«الباوباب» شجرة معمرة في قلب جدة يتجاوز عمرها 150 عامًا
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
تقف شجرة "الباوباب" المعمرة التي يتجاوز عمرها 150 عامًا محاذية لأسوار جدة التاريخية وبابها الشامي لتجسد أثرًا لقوافل الرحمن من ضيوف بيت الله الحرام، راوية وشاهدة قصة إنسان قدم للحج قبل ما يزيد عن 150 عاماً، حاملاً بيده فسلة من أشجار غرب السودان ليغرسها في أرض بلاد الحرمين الشرفين فرحاً بوصوله، لتبقى له أثراً جميلاً وأجراً دائمًا بإذن الله.
تقف شجرة "الباوباب" المعمرة البالغ قطر جذعها ما يقارب عشرة أمتار، وبأغصانها الممتدة لتشكل ظلاً ظليلًا لعابري السبيل ومتنفسًا للأهالي والزوار وعلماً للمكان، لتسرد فصلاً من فصول حياة هذه الشجرة المعمرة، التي تبدو للقادم إليها كأنها أسطورة بيئية خالدة، فهي تنمو بارتفاعات عالية في سهول السافانا الأفريقية، ويصل أطوالها لما يقارب 100 قدم.
وأوضح مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة مكة المكرمة بالإنابة، المهندس وليد بن إبراهيم آل دغيس، أن الأسم الشائع لهذه الشجرة محليًا هو "الحبحبوه"، ولها ثمرة بشكل صدفي كمثري يحتوي على بذور سوداء تغلفها مادة بيضاء جافة جدًا، تستخدم (مسحوق) لها طعم حامض نوعا ما، مشيراً إلى أن هذه الشجرة لها عدة مسميات عرفت بها، منها: "التبلدي"، و"البُوحِبَاب" و "الباوباب"، أما الاسم العلمي لها فتعرف بي «Adansonia» أو «baobab».
وأشار إلى أن هذه الشجرة في الأصل تنمو في المناطق الإستوائية وفي أماكن معينة في قارة أفريقيا تشمل جنوب أفريقيا، وبوتسوانا، وموزمبيق، ومدغشقر، وغرب السودان، وتمثل أهمية كبيرة للحفاظ على التوازن البيئي.
وتُعد الشجرة أحد أهم وأقدم الأشجار المعمرة الموجودة على سطح الأرض، تمتاز باحتوائها على العديد من الفوائد الصحية بشكل يفوق أي مركب كيميائي، ويستفيد منها الأهالي في غرب السودان لتخزين مياه الأمطار، إذ يبلغ سعتها حوالي من 10 لترات.
يذكر أن أمانة جدة تعمل بالتعاون مع فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة مكة المكرمة للحفاظ على هذه الشجرة العملاقة بتدوين تاريخها وحكايتها عبر إعادة إحياء “حي البغدادية“، في إطار المساهمة في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 ومبادرة السعودية الخضراء، للحفاظ على مثل هذه الأشجار الراسخة والمعمرة والتي تعزز الأمن والتوازن البيئي.
المصدر: صحيفة عاجل
إقرأ أيضاً:
ليالي مسقط : المخطوطات إرث حضاري وجهود للحفاظ على طابعها التاريخي
تشارك وزارة الثقافة والرياضة والشباب في مهرجان ليالي مسقط بمتنزه النسيم بزاوية بعنوان "المخطوطات العمانية: إرث وحضارة" بهدف تسليط الضوء على أهمية المخطوطات العمانية كجزء من التراث الثقافي والحضاري لسلطنة عمان.
وتتضمن الزاوية عرضا لمجموعة من المخطوطات العمانية القديمة التي توثق جوانب مختلفة من التاريخ العماني، بما في ذلك العلوم والآداب والفنون، كما يقدم المشاركون من الوزارة شرحا تفصيليا لعمليات الترميم التي تخضع لها المخطوطات، بدءا من استقبالها بحالتها الأولية وحتى إصدارها كمنتج نهائي يُحافظ على قيمتها التاريخية والفنية، فقد استعرضت فايزة بنت حمد الهوتية مجموعة مختارة من المخطوطات أبرزها مخطوطة في الحديث "صحيح البخاري"، مشيرة إلى أن هذه المخطوطة تجلى فيه إبداع ودقة الخطاط حيث رسم في هذه المخطوطة عبارة "يَمرون بين يديه" بخط عريض حملت بداخلها المعوذتين واسم الخطاط أحمد بن مبارك الحكيم السنيدي وتاريخ نسخه للمخطوطة في 820 للهجرة، مما يعكس ذلك أن الخط العربي يمزج بين النص والفن.
وأشارت الهوتية إلى أن ديوان المعولي تميز بخط نسخي أنيق وزخرفة بديعة حيث كتبت إحدى قصائده بأسلوب التشجير، حيث يبدأ النص من جذع الشجرة ويتفرع إلى الأطراف، ويأتي البيت الأول على اليمين والبيت الثاني على اليسار وهو من تأليف الشاعر محمد بن عبدالله المعولي.
