تستعد الولايات المتحدة لتقديمه كجزء من المبادرة الجديدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الشرق الأوسط للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: توتر بين القوميين المتطرفين الروسييين في ظل التقارب المفاجئ مع الولايات المتحدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أنه في أعقاب التحول الكبير في سياسة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه روسيا، يسعى القوميون المتطرفون المؤثرون في روسيا لفهم التغير المفاجئ في العلاقات مع أكبر أعداء روسيا.
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ الهجوم الروسي الكامل على أوكرانيا قبل ثلاث سنوات، كان العديد من أفراد المجتمع الروسي، وخاصة أولئك الذين يشاركون بنشاط في الحرب، قد تم تغذيتهم بالأيديولوجيا التي يروج لها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والقوميون الروس، والتي تعتبر أن روسيا تخوض حربًا وجودية ضد "الغرب الجماعي" بقيادة الولايات المتحدة.
وأعطت الحرب انكشافًا كبيرًا لما يُعرف بمجتمع "Z" الروسي - المتطوعين المؤيدين للحرب، والمدونين العسكريين، والقوميين المتطرفين الذين يرغبون في رؤية إخضاع أوكرانيا تمامًا.
وقال العديد ممن تمت مقابلتهم من قبل واشنطن بوست إنهم لن يقبلوا بتسوية سلام إلا إذا تضمنت إقالة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وتغيير السلطة في كييف.
ومع تقدم المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة ببطء، سيضطر بوتين إلى مراقبة هذه الفئة الصاخبة (والمسلحة جيدًا) من المجتمع، التي أصبحت أقوى خلال الحرب وفي مرحلة ما انفجرت في تمرد مفتوح مع تمرد قائد المرتزقة يفجيني بريجوجين.
وذكرت الصحيفة أن القوميين المتطرفين لعبوا دورًا مهمًا طوال الصراع، فالعديد منهم قاتلوا في الصفوف الأمامية وتم مكافأتهم بزيادة في مكانتهم الاجتماعية في المجتمع الروسي خلال الحرب، ولعقود من الزمن، كان هؤلاء الشخصيات القومية يُنظر إليهم من قبل الرئاسة الروسية "الكرملين" كمصدر غير مستقر للمعارضة المحتملة، ولكن تم استخدامهم لدعم الرسالة الحكومية حول ضرورة هذه الحرب الدموية والمستمرة.
ومع ذلك، ظهرت هذه الفئة أيضًا كمصدر نادر للنقد تجاه بوتين وقرارات حكومته، وتم التعامل مع بعضهم عندما تجاوزوا الحدود، فلقد تم تهديد الكرملين داخليًا عندما حدث تمرد بريجوجين ومجموعة فاجنر في 2023، والذي كان يمثل أكبر تهديد داخلي في الذاكرة الحديثة. وتم احتواء تمرده، ولقي بريجوجين وقادته مصرعهم في حادث تحطم طائرة غامض.
وفي العام الماضي، تم سجن إيجور جيركين، وهو ضابط سابق في جهاز الأمن الفيدرالي وقائد انفصاليين، لمدة أربع سنوات بتهم التطرف.
وأشارت الصحيفة إلى هناك حالة قلق أخرى من المجتمع الأرثوذكسي الروسي، الذي كان قد دعم بسرعة رواية الكرملين بأن الغزو جزء من "حرب حضارية" و"روحية" ضد الغرب الفاسد والشيطاني، وبعد البداية الحماسية لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، بدأ القلق في الظهور.
وكتب بوريس كورشيفنيكوف، مقدم برنامج على قناة "سباس" الدينية التابعة للدولة الروسية، على تليجرام الأسبوع الماضي أن الأمريكيين يرونها "صفقة" بينما هي بالنسبة لهم "حرب وتضحية من أجل مستقبل روسيا".
وأضاف أن "كلمة صفقة" مثيرة للاشمئزاز لأنها تتغاضى عن التضحية الروسية وشرف الجيش الروسي.
ومن جهة أخرى، يشعر العديد من الجنود الروس في الخطوط الأمامية أن الحرب هي أكثر من مجرد قتال ضد الأوكرانيين، حيث يعتقدون أنهم يخوضون حربًا ضد الناتو والولايات المتحدة، بعدما شهدوا بشكل مباشر الأثر المدمر للأسلحة المقدمة من الولايات المتحدة إلى أوكرانيا.
وقال قائد وحدة استطلاع في تشاسيف يار إن معظم الجنود الروس "لا يهتمون" بتقارير وسائل الإعلام التي وصفوها بأنها "هراء عاطفي" كانت موجهة للاستهلاك الغربي، وقال إنه هو وزملاؤه يركزون فقط على تنفيذ الأوامر.
وأضاف "نحن نعمل، ليس لدينا وقت، ولسنا مهتمين بالأمر. كل شيء يتعلق بالنصر، النصر، النصر بالنسبة لنا".
ويعتقد بعض القوميين المتطرفين أن أي تسوية سلام ستضر بمصالحهم الوطنية. وعلى الرغم من وجود فرصة ضئيلة لقيام هؤلاء الراديكاليين في وقت لاحق بالاعتراض على صفقة سلام محتملة، إلا أنهم لا يزالون يمثلون أقلية في المجتمع الروسي، حيث يظل غالبية الروس غير مهتمين ومستعدين لدعم أي قرار يتخذه بوتين - على حد تفسير الصحيفة الأمريكية.
وقال أليكسي فيديديكتوف، رئيس تحرير محطة "إيكو موسكفي" الإذاعية، إن "السؤال دائمًا هو، ماذا نحن نقاتل من أجله؟ ومن ضد من؟ الآن أصبح الأمر مكشوفًا مجددًا أننا لا نقاتل ضد أحد، بل نحن نقاتل من أجل مكاننا تحت الشمس، والقمر، والسماء".