كما تعرفنا معها على مطوية خطبة العيدين، وهي محفوظة في الوزارة، بطول 6 أمتار، حملت مجموعة من خطب عيد الفطر وعيد الأضحى تعود للقرن الحادي عشر الهجري، ومكتوبة باللونين الأسود والأحمر مع زخارف نباتية وتذهيب في نهايتها.
كما تضمنت المجموعة مصحفا مخطوطا لخميس بن سليمان الحارثي، يضم زخارف هندسية دقيقة على هيئة دوائر وإطارات مستطيلة باللونين الأحمر والأسود، وتميز المصحف بكتابة مطالع السور مع تفاصيل حول عدد الآيات ومكان النزول داخل إطار باللون الأحمر.
كما زين مخطوطة علم الفلك وجود رسومات فلكية متقنة، توضح حركة القمر ومواقعه واتجاه القبلة، بتصاميم هندسية متعددة الألوان.
واستعرضت الهوتية جزءا من موسوعة "بيان الشرع" التي حوت 72 مجلدا ألفها محمد بن إبراهيم الكندي وتعد أضخم موسوعة فقهية، مشيرة إلى أن الوزارة تمتلك 6000 مخطوطة، كما استعرضت الزاوية وسائل وأدوات كتابة المخطوطات القديمة مثل ريش الطاووس، وكتف الجمل الذي استخدمه الخطاطون لإبراز جماليات الخط.
كما عرّف أحمد بن صالح الكاسبي بطرق الترميم الدقيقة للمخطوطات التي تضمن الحفاظ على هذه الكنوز للأجيال القادمة، مشيرا إلى أنه عادة ما تصل المخطوطات بحالة سيئة، حيث تحتوي على ميكروبات وأوساخ؛ لأنه أحيانا يتم العثور عليها في أماكن غير نظيفة كالمقابر أو المناطق المهملة، فيتم فحصها باستخدام المجهر للتأكد من وجود الميكروبات والفطريات والأوساخ قبل البدء بعمليات التنظيف، موضحا أنه بعد الفحص، يتم نقل المخطوطات إلى مرحلة التعقيم، حيث توضع في هذه المرحلة المخطوطات في أجهزة تعقيم متطورة لمدة يوم إلى يومين، تعمل على تنقية المخطوطات وإزالة الأتربة والأوساخ والميكروبات بشكل كامل، مما يضمن نظافتها قبل الانتقال إلى المراحل التالية، لينتقل المخطوط بعدها إلى مرحلة الترميم، حيث يتم فحص المخطوط على طاولة الترميم، وقد تكون هناك أجزاء مفقودة أو تالفة، ولكن يتم التعامل مع المخطوط بحرص شديد دون إضافة أي كلمات أو حروف مفقودة، موضحًا أن الهدف الأساسي هو إصلاح النسخة الحالية دون المساس بمحتواها الأصلي، مبينًا أنه يتم استخدام ورق خاص يُعرف بـ"السليلوز الإيطالي" في عملية الترميم، حيث يتميز هذا النوع من الورق بألوانه مثل اللون البني والأبيض والحليبي لمطابقته الكاملة للورق الأصلي للمخطوط من حيث النوع والملمس، كما يُستخدم في هذه العملية لاصق خاص يتجانس مع الورق بحيث لا يمكن ملاحظة عملية الترميم، مما يجعل المخطوط يبدو وكأنه لم يتعرض لأي تلف، فإذا كانت هناك ثقوب أو فراغات في الورق، تُملأ هذه الفراغات باستخدام المشرط والورق المطابق بشكل دقيق.
وأوضح الكاسبي أنه بعد الانتهاء من الترميم، يتم تثبيت المخطوط باستخدام خيوط تقليدية يدوية، حيث تُستخدم أساليب قديمة دون الاعتماد على تقنيات حديثة، ويتم الحرص على الحفاظ على الطابع التاريخي للمخطوط بحيث يظهر طبيعيا دون أن يبدو وكأنه خضع لأي عملية طباعة أو تجديد.
وقال الكاسبي: إن المخطوط يصنف مخطوطا إذا تجاوز عمره 50 عاما، وإذا لم يكن هناك تاريخ واضح، يتم تقدير عمر المخطوط بناء على نوع الورق أو النص الموجود فيه، وعند العثور على مخطوطات بدون غلاف أو بأجزاء مفقودة، يتم التعامل مع حالتها بعناية، وفي بعض الأحيان تُحول الأوراق المنفصلة إلى هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية إذا كانت غير متصلة بنص كامل.
وعن الأدوات المستخدمة في الترميم، فتشمل الممحاة لإزالة الأتربة والطين، والفرشاة الصغيرة والكبيرة لتنظيف المخطوط بدقة، والمشرط لتعبئة الفراغات وإصلاح التلف، بالإضافة إلى الأثقال التي تُستخدم لتثبيت المخطوط أثناء العمل، ويتم تنفيذ جميع هذه المراحل والأدوات بدقة واحترافية لضمان الحفاظ على القيمة التاريخية للمخطوط.
الجدير بالذكر أن هذه المشاركة تأتي ضمن جهود وزارة الثقافة والرياضة والشباب لتعزيز الوعي بأهمية المخطوطات العمانية كجزء من الإرث الوطني وإبرازها على المستويين المحلي والدولي.